الفصل الرابع

650 25 3
                                    

أفقت من شرودي بضربة حادة على كتفي لم يكن صاحبها سوى زين ، ما به يزداد وسامة يوما بعد يوم ، أرى لمعانا جديدا بعينيه لم أراه سابقا ، عينيه التي تحولت من عسليتين دافئتين ينشران المرح و السرور كلما يطرفان ، إلى قهوتين باردتين تفوح منهما رائحة الوقار و الغرور ، لا أنكر انه حافظ على حسه الفكاهي في بعض الأحيان ، لكنني بت أبغض تلك الشخصية المنمقة التي أصبح يرسمها ، لا أدري ان كنت أكرهها ام أحبها ، لا أدري حقا ، كل ما أعرفه ان زين تحول في نظري من شاب عشريني مراهق الى رجل ناضج حكيم ، تحول من أخي الى شيء آخر أخاف الاعتراف به ، كل ما أعرفه انه يعجبني كيفما كان ، سواء كان ببذلته الانيقة الرمادية و حذائه اللامع ، أم ببنطاله الأزرق و حذائه الرياضي الاحمر و قبعته غريبة الأطوار التي يلبسها بشكل عكسي ، هذا هو زين ، كاسر القواعد ، يعشق السهل الممتنع ، و يحب كل ما هو مرفوض
- ما رأيك اذا
- آسفة زين ماذا قلت
- يا الاهي ما بك يا فتاة ، هل فرحة النجاح جعلت عقلك المتخلف عقيما ، كنت اقول اننا سنخرج مساءا للعشاء احتفالا بنجاحك الأسطوري فتجهزي
- لا لا شكرا لك لا تتعب نفسك ، لا أريد دعوة للعشاء في تلك المطاعم مرة أخرى ، أقصد أن هذا النوع من المطاعم مكلف للغاية و انا لا اريد ان تصرف اموالك هكذا دون داع ، سنحتفل في البيت ، نعم هذا أفضل
- لا تقلقي يا صغيرة ، فالدعوة اليوم من طرف رئيسي في العمل ، لقد فزنا بصفقة تاريخية و لهذا نظم لنا دعوة عشاء فاخر و ليس في تلك المطاعم التي لم تحبيها بل في فضاء واسع على حافة البحر ، و سأستغل الفرصة لأعرفك على زملائي في العمل
وافقت ، وافقت فقط لأرى شخصية زين مع رفاق عمله ، كيف يتعامل معهم ، كيف يبتسم بتكلف ، كيف يمزح ، كيف يوقع الاوراق ، كيف يشرب فنجان قهوته بهدوء ينتابني الفضول لشخصيته الجديدة التي لم اكتشف جوانبها الأخرى بعد ، و أدركت انني لم أرى الا القليل فقط منها
كانت سهرة رائعة ، لكن باردة ، خاوية الروح ، سهرة عملية بحتة ، ابتسامات هادئة ، مجاملات مستفزة ، علاقات اجتماعية باردة تؤمنها المصلحة ، لم يلقي زين اي طرفة من طرفاته السخيفة كالمعتاد ، كان هادئا اكثر من العادة ، لا ينبس بكلمة ، يعدل رابطة عنقه بين الحين و الآخر ، يوزع نظراته بين الجميع بابتسامة عابرة الا تلك الشقراء التي كان يخصها بابتسامة واسعة و نظرات حانية ، كنت اعد الدقائق و الثواني لانتهاء هذه المسرحية المستفزة و قد انتهت بعد أن استنزفت كل مشاعري و حفزت كل طاقتي للبكاء ، كنت انتظر بفارغ الصبر وقوف السيارة امام باب البيت لاذهب لغرفتي ، بقي القليل فقط ، ساتماسك الان
- اتمنى ان تكوني قد استمتعتي
- شكرا لك على هذه السهرة الهادئة زين
- العفو ، المهم ان تكون أعجبتكي مفاجأتي
- جدا فوق ما تتخيل ، تصبح على خير
- و انت من اهل الخير
- زين......
- نعم يا صغيرة
- اشتقت للبرتقالة
نظرت له بكل كسور نفسي المحطمة و الدموع تصارع جفوني للنزول ، لقد اشتقت فعلا للبرتقالة و لكل شيء يخصه ، رحلت دون أن انتظر رده او الاحظ نظراته الغامضة و يداه المرتعشة التي أسقطت مفاتيح السيارة

منذ ذلك اليوم عاد زين القديم ، عاد اخي الذي افتقدته ليملأ حياتي من جديد ، عاد ليشاركني كل تفاصيل حياتي ، بل الغريب في الأمر أنه عاد لينظم سهراتنا البسيطة تحت البرتقالة بنفسه و اصبح حريصا على موعدها اكثر مني ، كانت سعادتي بالغة لا تقدر بثمن ، تفوقت بالجامعة الجديدة و راقتني الدروس كثيرا ، كما أن زين لم يتهاون في مساعدتي و مدي بنصائحه القيمة التي ساعدته في مشواره الجامعي الزاهر سابقا
كنت انتظر بفارغ الصبر اجتياز فترة الإمتحانات و قدوم عطلة الصيف لتبدأ فترة تربصي بالشركة رفقته ، رفقة توأمي و رفيق روحي يتبع.....

القصة لم تعجبكم 🥺🥺🥺 انتظر آرائكم يا جماعة

نوفيلا انا وصغيرتي تحت البرتقالةOù les histoires vivent. Découvrez maintenant