في حلقة النهاردة المُعلم طلب من كُل الحضور إنهم يقولوا أجمل حُسن خاتمة سمعوا عنه ، ويذكروا العادة بتاعت المتوفي ..
أغلبنا سكت بس في إتنين رفعوا إيدهم وهُما مبتسمين ،،
المُعلم بعد عدّة دقائق طلب من كُل واحد فيهم يجي يقف مكانه ويتكلم..الأول ذهب ليقف أمامنا ثم إبتسم وقال :
الذي سأتحدث عنه هو أخي ؛؛
لم يكُن مثلنا ، كان جميلًا للحدّ الذي جعل الجنة تشتاق إليه، كان كثير الصلاة ، كانت عندما تُناديه أُمي وقد أذن الفرض كان يقول لها ربي ثم أنتِ يا أُمي
ويُردد : وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا
الله أولًا ثم أنتِ ياجنة الدُنيا.
كُنت أستيقظ لأُصلي الفجر لأجدهُ جالسًا أمام مُصحفهِ يُرتل القُرآن ، كُنت عندما أبحث عنه أجدهُ يُصلي أو يُرتل
وذات يوم في شهر رمضان وقبل أذان المغرب ببضع ساعات أخبرني أنهُ يشعُر بريح عطرٍ جميل
كان يجلس ويستمع إلى القُرآن ، فهممتُ لأخبره أن هذهِ الرائحة ربما تكون رائحة العِطر الذي وضعتهُ عندما ذهبتُ لأصلي في المسجد
فـ أسرع هو قائلًا : أشعر بعطر الفردوس
فـ إبتمست وربتُ على كتفهِ : بلغنا الله إياها
قام وتوضأ وأتى ليجلس بجواري ووضع رأسهُ على كتفي ، مرت بضع دقائق ثم قام وجلس مع مُصحفهِ في غرفته..
وبعد ساعتين ذهبتُ لأُخبرهُ أن المغرب سيؤذن بعد قليل فوجدتهُ ساجدًا والحامل بالمُصحف أمامه
تركتهُ وذهبت خارجًا ، وعند العودة وجدتهُ لم يتحرك ، فجلست في أحد أركان الغُرفة ، كُنت أشم رائحة عِطر تجعل قلبي يدق بالسعادة ، كانت الرائحة تملئ المكان ..
مرت دقائق كثيرة ولم يتحرك أخي ، وضعت يدي عليه فوجدتهُ قد ذهب إلى ربهِ
مال كما مَال الفؤادُ حيثُ المماتُ چميل
كان صائمًا ، ساجدًا ، يُصلي ، يقرأ القُرآنقام الثاني وقال : التي سأُخبركم عنها هي فلذة كبدي أمي
تلك التي تحملت المرض سبعة عشر عامًا ولم تشتكي بل كانت تقول لي : الذي خلقني لن يضُرني أو يجعلني أتألم ، كانت لا تردُ سائلًا إلا وتَجبرهُ ، قبل وفاتها بعدة شهور طلبت مني أن أأتي لها بإحدى الفتيات لتُحفظها القُرآن ..
أمي كانت كفيفة فقد ذهبَ بصرُها بسبب المرض،
بالفعل بدأت حِفظ القُرآن ،كَانت تستمع إلى الشيخ ( المنشاوي ) وتردد خلفهُ ، وذات يوم قالت لي :
يا مُحمد ؛ هل سيُحاسبني الله على نعمة السمع والبصر لأنني لم أحفظ بهم القُرآن !؟ الآن ذهب بصري وأصبح الأمر شاقًا عليّ وأخشىٰ أن أموت قبل أن أجد لي نورًا يؤنسني في قبري يا بُني..
القُرآن كان حياتها ، كُنت أستيقظ لأجدها تستمع إلى الشيخ وتُردد خلفه
كانت تقول لي دائمًا يا بُني لقد قال رسول الله ﷺ "ما لي وما للدنيا؟ ما أنا في الدنيا إلا ك راكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها"
فمالي ومالها أنا! هي دُنيا فانية والجنة هي المُستقر
كُل ما أُريدهُ فقط يا ولدي أن يختارني الموت في الوقت الذي لو كان الأمر بيدي لأخترتهُ فيه..
ذات يومٍ قالت لي أنها تُريد أن تُلامس المُصحف ، فـ أحضرتهُ لها ووضعت رأسي على قدمها لأتحدث معها ، كانت هي تستمع إلى القُرآن وتُمسك المُصحف وتضع يدها في صفحاته وتستنشق عطرهُ ،كانت تُقلب في الصفحات..
لم أكُن أشعر بشيء إلا قطرات الماء التي كانت تسقط على وجهي وصوت أمي وهو يُردد القُرآن ، فـ سألتها عن شيءٍ فلم تُجيب عليّ ، فرفعت بصري لأجدها مُبتسمة بشدة والدمعُ في عينيها، كانت تحتضن المُصحف ووجها كالبدر ، كانت رائحتها جميلة
كانت جميلة للحدّ الذي وودتُ لو أحتفظ بها للأبد..سكتَ المعلم ثم قال:
عليكُم بالقُرآن فلم يُرافقهُ أحد إلا وأكرمه عند الموت وكان
خِتَامُهُ مِسْكٌ ، بادر به قبل أن تُغادر ، وإن لم تنتهي من حِفظه وتوفاك الله فستُكتب عند الله خاتمًا للقُرآن ، ليس المُهم أن تختمهُ بل الأهم أنك لا تترك نعمة البصر والسمع لا تتلذذ به..
واعلم أنك لن تنجو إلا بتلك الأعمال الخفية بالجلوس مع القُرآن والأُنس بالله، واقرأ عن عُمر بن الخطاب
يكفيك سيرة رسول الله وعُمر ..
هذا القرآن هو الذي صنعهم ،هو الذي صنع جيل الصحابة ، لذا فهو قادر على صُنع طريق لك لتصلَ إلى الجنة بل إلى الفردوس مثلهم
ولا تنسىٰ أن تُخبر الله في كل وقتٍ وحين قائلًا :
أعنّي عَليَّ فإنّي عَدويّ،وأنتَ عليمٌ بِكُلِّ الخفايا
القُرآن كريم ويُكرم صاحبهِ في كُل وقتٍ وحين..
وستعلم يومًا حين ينقضي ما كُتِبَ لك من أنفاس، وينفد ما قُدّر لك من عُمُر
وتنفرد في لحدك، ويغلق عليك قبرك، ويولي عنك الناس مدبرين، ليكملوا حياتهم
ستعلم حينها أنك كُنت تستطيع حِفظ القُرآن وأن هذه الدُنيا دا ممر ليست بمُستقر
ولكنك ستعلم ذلك بعد أن يفوت القطار ، فتقف في محطة الندم
فبادر به ولا تعجز حتىٰ لا يأتي يومًا تقول فيه بندم رَبِّ ارْجِعُونِ ، وأعلم جيدًا أن في ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ "))
أنت تقرأ
قصص دينيه وعبرة(2)
Spiritualصل على محمد وال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد