تواصل مع الظلام الذي بداخلك !!!

177 17 11
                                    

تمر على الانسان خلال فترة حياته أوقات عصيبة ، أوقات تجعله يلامس ظلامه الداخلي الحقيقي و يكتشف أشياء لم يكن يعرفها عن نفسه ، فيدرك أن قلبه يستطيع حقا أن يكون أقسى من الحجر و أنه قادر على إيذاء أقرب الناس إليه دون أن يرف له جفن ، و يصبح بذلك متبلد المشاعر غير مكترث لمن حوله و يختفي شغفه تجاه أي شيء في الحياة ...

لكن ...

يؤسفني أن أقول لك يا صديقي أن الحياة بهذه الطريقة لم و لن تكون يوما خيارا صحيحا ...

لأنها و ببساطة تتعارض مع فطرة الانسان بحد ذاته ، فأضرار نمط هذه المعيشة أكثر بكثير على الشخص نفسه من أضرارها على الآخرين ...

و حتى إن لم يدرك الانسان ذلك بينما هو يعيش تلك النشوة المؤقتة ، نشوة انتصاره على مشاعره و تغلبه على ضعفه المزعوم ،
لكنه حتما سيدرك ذلك يوما ما ،
عاجلا أم آجلا ...
و كل ما أتمناه يا عزيزي أن لا تدرك أنت ذلك متأخرا ، وقت لا ينفع الندم ...

الظلام القابع بداخل النفس البشرية يغري الانسان بقوة ، و الأشخاص الذين استسلموا له لم يحظوا أبدا بالحياة التي أرادوها ...

أو ربما...
أقنعوا أنفسهم أنها هي الحياة التي يريدون ؟!

مهما تكن إجابة هذا السؤال ، ستجد أمامك ثلاثة فئات من البشر حسب كيفية تعاملهم مع الوضع :

الفئة الأولى :

من يستسلم نهائيا لظلامه ، يتقبله بصدر رحب ، جازما أنها الطريقة المثلى لاكتساب القوة ، فتبلد المشاعر سيحميك من أي أذى نفسي كان يهز كيانك كالطفل الصغير من قبل !
لكن في المقابل ، حتى المشاعر الاخرى ستتبلد ، لا يمكنك اختيار جزء و ترك الآخر ! الأمر لا يتم بهذه الطريقة ! الحب ، الامتنان ، التقدير ، الاحترام ، الانتماء ، الحنان ... و غيرها ، كلها سوف تتشوه ...
ضميرك الذي يضع حدودا للأفعال المؤذية سيموت و عندئذ ستصل لمرحلة تحجر القلب و التي فيها لن يبقى للانسان اهتمام سوى بالماديات ،
فهو كشخص ، قد تخلص من كل جوارحه و أحاسيسه و لا يوجد ما يقيده معنويا أو يمنعه من فعل أي شيء ... و هذا... لا يقود في النهاية إلا للجريمة ! خيانة ، قتل ، سرقة ، إيذاء و جرائم بشعة تهز الأبدان و تسبب الحيرة للناس العقلاء " كيف لشخص أن يقوم بهذا الشيء البشع ؟!!! ألا يملك قلبا ؟! "

أما من جهة اخرى ،
دعني أقدم لك يا صديقي أكثر الناس بؤسا على وجه الكرة الأرضية ...
إنهم الفئة الثانية :

هؤلاء الأشخاص لم يستسلمو للظلام تماما و لم يتخلصوا من مشاعرهم كليا ، لكنهم في كل وقت يجدون أنفسهم يطرقون بابه ! هم ببساطة تائهون ...

هذا النوع مدرك أنه لن يستطيع العيش بتلك الطريقة ، لأنها لن تؤدي به إلا للخراب ، لكنه يظل يتمنى داخليا لو كان بإمكانه عيشها دون عواقب ، و يدخل دوامة أحلامه الخيالية و يصاب بالاكتئاب كلما اصطدم بالواقع ...
العذاب النفسي الناتج عن هذا التذبذب يدمر نفسية الانسان ببطئ كما تفعل الأمراض المزمنة بالجسد ، و قد يصاب المرء بالجنون إن لم يكن حذرا !

مهرج حيث تعيش القصص. اكتشف الآن