الفصل السادس

552 11 0
                                    

- مبارك لكم زين ، تستحقون كل خير
- شكرا صديقي ، العاقبة عندك
- مبارك لك حسناء ، كلنا قد راهنا على ارتباطك بزين
وسط كل تلك الهمهمات المجهولة و التهاني المبتذلة ، لا اسمع شيء ، لا أرى شيء سوى صورة زين ، يا الاهي لا أصدق ، زين و تلك الشقراء ، حسناء ، حسناء الشقراء ، التي أخذت من اسمها كثيرا ، ابتسمت ، بل ضحكت ضحكة عريضة من اعماق قلبي الدفين ، و تمتمت بكلمات التهنئة المقتضبة التي لا أعرف اصلا كيف نطقها لساني المرتجف حاولت التقاط أنفاسي الهاربة ببطء ثم ركضت جريا الى المكتب الخارجي

- لم اخفيتم الموضوع عني انت و خالتي امي
- لم نقصد ذلك سلمى ، كنا نخاف أن تحزني او تفكري ان زين سينساك او سيهملك
- نعم سلمى ، لكن لا تقلقي فزين يحبك جدا و لا يستطيع الابتعاد عنك لكنه الان اصبح مسؤول عن خطيبته و مؤهل للزواج و الاستقرار و هذا لا يعني أن خطبته ستغير سير حياتكم فأنت اخته التي.....
- نعم خالتي زين اخي كما قلتي و مؤكد أن أشعر بالسعادة من أجله ، و اعدك ان احترم خصوصياته و مسؤولياته الجديدة

لم أقابل زين منذ ذلك اليوم ، منذ أسبوع ، أو بالأحرى كنت احاول عدم الاحتكاك به ، في البيت اكون نائمة أم في الحمام و في العمل كنت اتجاهل وجوده و اتظاهر بالانشغال و التركيز التام ، كنت اصارع نفسي للتوقف عن هذا التدريب ، أريد الرجوع لجامعتي فقط ، كرهت الشركة و العمل فيها و حسناء و زين و حتى حسن ، الذي ما فتئ يتودد لي و يحاول أن يخرجني من حالة البرود و الاكتئاب التي تنتابني ، لكنني انغلقت على نفسي و دخلت دوامة عميقة من الحزن و الشجن ، شيء ما داخلي قد انكسر و لن يجبر أبدا
- ارجوك ابي وافق ، أريد الذهاب ارجوك ، عمي سينتظرني في محطة القطار و سيأخذني لبيته من هناك
- و جامعتك التي ستبدأ بعد أسبوعين ، و تدريبك في الشركة مع زين ، لم تفكري في هذا
- تدريبي اوقفته يكفي ما تعلمت ، ارجوك ابي ، انا مرهقة ، لم اكن اعرف ان العمل متعب هكذا ، قررت أن اهتم بدراستي فقط في الوقت الحالي ، فما المانع من الاستمتاع قليلا قبل بداية السنة الجامعية الجديدة
- حسنا سلمى ، لكن لأسبوع فقط لا غير
اتصلت بحسن و أخبرته بتوقفي عن التدريب لاقتراب عودتي للجامعة و كلفته بتبليغ صاحب الشركة ، ذلك الرجل الطيب الذي تقبل وجودي بصدر رحب ، و شكرته كثيرا على مساعداته و نصائحه ، ثم وعدته انني ساطلب منه المساعدة كلما احتجته و هو لن يتأخر أبدا
- اخيرا تواضعتي و قررتي رؤيتي يا سلمى
- هذه اول مرة لم تناديني يا صغيرة
- ما رأيته منك هذه الأيام جعلني أدرك انك ما عدت صغيرة
- المهم اتيت لاودعك ، ساكمل ما تبقى من الاجازة عند عمي في المزرعة
- حسنا يا سلمى اتمنى لك رحلة جيدة
- زين ، هل انت غاضب مني
- لا و لم ساغضب ، أن كان على تركك التدريب فقد اخبرني حسن ، أما عن ذهابك عند عمك فقد علمت من امي ، كما أدركت قيمتي عندك جيدا يا سلمى ، المهم لا تهتمي لشيء و استمتعي جيدا
رحل كالعادة ، لم يترك لي المجال حتى لاكلمه ، اعرف انني كنت اهمله طوال تلك الفترة و اتجاهل مكالماته الهاتفية و رسائله ، لكن لم يكن هذا بيدي ، كنت احترق حتى لسماع سيرته ، ماذا بوسعي أن أفعل و انا أراه يبتسم كل يوم لتلك الشقراء و يهديها صباحه المشرق ، ماذا أفعل و قد سقطت كل أحلامي الندية في بئر عميق ، ماذا أفعل و قد كسر قلبي و تفتت مشاعري على صخور حبه ، سافرت و حاولت الاستمتاع بكل طاقتي ، بل بالأحرى حاولت النسيان و تجاهل ذلك الالم القابع هنا ، لكن قلبي كان حزينا مكسورا و ضائعا يتبع.....

نوفيلا انا وصغيرتي تحت البرتقالةOù les histoires vivent. Découvrez maintenant