البارت السادس والعشرون : " روتينٌ مضجر "

7 1 0
                                    

لم تكن معجزات القدر تنظر إلي..
والروتين اليومي المتكرر يقيد أفكاري..
وببعض المعجزات أو أياً كان..
كنت أنجو بها من هذه الحفرة العميقة..
والتي أسميها الموت..

يبدأ روتين السجن المعتاد خلال السنتين التي عشتها فيه بالاستيقاظ صباحاً ، ثم الإفطار ، وفي فقرة الإفطار ، قطعتين من خبز يابسه ، والقليل من العسل ، وملعقه من الجبن ، و ٥ حبات زيتون في كل صباح ، ونادراً ما كانت تأتي بيضة مسلوقة مع الوجبة .. ولكم أن تتخيلو فرحتي يوم تأتي ، وكل ذلك كان أقل من أن يشبع شخص جائع في الصباح .
وبعدما يستيقظ الجميع ، لا يصح لك أن تنام ، لكي لا ينعكس روتين نومك على روتين السجناء الباقين .

كنت في سجنٍ انفرادي ، ولأنني كذلك فلقد كان الصباح أسوء فقرة في اليوم كله .. ماذا علي أن أفعل وحدي؟؟
ولأنني كنت في فراغ تام .. بدأت بتذكر بعض الحيل التي رأيتها على الإنترنت سابقاً ، كنت في أثناء تناولي للفطور في الصباح .. آخذ حبات الزيتون وآكل ما بها .. ثم آخذ البذر وأصنع منه شيئاً .
وبما أنني جمعت الكثير منها في الأيام السابقة الكثيرة .. فلقد أصبح الأمر مسلياً .
أبدأ بفرك البذر في زاوية أحد الجدران والتي كانت غير مستويه ، فكانت تنحتها نحتاً وتجعلها دائرية الشكل ، في بعض المرات التي كنت أجتهد في نحتها .

بعد أن يمضي الوقت ببطئ قاتل ..
تأتي وجبة الغداء في حوالي الساعة ١ ظهراً والتي هي أفضل من وجبة الصباح .
كانت عبارة عن صلصة حمراء متبلة ، حفنة من الأرز الأبيض ، ورقتي ملفوف ، وحبة خيار ، وعلبة ماء..
لم يكن في وجبة الغداء مكافئة نادرة كل فترة كالبيض المسلوق في وجبة الصباح ..

ومن بعدها تبدأ دورات التأهيل ..
لا أعلم كم تستغرق ، ولكنها دهر طويلٌ من الحديث ، ذلك الرجل يثرثر كثيراً ، ولم يكن في حديثه أي ذرة من التأثيرات الصوتية التي تزيد من الانجذاب لحديثه ، حديثهُ باردٌ وجامد ، مُكْرَهٌ من فعل ذلك ، هذا ما كنت أراه من عيناه .
كنت أتذكر تذمري من محاضرات الجامعة وكيف أنها مملة ومضجره ، أعتقد بأنها لا تقارن بهذا .

هناك قسمان ، رجال ونساء ، ومن البديهي أنني كنت منفردة في كل الدورات التي قد دخلتها سابقاً ولم يكن قانون ذلك التقسيم متبطق علي ، لذا لم يكن لي لقاء بفكتور وجان أو أي بشري غير ويلسون وبعض أعضاء المعتقل .. ، ولا أعلم إن كان المذكورات أولاً حيان أم لا.

يحالفني الحظ في بعض الأيام عندما يزورني ويلسون لتفقدي في كل أسبوع ، لم يكن كافياً لي قط للتحدث معه في ساعة واحدة ، في كل نهاية أسبوع أجمع قصص قد حصلت لي سابقاً والكثير من الأشياء ، وبمجرد أن يزورني كنت أحكي له كل ما في جعبتي .
يستمع لي في كل مرة بإنصات ، كان دائماً ما يسايرني في الحديث .. و ردوده لم تكن باردةً قط أو أنه يتجاهل حديثي .

وقبل أن يَهِمَ بالمغادرة ، يخبرني أنه بانتظار سماع قصصٍ جديدة في الأسبوع القادم ، كان ذلك يشعلني حماسً لتخطي الأسبوع كاملاً وقدوم يوم السبت .

في نهاية تلك الدورات التأهيلية ، يحين وقت وجبة العشاء .
كانت عبارة عن .. ، عدس ممزوج بماء ساخن .. كطبق أساسي ، كنت دائماً ما أتخيل بأنه حساء لذيذ ، قطعة من الخبز ، وكان هناك شيء يشبه الجبنة.. كان يعتبر طبق جانبي .
وهذه الوجبة في المساء .. إلى صباح اليوم التالي .. فقط .. ويجب أن تصمد إلى الغد .

في أحد المرات التي كنت أفكر فيها بشركاء الجريمة ..
سَئلت ويلسون عنهما ..، وكان يحاول التهرب من الجواب..
فسألته بوجهٍ صارم .. فأجاب :
- أنك في حال لا يقارن بهما .. ولأكون صادقاً فإن جان .. على شفى حفرة من الموت ..
اختلست الفرصة للسؤال عن تاريخ اليوم ..
- كم التاريخ اليوم؟
التفت ويلسون إلي وقال :
- ألم أقل لكِ أنني لن أخبرك بالتاريخ؟
- لماذا ؟ أريد أن أعرف كم مر منذ أن دخلت إلى هنا ! أم أنك لا تريد أن أحبط من بطئ الوقت ، أعلم بأنه لم يمر الكثير الكثير ، ولكن أريد أن أعرف..
- لا تعني لا ، صحيح أنه لم يمر الكثير ، ولأني أعرفك ، فستبدأين بحساب الأيام .. وهذا ما لا أريده .
اعتلت تعابير الحزن والضيق ملامحي ..
- لا بأس أمبر .. ، أنا أعلم أن حساب الوقت سيجعلك تصابين بالجنون .. ، ولهذا أنا أفعل ذلك من أجل مصلحتك كوني واثقة .
وفي نهاية حديثه انتهت مدة ساعة الأسبوع .. ربت على رأسي بخفة .. ثم خرج وهو يودعني .

كان ويلسون حازمً في ما قاله ، ولقد أخبر أعضاء المعتقل فيما يخص علمي بتاريخ اليوم ، أنا حقاً أقدر جهوده في ذلك ولكنني أريد أن أعرف التاريخ ، ولأن الفضول يغلي في داخلي لمعرفة المدة التي استطاع جان الصمود فيها ، وكم المدة التي مكثتها ، بدأت باستعمال حبات الزيتون تلك في حساب الأيام من بعد كلام ويلسون عن حالة جان المزرية .

يتبع .. =)

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Dec 03, 2021 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

مِطْرَقَةْ اَلْقَدَرْحيث تعيش القصص. اكتشف الآن