2

389 25 3
                                    

استيقظت بنشاط ثم نهضت ومطت جسدها وهي تبتسم ،وقفت أمام مرآتها ومشطت شعرها وهي تهمهم ثم ذهبت للمرحاض كي تقوم بروتينها الصباحي ولحسن حظها استيقظت قبل الجميع لذا تمكنت من أخذ حماماً دافئاً.
لفت منشفة علي جسدها وأخرى علي شعرها ثم فتحت الباب وأخرجت رأسها لتتأكد أنهم لازالوا نائمون وعندما تأكدت أخذت ملابسها المتسخة ووضعتها بالمغسلة ثم سارت علي أطراف أصابعها لغرفتها.
وصدت الباب بعد أن دخلت ثم مشطت شعرها مجدداً وفتحت خزانتها لتبحث علي ملابس جيدة كي تلفت نظر مَن بالمسابقة لكن قوست شفتيها عندما لم تجد شيء.
قاطعها صوت طرقات علي الباب فشهقت ثم وقفت خلف الباب وسألت مَن الطارق لتجد أنها كاميليا ففتحت لها الباب ثم أدخلتها بسرعة ووصدته مجدداً.
وقفت أمامها وهي تبتسم ثم قالت:
-بصي أنتِ نزلتيلي من السما
عقدت كاميليا حاجبيها قائلة:
-هو في أيه؟
أخبرتها بأمر المسابقة ثم توسلت لها بنبرة تدعي البكاء كي تقرضها بعض الملابس الجيدة فقالت كاميليا وهي تبتسم:
-طيب استني لحظة هروح أجبلك...بس هو أنتِ اصلاً عندك فستان باليه؟
اومئت لها بإجاب قائلة:
-أخر مسابقة دخلتها في ثانوي لما كسبت أدوني فستان جديد والفلوس اللي أبوكي لهفهم
ضحكت ثم ذهبت لغرفتها وانتقت لها بعض الملابس ثم عادت بهم إليها وقالت:
-اخترتلك تيشرت pink وبنطلون جينز لونه قريب من السماوي
أخذت منها الملابس وهي تبتسم باتساع ثم عانقتها قائلة:
-أنتِ أحلى كوكي في الدنيا
ابعدتها عنها قائلة:
-مبحبش التلاصق ده...خلصي قبل ما يصحوا عشان تفطري
تركتها وغادرت الغرفة بينما قفزت هي كالطفل الذي وافق والديه علي اصطحابه لمدينة الألعاب تواً ثم ارتدت الملابس التي جلبتها لها كاميليا ووفقت تتطلع لهيئتها بالمرأة ،وضعت أحمر الشفاه ذو اللون الوردي كالمعتاد وتركت العنان لشعرها الذي أقترب أن يجف بسبب ارتفاع درجة الحرارة فنحن في شهر يوليو.
أخرجت حقيبة ظهر من خزانتها ثم وضعت بها ذلك الفستان ذو اللون الوردي ووضعت أيضاً شريطة بالون الوردي وحذاء باليه بالون الأبيض.
توجهت للطاولة الصغيرة الموجودة بجانب سريرها وأخذت من عليها الاستمارة وبعض الورقات المالية وهاتفها المحمول ونظارتها الشمسية ذات الزجاج المطلي بالون الأزرق.
خرجت من الغرفة بعد أن علقت الحقيبة علي ظهرها وتناولت الشطائر التي أعدتها لها كاميليا التي قالت:
-بصي صنف رجال الأعمال اللي مناخريهم في السما ده بيحب المُزز التقيلة يعني متبانيش مدلوقة عليه و...
قاطعتها والطعام يملئ فمها:
-حيلك حيلك هو أنا هتجوزوا...أنا رايحة أوريهم أدائي وبس
-يووو متقاطعنيش...الكلام ده هيساعدك متنسيش أني شغاله مع واحد منهم...دول حاجه كده سمجة بس لازم تتصرفي علي حسب ما هما بيحبوا عشان تكسبي رضاهم
مسحت فمها بمناديل ورقية بعد أن أنهت طعامها ثم قالت:
-تمام...أدعيلي بس
نهضت من مكانها ثم قالت:
-استني خليكي مكانك
غادرت المكان ثم عادت ومعها زجاجة عطر وأحمر شفاه بالون الوردي وقالت:
-ده روچ ثابت هيفضل معاكي طول اليوم والـ perfume ده برضوا ريحته هتفضل معاكي طول اليوم
وضعت لها من أحمر الشفاه ثم رشت بعض العطر علي ملابسها ومناطق النبض لديها فقالت سارة:
-mercy
-يلا بقي عشان متتأخريش
نهضت من مكانها ثم ودعتها وغادرت ،ركبت الحافلة كالمعتاد وظلت تدعو طوال الطريق أن يقبلوها ويعجبوا بأدائها...
***
عقد حاجبيه بسبب ضوء الشمس الذي دخل الغرفة فجأة ثم فرق جفنيه بصعوبة ليسقط أحد خيوط الشمس علي رماديتيه لتبدو بلون قريب من الأزرق ،جلس علي سريره ثم نظر بشاشة هاتفه ليجد أنها الخامسة فجراً فقال بتأفف:
-يا جواد ،حرام عليك الساعة خمسة
-قوم يا واد وبلاش كسل
أردف بنبرة لعوبة:
-خليني أظبطتك عشان المُزز
عض علي شفته السفلى ثم قال من بين أسنانه:
-خلاص قلبتها مسابقة جواز مش باليه
-يا عم قوم بس...ده أنا عاملك حته مفاجأة
ذم شفتيه ثم لوي ثغره قائلاً:
-ربنا يستر...معرفش ليه بقلق من مُفاجئاتك
قال وهو يشده من يده كي يقوم:
-يا واد يلا بقي
نهض من مكانه ليدفعه جواد بخفة للمرحاض وهو يُمليه بعض الوصايا لجذب الفتيات له بينما قلب هو عينيه بضجر ثم ألتفت إليه قائلاً:
-هتدخل معايا الحمام ولا ايه
-لا هقف ورا الباب أكمل...بص أهم حاجة...
أغلق الباب بعد أن دخل للمرحاض وحك جانبي رأسه بينما لم يتوقف جواد عن الكلام للحظة ،قام بروتينه الصباحي وهو يلعن تارا بسبب تلك الكارثة التي أوقعته بها ويلعن غبائه لأنه وافق أن يمكث يوم أمس عند عمه.
خلع ملابسه ووقف أسفل المياه ليجعلها تنساب علي جسده الرياضي وخصلات شعره الفحمي ،أغمض عينيه محاولاً تجاهل صوت عمه لكنه تأفف عندما سمع صوت طرقاته علي الباب وهو يقول:
-زين ،أنت لسه معايا
صك أسنانه ببعضها ثم قال:
-معاك يعني هروح فين
-طيب اسمع بقي اللي قولته كله ده كوم واللي جاي ده كوم تاني خالص
وضع كفيه علي وجهه ثم قال:
-طب ممكن نكمل بعد الشاور؟
-طبعاً...مستنيك علي الفطار تحت بس هغير هدومي الأول عشان هروح معاك أنهارده
فغر فاهه بينما غادر جواد الغرفة فتمتم هو من بين أسنانه:
-والله لأقتلك يا تارا الكلب
انهي حمامه المريح ولف منشفة علي خصره ثم خرج ليجد أن جواد قد جهز له ملابسه وكل شيء فظهر شبح ابتسامة علي ثغره ثم هز رأسه بأستنكار.
ارتدي ذلك القميص الأبيض وفوقه بذلة سوداء ثم وقف أمام المرآة يمشط خصلات شعره الفحمي ثم رش القليل كن عطره وأمسك بهاتفه وأتصل بأحدهم.
لم يعطي فرصة للطرف الأخر كي يقول أي شيء حيث قال:
-أنا رايح الشركة كمان نص ساعة ،إن روحت وملقتكيش هناك أنتِ حرة
أجابته بصوتٍ نائم:
-بس الساعة خمسة ونص
-مفيش بس...مش أنتِ اللي ورطيني يبقي تستحملي
أغلق الخط ولم يعطيها مجالاً للرد فأففت ثم تململت في فراشها بينما نزل هو ليجد جواد ينتظره أمام مائدة الطعام ويبتسم باتساع فجلس علي أحد الكراسي ثم قال:
-إن قولتلي نصايح تاني مش هروح في حته
-طب يلا كُل وبلاش تتنك علي البنات وتطلع روح السلطان اللي بتجيلك قدام الناس
لم يهتم لكلامه بل شرع في تناول فطوره وكذلك فعل جواد ؛أنهوا فطورهم ثم ذهبا للسيارة لكن رفض جواد الركوب مع زين وأخبره أنه سيلحق به بسيارته.
هز زين رأسه بموافقة ثم ركب سيارته وأنطلق بها ليلحق به جواد الذي شغل أحدى الأغاني الرومانسية أثناء القيادة وظل يدندن معها...
***
ظلت تسير بغرفتها كالنحلة وهي ترتدي بنطالها الجينز الضيق لكنها وقعت بسبب اختلال توازنها ثم وقفت مجدداً واغلقت سحاب بنطالها وارتدت قميص بالون الاسود يوجد به فتحة تظهر جزئاً من كلا زنديها.
وقفت أمام المرآة تضح مستحضرات التجميل لكنها شهقت عندما رأت صورة انعكاس الساعة وهي تشير للسادسة صباحاً ،اسرعت بوضع كل شيء ثم اخذت اوراق عملها وحقيبتها راكضة للخارج لكنها توقفت أمام الباب وادعت البكاء عندما اكتشفت انها نسيت ارتداء حذاء.
ركضت لغرفتها وارتدت حذاء بالون الأسود ذو كعب عالي ثم غادرت المنزل وركبت سيارتها وانطلقت بها مسرعة للشركة وبعد كل ذلك الضجيج لايزال زوجها -إلياس- نائماً بسلام...
***
ترجلت من الحافلة بعد أن وصلت لمكاناً قريب من الشركة ثم سألت أحد المارة عن مكان الشركة فوصفه لها ،شكرته بامتنان ثم ذهبت بخطي رشيقة باتجاه الشركة لكنها توقفت وعقدت حاجبيها عندما سمعت صوت شجار.
ألتفتت ناحية الشجار لتجد شاباً يصرخ بوجهه رجلاً يبدو في نهاية عقده الرابع فعلى صدرها وهبط بغضب ثم اقتربت منهم لتسمع زين وهو يصرخ:
-أزاي تعمل حاجة زي دي من غير ما ترجعلي...دي شركة يعني مكان شغل مش رقاصات
قال جواد بغضب:
-لم نفسك ومتنساش أني عمك وليا نسبه زي زيك في الشركة دي
-بس ده ميسمحلكش أنك تقلب الشركة لساحة رقص
كاد أن يتكلم زين لكن قاطعه ذلك الصوت الأنثوي الذي قال:
-هو أنت متربتش؟
اتسعت أعين كلاهما ثم نظرا لها ليجدا تلك الفتاة ذات الطول المتوسط والشعر الأصفر الذي يتخلله بعض الخصلات البنية وعينين عسليتين ،وكانت تقف بشموخ عاقدة ذراعيها أمام صدرها فقال زين رافعاً أحدى حاجبيه:
-ومين حضرتك؟
-ملكش دعوه ورد علي سؤالي
-أنتِ مش عارفه بتكلمي مين:
نظرت له من أعلى لأسفل ثم أجابته:
-واحد بنضارة شمس وقوصه وراشش perfume ريحته نفاذة عشان يلفت الأنظار
ابتسمت باتساع قائلة بعد أن فكت عقدة ذراعيها:
-أنت السواق صح؟
على صدره وهبط بينما ابتسم جواد بإعجاب وهو ينظر لتلك الفتاة التي نظرت إليه قائلة:
-أنا لو مكان حضرتك كنت خصمتله خمس شهور...ولا أقولك أطرده أحسن وهات مكانه واحد هندي بيسمعوا الكلام ومش بيعترضوا علي حاجة
تابعت وهي تلوح له وتسير مبتعدة:
-سلام يا عمو عشان ورايا معاد...أدعيلي
صاح قائلاً:
-ربنا معاكي يا عسل
أردف وهو ينظر لـ زين الذي وصل لأقصي مراحل غضبة:
-لذيذة أوي البنت دي
كور قبضته محاولاً تمالك أعصابه ثم قال من بين أسنانه:
-عمي ،إياك تيجي الشركه عشان متزعلش مني
ركب سيارته وأنطلق بها كالمجنون بينما تنهد جواد بحزن وظل ينظر لسيارته إلي أن اختفت من أمامه ثم ركب سيارته وأنطلق بها.
***
تابعت طريقها للشركة وهي تقوم ببعض الإشارات بيدها التي قالها لها ذلك الرجل لكنها شهقت بفزع بسبب تلك السيارة التي مرت من جانبها بسرعة جنونية ،أطلقت بعض السباب اللاذع لكن لم يسمعها القائد لأنه كان قد أختفي من أمامها.
وضعت يديها علي قلبها علها تهدأ من سرعة نبضاته الجنونية ثم أخذت نفساً عميقاً وزفرته علي مهل وتابعت طريقها إلى الشركة.
أرت استمارتها للحارس الذي علي الباب ثم طلب منها هويتها فأعطته أيها لينقل بعض المعلومات منها ثم أعادها إليها وهو يبتسم ابتسامة رسميه ويشير لها ناحية مكان المسابقة.
دخلت من البوابة وظلت تدور حولها وهي تسير وتضع يديها علي يدي حقيبة ظهرها ،أطلقت كلمات أعجاب وهي تنظر لكل هذه المباني الضخمة ذات التصميم الهندسي الرائع.
وصل لمكان الانتظار الخاص بالمسابقة ثم سلمت استمارتها وأخذت مكانها رقم (٧٧) وطلبت منها العاملة أن تلصقه علي فستانها.
دخلت لغرفة تبديل الملابس ثم نزعت نظراتها الشمسية وارتدت فستانها وجعلت أحدى الفتيات تلصق لها الرقم علي ظهرها ،وقفت أمام المرآة ثم عقدت خصلات شعرها علي هيئة كعكة ولفت حولها الشريط الوردي ؛جلست علي اريكة خشبية توجد بمنتصف الغرفة ثم ارتدت حذائها الأبيض...
***
دخل للشركة بملامحه الغاضبة ثم نزع نظراته الشمسية وظل يصرخ بالموظفين كالمعتاد ،دخل لمكتبه ليجد تارا تضع مرفقيها علي المكتب وتسند رأسها فوقهم ونائمة فصرخ باسمها لتنتفض واقفة ثم قالت بعد أن ازدردت لعابها:
-أنا صاحيه أهو
قال بصوتٍ عالٍ:
-أنا عفاريت الدنيا بتتنطط قدامي فا صحصحي كويس وفوقي كده لأني كل ده بسببك وبسبب هبلك
اومئت له بإجاب ثم قالت وهي تمد يدها ببعض الأوراق:
-أنا عملت اللي حضرتك طلبته
أخذ منها الأوراق بعنف ثم عقد حاجبيه وهو يقرأ محتوياتها بصوتٍ مسموع:
-الباليه فن...الباليه نوع من أنواع الرقص...أول رقصة باليه في التاريخ كانت سنة 1581 ميلادياً
نظر إليها عاقداً حاجبيه ثم قال:
-وده هيساعدنا أزاي في الأختيار
ازدردت لعابها ثم قالت وهي تعبث بأصابعها وتبتسم ببلاهة:
-هو أحنا مينفعش نختار اللي يعجبنوا وخلاض؟
-لا أنا ولا أنتِ نعرف حاجة عن الباليه وهو بالنسبالنا حاجة أول مرة نشوفها فأكيد أي واحده هتعمل أي حركة هتبقي وااااو بالنسبالنا لأننا منعرفش نعمل زيها
قالت بعفوية:
-طب ما في اللجنة اللي جايه تحكم...نمشي علي رأيهم وخلاص
قال من بين أسنانه:
-غوري من قدامي وشوفي عدد البنات وظبطي الدنيا لحد ما بتوع اللجنة يجوا
ركضت بسرعة لخارج المكتب ثم وقفت خلف الباب بعد أن أغلقته والتقطت أنفاسها ،سارت لتنفذ ما طلب بينما جلس هو علي كرسي مكتبه ووضع مرفقه علي عينيه...
***
جلس بأحدى المقاهي وهاتف أبنائه الثلاثة لكن كلاً منهم رفض الذهاب له بسبب عملهم فألقي هاتفه المحمول علي الطاولة التي أمامه ثم تمتم:
-أنا غلطان أني كلمتكوا اصلاً...كلاب...والله أنا معرفتش أربي
امسك بفنجان قهوته وبدأ في احتسائه وهو يطلق بعض السباب علي أولاده و زين...
***
جلست بانتظار دورها وهي تراقب بعينيها كم الفتيات الهائل الذي أتي للتقديم بالمسابقة لكن قاطع تأملها صوت رنين هاتفها فأخرجته من حقيبتها وأجابت ليأتيها صوت كاميليا وهي تقول:
-سارة ،بابا لما صحي ملقاكيش أتجنن وحلف أنه يروح يشوفك في الشغل ولا لا
أغمضت عينيها محاولة تمالك أعصابها ثم فتحتهما قائلة:
-طب متقدريش تمناعيه
-لا أنتِ مشوفتيش كان متعصب أزاي...هو أنتِ فاضلك قد أيه؟
-دول لسه ما بدأوش وأنا رقم سبعة وسبعين
-أووف يا سارة ده حالف يطردك من البيت لو ملقاكيش في الشغل
-ما هو كل يوم بيقول كده
-معرفش بقي ممكن يعملها بجد المرادي...عموماً خليكي في اللي أنتِ فيه وأنا هحاول أهديه لما يرجع
-شكراً
-العفو...سلام
أغلقت الخط ثم تأففت من أفعال زوج والدتها الذي يدمر سعادتها دوماً ،دخلت فتاة قصيرة وتضع الكثير من مستحضرات التجميل لتجد أن العديد من الفتيات صرخوا بأسمها ثم ذهبوا لالتقاط بعض الصور معها.
عقدت حاجبيها ثم سألت الفتاة التي بجانبها:
-هي مين دي؟
-دي تبقي تارا...واحده من بتوع الأنستا دول وكمان تبقي بنت عم صاحب الشركة
همهمت بتفهم لكنها انتبهت لصوت تارا عندما قالت بعد أن انتهت من ألتقتط الصور مع المعجبات:
-بصوا هو مستر زين متعصب أوي معرفش ليه فا ممكن تقعدوا بنظام وبلاش رغي كتير عشان هو مش طايق نفسه بجد
نفذ الجميع ما طلبت وبعد عدة دقائق اتت لجنة التقييم ورحبت بهم ثم أخذتهم للغرفة التي سيتم بها تجارب الأداء ،أخرجت هاتفها ثم أتصلت بـ زين وأخبرته بقدوم اللجنة فاغلق الخط بوجهها كالعادة مما جعلها تقوس شفتيها وتتمتم:
-هو ليه بيعاملني كأني مرات أبوه؟!
***
بدأت تجارب الأداء وكان زين جالساً إلي جانب تارا التي كانت مستمتعة بكل ما يحدث بينما هو كان يقول كلمات عدم رضا علي أي فتاة إلي أن أتى دورها ودخلت لتتسع أعين كلاهما.
ابتسامة جانبية نمت علي ثغره بينما شعرت هي ببعض الفرشات بمعدتها لكن قاطع حرب النظرات تلك صوت تارا وهي تقول:
-يلا ابدأي
أخذت نفساً عميقاً محاولة تهدئة نفسها ثم بدأت بالتمايل بجسدها علي اصوات الموسيقي ولم تهتم لوجوده فبمجرد أن بدأت رقصتها لم تشعر بوجود أي أحد ،كانت كالفراشة التي ترفرف بحرية هنا وهناك بكل حيوية ورشاقة.
انتهى الوقت المحدد لها بعد عدة دقائق ونالت كلمات رضا وإعجاب من الجميع حتي تارا صفقت لها وقالت:
-واااو بجد تحفه...تقريباً أنتِ أول واحدة تبهريني كده...هو اللي قبلك أبهروني بس أنتِ أبهرتيني أكتر
أتى دور زين كي يتحدث فنظرت له وهي تبتسم بتوتر لتجده يبتسم بخبث قائلاً:
-مش بطال
نظر له الجميع بعدم تصديق فهذه أول مرة يقول كلمة جيدة منذ ان بدأت تجارب الأداء بينما رفعت هي كلا حاجبيها ورمشت عدة مرات فقاطع دهشتهم جميعاً وهو يرجع ظهره للوراء كي يجلس بأريحية ويقول:
-بس للأسف في مشكلة
أردف وهو ينظر إليها:
-وزنك مش حلو...لو اتقبلتي ممكن تزيدي بتاع خمسة كيلوا لحد يوم التصفيات المحلية
اتسعت عينيها ثم قالت بابتسامة غيظ:
-لا حضرتك محتاج نضارة...أنا وزني مثالي بالنسبة لطولي
ابعد ظهره عن ظهر الكرسي ثم قال:
-هو أنتِ متربتيش؟
فهمت أنه يرد لها ما فعلته به فقالت وهي تبتسم برسمية:
-اللي تشوفه حضرتك
قالت تارا محاولة إنهاء حرب النظرات التي بدأت بينهم مجدداً:
-هو أنا شايفه أننا المفروض نقول التقييم عشان في جيش برا
قال زين بضجر:
-ماشي مقبولة...يلا اللي بعده
تهللت اساريرها خصوصاً بعد أن مدحها الجميع ثم قالت تارا وهي تعطيها ورقة:
-أدي دي للسكرتيرة برا ومتمشيش قبل ما تخدي الـ ID بتاعك
أخذت منها الورقة ثم شكرتهم جميعاً وخرجت ،ذهبت لغرفة تبديل الملابس وبدلت ملابسها ثم ذهبت وفعلت ما قالته تارا وما هي سوى بعض دقائق حتي أخذت بطاقتها التعريفية وغادرت الشركة.
***
كانت الساعة الثالثة عصراً عندما وصلت لمنزلها ،دعت لربها كي يمر باقي اليوم بسلام ثم ضغطت علي جرس الباب بأيدي مرتعشة.
فتح لها زوج والدتها والشرار يتطاير من عينيه ثم شدها من شعرها للداخل وأغلق الباب ،صرخ بوجهها:
-كنتي فين؟
أجابته وهي تضع يدها علي يده التي تمسك بخصلات شعرها:
-هقولك بس سبني
ترك خصلت شعرها بعنف فقالت:
-كان في مسابقة باليه و...
لم تتمكن من إكمال جملتها بسبب الصفعة التي تلقتها منه ثم صرخ:
-هو أنا مش قولت تنسي الزفت ده؟!
وضعت يديها علي مكان الصفعة ثم نظرت إليه وقالت بغضب:
-أنت أزاي تمد إيدك عليا كده وبعدين بأي حق تتحكم في حياتي
جذبها من خصلات شعرها مجدداً وقال:
-أنتِ نسيتي نفسك ولا أيه؟!...أنتِ أبوكي مات قبل ما تتولدي اصلاً يعني أنا اللي صرفت عليكي وعلمتك...لولايا كان زمانك في الشارع بتاكلي من الذبالة...عرفتي بأي حق بتحكم في حياتك!
قالت والدموع تتلألأ في مُقلتيها:
-ما أنت سرقت كل ميراثي من بابا وبتاخد مرتبي وأي فلوس معايا أول بأول يا راجل ياللي المفروض أني أنت اللي تديني الفلوس مش تاخد مني
أردفت وهي تبتسم بسخرية:
-أه صح هستني أيه من واحد خد ميراثي أنا وماما عشان يصرف علي نفسه
اتت والدتها وكاميليا علي صوت شجارهما فقال وهو لايزال يمسك بخصلات شعرها ويتوجه بها ناحية الباب:
-أنتِ عيارك فلت عشان كل مرة بهدد ومش بعمل فخليكي بقي تجربي حياة الشوارع عشان تتربي وتيجي تترجيني
رمي بها بعنف خارج باب المنزل فوقع علي الأرض ثم صفع الباب خلفه وقال:
-مش عايز أسمع أعتراض...كلمتي أنا اللي بتمشي هنا
دلف لغرفته بينما نظرت كاميليا لوالدتها وعينيها ممتلئة بالدموع فعاتقتها قائلة:
-متقلقيش...أنتِ عارفاها أكتر مني...هتعرف تتصرف
***
وقفت بعد أن أغلق الباب ثم نفضت الغبار عن ملابسها وسارت بخطي بطيئة للخارج وكأنها تنتظر أن يخرج ويقول لها "لقد كانت لحظة غضب...أدخلي مجدداً".
ابتسمت بسخرية علي أفكارها الساذجة ثم مسحت تلك الدمعة التي خانتها وظلت تسير بالشوارع دون هدى إلي أن آلمتها قدميها فجلست علي أحدى الأرائك الخشبية التي توجد أمام النيل.
أصدرت معدتها بعض الأصوات التي تدل علي جوعها فهي لم تأكل شيئاً منذ الصباح سوى تلك الشطائر التي أعدتها لها كاميليا.
عبثت بحقيبتها باحثة عن نقود فلم تجد سوي عشرة جنيها فقط ،اشتمت رائحة تعشقها ثم نظرت حولها إلي أن وقعت عينيها علي بائع البطاط الواقف علي مسافة قريبة منها فابتسمت ثم اعادت حقيبتها علي ظهرها وذهبت لشراء بطاطا.
عادت لتلك الأريكة الخشبية ثم لعقت شفيها والتهمت البطاطا التي اشترتها ؛أخرجت منديل من جيبها كي تمسح به فمها بعد أن انتهت ثم راقبت غروب الشمس.
بمجرد أن أنتهى مشهد غروب الشمس الساحر نهضت من مكانها وتابعت سيرها إلي أن وصلت لكوبري قصر النيل فنظرت لأحدى الأسدين قائلة:
-ما تيجي معايا عشان تاكل جوز أمي
ابتسمت علي حماقتها فها هي بدأت في التكلم مع جماد كما كانت تفعل كلما يضربها زوج والدتها ،هزت رأسها باستنكار وتابعت السير إلي أن وصلت لميدان التحرير ،وجلست علي أحدى المقاعد كي تريح قدميها.
***
الثامنة مساءً...
جلس علي رأس الطاولة وقدم كل واحد منهم أوراقه فأمسك بأول ملف وكان ملف إياد ،قرأ ما به بسرعة ثم نظر إليه قائلاً:
-بس دول صفحتين بس
-هو ده اللي عرفت أجيبه
قال وهو يغلق الملف:
-ماشي حلو
وضع الملف جانباً ثم أمسك بالملف التالي والذي كان لـ إلياس فاتسعت عينياه عندما فتحه ورأى محتواه ،نظر له بغضب فازدرد لعابه ثم قال:
-بص...أنا حاولت كتير وفشلت وده اللي طلع معايا في الأخر
وضع الثلاثة ورقات علي الطاولة أمام الجميع كي يروا رسومات لراقصات باليه ثم قال:
-ودول أعمل بيهم أيه؟
قال وهو يبتسم بتوتر:
-يعني ممكن تعلقهم في الأوضه هنا وأهو يبقي تغيير
ضرب الطاولة بيده قائلاً:
-إن سمعت كلمة تغيير دي تاني هتندموا
اومئ له الجميع بإجاب ثم وضع الملف جانباً وأمسك بالتالي الذي كان لـ روما وهز رأسه برضا بعد أن ألقى نظرة سريعة عليه ثم أمسك بالذي يليه والذي كان لـ ليلى ،رفع حاجبيه وهو يقرأ محتوياته بسرعة ثم نظر إليها قائلاً:
-حلو بس متحطيش صور تاني
هزت رأسها بإجاب وهي تبتسم ثم وضع ملفها جانباً وأمسك بالأخير الذي كان لـ بدر وقرأه بسرعة ثم ولوي ثغره ونظر إليه قائلاً:
-ليلى اللي كتبتهولك وأنت اللي كتبت النكة اللي في الأخر مش كده؟!
-لا في حاجات بمجهودي...هي مش كتير بس مجهودي
هز رأسه باستنكار ثم وضع الملف جانباً وقال:
-روما ،أنا عايز تقرير مالي كامل عن المسابقة اللي أحنا داخلينها دي...ليلى ،عايزك تشرفي علي تمرينات البنات اللي أختارناهم للتصفيات المحلية و بدر هيبقي معاكي...تارا
نظر لها وهو يبتسم بغيظ ثم أردف:
-عايز حملة دعاية محصلتش قبل كده في تاريخ الشركة وهشوف البوستر قبل ما تنشريه في حته أما بقي إلياس فعايز تصميم لديكور القاعة اللي هتتعمل فيها التصفيات
تابع بنبرته الرسمية:
-إياد ،كالمعتاد هتشرف علي الموظفين كلهم وتجبلي تقرير عن واحد واحد
نظرت له روما بغضب قائلة:
-وحضرتك هتعمل أيه؟
-رغم أني مش من حقك تعرفي بس هقولك...كمبوند الساحل الجديد كان المفروض أني بدر هيروح يشوف أيه الأخبار هنا بس بمأنه هيبقي مع ليلى أنا هروح مكانه
أردف وهو ينهض:
-كده نبقي خلصنا...تقدروا تروحوا عشان الوقت اتأخر وأنتوا تعبتوا انهاردة
***
لا يصدق حقاً أنه ظل طوال اليوم يسير في الشوارع بسيارته وتناول غدائه بالخارج وأحتسي العديد من المشروبات الساخنة لدرجة أنه بدأ يشعر بالغثيان.
اللعنة أين هو الأن؟!
لقد ضل طريقه ،كيف يفعلها وهو بهذا العمر؟!
تأفف ثم أوقف سيارته علي جانب الطريق وسأل أحد المارة عن مكانه فوجده يجيبه بطريقة غريبة وكلمات غير مفهومة فابتسم باقتضاب وشكره ثم انطلق بسيارته مجدداً ،دخل لشارع وخرج من أخر وظل علي هذا الحال لساعات إلي أن خرج للشارع الرئيسي.
تنفس بارتياح عندما علم أين هو ،رن هاتفه فأجاب دون أن ينظر لشاشة هاتفه وقال:
-ألووو
تنهد زين ثم قال:
-أسف...كنت متعصب و...
لم يتمكن من إكمال جملته لأن جواد كان قد أنهي المكالمة فزفر بضيق بينما صف هو سيارته وترجل منها كي يسير بالشارع بمفرده قليلاً وترك هاتفه بها لكنه توقف عندما سمع ذلك الصوت الأنثوي الباكي الذي يقول:
-كوكي أتصرفي...أنا كده هنام في الشارع فعلاً
-أنتِ عارفة أني مستعدة أعمل أي حاجة عشان أساعدك بس المرادي هو واخدها علي كرامته أوي وحالف أنك مترجعيش البيت غير لما تعتذري وتترجيه شوية
أغلق الخط ثم مسحت دموعها بعنف ونظرت للسماء قائلة بلوم:
-مش لو كنت عايش مكنش ده حصل؟!
حمحم ليجذب اتباهها فالتفتت له ثم ابتسمت قائلة:
-أذيك يا عمو؟
ابتسم وهو يُجيبها:
-تمام...ممكن أقعد معاكي
اومئت له بإجاب ثم أفسحت له المجال كي يجلس إلي جانبها ،جلس ثم قال:
-عملتي أيه في الشغل بتاعك الصبح
حمحمت ثم قالت:
-تخيل أني الواد اللي مترباش اللي كان بيضايقك ده طلعت المسابقة في شركته
-بتاعت الباليه؟!
اومئت له بإجاب ثم حكت خصلات شعرها قائلة:
-أنا لحد دلوقتي مش مصدقة أنه قبلني
قال وهو يبتسم:
-وأنا لحد دلوقتي مش مصدق أني في حد قال لـ زين أنه مترباش...حقيقي عجبتيني
قالت وهي تزيح خصلات شعرها للخلف بغرور:
-ده أقل حاجة عندي
حمحم بخجل ثم قال:
-أنا سمعت جزء من مكالمتك من غير ما أقصد فا لو تحبي ممكن تروحي معايا
نظرت له بحدة فقال بسرعة:
-أنا ساكن في قصر لوحدي وفيه أوض كتير جداً وأنتِ قد بنتي الصغيرة تارا...متفهميش غلط
نظرت أمامها قائلة:
-شكراً...أنا هتصرف
-الساعة حداشر بالليل ومش هينفع تفضلي في الشارع لحد بكرا
نظرت له بعدم فهم قائلة:
-هو أنت خلقتني ونستني وأنا معرفش؟!
-لا بس أنتِ ساعدتيني الصبح وأعتبريني برد الجميل
نظرت أمامها قائلة:
-شكراً أنا مش بداين حد
زفر بضيق بسبب عنادها ثم نهض من مكانه قائلاً:
-طيب خلي بالك بقي عشان في عيال كانوا بيضربوا حقن في أول الشارع وفي عيال تانيه كانت تحشش قريب من هنا
سار بخطوات بطيئة نسبياً بينما اتسعت عينيها ثم نظرت إليه قائلة:
-طب أنا موافقة بس همشي بكرا الصبح
ابتسم بنصر ثم أخفى ابتسامته والتفتت ناظراً إليها وهو يقول:
-براحتك
نهضت من مكانها وسارت معه لسيارته ،اتسعت عينيها عندما رأت تلك السيارة السوداء التي تلمع لدرجة أنها رأت انعكاس صورتها عليها فابتسم وهو يلاحظ انبهارها ثم قال:
-مفيش غير العربيات اللي بتونسني فا بحب أدلعهم
نظرت له قائلة:
-هو أنت عندك تاني غيرها؟
اومئ لها بإجاب ثم قال:
-أركبي وبكرا أبقي أوركي الباقيين
ركبت السيارة ثم أنطلق بها ورن هاتفه عدة مرات لكنه كل مرة كان يكتم صوته فقالت بفضول:
-هو أنت مضايق من حد؟
ابتسم بسخرية ثم أجابها وهو ينظر للطريق الذي أمامه:
-ياريت في حد معايا عشان أضايق منه
-طب وليه متعلمش عيالك اللي سايبينك الأدب وتخليهم يترجوك عشان تقعد معاهم؟!
نظر لها قائلاً وهو يبتسم:
-وعرفتي منين أني عندي عيال سايبني؟
-الموبايل جنبي وأنت حاطط صورته في الخلفية
-طيب يا شالوك هولمز أيه الحل؟
رفعت كتفيها في الهواء قائلة:
-متعرفش قيمة أمك غير لما تشوف مرات أبوك
ضغط علي مكابح السيارة فجأة مما جعل الإطارات تحدث صوتاً بالإضافة لاندفاع جسديهما للأمام ثم نظر لها بغضب قائلاً:
-قصدك أيه؟
تنهدت ثم نظرت إليه قائلة:
-مش قصدي اللي فهمته بالظبط...أقصد أنك تجيب واحده تمثل أنها مراتك وتهتم بيها بقي وحفلات وتنزلوا صوركوا سوا فهتلاقي عيالك دمهم بيغلي من اللي بيحصل وهيبدؤا يجذبوا أنتباهك ليهم ويزروك كل يوم
هز رأسه رافضاً وهو يقول:
-لا استحالة حد ياخد مكان منار
-ده مجرد أقتراح...أسفة لو كنت ضايقتك بكلامي بس أنا مقصدتش حاجة وحشة...مكنتش أعرف أنك بتحبها أوي كده
ارجع رأسه للوراء قائلاً:
-أنا عمري ما حسيت أني لوحدي غير لما هي راحت
ابتسم بسخرية قائلة:
-لااا أنا علطول حسا بكده...متقلقش هتاخدوا علي بعض مع الوقت بس بلاش تكلم الدولاب ولا اي جماد زي ما أنا بعمل
نظر إليها قائلاً:
-هي فكره حلوة بس...
صمت قليلاً ثم قال:
-تتجوزيني
========================
ممكن االي يقرا مايبخلش بلايك وكومنت يشجعني لاني بتعب في كتابة الفصل وبيجيلي احباط لما يلاقي محدش متابع🥺
لو في حاجة حابني اضيفها قولوا🙈⁦❤️⁩
وشكراً للناس القمر اللي بتشجعني😍

راقصة الباليةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن