ما قبل النهاية

159 23 1
                                    


آثار أقدام أصابعها طويلة, ظللت أمشي حتى وصلت عند قبر قديم, كان حوله سور مبني من القرميد الأحمر, بابه عليه سلاسل حديدية صدءة, لكنها غيرة موصدة, الباب مفتوح, دخلت و رأيت نفس الكيانات التي رأيتها حول القبور, أكملت المشي و أنا مسلوب الإرادة و كأني أساق إلى مكان ما, كنت أسمع صوت أطفال تبكي من كل الإتجاهات, رأيت أخي أمجد, كان يرتدي عباءة سوداء, الدم يسيل من عنقه كأنه مذبوح, حول يديه سلاسل كثيرة, قال لي يجب أن تدفنه, يجب أن تدفنه, في هذه اللحظة, استيقظت كانت زوجتي من أيقظني و قالت لي أنني كنت أصرخ و أنا نائم, قلت لها كابوس, كابوس مرعب, ذهبت إلى الحمام وغسلت وجهي, عندما رفعت وجهي ونظرت في المرآة رأيت الطفل ينظر لي وهو ملفوف بالكفن, نظرت خلفي فلم أجده, سوف أجنّ, متى أنتهي من كل هذا, في اليوم التالي ذهبت عند الشيخ ناصر و معي جثة الطفل, أخذها مني و نزع 


عنها كل القماش, وضعها بكفن كان عنده و أحضر وعاء كان به دم و كتب على الكفن حروف مفرقة لم أعلم ما المقصود بها, عندما انتهى قال لي احضر الجثة وتعال معي, ركبت السيارة معه و انطلقنا حتى وصلنا إلى منطقة شبه صحراوية, في نهايتها رأيت أطلال مقابر قديمة, مقابر معظمها مكسر و كأن الجثث التي بها تم نقلها منذ زمن بعيد, نزل الشيخ ناصر من السيارة و قال لي اتبعني, المقابر كانت مخيفة, كانت هنالك أصوات من كل مكان, أصوات تثير الرعب, أخذ مني الجثة و وضعها على الأرض بجانب قبر أم الطفل و قال لي اجلس على الأرض هذا هو المكان الذي رآه أسامة, جلست لكنني كنت أشعر بحركة حولنا ورأيت ظل طفل يختبأ خلف إحدى القبور, قلت له أنظر يا عم ناصر إلى الطفل هناك, قال لي ليس لك علاقة بأي شيء تراه و لا أي شيء يحصل هنا, ظهر الظل مرة أخرى و اقترب منا, ملامحه بدأت تظهر, لا 


إنه ليس طفلاً, بدأ شكله يتغير إلى شكل حيوان, شكل مخيف, قال لي ناصر ردد ورائي يا عادل: " بحق العهد الذي بيننا لا تقرب منا بحق العهد الذي بيننا لا تقرب منا بحق العهد الذي أخذه عليكم سليمان لاتقرب منا "رجع الكائن إلى الخلف خطوة و كررت الجملة أكثر من مرة و الكائن يرجع إلى الخلف, كان يصدر أصوات مخيفة, قال لي ناصر احمل الجثة و انزل إلى القبر و ادفنها بنفسك, حملت الجثة ونزلت, أنا لا أرى شيئاً و لكني أشعر بأشياء كثيرة حولي تغرز أظافرها في جسمي, لمحت في الظلمة شيء يقترب مني, كائنات قصيرة أوصافهم غريبة, شعرهم كثيف, لا أعلم كيف رأيتهم في الظلام, رأيت أعينهم, كانت حمراء منيرةً باللون الأحمر, سمعت ناصر من الأعلى يقول لي أحفر, حفرت وكان هو في الأعلى يتمتتم بكلمات غريبة, و وضعت الجثة بالداخل و ردمت عليها و خرجت من


القبر, عندما خرجت صدمت لأن الصباح قد حلّ, و أنا لم أمضي في الأسفل أكثر من نصف ساعة, سألت ناصر متى حلّ الصباح يا عم ناصر؟ لقد أمضيت الليلة كلها بداخل القبر ... ماذا يعني هذا أنا لم أمضي أكثر من نصف ساعة ياعم ناصر, أنا لا أفهم ... قال لي: لقد انتهى كل شيء ياعادل, قلت له لقد سمعت هذه الجملة كثيراً قبل ذلك و بعدها يظهر لي الطفل مجدداً, قال لي أنت لن تحتاجني مرة أخرى, لقد انتهى كل شيء, أوصلني ناصر بسيارته إلى بيتي, ودعني بنظرة غريبة تقول أني لن أراه بعدها! دخلت البيت, لم أرى زوجتي و أولادي بدأت أنادي عليهم لكن أحداً لم يجبني, صمت, سكون مخيف في المنزل, دخلت إلى غرفة ابني وجدت عدة بطانيات على سريره, بدأت تهتز, ثم ارتفعت في الهواء و وقعت واحدة تلو الأخرى, من تحتها ظهرت يد كثيفة الشعر و سوداء, كانت يد كائن أشبه بالأغنام, كان طويلاً جداً, رجعت إلى

الخلف و خرجت من الغرفة و أقفلتها بأحكام, في الممر الذي أنا فيه أشياء كثيرة تزحف على الأرض, بدأت بالتضخم حتى فاقوني طولاً, أسرعت باتجاه المدفئة, كان هنالك قضيب حديدي مدبب بالقرب منها, أمسكته بيدي و بدأت بضربهم واحد تلو الأخر, لم يقاوموا, وقعوا على الأرض و ماتوا جميعاً, اقتربت منهم لأتأكد من موتهم, بدأت ملامحم تتغير, زوجتي ... طفليّ, مرميون على الأرض و الدماء تسيل منهم, اقتربت من زوجتي, كانت تلفظ آخر أنفاسها, قالت لي أنت بريء, أنت بريء, أهرب ..., هذا آخر شيء أتذكره ... أنا الآن محجوز في مستشفى و المفروض أني سأعرض على الأطباء النفسيين لكي يحاول المحامي الخاص بي أن يثبت أني فاقد للقدرة العقلية. سُمح لي بزيارة, إنه العم ناصر, سعادتي لا توصف بزيارته, ربما سيساعدني في إثبات

برائتي, كان وجهه مختلفاً بعض الشيء, بادرني قائلاً: شكراً لك, لقد أديت المهمة على أكمل وجه, مهمة! عن أي مهمة تتحدث؟ قال ناصر: هل تعرف كم انتظرتك؟ لقد انتظرتك لأربعمائة و خمس و ثلاثين سنة كنت أنت الشخص الذي بدمائه ستفتح بوابة عودة الطفل الملعون, تذكرت دمائي على السكين وسط النجمة و كيف عرفنا مكان الطفل المدفون. كنت أنت المخول باستخراج رفات الطفل, تذكرت كيف حفرت و أخرجت الرفات و سلمتها بيدي إلى نعمان. كنت أنت المسمى منذ مئات السنين, أنت من سيسلم طفل اللعنة كعربون وفاء ليفتح الباب المغلق بين عالمين, تذكرت كيف أن جثة الطفل كانت تعود لي باستمرار و أني أنا من نزلت القبر و دفنتها بيدي. كنت أنت من سيكمل الدائرة بقتلك أعز

الناس إليك في نفس المكان الذي كان فيه طفل اللعنة, مشهد قتلي لزوجتي و أطفالي يمرّ أمام ناظري. من أنت؟ صرخت ... من أنت؟ ملامح وجهه تغيرت وجه مشوه, إنه نفس الشخص ذو القناع الجلدي الذي لطالما رأيته و كان يطلب مني دفن الجثة

 



صاحب اللعنةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن