الفصل التاسع : قرار

73 4 19
                                    

كانت تراقب تحركات ذلك القلم أمامها وهو يكتب العديد من الجمل بسرعة لم تدركها، ما كانت لتفهم معناها وقد غاصت بأفكارها بعيدا عمن حولها. كان القلق ينهشها من الداخل وإن كانت لا تبديه وهي تتصنع حسن الاستماع لشرح صاحب القلم وقلبها في مكان آخر.

نظرت إليه يضع قلمه أخيرا بعد وقت طويل من الكتابة ليجلس بعدها منتظرا منها ومن أقرانها نقل ماهو مكتوب على تلك اللوحة الضخمة المقابلة إليهم.

تنهدت نورسين بقوة جعلت أجوان تنظر إليها للحظة ثم تعود مجددا للكتابة. لم تكن لتظهر تلك المشاعر التي تنهش قلبها بعنف وهي وسط أشخاص لا يدرون شيئا منها. أصبح قلقها شديدا منذ اليوم الذي تلقت فيه تلك الصدمة التي أخفاها عنها والداها. الحقيقة مخيفة وإن كانت ماهرة في إخفاء خوفها إلا أنها لم تنجح بذلك عند عودتها إلى المنزل ليلة البارحة. لم تستطع كبح مشاعر الخوف تلك فأغلقت عليها غرفتها وقصدت النوم هروبا منها. كان قلبها يرتعش بقوة وهو يتذكر كلمات جدة أويس، تمنت بشدة أن يكون كلامها خاطئا وبأن تتصل والدتها في اي وقت تطمئنها فيه بأن كل شيء كان مجرد وهم. قالت أنها تشعر بالتعب فخلدت للنوم باكرا وإن أبى النعاس أن يزور جفنيها، وهاهي اليوم تستيقظ من جديد لتعود لها تلك المشاعر وقد تضاعفت بقوة مع اختفاء أخيها آنزا من المنزل. لقد قررت بالفعل أن تنام في غرفته البارحة لعل ذلك يجعله يدرك إلحاحها ومدى أهمية فتحه للكاميرا ذلك اليوم. أخبرته فيها بكل شيء سمعته من الجدة جوري وصورت كل شيء بمفردها هذه المرة بعد أن نامت خالتها. لم تكن لتبدي خوفها لآنزا، فقد جاهدت نفسها كثيرا على ذلك كي لا تدخل إلى قلبه رعبا كما أدخل إلى قلبها، ثم نامت بجانب الكاميرا في غرفته عله يستمع ولو مرة واحدة لصوتها ويدرك ذلك الخطر الذي يحدق بها وبزملائها من حيث لا يدرون. لكنها استيقظت اليوم وقد اختفى كليا من المنزل. ارتعبت لذلك وخالتها وقد ذهبت بها أفكارها إلى أسوء الاحتمالات.

هل كانوا مراقبين البارحة يوم أخبروا بالحقيقة؟!
هل علم المعهد أنهم يخططون للهرب فقاموا بخطف آنزا كوالديه ليكونوا أسرى لديهم يهددونهم بهم؟!

العديد من التساؤلات خطرت ببالهما ذلك المساء وقد ازداد توترهما بشكل مخيف.

انتهت الحصة الأولى لذلك اليوم وإن لم تدرك نورسين منها شيء. الفتت إليها أجوان كعادتها وأخذت تحاورها دون أن تشعر بأي خطب بها:

- امنحيني دفترك.. لم أكمل نقل كل شيء لقد كان الأستاذ سريعا..

أخذت دفترها دون أن تجيبها نورسين، نظرت إليه باستغراب ثم قالت:

- ألم تكملي الكتابة أيضا؟!!

نظرت إليه بإمعان أكثر ثم أكملت:

- نورسين.. مالذي كنت تفعلينه؟! أنتِ لم تكتبي إلا المقدمة.. والباقي كله خربشات..

ابتسمت نورسين بتكلف ثم قالت بهدوء:

بين الليل و النهار ثانيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن