"2" ليلتي الأولى

241 23 1
                                    


و مع هَول ما رأيت, جررت نفسي صعوداً إلى غرفة النوم و أنا أفكر في ما حدث محاولاً أن أجد له تفسيراً منطقياً. من هؤلاء الأطفال؟, ماهذه الأكفان السوداء؟. بعد تفكير دام لساعات, غلبني النعاس في النهاية من شدة الإرهاق و غرقت في نوم عميق. استيقظت من النوم على صوت همسات في أذني, كان صوت طفل يقول لي: " ادفني ... ادفني", كانت زوجتي مستغرقةً في النوم إلى جانبي, نظرت حولي و حين وصلت بنظراتي إلى نهاية سريري صعقت مما رأيت... ثلاثة من الأطفال الذين شاهدتهم في حجرة الجلوس كانوا يقفون هناك محدقين بي, لم تكن الأكفان عليهم هذه المرة, أشكالهم دبت الذعر في قلبي و عقدت لساني, وجوه سوداء, عيون بيضاء بالكامل, صلعاء بحيث أمكنني رؤية عروقهم في جماجهم, كانوا يقفون  هناك يتأملونني أنا و زوجتي بمنتهى البرود, تحركوا بهدوء و انتظام تام إلى منتصف الغرفة واحداً تلو الآخر, بدؤوا بالدوران حول شيء ما! جاهدت لأنهض من سريري, كل ما استطعت فعله هو الجلوس على السرير, كانوا يدورون حول طفل آخر كان يجلس على الأرض, بدأت أسمع أصوات تشبه الصراخ من هذا الطفل, لكنها أبعد ماتكون صوت طفل ... كان صوتاً مرعباً أكثر من وجوههم, وقف الطفل و بدأ بالاقتراب من السرير, ذهب إلى ناحية زوجتي, وضع يده على بطنها و نظر إلي, ثم عاد أدراجه ينظر إلي مبتسماً, كانت ابتسامة خبيثة. أغمضت عيناي لثانية واحدة, و عندما فتحتها كان كل شيء قد اختفى. لا أدري كيف أمضيت بقية الليلة حتى بزغ الفجر في حياتنا الجديدة اعتادت زوجتي


 النهوض باكراً, حاولت و بشكل غير مباشر أن أعرف منها إن كانت قد شعرت بأي شيء غريب أثناء نومها, ما قالته لم يكن أقل غرابة مما رأيت, قالت لي أنها رأت كابوساً مخيفاً جداً, قالت: لقد حلمت أنني كنت أدفن أطفالاً, كانوا ثلاثة, كان هنالك أشخاص يعطونني الأطفال واحداً تلو الآخر, الأول فالثاني فالثالث, و أنا أقوم بالحفر و أضعهم بجانب بعضهم البعض و بعد أن انتهيت من وضع الطفل الآخير قاموا بدفعي إلى الحفرة التي حفرتها و بدأوا يهيلون التراب فوقنا و أنا أصارع لألتقط أنفاسي الآخيرة, حاولت أن اطمأنها, قائلاً لها لا تكترثي إنه مجرد كابوس, و الجميع يرون الكوابيس و أنت تجهدين نفسك في العمل, لا أعرف كيف مرّ عليّ ذلك اليوم فقد قضيته حائراً بما

حصل معي حتى أنني لم أنتبه إلى أنني لم أنم جيداً, ربما غلب خوفي تعبي. عندما حلّ المساء و بعد أن دخل الجميع إلى النوم, ذهبت لكي أقف على شرفة المنزل, كنت أتسائل, إلى أين أتيت؟ مالذي يجري؟ هل أخطأت في القدوم إلى هذا المكان؟ بينما كنت أفكر و أنا أنظر إلى أرجاء المزرعة, رأيت شيئاً غريباً ... رأيت طفليّ اللذان دخلا للتو للنوم, رأيتهما يمشيان خلف رجل, كانا مسلوبي الإرادة, يمشيان خلفه كأغنام يقودها راعي يوجههم كيفما شاء!, فقدت أعصابي و بدأت بالصراخ: أمل ... لؤي! أين تذهبون؟ عودا, لكن لا حياة لمن تنادي, لم يستمعا إلي, نزلت بسرعة, جريت خلفهما, كلما أسرعت كلما غابا عن ناظري, لم أستطع اللحاق 

فقد كانا بعيدين عني و المسافة بيننا أصبحت كبيرة, دخلا بين الأشجار و أنا أصرخ عليهم و أنادي بأسميهما ... لقد اختفيا تماماً. وقعت على الأرض من شدة التعب, من خلفي سمعت أصوات حركة أقدام, وقفت مذعوراً متجمداً في مكاني, نظرت حولي باحثاً عن مصدر هذه الأصوات, و لم أجد شيئاً, تابعت المشي و البحث لعلي أجد أي شيء يدلني على مكان طفليّ, من بعيد رأيت دخاناً أسوداً, كان مثل الدخان الذي ظهر لي في البيت في الليلة السابقة, بدأت بالمشي إلى أن عبرته, و هناك وجدت طفليّ كانوا يقفان و يديران ظهرهما لي, صرخت بكل غضب ماذا تفعلان هنا؟ و من ذلك الرجل الذي كنتما تمشيان معه؟ فاستدارا و نظرا إليّ, كان هيئتهما مرعبة, كان وجهيهما و كأنها بلا


جلد, عيونهما مليئة بالدماء, من العدم ظهر الأطفال الأربعة و التفوا حول طفليّ, و بدأو بأصدار أصوات غريبة و كلمات غير مفهومة, اثنان منهما كانا يحملان أكفاناً بنفس اللون الأسود, ما خطر في بالي أن طفليّ هم من كانوا سيلفون بها هذه المرة, من خلفي سمعت صوت صراخ شديد, نظرت خلفي لأجد كائناً غريباً, كان طويلاً و ضخماً, قام بإمساكي, كنت أرى طفليّ يكفنان و لم أستطع فعل شيء لهما, أمسكوا إبني و وضعوا عليه الكفن, كان يصرخ: إنني أختنق ... لقد مات, شاهدت نفس الشيء يحدث مع ابنتي, كلاهما قد مات!, ومع هذا المشهد الصعب و وسط الصراخ فقدت الوعي, لأستيقظ على سريري في صباح اليوم التالي و طفليّ و زوجتي حولي, كانت علامات الذعر تبدو عليهم, بدأت بالبكاء 


و حضنتهم, سألتهما هل أنتما على مايرام؟ أين ذهب الرجل الذي أخذكما؟ فنظرا إلى بعض باستغراب!, قالت زوجتي لي عن أي رجل تتحدث؟ أنت الذي كنت تصرخ, سمعناك و أنت تصرخ البارحة في مكان قريب من المنزل, هرعنا إليك لنجدك مرمياً على الأرض فاقداً الوعي, سألتهما: هل تعنيان أنكما لم تذهبا إلى أي مكان و لم يكن هناك أطفال تحاول أذيتكم؟ أجابا بالنفي باستغراب لما كان يسمعاه مني, صمتّ محاولاً إنهاء الموضوع لكي لا يشعر الأطفال أو زوجتي بمزيد من الذعر. كان كل ما يجول في بالي أننا تحت تأثير لعنة أو مس شيطاني, فما يحصل معي ليس عادياً, ذهبت إلى البلدة المجاورة لأسأل أي شخص و كل شخص كان يمرّ أمامي في الشوارع ليدلني على من يفهم في أمور


المس و السحر و الجن, إلى أن دلني أحدهم إلى شخص يدعى نعمان, قال لي أنه يمكن أن يساعدني, كان هذا الرجل يسكن قريباً من مزرعتي 

...

صاحب اللعنةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن