البارت التاسع عشر : " لقاءٌ جحيمي.."

13 2 2
                                    

- إنني أحدثك أمبر فالتنظري إلي !
ضرب الطاولة ‏بشكل أقوى .. وقال بصوت يعتليه الغضب :
- فالتشيحي بنظرك بعيداً فأنا لا أهتم له، ولكن .. ولكن! كنت أعلم بأن هذه المنحة ستجلب العار قريباً..
- ‏عن أي عار تتحدث؟ .. ‏أنا فقط سقطت بخطأ أعمالي
- ‏وأعمالكِ هي التي تجلب العار إذن تفضحين الناس؟؟ ‏
- فالتتفهم ولو قليلاً بأن الإنسان يخطأ وأنت منهم !
- أنا منهم؟ أنا منهم في ماذا؟ فالتقولي !
- أنت منهم في كونك لا تهتم لعائلتك !
صمت لوهله ثم أكملت
- أووه عفواً ‏أقصد أنا ! أنا من لا تهتم لها ! لو أنك تهتم لكنت لم أقع هنا قط ولن تكسر يدي ولن ولن..
‏واستمررت ‏أعدد له وأعدد له ما لم يكن سيحدث لي لو كان بجانبي حتى ما قبل السجن وكل شيء ، ‏كنت مشبعة بأشياء ‏سلبية و أشياء ندمت عليها وأشياء لا أعلم ما هي، وأنهيت حديثي بشوطٍ طويل من اللهاث
- ‏وما قلته قبل قليل مجرد عذر لكونك هنا ، أنت بالغة الآن و تعلمين ما يجب فعله وما لا يجب...
- ولكن في بعض الأحيان الإنسان يقع .. ولكن أنا أقع في دائرة أحتاج فيها للمساعدة
- وهي ليست مشكلتي إن لم تكوني بالغةً فكرياً !
- ‏وهي ليست مشكلتي أيضاً إن سببت لك العار فأمي ليست بذلك الأسف على العار بل هي آسفة على كوني هنا وبهذه الحال...
ورفعت يدي المجبرة...
- ‏وهذه الجبيرة البيضاء ليست أبداً كصفاء ما أشعر به الآن ولا حتى قريبة منه ، ولعلمك فقط بأنني أنا نفسي أشعر بالعار من كوني هنا ومع ناس أنا فاضحتهم فلست أنت الوحيد الذي سيتأذى هنا بل أنا أكثر شخص تأذى ‏و تألم لا أنت الذي لا يهتم إلا برأي العامة ... فكف‏ ‏عن تمثيل دور الأب المثالي ولو قليلاً ، أنا حتى لم أتوقع مجيئك إلى هنا...
- ‏على الاقل أتيت لرؤية ما سببتيه لنا
- ‏جيد ، فليكن فلتنظر لما فعلته ابنتك الرائعة المميزة المفتقرة للاهتمام !
نهضت من الكرسي وتوجهت لأحد العسكر بغيت الخروج من هذا اللقاء الجحيمي ، وضعت الأصفاد كالسابق وقبل خروجي ..التفت إلى والدتي وقلت لها بابتسامة زائفة باهتة الصدق :
- لا بأس أمي ... سأكون بخير عندما أعود لكِ المرة القادمة ..
وخرجت وأنا أتمنى كوني غير كاذبة في ذلك...

" لقد تدمرت داخلياً بعد ذلك اللقاء ، عدت إلى الزنزانة واستمريت في البكاء لوقت لا أعلم قدره ... أصبت بصداع قاتل بعد موجة الحزن تلك ، ‏ولم أنفك عن التفكير بأنني سبب كل هذا .. لقد كان ذلك قبل ثلاثة أيام من الآن وهذا أدق شيء أتذكر هناك ... ولا زلت أشعر برغبة شديدة وماسةٍ إلى البكاء الحاد ولكنني ردعت نفسي قبل أن أفقد كياني حقاً..."

‏كل كان بهموم الخاصة ‏، لم ‏ألقي بالاً لمن كان معي في الزنزانة..

وفي ظل ذلك
" استدعي فكتور قبل ‫نصف‬ ساعة للقاء ما مثلما حدث معي .. وعاد بوجه كئيب وبرغبة شديدة في ضرب شخص ما .. ‏ ‏وافراغ غضبه وقهره ‏بشيء ما ، وأنا حقاً خايفة من نظاراته لي .. حتى أنه كان يلقي بنظرة على العسكر ، أنه يريد افتعال المشاكل ..، لم أرد الاحتكاك به بأي طريقة كانت ... حتى يهدأ أو حتى تنفك عنه رغبة افراغ غضبه.."

‏وبخصوص حال جان فقد تحسن كثيراً منذ تلك المرة ومع متابعة الطبيب له نعم! تحسن وبشدة .. واستطاع على الأقل النهوض والسير ولكنه يعرج قليلاً ، ولم يتحدث مع فكتور منذ أن استيقظ...

‏وكلما اقترب موعد المحاكمة في ما بيننا اشتد التوتر في الأرجاء واشتد برود الأطراف وقطع العلاقات قد بدأ من الآن .. على ما يبدوا ، وكما قلت سابقاً بأن جان لم ينطق بكلمة واحدة موجهة لفكتور أبداً ، ‏بل كان صامتاً وهذا على غير عادته فهو دائماً ما يشتكي ويملأ المكان بصوت تذمره الطويل والمزعج ، أريد ولو قليلًا التحدث لهم .. لم يبقى سوى ثلاثة أيام على موعد المحاكمة ، يكاد التوتر يقتلني أريد تهدئة أعصابي ولو قليلاً قليلاً فقط...

‏وها قد أتى اليوم الموعود ..، يوم الحكم علينا بما فعلناه سابقاً ، في ذلك اليوم كان الهدوء الشديد يملأ المكان ، ولم أجرأ يومها برفع ناظري لرؤية ما بنفسيهما أبداً أنا حتى خايفة من هذه الفكرة ، لم أرد كرههما ولكن ستكون الضغائن محل التركيز هناك...

‏ذهب بِنَا إلى تلك القاعة الضخمة كان هناك عدد كبير من الناس ‏، لم ألقي لنفسي اهتماماً لا شكلي ولا صحتي ولا أي شيء آخر كل ما يجول برأسي هو ما الذي سيحدث تاليا ًهل سأسجن؟، هل ستذهب سنوات دراستي هباءً ماذا سيحصل؟..

‏دخلت ولم أرى إلا تلك النظرات الموجهة نحوي ونحو من كان معي ، والصمت القاتل كان سيد المكان كنت متوترة حتى الموت لم أسمع إلا صوت ذلك الصرير المتواجد في أذني عندما دخلت ، و أجد ذلك الأعور يستقبلني عند بوابة القاعة ‏وهو يقترب مني آخذ لي معه إلى منتصف القاعة ، اضطررت للوقوف في منتصف سياج قصير بجوار ذلك المجرمين ، واستمر الصمت لدقائق معدودة وأنا أحدق في أرجاء المكان بخوف...

‏ ‏دخل القاضي جلس على كرسيه في الأعلى رتب أوراقه ... ثم ألقى بنظره علينا تَبَادَلْتُ نظراتِ معه في خوف...

- ‏ ‏فالترضى النفوس ولنخمد الضغائن ، ‏هذه المحاكمة ‏مهمة لما تحتويه لذا يجب على الأطراف الإنضباط فيما يقولون ويفعلون والآن فلنبدأ !

‏وألقى بناظريه ‏على المحاميين ثم ضرب بمطرقة صغيرة كانت بجانبه على أساس خشبي صغير ، وبدأ القاضي بالتحدث...

‏يتبع .. =)

مِطْرَقَةْ اَلْقَدَرْحيث تعيش القصص. اكتشف الآن