الفصل الثاني

841 14 2
                                    


لا أنكر انه تغير منذ تخرجه من الجامعة و اصبح يتحمل مسؤوليات عميقة ، أصبح اجتماعي ، لبق الكلام ، وقور يوزع ابتسامات هادئة ، ذو هيبة غريبة لا تناسب سنوات عمره و لا طبعه المرح ، كرهت عمله و مسؤولياته و صفقاته ، ليته بقي ذلك الشاب الجامعي المرح ، الذي لا يكف عن اضحاكي بتصرفاته الصبيانية و عناده الطفولي ، ليته بقي اخي الذي اهدتني اياه الحياة ، ليته لم يتحول لهذا الشخص العملي البارد المغرور ، و الغريب في الأمر هو التناقض الذي أعيشه ، لماذا أحببت اكثر هذه الشخصية الجديدة رغم أنها لا تروقني ، لماذا يجذبني إليه اكثر يوما بعد يوم و الأخطر انني لم اعد أرى فيه مكانة الأخ و السند ، بل تغير كل شيء و دق ناقوس الخطر داخل العضلة القابعة هنا في صدري ، هنا اشعر بشيء جديد ، لم أشعر به من قبل

- حبيتك بالصيف حبيتك بالشتي نطرتك بالصيف ندهتك بالشتي و عيونك الصيف و عيوني الشتي
- و ماذا بشأن الربيع أحببت الزرزور أم علبة النوتيلا
كنت ادندن مع الاغنية شاردة و تفاجأت بصوته المرح ، ابتسمت بشدة ليس بسبب طرفته التافهة بل لاني اشتقت لتعليقاته المرحة المستفزة و تدخلاته الرشيقة
- زين ، كم مرة اقول لك لا تقاطعني عندما اغني
- آسف انستي لقطع هذا الوصل الرائع من النشاز ، المهم هيا ارتدي ملابسك ، سأدعوك للعشاء الليلة تعويضا للسهرة التي افسدتها الشقراء كما تناديها
فرحت بشدة و يا ريتها دامت فرحتي ، عدت على الساعة العاشرة أجر أقدام الخيبة من دعوة زين للعشاء ، لا أنكر انها كانت فاخرة في مطعم فخم ، لكن بعثت داخل روحي الخواء ، كان مطعما واسعا بطاولات متباعدة ، رواده يطالعونك ببرود ، يستعملون ثلاث ملاعق و شوكتين و سكينة مختلفين الاحجام للاكل ، لم اعرف حتى طريقة الاكل ، لحن موسيقى يثير الاشمئزاز ، و رجال بملابس سوداء مزعجون يتجولون حول الطاولات ليقدموا خدماتهم ،كان عشائا هادئا بشدة لدرجة انك تسمع صوت الملاعق تحتك بالصحون ، كرهت تلك الدعوة و ذلك العشاء المنمق ، ليتنا امضينا سهرتنا كالعادة تحت البرتقالة ، لكنه من الواضح أن هذه الأماكن اصبحت تستهوي زين لطبيعة شغله ، لم أستطع أن اكسر بخاطره فابتسمت له و شكرته بمجاملة طفيفة على عشائه المثالي ، لكن أدركت ليلتها أن زين قد تغير فعلا ، كما تغيرت مكانته في قلبي بالظبط

- هاي سلمى ما بك اين شردت
- ها ، آسفة زين عقلي مشغول بسبب الامتحانات
- لا تشغلي بالك ، ستمتحنين و ستاخذين المرتبة الأولى كعادتك ، ممم اعتقد الثانية هذه المرة بسبب شرودك المفرط هذه الأيام
- ههه غليظ ، اين انت ذاهب ، لا تقل انك ستخرج اليوم ايضا زين
- آسف يا صغيرة ، العمل لا يتركني كما تعرفين ، الترقية الأخيرة حملتني مسؤوليات اكثر من قبل و انا اسعى لإثبات ذاتي من خلالها ، اعدك الاسبوع القا...
- حسنا زين كف عن وعودك المؤجلة اعرف انك مشغول و اقدر مجهوداتك العملية لكن لا تعدني بشيء لا تقدر عليه من فضلك ، اتمنى لك سهرة سعيدة تصبح على خير
يتبع .....

نوفيلا انا وصغيرتي تحت البرتقالةOù les histoires vivent. Découvrez maintenant