الفصل الثالث

1.7K 103 15
                                    

الفصل الثالث

توقفت حدقتي "اروى" على "شهد" الواقفة بجوار "يونس" امام العقار التي تسكن فيه.. ماذا تفعل هنا؟، بينما أكملت "خديجة" تقدمها من ابنها بلهفة، ضربت على صدرها بذعر وهي تنظر لذراعه المُضمدة
- ياعيني يابني!! اتخيطت؟؟
عانقت وجنتيه وهي تسأله ببكاء
- انت كويس طيب؟
ابتسم لها وهو يُطمئنها
- اهدي بس، مش حاجة كبيرة الحمدالله
ثم قبّل يدها ومسح دموعها وهو يهمس لها برجاء
- متعيطيش بقى
تنحنحت "شهد" من جواره وقالت مُعتذرة بحرج شديد
- اسفة، انا السبب في اللي حصل فـ..
عاتبها وهو يرمقها بنفاذ صبر
- تاني!
عادت لتتقدم "اروى" منهم بينما سألتهم "خديجة"
- هو حصل اية؟
- ولاد حرام سرقوا شنطتها وانا جريت وراهم، كان معاه مطوة فعورني وهرب بالشنطة
ضم قبضته بغيظ مع قوله الاخير، فسألتهم
- عملتوا بلاغ طيب؟
ردت "شهد"
- ايوة، بس الحمدالله موبايلي كان في ايدي، والشنطة مفهاش حاجات مهمة وفلوس مش كتير
دُهِش "يونس" حين ظهرت "اروى" امامه، اندفعت موبخة اياه بغضب، لماذا يُعرِض نفسه للخطر من اجلها؟
- وانت لية تساعدها؟ لية تعرض نفسك للخطر؟
ارتفعا حاجبي "يونس" وقبل ان يفرق شفتيه ليرد كانت قد نقلت نظراتها المُشتعلة لـ "شهد" وهي تسألها بفظاظة
- وانتِ بتعملي اية هنا تحت بيته؟ مش كفاية المصيبة اللي جيبتهاله!!
امسكت "خديجة" ذراع "اروى" ودفعتها بخفة للأمام بينما رمقت "يونس" بنظرة يفهمها جيداً اثناء قولها
- اطلعي مع يونس يلا وانا جيالكم
امسك "يونس" بكفها وجرها خلفه، نظرت هي ليدها المطوقة بكفه.. انه يعرف كيف يسيطر عليها، سارت معه بصمت، لن تفرق يديهما من اجل "شهد" الان.
- تعالي اوصلك للمحطة يا شهد
قالتها "خديجة" بلطف، فجذبت انتباه "شهد".. اومأت الاخيرة برأسها وسارت معها.
***
ترك "يونس" يدها فور ولوجهما للمصعد الكهربائي.. فتراجعت لتستند على الحائط لتصبح مُقابلة له، حدقتيها تُقابل حدقتيه بتصدي.. سألته
- كام غرزة؟
- تلاتة
رفعت رأسها قليلاً وهي تقول بشماتة وغيظ خفي
- احسن
رفع زاوية فمه بسخرية ثم قطع اتصال اعينهما المُشتحن لينظر اتجاه الباب بعدم إكتراث.
خرجا من المصعد، توقف لينظر لها بإستنكار حين وجدها تمد أصابعها لتأخذ المفاتيح الظاهرة من جيبه وتسبقه لشقته وتفتحها، علّق بضيق
- ايدي مش مكسورة على فكرة
لم تسمعه، توقفت بجوار الباب حتى دلف ثم لحقت به، جفل بعد جلوسه حين وجدها تقترب منه وتفك أزرار قميصه، دفع يدها هاتِفاً
- بتعملي اية؟
- مش شايف الدم اللي على قميصك؟ فبساعدك عشان..
قاطعها بثبات
- اقدر اقلعه لوحدي.. وفي الاوضة مش هنا
هتفت "اروى" بسخرية وعدم تصديق
- انت مكسوف مني!
رمقها باستنكار وابتسم دون مرح وهو يقول
- انتِ مش مضمونة
ارتفعا حاجبيها بذهول ثم اخذت تضحك، قالت بتعجب
- المفروض العكس! انت لية واخد دوري وانا واخدة دورك؟
اردفت ببراءة
- متقلقش مني انا آمان، مش هتحرش بيك مثلاً! مش تربيتي
طرقات "خديجة" على باب الشقة بعد قول "اروى" منعه من الرد، كتم ضحكته ونهض ليتجه لغرفته، سألته "خديجة" فور دخولها
- رايح فين؟
- هغيّر لبسي واجي
عرضت عليه والدته
- اجي اساعدك!
رمقهم بنفاذ صبر قبل ان يُغلِق الباب.
***
صباح اليوم التالي
أصبحت الساعة التاسعة ولم تظهر "اروى"، لم تطرُق على بابه!؛ فتح باب شقته فوجد بابها يُفتح أيضاً، وضعت كفها على خصرها وهي ترفع حاجبها.. قائلة بخفوت مُتداركة الامر
- دة انت طلعت كنت بتتجاهلني فعلاً
فهم ما تقصده.. انتبه لحقيبة السفر التي تُمسك بها فنسى الرد على قولها السابق وسألها
- رايحة فين؟
- هسافر
عقد حاجبيه مُتسائلاً
- لية؟
- فرح ماما.. التالت
صاحبت نهاية قولها ضحكة ساخرة؛ خرج من شقته وقد تبدلت نظرته لتصبح جدية ومُنزعجة!
- ومقولتليش لية؟ كنت سافرت معاكِ بدل ما تروحي لوحدِك
ابتسمت.. قوله ذكرها بأيامهما الماضية.. صداقتهما التي أفسدتها هي بإعترافها بحبها له، رغم عدم ندمها على مشاعرها اتجاهه إلا انها حزينة لبُعدهما؛ قالت وهي تلويه ظهرها لتُغلق باب شقتها بالمفتاح
- رهف هناك.. هبقى معاها
قال مؤكِداً
- قولتي لـ بابا اكيد
- امبارح
غمغم وعاد ليسألها
- طلبتي أوبر؟
- ايوة
تقدم وأخذ حقيبتها ليحملها فهتفت بلهفة
- هتوصلني؟، ألغي...
قاطعها بنبرة قوية وهو ينظر لها
- لا طبعاً
اكمل وهو يتجه للمصعد
- هركبِك أوبر وامشي
تهكمت وهي تلحق به بسخط
- لا كتر خيرك تعبت
ولجا للمصعد، نظرت له بطرف عينيها وهي تنبهه.. بل تُحذره
- متاخدش راحتك اوي في غيابي
نظر لها في سخرية، فأضافت
- متجيبهمش الشقة عندك
اتسعت مقلتيه وهو يهتف في إستنكار
- اية اللي بتقوليه دة! عارفة لو حد سمع كلمتك هيفتكر اية؟
حكت جبينها وهي تُصحح قولها بحماقة اكثر
- متعملش السهرة عندك في البيت.. متجبش بنات
ضرب كفيه ببعضهما بنفاذ صبر
- يخربيت كدة.. هتجيبلنا بوليس الآداب
خرج من المصعد وهي خلفه، توقف مُستديراً لها، سألها بضيق
- وتعالي هنا.. من امتى بجيب بنات عندي في الشقة؟
- نسيت بتاعة اخر مرة!
- ودي كانت اول مرة وانتِ متعرفيش سبب مجيّها
ابتسمت بإستفزاز وهي ترد
- انت مش مضمون، ممكن تجيبها تاني في غيابي
ارتفعا حاجبيه بذهول.. سخر وهو يضحك دون مرح
-  في غيابِك!!.. كنتِ مراتي وانا معرفش!
لمعت حدقتيها بخبث وهي تهمس له بحماس
- قول يارب
ثم تخطته، انخفضا كتفيه وهو يتنهد بنفاذ صبر.. ثم لحق بها.
وصلت السيارة التي طلبتها، بعد ان صعدت طلب منها
- خلي بالِك من نفسِك وطمنيني لما توصلي
- قلقان عليا للدرجاتي؟
ادار حدقتيه بضجر قبل ان يُغلِق الباب بوجهها ويبتعد، فابتسمت بإستمتاع وعينيها مُعلقة به أثناء تحرك السيارة.
***
في الشركة

نوفيلا "بين شِباكها"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن