الفصل الاول

3.2K 117 14
                                    

الفصل الاول

- بحبك يا أروى
تململت على الفراش وهي تبتسم اثناء نومها.. تترقب النهاية السعيدة.. تتمنى أن تُكمِل حِلمها الجميل لتلك اللحظة لكن كان للمنبه رأي آخر، فتلاشى بطلها وانفكت الأيدي لتستيقظ.. أدارت حدقتيها للمنبه لترمقه بغضب، مدت يدها وأغلقته بخشونة ثم نهضت لتغتسل قبل أن تستعد للذهاب لعملها.
توقفت امام مِرآتها تُرتب خصلات شعرها البنية بعناية.. ابتعدت خطوة لتتأمل نفسها فتشعر بالرضا.. لكنه لا يدوم.
اغلقت باب شقتها واتجهت للشقة المُقابلة لتطرق على بابها لكن لا يوجد إستجابة، ادركت انه غادر.. سبقها للعمل، رغم انها اخبرته انهما سيذهبان معاً، ابتسمت بسخرية وهي تُحدِث نفسها بغيظ
- ومن امتى بيستناني؟
***
في عقار آخر.. شقة عائلة "إسماعيل الأنصاري"
- لأمتى هفضل وراك! مش هتبطل القرف اللي بتعمله! بنات الناس مش لعبة في ايديك
صرخ والده "إسماعيل" بغضب موجهاً حديثه لنجله "يونس" الذي رد ببراءة مُصطنعة
- هما اللي بيجولي برجليهم أقولهم لا!
اضاف بإستنكار
- ارفُس النعمة؟ ميصحش
دخلت والدته "خديجة" عليهم بقلق، سألتهم
- في اية يا إسماعيل؟ صوتك مسمع الجيران
- احسن خليهم يسمعوا ويعرفوا ان ابني صايع
اكمل بجنون
- مفيش سكرتيرة جت ومصاحبهاش.. دة كل شهرين يغيرها عشان بيسيبها
رمقت "خديجة" ابنها بعتاب.. رغم عدم رضاها عن تصرفاته لكنها بررت له
- ما عشان انت بتخليه يختارها على مزاجه
اتسعت مقلتي "إبراهيم" بصدمة هاتفاً
- الغلط طلع عليا يعني!
عاد ليجلس على الاريكة وهو يضرب كفيه ببعضهما البعض قبل يقول بكبت
- دة هيطلعلي سمعة على الشركة
ادار "يونس" حدقتيه في مقلتيهما بضجر، بينما قفزت "خديجة" لحل قد خطو في بالها
- انا عارفة الحل اية، جيبله واحدة انت تختارها
اتسعت مقلتي "يونس" وكاد ان يعترض
- لا بحب اختار...
قاطعته والدته بحزم
- اسكت يا ولد
اتى رد "إسماعيل"
- انا عملت كدة اصلاً، هتروح هتلاقيها في الشركة.. مش محتاج تعملها انترفيو او تقبلها عشان شغلتها خلاص
- بتتكلم بجد!
اتبسم والده بإنتصار وهو يقول بثقة
- روح وشوف بنفسك
نهض "يونس" بعنف مُغادراً، هل وظف إمرأة في الخمسين من عمرها! أم عشرينية قبيحة؟ لا يضمن والده بالمرة.
***
- صباح الخير
قالتها "أروى" بإشراق وسعادة ظاهرة جلياً على ملامح وجهها، لكن في لحظة وقوع بصرها على مكتب السكرتيرة الذي كان شاغر منذ الامس فقط والآن لم يعد كذلك صدمها!، هل وجد سكرتيرة جديدة بهذه السرعة!، لكن لحظة!.. انها عادية جداً بالنسبة للأُخريات!، هل من اختياره!.
- مش لوحدِك مش مصدقة، احنا معاكِ
همست بها موظفة بجانب اذنها.. نظرت لها، متى وقفت بجوارها؟، عادت لتنظر للسكرتيرة الجديدة وسألتها
- هو جه؟
- لسة
هزت "أروى" رأسها واتجهت لمكتبها بصمت لتُكمِل مراقبتها لتلك الجديدة من مكانها هذا.
مرت نصف ساعة وكان قد وصل "يونس" للشركة، توقف وقد علم انها هي تلك التي تجلس خلف مكتب السكرتارية، بينما نهضت هي لترحب به.. فأتت له الفرصة ليقيمها سريعاً من رأسها حتى اخمص قدميها، اشاح بوجهه بعدم رضا.. أمرها
- تعالي ورايا
جلس خلف مكتبه ونظراته الثاقبة التي سببت لها التوتر موجهة لها، حاولت التحكم بإنفعالتها وخاصةً توترها لا تُريده ان يظهر في اول يوم لها في العمل، عرّفت نفسها
- انا شهد..
قاطعها قبل ان تُكمِل بقية اسمها حتى
- تعرفي ان اكتر حاجة بكرهها هي الواسطة!
ضمت كفيها لبعضهما بحرج واتت ان تُبرر موقفها لكنه لم يُتيح لها الفرصة فقد تابع
- بس مفيش في ايدي خيار..
اسرعت لترد بحزم
- هثبت لحضرتك اني استاهل الشغلانة دي
- هنشوف
ثم فتح إحدى ادراج مكتبه واخرج منها ملف تلو الاخر حتى وصلت لعشرة ملفات ضخمة.
- عايز الورق دة يتكتب من تاني وتصححي الأخطاء اللي فيه
سقط فكها وهي ترى كمية الملفات الذي يأمرها بفعلها، هتفت بصدمة
- كل دة!
اكمل اوامره..
- عايزهم بكرة على مكتبي
- بس..
كادت ان تعترض لكنه سبقها بقوله الحاد القاسي
- اعتراض من اولها مش عايز، لو مش هتقدري الباب مفتوح
اخفضت رأسها بإستياء وخضوع
- حاضر
تقدمت لحمل الملفات.. استأذنت وغادرت، وضعت الملفات على مكتبها ثم جلست وهي تتنهد.. تُفكِر كيف ستفعل كل هذا الكم!، رفعت بصرها حولها.. الجميع يعمل ومشغول فلن تجد من يُساعدها حتى!، طردت الطاقة السلبية التي سيطرت عليها.. اخذت نفساً عميقاً قبل ان تُحدِث نفسها بكلمات تُعيد بها الثقة لنفسها
- انتِ قدها يا شهد.. قدها
ثم باشرت في العمل بأول ملف أخذته، مرت لحظات حتى شعرت بإشراف احدهم فوق رأسها فرفعتها فقابلتها "اروى".. عقدت حاجبيها وهي تقول..
- اتفضلي!
مدت "أروى" كفها لتصافحها وهي تُقدِم نفسها
- انا اروى
نهضت "شهد" وهي تصافحها وتُقدم نفسها بدورها
- وانا شهد، السكرتيرة الحديدة
- اة عارفة
نقلت نظراتها للملفات وقالت بتعاطف زائف
- ياعيني، اية كل دة!
ابتسمت "شهد" بقلة حيلة وهي تخبرها
- لازم اسلمهم بكرة
طأطأت "أروى" بأسف قبل ان تعرض عرضها على "شهد"
- اساعدِك؟
تهللت أساريرها وهي تقول بلهفة وعدم تصديق
- بجد!
اومأت "اروى" برأسها مؤكدة مقصدها، فشكرتها "شهد" بإمتنان شديد
- شكراً بجد
نهرتها "أروى"
- متقوليش كدة انا بحب أساعد الغير
ثم اقتربت من "شهد" وهمست بجوار اذنها
- بس متقوليش لحد اني ساعدتك
- حاضر متقلقيش
- اتفقنا، سيبيهم اخدهم وانا ماشية
- ماشي، وانا هعمل اللي اقدر عليه دلوقتي
- تمام
ثم تركتها واتجهت لمكتب المدير ودخلته، اسرعت "شهد" لتمنعها لكنها كانت قد دخلت بالفعل، فأعتلت الدهشة ملامحها.. كيف تدخل مكتب المدير دون إذن مُسبق؟.
بينما في الداخل.. تقدمت "أروى" من "يونس" وهي تقول بشماتة لامست السخرية
- الجو فضي عليك وبقى خنقة ياعيني
رفع بصره لها.. ها هي مُجدداً، ابتسم ببرود وهو يرد بخبث
- عيب تقولي كدة، دة الجو لطف من نوع جديد
تهكمت وهي تجلس على المقعد المقابل له
- هتضحك عليا! هو انا مش عارفاك!، دي مش استايلك خالص
هز رأسه وهو يقول بدهشة مزيفة
- اووه.. يعني عارفة مين استيالي ومين لا!
ردت بثقة
- طبعاً
قذف ثقتها بعيداً بقوله المُحرِج لها
- واكيد عارفة انِك مش استايلي!
تلاشت ابتسامتها للحظة قبل ان تسترجعها بثقة مزيفة أتقنتها اثناء قولها
- كله بيتغير لما الموضوع يجي عندي.. متقدرش تختارني حسب معايرك
رد بقسوة ولامبالاة وهو يقذفها بنظرات ساخرة
- طبعاً عشان متتقارنيش بيها اصلاً
احمر وجهها غيظاً بسهولة، اندفعت لتهتف بإنفعال
- على فكرة بقى انا حلوة وفي مية راجل يتمنناني
- طب هما فين؟  خليهم ياخدوكِ وبالمرة نخلص منك
ابتسمت في استفزاز وهي ترد بتوعد
- بعينك.. انا مش هبعد عنك مهما حاولت تبعدني
عاد لينظر للأوراق التي امامه وهو يرد بهدوء
- بعدتي مبعدييش مش مهم بالنسبالي لان بالحالتين انتِ مش موجودة
كورت قبتضها بحنق، نهضت بخشونة واستدارت مُغادرة دون ان ترد.. فلن تستطيع التفوق عليه في هذه الحرب الباردة التي بينهم.
***
مساءً

نوفيلا "بين شِباكها"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن