الفصل التاسع "الجزء الثاني"

1.7K 94 9
                                    


قراءة مُمتعة بقى🧡 وهستنى رأيكم.
الفصل التاسع -الجزء الثاني-

مساء ليلة محاولة إنتحار "أروى"
ذهب "يونس" لمقابلة "نادر" وأخبره بِما حدث ومدى قلقه الطبيعي.
- قول لي يا نادر، أروى حالتها اية؟ اية مرضها؟، انا قلقي بيزيد عليها
اجابه "نادر" بوقار
- هي لسة بتتشخيص، بس الملاحظات اللي جمعتها بتدل على حاجة واحدة وبإلحاح كبير
اندفع جسد "يونس" مُتساءلاً بلهفة
- اية هي؟، حاجة خطيرة؟
- إضطراب الشخصية الحدية
كرر "يونس" ما قاله "نادر" بعدم فهم، فوضح له الأخير
- هو إضطراب في الصحة العقلية وطبعاً بيأثر على تفكير المريض بنفسه، بيبقى صعب يتحكم في انفعالاته ومشاعره وتصرفاته، وأعراض أروى اللي بتتمثل فيه هي انها بتخاف من الهجر.. عدم الاستقرار ومتقدرش تعيش لوحدها لانها بتخاف من الوحدة، كمان العدوانية الناتجة من خوفها من إبتعاد حد بتحبه عنها وممكن توصل لإنها تأذي نفسها
ثم رمقه "نادر" بنظرة وصلت له معناها دون نطق لسانه بها
- والسبب طبعاً انت عارفه
هز "يونس" رأسه بأسف، أسرع ليسأله بإهتمام
- طب علاجها؟، أكيد في علاج
- علاجها علاج نفسي، بتتكلم معايا تشاركني مشاعرها وتقلُباتها.. في نفس الوقت أحاول أصحح بعض المفاهيم الغلط اللي عندها وأحاول أصحح من سلوكياتها، ممكن تنضم لعلاج جماعي هيفيدها، لكن في حالتها اللي وصلت لها النهاردة بنصح إننا ندخلها المصحة عشان هي خطر على نفسها، وأصحاب الشخصية الحدية مش مضمونين، ممكن تلاقيها بتضحك دلوقتي شوية تلاقي مزاجها أتقلب، وأروى جاهزة تقتل نفسها
قالها صارحةً وربما كانت قاسية على "يونس" لكنها الحقيقة، فكّر الاخير بعناية وفي النهاية وافق.. خوفاً عليها.. خوفاً من فُقدانها.
***
27/9/2019
في مستشفى الأمراض العقلية
لم تهدأ منذ ليلة أمس، لذا كانت تُحقن بالمُهدِآت.. لتذهب في سُبات إجباري أكثر قسوة.. يأخذها لأفكارها الوحشية التي تسكن في أعماق عقلها، لتُحبس فيه لساعات حتى تستيقظ مرة أُخرى.
في المرة الثالثة من إستيقاظها كانت هادئة، رأت "يونس" يقف أمامها كالمرات السابقة.. إنه معها،  أشاحت وجهها بعيداً عنه رغم عدم إستجماعها لنفسها، تشعر بالدوران.. لكنها مُدركة لِم حدث وتتذكره جيداً لذا لم تُرِد رؤيته.
- أروى!
وصل لها صوته الدافئ المُزين بإسمها، ثم سمعت وقع أقدامه وهو يقترب حتى أصبح أمامها.. لكنها كانت تتجنبه، طبقت جفونها بقوة وهي تهمس بتعب وإحباط
- مخليتنيش أموت عشان تجيبني هنا؟
انتفضت مُتسعة عينيها الى مصرعيها بعنف حين لمست أنامله وجنتها.. صارخة بجنون
- إبعِـد عني.. متلمسنـيـــش
صُدِم من رد فعلها رغم توقعه له، تراجع خطوة للخلف ونوس يرفع كفيه مُعلناً إبتعاده.. هدر بخفوت وعينين قلقتين
- ماشي، إهدي..
ثم عاد ليقترب الخطوة الذي تراجعها، أخبرها لعلها مُشتتة.. لعلها تعتقده آخر
- أنا.. يونس، يونس يا أروى
أكملت نهوضها.. لامست قدمها الدافئة الأرضية البادرة.. اشارت إليه بإتهام ونبرة لامسها الضعف
- أنت جيبتني هنا عشان تخلص مني...
أنكر ذلك سريعاً..
- لا، انا خايف عليكِ، خايف تحاولي تموتي نفسك تاني
تهكمت بخشونة
- فاكر يعني هيحموني هنا!!
جحظت عينيها بإصرار صارخة، مما جعل قلبه يرتجف بخوف.. ربما تفعلها
- هموّت نفسي هنا وهخليك تندم إنك دخلتني مكان زي دة.. سامعني!
إلتف حول السرير ليقف في جانبها لكنه ترك مسافة بينه وبينها، طلب منها برجاء وعجز
- إفهميني.. أرجوكِ إفهمني.. انا مش عايز أخسرِك، سمعاني! مش عايز أخسرِك بس انتِ..
قاطعته بنفاذ صبر.. موضحة له للمرة الثانية
- عملت كدة عشان كنت فاكرة إنك..
أعاقها عن الإكمال بقوله الذي خرج بنبرة مُرتفعة لم يُلامسه الغضب أبداً
- يعني تحاولي تموّتي نفسك في كل مرة متعرفيش توصليلي فيها!! هتفتكريني اني مشيت واتخليت عنِك!، وأبقى أنا قلقان طول حياتي من إنك تغدري بيا وتسبيني؟؟
اهتزت حدقتيها وامتلأت بالدموع.. نبرته الواضح خوفه فيها أثرت بها كالعادة، تعلم جيداً انه صادق.. إنه لن يتخلى عنها لكنها لا تستطيع التخلص من خوفها اللعين.
وجد شرودها فرصة ليقترب منها، ليضمها إليه ويُشعرها بوجوده.. بأن صدره يتسع لها فقط.
- عايزِك تساعديني اني أساعدِك، ساعديني تبقي كويسة.. عايز نعيش حياتنا بسعادة.. عشان تحسي بالسعادة اللي اتمنيناها، ننسا الماضي ونعيش حياة طبيعية
شعر بإنتفاض ضئيل في جسدها أثر بُكاءها الصامِت، دموعها الساخنة التي اخترقت قميصه شعر بإنها تحرق جلده.
أتاه هسيسها الباكي..
- وإزاي هعيشها وهما عايشين فيها؟
مسح على شعرها وبداخله يشعر بالذنب رغم أنه لم يفعل شيء.. هل لأنه أخ من أذتها وعلى علاقة بِمن أذوها!
ضمت قبتضها تضرب ظهره في موضع كفها، كانت ضرباتها أضعف من أن تؤلمه.. ليست ككلماتها التي تخترق قلبه من فرط الألم الذي يصل له منها.
- هفضل مستنية دايماً الحب منهم رغم زعلي منهم، هضعف وأروحلهم زي الغبية أطلب مسامحتهم ومش هنولها، كان المفروض أكرهم بس..
أعاقتها دموعها عن الإكمال، ضمها إليه أكثر لعل ألمها ينتقل له فترتاح هي.
فرّت دمعة مُعذبة من بين جفونه، فك أسرها من بين ذراعيه لكنه لم يبتعد.. عانق وجهها مُحدقاً بعينيها بإصرار..
- هخرجِك من هنا في أقرب وقت.. ودة وعد مني، بس اودعيني أنك هتساعدي نفسك وتتعالجي من الماضي والكسور اللي سببها ليكِ، وفي الفترة دي هكون أنا حليت الدنيا برة.. مش هيبقى ناقص حاجة غير إننا نسافر ونبدأ حياة جديدة
مسح وجهها من الدموع برقة وهمس
- إتفقنا؟
أماءت برأسها موافقة وقد وضعت الحياة التي رسمتها لهما أمام عينيها، رفعت كفها لتضعه فوق كفه هامسة بعيون تترجاه بألا يتركها هنا
- بس مش عايزة أبقى هنا..
نظر لها بصبر.. لماذا تُصعِّب الأمور عليه!.
***
28/9/2019
الجلسة الثالثة

نوفيلا "بين شِباكها"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن