مشكلة ..... طلب زواج مفاجئ

4 4 0
                                    

أطلقت تزفيرة ارتياح عند وصولها إلى الغرفة المنشودة
أخرجت المفتاح من حقيبة يدها
لتصدم بذلك المنظر فور فتحها للباب
الأوراق مرمية في كل المكان بالإضافة إلى تلك الرائحة النتنة التي ملأت الغرفة
فتحت نوافذ الغرفة
قامت بنفض فراشها و تغليفه ثم رمت بجسدها عليه
هي حقاً جد متعبة و لا تمتلك أي طاقة لنزع جلبابها فما بالك بتنظيف الغرفة
بقيت تحدق في السقف بينما جل أفكارها كانت تدور حول حالة والدتها فهذه أول مرة لها ستقدي ليلتها بعيداً عنها
هي متأكدة من أنها ستشعر بالوحدة خصوصاً و أن والدها دائم الغياب عن المنزل بسبب طبيعة عمله حتى أنهم أحياناً لا يرونه لمدة ثلاثة أيام بلياليها
مدت يديها بتعب و قررت أخد غفوة قصيرة و بعدها ستغير ملابسها ثم تقوم بتنظيف الغرفة
....................
كانت تسير بخطوات بطيئة بينما عيونها الخضراء كانت تجول في المكان
السماء كانت صافية و اشجار الصنوبر و البلوط موزعة بطريقة جميلة مما يضفي على نفس الشخص شعوراً بالراحة و الهدوء
بدأت تشعر بعدم الارتياح لأنها لم تجد ما كانت تبحث عنه
" تباً أين هذا المخزن المزعوم"
تنهدت بانزعاج فهي لم تحصل بعد على مفتاح غرفتها لذا عليها الاتجاه إلى المخزن
تنهدت باستسلام
ثم اتجهت نحو الجناح الذي تتواجد فيه غرفتها على أمل ان تجد إحدى زميلاتها في الشقة
صعدت السلالم ببطئ ثم اتجهت نحو الشقة المزعومة
مدت يديها من أجل أن تطرق الباب و لكن صوت انفتاح النوافذ انتقل إلى مسامعها
ارتسمت ابتسامة ارتياح علئ وجهها ثم استدارت متجهة نحو مكتب الاستقبال حيث تركت حقائبها هناك
أطلقت تزفيرة طويلة فور تخيل نفسها تحمل تلك الحقائب و تصعد كل ذلك الدرج
جرت حقائبها بصعوبة متجهة نحو الغرفة
و بعد عناء طويل وصلت أخيراً إلى المكان المنشود
طرقت الباب
لتفتح لها الباب فتاة في غاية الجمال ذات عيون بزرقة السماء و بشرة شديدة البياض
و ما زادها جمالاً ذلك الجلباب الوردي الذي كانت تغطي به جسدها
" السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته أنا أدعى زهرة و أنا زميلتك الجديدة في الغرفة "

ارتسمت ابتسامة جميلة على وجه تلك الشابة الشقراء
" و عليكم السلام و رحمة الله تعالى و بركاته أما أنا فاسمي سحاب أتمنى أن نكون صديقتين جيدتين...  تفضلي بالدخول يا زهرة"

بادلتها تلك الشابة المسماة بزهرة الابتسامة ثم قامت بالدخول لتشهق بسبب الفوضى التي وجدتها أمامها

أطلقت سحاب ضحكة قصيرة
" حسناً يمكنني أن أحزر سبب انفعالك لأنني أحسست بمثل مشاعرك. فور دخولي إلى هذه الخرابة ...أظن بعض التعديلات البسيطة ستغير من شكلها"

تنهدت زهرة
" أنا حقاً جد متعبة و لكنني لن أستطيع النوم و هذا المكان في مثل هذه الفوضى ....أنا حتماً سأبدأ بالتنظيف"

أطلقت سحاب ضحكةً عالية
" حسناً يا مهووسة النظافة..... لحسن الحظ أنك لم تري نفس المنظر الذي رأيته أنا و إلا لكنت ملقاةً على الأرض"
.
ارتسمت ابتسامة جميلة على وجه تلك الفتاة
" أظن ذلك أيضاً....حسناً سأنزع حجابي و بعدها سأبدأ  بالتنظيف"

...................

حقيبة ضخمة على ظهرها بالاضافة الى حقيبة يدها و و حقيبة سفر أخرى كانت تجرها وراءها
تجاهلت تلك التعليقات و النظرات الساخرة
كانت تسير بخطوات متباعدة متجهة نحو إقامة الفتيات و لكن يبدو أنها قد فقدت طريقها
شتمت بصوت منخفض لانعدام حسها بالاتجاهات
ثم أكملت سيرها
كبرياؤها العالي يمنعها من سؤال الناس عن الطريق
و بعد مرور ربع ساعة أمضتها تدور في حلقات مفرغة لمحت من بعيد فتاةً أخرى تجر وراءها حقيبة سفرها
لتقوم بتتبعها على أمل أن تكون طالبة مقيمة مثلها
فعلى حسب علمها  فإن هذه هي الإقامة الوحيدة المتواجدة في مثل هذا المكان المعزول و الغريب
و قد صدق حدسها
ارتسمت ابتسامة الارتياح فور قراءتها لاسم الإقامة التي كانت واقفة أمامها
لتدخل و رأسها مرفوع بالسماء
خطواتها الواثقة و نظرتها الثابتة كانت مثيرة للانتباه غير أنها تجاهلت كل ذلك
لتدخل هذه المرة في مشكلة أخرى و هي ايجاد الجناح الذي ستقيم فيه
أطلقت شتيمة بصوت مرتفع مما جعل الجميع يرمقها بنظرة مستنكرة بسبب بداءة لسناها و لكن لحسن الحظ أنه لم ينطق أي أحد بأية كلمة و إلا لصبت عليه جل غضبها
أكملت سيرها لترتسم ابتسامة سعادة على وجهها فور عثورها علئ مبتغاها
توجهت نحوه ثم صعدت الدرج بصعوبة نظراً لثقل أمتعتها
وقفت أخيراً أمام باب الغرفة التي ستعيش فيها من اليوم وصاعداً
فتحت الباب بقوة لتجد أن هناك فتاتان قد سبقاتها في المجيء كما أنهما تركا لها السرير العلوي
حسناً هي لا تمانع ذلك و لكن ما أغضبها أنهما لم ينتظرها حتى تصل ليقرروا معاً
أطلقت ضحكة عالية مما جعل كلتا الفتاتان تجفلان
" يبدو أنكم قد اقتسمتم الغنائم بسرعة هههههه"

لم تستطع سحاب تحمل الغضب الذي اجتاحها بسبب وقاحة الشابة الواقفة أمام الباب
" و عليكم السلام و رحمة الله تعالى وبركاته ..."

" واو يا للأخلاق!.... أنا لست بحاجة لتعلمني حضراتك كيفية الحديث"
ثم دخلت إلى الغرفة

و لكن سحاب وقفت في وجهها
لتتصل عيونها الزرقاء بالعيون العسلية لتلك الفتاة الوقحة غير أنها كانت مضطرة لرفع عنقها نظراً لطول الفتاة الواقفة أمامها
" أظن أنك مدينة بالاعتذار لي"

تجاهلتها تلك الشابة ذاة العيون العسلية و القامة الطويلة
لتضع أمتعها في الخزانة الوحيدة التي كانت بدون قفل ثم قامت بتغليف فراشها و الصعود إليه متجاهلة الفتاة التي كانت جالسة تحتها

أحست سحاب بالغضب بسبب تلك الفتاة المزعجة غير أن زهرة أومأت لها بالنفي فلا فائدة من الشجار على أمور تافهة
أطلقت سحاب تنهيدة طويلة حاولت من خلالها إخراج جميع تلك. المشاعر السلبية التي اجتاحت قلبها
حكت شعرها الأشقر بانزعاج ثم استغفرت ربها
و قبل أن تقوم بأي حركة علا صوت الأذان معلناً على أن وقت الظهر قد حان
لتنهض الفتيات الثلاث متجهات نحو الحمام الموجود في آخر الردهة

" أنا أعتذر على التصرف الفظ الذي صدر مني قبلاً لقد كنت متعبةً و كان يومي طويلاً و مزعجاً"
ارتسمت ابتسامة صبيانية على وجهها
" اسمي  اميرة و أنا هي زميلتكم الثالثة في الشقة سعيدة بمقابلتكن"

ارتسمت ابتسامة لطيفة على وجه زهرة
" و أنا ادعا زهرة أما الفتاة الشقراء فتدعا سحاب"

زادت اتساع ابتسامة تلك الفتاة المسماة بأميرة و مدت يدها باتجاه سحاب
" سررت بالتعرف عليك يا سحاب... ما رأيك بهدنة؟ "

رمقتها سحاب ببرود
و لكنها مدت يدها هي الأخرى لها
" لا ازال منزعجة من تصرفك فكلنا قد عانينا يوماً عصيباً و اتمنى ألا تكرري مثل هذا التصرف "

بقيت كلتا الفتاتين ممسكتان بيدي بعضهما بينما ابتسامة البرود كانت مرسومة على كلا وجهيهما

تنهدت زهرة باستسلام فيبدو أنا أيامها لن تكون مسالمة مثلما كانت تتوقع فهاتان الفتاتان مثل الزيت و النار فكلتاهما ذاة كبرياء عال و شخصية قيادية
لتتدخل في الأخير بينهما
"هيا قوما بالوضوء لأن هناك فتيات ينتظرن دورهن "
...............

…..
داخل أحد مدرجات كلية الطب التابعة لجامعة قسنطينة كان ذلك الشاب ذو العيون العسلية و البشرة السمراء يتابع شرح البروفيسور و يكتب ملاحظاته على كراسه كغيره من الطلاب
غير أن اهتزاز هاتفه قاطع ذلك الانتباه الذي كان يوليه للبروفيسور المحاضر
أخرج هاتفه من الجيب ليجد أن الرقم المتصل به غير مسجل عنده
كان سيضغط على زر التجاهل غير أنه تذكر تلك الفتاة الشقراء
لا يدري لماذا أو كيف
لكنه نهض من مكانه و غاد المحاضرة بسرعة
أجاب على الهاتف بسرعة لينتقل إلى مسامعه صوت تلك الشابة التي سلبته قلبه
كان صوت بكائها هو الشيء الوحيد الذي يسمعه
ليتكلم بلغة ألمانية مختلطة باللكنة الفرنسية
" ماري...؟.... هذا أنا.... هل أنت بخير؟.... أين أنت؟ "
زاد بكاء تلك الشابة فور سماعها لصوته مما زاد من قلقه عليه
هو لا يدري السبب الذي يجعله يعرض المساعدة على شابة أجنبية لا يعرف عنها أي شيء
و لكن هناك إحساس غريب بداخله يجعله يرغب في الحصول عليها و إبقاؤها بجانبه
هو متأكد من أنها لو تعرف بالأمر فهي لن تتحدث معه مرة أخرى فكبرياء تلك الألمانية عال جداً
قاطع أفكاره صوتها الباكي الذي كان يطلب و بكل يأس نجدته
أخرج بسرعة مذكرته ثم كتب العنوان الذي كانت تمليه عليه بكل حذر
خرج بسرعة من حرم الجامعة ثم قام بإيقاف سيارة تاكسي و أعطاه العنوان بينما جل تفكيره كان يدور حول تلك الشابة الشقراء
..............
كانت تلك الشابة ذات الشعر الأشقر منهارةً على الأرض بينما صوت بكاءها قد ملأ الشقة
لقد تم سلبها كل شيء كانت تمتلكه
مالها و حتى وثائقها الرسمية و ملابسها
العديد من الأفكار السوداوية كانت تدور  في ذهنها حول الانتحار و التخلص من هذه الحياة البائسة غير أن تلك الأفكار قد تمت مقاطعتها لحسن الحظ بسبب انفتاح الباب المفاجئ
توقفت عن البكاء و رفعت عيناها الزرقاوتين  المغرورقتين بالدموع لترمق ذلك الشاب بنظرة منكسرة و مليئة بالاستسلام

" ماري هل أنت بخير؟ "

كلمات بسيطة خرجت من شفتي ذلك الشاب ذو العيون العسلية غير أنها أنستها جميع تلك الأفكار السوداوية التي كانت تدور في ذهنها
لتنهض فجأة من مكانها
ركضت بسرعة و رمت بنفسها بين أحضان ذلك الشاب الذي بقي واقفاً في مكانه بدون أن يقوم بأية حركة بسبب الصدمة التي تلقاها تواً
زاد صوت بكائها بينما دموعها كانت تبلل قميصه الأسود
اجتاحت ذلك الشاب العديد من المشاعر غير أنه تمالك نفسه و حارب ذلك الإحساس الذي كان يدفعه لمبادلتها العناق
أبعدها عنه بلطف
" لا بأس ماري... لا بأس... أنا هنا بجانبك.... يمكنك أن تخبريني بكل شيء... أعدك بأنني سأساعدك بالذي أستطيع"
ساعدها على الجلوس على ذلك الفراش ثم أعطاهاقارورة الماء التي كانت موجودة في حقيبة ظهره

رشفت تلك الشابة قليلاً من الماء
ثم رفعت عيناها الزرقاوتين اللتان احمرتا و انتفختا من كثرة بكائها
" أنا موافقة...... "

قطب ذلك الشاب بغير فهم

لكنها أكملت بنبرة صوتها الباكية
"أنا موافقة على الزواج بك ....."

................    

أعادت تسريح شعرها البني المجعد الطويل و ربطته للأعلى على شكل. ديل حصان
ارتدت قميصاً أبيض طويل و سروالاً أسود و حذائها الرياضي
ارتدت حقيبة ظهرها و استعدت للمغادرة غير أن سؤال زهرة أوقفها

" إلى أين أنت مغادرة يا أميرة؟ "

" أنا ذاهبة من أجل إكمال تسجيلي ...أنت تعلمين صحيح؟...  نحن يجب أن نسجل مرتين من أجل معرفة الفوج الذي ندرس فيه بالاضافة إلى المجموعة"

تغيرت ملامح زهرة فجأة
" هل هناك. تسجيل آخر؟.... يا إلهي!  أنا لم أكن أعلم أي شيء عن هذا الاجراء لأن صديق والدي هو من قام بتسجيلي..... و أنا التي كنت أتساءل عن سبب عدم إخباري بالمجموعة و الفوج التي من المفترض أن أدرس فيها"
أطلقت تنهيدة طويلة
" و أنت يا سحاب هل قمت بإتمام تسجيلك؟  أم أنك مثلي؟ "

رفعت سحاب عيناها الزرقاوتين من ذلك الكتاب الذي كانت تقرأه باهتمام واضح
"أبي قد قام بكافة الإجراءات... و نعم لقد أتممت تسجيلي"

حكت زهرة شعرها الأسود بانزعاج ثم رمقت أميرة بنظرة مترجية
" هل يمكنك أن تنتظريني حتى أكمل تغيير ملابس لكي نذهب معاً للجامعة"

" لم أكن لأمانع لو كانت وجهتنا واحدة و لكنني لا أدرس في الجامعة.... أنا طالبة في كلية الشرطة كما ترين لذا فطريقنا مختلف تماماً"

ارتسمت علامات الاستفهام على وجه زهرة
" و لكن أليس من المفترض أن طلبة كلية الشرطة لديهم مساكن تخصهم وحدهم؟ "

ارتسمت ابتسامة مائلة على وجه أميرة
" أظن أن هذا الأمر لا يخصك  .....حسناً أنا مغاذرة الآن"

ارتسمت علامات القلق على وجه زهرة فهي حقاً لا تعرف مكان الجامعة كما انها خائفة من الذهاب لوحدها

لاحظت سحاب التغيرات التي حدثت لزميلتها في الشقة و صديقتها الجديدة
أغلقت الكتاب الذي كانت تقرأ فيه و نهضت من مكانها
فتحت خزانتها و أخرجت جلباباً باللون الأسود  و بدأت في ارتدائه

كل.هذا كان أمام زهرة التي لم تنطق بأي حرف بل بقيت تحدق في تلك الشقراء بصمت

تنهدت سحاب بانزعاج
" ألن تغيري ملابسك؟ أم أنك ستذهبين للجامعة بمثل هذه الملابس؟ "

ارتسمت ابتسامة كبيرة على وجه زهرة
" بالطبع!  سأغير ملابسي بسرعة... انتظريني فقط... "

ارتسمت ابتسامة صغيرة على وجه سحاب فبراءة الفتاة الواقفة أمامها حقاً مثيرة للإعجاب
............
ركبت في الحافلة
جالت بعينيها في المكان لعل و عسى أن تجد مكاناً فارغاً لتجلس فيه
و بالفعل كان هناك مكان شاغر بجوار رجل يبدو في الأربعينيات من عمره
جلست بجانبه ووضعت. حقيبة ظهرها بينهما مما ازعج ذلك الرجل
لكنها لم تهتم لتغيرات ملامحه
لأن رحلتها طويلة نحو كليتها فهي تبعد عن مكان إقامتها عشرون كيلو متراً على الأقل و لكن يبقى ذلك أحسن من العيش الإقامة التابعة للكلية فهي تفضل بعد المسافة على العيش ذليلة في المكان الذي يعايرونها بأبيها الذي يمكث في السجن حالياً
أرخت رأسها باستسلام على المقعد فهي جد متعبة من السفر
أحست بلمسات غريبة على فخدها
فتحت عيناها بسرعة لتجد أن ذلك الكهل التافه كان يتحرش بها
احمرت وجنتاها من شدة الغضب
هل يظن أنها ستصمت و ستتركه يفعل ما يشاء لمجرد أنها فتاة؟
حسناً هو مخطئ ! و ستعمل على تعليمه درساً لم و لن ينساه طوال حياته
قامت برفس قدمه بقوة ثم و قبل أن يبدي أية ردة فعل قامت بصفع وجهه وجهه بشدة
كل هذا كان أمام الناس الذين كانوا يحدقون فيها بصدمة
لتردف بصوت عال و غاضب
" أنظر يا هذا ... هل تعلم بأن عقوبة التحرش هنا في الجزائر هو الحبس لشهرين مع غرامة مالية؟ "

زاد غضب ذلك الرجل و رفع يده ليصفعها هو الآخر بسبب جرحها لكبريائه و لكنها أمسكت بيده و لفتها بقوة لدرجة أنها كادت تكسرها و لكن توقف الحافلة منعها من إكمال مهمتها لأنها كانت ستكسر يده و بدم بارد
نهضت من مكانها و خرجت من الحافلة متجاهلة كل تلك الأنظار المصوبة نحوها
لأنها وصلت أخيراً إلى محطتها
تنهدت بحنق فقد كانت تريد أن تعلم ذلك المنحرف درساً لا ينساه طوال حياته غير أن الوقت قد وقف حاجزاً أمام تحقيق مبتغاها
تنهدت بحنق ثم أكملت سيرها على أقدامها متجهة نحو كلية الشرطة وكلها أمل في تحقيق حلمها بكشف جميع ملابسات قضية والدها
.............
"أنا طالبة في كلية الهندسة كما ترين... أمم لدي شقيق يكبرني. بسبع سنوات يعمل موظفاً في قطاع الحماية المدنية. أما والدي فيعمل في إحدى شركات تركيب السيارات بإيطاليا... والدتي ما كثة بالبيت كما امتلك شقيقاً في سنته الأولى و هو المشاغب الذي يضفي الحيوية على منزلنا"

ارتسمت ابتسامة جميلة على وجه سحاب فيبدو أن  زهرة تمتلك فضولاً حول حياتها الشخصية و لكنها خجلت من ان تسألها لذا فضلت أن تبادر هي بالتعريف بنفسها
"أممم أنا فتاة نصف ألماني كما ترين.. "
أطلقت ضحكة قصيرة عندما لاحظت علامات الدهشة التي ارتسمت على وجه صديقتها حتى أنها استطاعت أن ترى عدة شعيرات عساية كانت مختبئة وسط كل تلك الخضرة داخل عينيها
" أممم امي ألمانية الجنسيةالتقت بوالدي هنا في قسنطينة و أعجبا ببعضهما و تزوجا و أنا هي الفتاة الوحيدة و المدللة... والدي يعمل طبيباً و قد درس في هذه الكلية.... و في الحقيقة أنا أعتبره مثالي الأعلى لذا أنا أسير على نفس الدرب الذي ساره حتى أنني قررت دراسة نفس تخصصه و في نفس كليته فأنا حقاً أحبه"

ارتسمت ابتسامة كبيرة على وجه زهرة لدرجة أن عيونها الخضراء الناعسة قد أغلقتا تماماً
" جمييييل انت حقاً محضوضة"
صفقت بيدها
" هل تذهبين لألمانيا؟ "

أومأت سحاب بالإيجاب
" أحياناً أذهب برفقة والداي لزيارة هائلة والدتي و أحياناً هم من يقومون بزيارتنا"

أطلقت زهرة ضحكة قصيرة
" أنت حقاً محظوظة يا سحاب... أما أنا فهذه هي أول مرة بالنسبة لي أخرج فيها من ولاية جيجل"
....................
أكملت زهرة تسجيلها ليتجها أخيرا نحو الاقامة و كل واحدة منهما تريد شيئاً واحداً و هو أخد قسط من الراحة
و لكن تجري الرياح بما لا نشتهي السفن لأنهما لم تتخيلا أن ينتهي بهما المطاف في مركز الشرطة برفقة أميرة
..........
كانتا تسيران بخطوات بطيئة ثم اتجهتا نحو مدخل الإقامة
أخرجتا بطاقة المقيم متجاهلتان ذلك الصخب الغير المسبوق في الناحية الأخرى من الطريق
إلى أن انتقل إلى مسامعيهما ذلك الصوت المألوف

أطلقت سحاب تنهيدة طويلة فقد استطاعت أن تحزر صاحب أو بالأحرى صاحبة ذلك الصوت المزعج و اللهجة الأكثر إزعاجا

أطلقت زهرة ضحكةً قصيرة فيبدو أن كلتاهما قد تعرفتا على المسؤول الرئيسي عن هذه الجلبة
"أراهن بكل ما لدي من مصروف أنها أميرة"

تنهدت سحاب ببرود
"الأمر لا يحتاج لرهان فأنا متأكدة من أنها هي ...هيا دعينا منها فنحن في غناً عن المشاكل"

"و لكن ماذا لو كانت في مشكلة حقيقية؟... هيا يا سحاب دعينا نلقي نظرة قصيرة و بعدها سنعود... أعدك بأننا لن نتورط.... هيااااا من أجلي"

تنهدت سحاب باستسلام فهذه الفتاة و رغم مظهرها البريء إلا أنها جد خطيرة و تمتلك العديد من أساليب الإقناع
.............................

I Want To Say that I Love Youحيث تعيش القصص. اكتشف الآن