#الإيمان_والحب
.
✍رويدة الدعمي
.
الفصل الثاني عشر
.
فرحت أم منتظر أشد الفرح عندما أخبرها زوجها بموافقة ولدهما على الزواج وفرحت أكثر عندما عرفت أن ولدها قد اختار من اختارتها هي أيضاً ، أسرعت نحو الهاتف وأدارت رقم منزل ملاذ .. أخذت منها موعداً لزيارتها بعد أن سألتها عن أخبارها وأخبار الوالد .
وفي الساعة السادسة عصراً كانت أم منتظر قد وصلت منزل ملاذ ، استقبلتها فتاتنا استقبالاً حاراً فلقد مضت عدّة شهور على اللقاء الأخير .
قالت ملاذ بصوت متأثر :
ـ ما كنتُ أظنكِ تنسيني هكذا يا خالتي فبعد لقاءنا الأخير في منزلنا لم تتصلي بي إلاّ مرة واحدة بالهاتف !
ـ لكِ كل الحق يا ملاذ لكني كنتُ أنتظر أن تتصلي أنتِ بخالتك فإن وقتكِ أوسع من وقتي بكثير .
ـ آه يا خالة .. كم أتمنى أن أزوركم أو أتصل بكم لكن ...
ثم أطلقت ملاذ حسرة طويلة تذكرت من خلالها موقف والدها تجاه هذه العائلة ! فهل تخبر أم منتظر عن ذلك الموقف ؟ طبعاً لا ! فضّلت السكوت ..
ـ لا أعرف فعلاً يا ملاذ كيف تتحملين هذه الوحدة !؟
ـ هل تصدّقين يا خالتي لو قلتُ لكِ أن ربّي صار بالنسبة لي هو السلوة الوحيدة في حياتي ..
ـ ونِعمَ بالله .
ـ صحيح إنني ما أن فتحتُ عيني في هذه الحياة حتى فقدتُ أقرب إنسانة لي وهي ( أمي ) فلم أعرف حينها سوى أبي الذي أبعدني عن كل انسان سواه .. بل حتى أهلهُ وأهل أمي لم يحاول أن يعرفني عليهم ! لكن رغم كل هذا أشعر الآن أن ( الله ) هو أهلي وكل قرابتي !
دمعت عينا المرأة وهي تسمع هذه الفتاة تتكلم بهذا الكلام الكبير والمؤثر، قالت أم منتظر وهي تحاول الدخول في الموضوع :
ـ لقد جئت اليوم لأمرٍ خاص يا عزيزتي ..
ـ خاص !
ـ جئتُ لأرى رأيك في ابني منتظر !
ـ منتظر ؟!!
كانت ملاذ رغم كل ما تمر بهِ من قسوة الأيام تحاول جاهدةً أن تتناسى ذلك الإسم ! نعم فمنذ أن رأت إن أباها لا يطيق سماع هذا الإسم وهي تحاول بما تملك من قوة أن لا تذكرهُ أمامه .
قالت أم منتظر مبتسمة :
ـ ما بكِ يا ملاذ ! لماذا شرد ذهنكِ هكذا .. ؟ ما رأيكِ بأبني كزوج ... ؟
ـ زوج !
ـ لقد جئت اليوم خاطبةً إياكِ لولدي .. فماذا تقولين ؟
ـ لكن يا خالتي .. لماذا أنا بالذات ؟ أخشى أن يكون هذا قراركِ أنتِ ...
ـ صدّقيني يا عزيزتي ، إنهُ هو من أرسلني ..
كانت الدهشة والارتباك باديتان على فتاتنا ! نعم كانت تتمنى أن ترتبط بهذا الشاب منذ أول مرة رأتهُ فيها ، لكن بعد مرور الأيام صارت تشعر إنها لا تستحق هذا الإنسان .. لما يملكهُ من صفاء الروح وطهارة السريرة ..
قطع تفكيرها مرة أخرى صوت أم منتظر وهي تقول :
ـ أعرف بماذا تفكرين الآن ، لكن يا ملاذ لقد تغيرت الأمور كثيراً وصرت أنتِ اختيار منتظر الوحيد .
شعرت ملاذ بالسعادة والنشوة لسماعها تلك الكلمات لكنها تذكرت شيئاً ما ! قالت بألم :
ـ آه يا خالتي لو كان الأمر بيدي!
ـ لا عليك يا ملاذ .. إن أمر أبيكِ سهل إن شاء الله .
صمتت ملاذ وهي تتخيل ملامح والدها عند سماع الخبر !
قامت أم منتظر وهي تدعو الله أن يتمم الأمر على خير وان يجمع شمل ابنها بهذه الفتاة ، أما ملاذ فما كان منها إلاّ أن دعت الله أن يفعل ما فيه رضاهُ سبحانه وما فيه صلاح أمرها وأمر ذلك الشاب .