البارت الرابع عشر : " تهشيم لكياني "

8 1 0
                                    

قال ذلك أحد الضباط القريبين منه، التفت الرجل ذو العين بجسده كاملاً نحو الضابط الشاب ثم قال بصوت خافت إليه رغم أنني سمعت ما قاله :
- اتظن بأن هذه الشابه المسكينة الخائفة ستكون خطر بالنسبة إلي؟ ، ملامحها ذائبة من الخوف فالتخرجوا جميعاً أنا كافي لوحدي هنا !
- حاضر !
استقام الضابط بتحية وخرج من غرفتي والجميع لحقوه بالفعل ...

التفت ذلك الرجل بهدوء ثم تقدم وجلس بجانبي ، أخرج من جيب قميصه علبة منديل صغيرة وأعطاني إياه وقد أخذته بهدوء دون قول أي شيء ، بدأت بمسح دموعي الجافة والرطبة معاً ، لم يكن ذلك الشرطي ينظر إلي .. ولا حتى حاول ذلك ، كان فقط ينظر للأمام بصمت .. استمر كذلك ل ٣ دقائق أخرى ~
ثم قال بصوت هادئ :
- سيدتي أنك تعلمين سبب قدومنا إلى هنا ...
تحمحمت بخفة ثم قلت :
- نعم أعلم ...
صمت هو الآخر ثم قال :
- أتريدين الذهاب بهذه الملابس؟
" وقد خفق قلبي بقوه إثر قوله لذلك ، ألم يكن ينظر لعيني فقط! ، حقاً ملابسي لا تناسب مكان رسمي ! "
- لا أعتقد ذلك...
- إذاً فالتقومي بتغييرها...
ضحكة بخفة فور قوله لذلك ، التفت إلي متسائلاً عن سبب ضحكي وأردفت مبرره له ...
- لا يوجد باب .. !
- حسناً سأقف بمنتصفه لتغطيته ...
- هههه اتمزح معي؟ إن الباب على ممر الغرف!
- إذاً سيكون حمام غرفتك هو الحل
ونهضت بالفعل وانتشلت ملابس جيدة من درج الملابس وذهبت للتغيير .. ولحسن حظي .. غرفتي نظيفة ومرتبة نوعاً ما ، فهو قوي الملاحظة!

في وقت لاحق من ذلك الزمن كنت في حدود سعادة زائفة نوعاً ما موهمتاً نفسي بأن كل شيء سيكون على ما يرام وأنا الآن كاللعينة في هذه الزنزانه الشبه مظلمة ، ولوحدي أيضاً ولسوء حظي بأن ذلك الشرطي ذو العين الواحدة قد ذهب وتركني خلفه في هذا المكان المنعزل ، لقد مر وقت طويل منذ دخولي إلى هنا ولسبب مجهول لم يأتِ أحد لإستجوابي أو حتى سؤالي عن أي شيء!!

صوت وقع خطوات آتٍ من أحد الممرات القريبة .. لم يكن شخص واحد بل أكثر من شخص ، اقتربت من الباب نية الإطلاع على العدد وسرعان ما ظهورا في نهاية الممر وهم يسيرون بخطى سريعة ...

لم أكن مستعدة حقاً لأقابلهم وجهاً لوجه لذا عدت إلى مكان جلوسي السابق ، وقف خمسة من رجال الشرطة أمام الباب ، ليتبين لي بأن أول واحد منهم كان ذلك الأعور ، شعرت ببعض الأمان لكونه سيكون معي على الأقل ، أردف ذلك الأعور بنبرة جادة للغاية :
- سيدة " لورين أمبر " حان وقت استجوابك...
وسرعان ما فتح الباب ليتقدم وبحوزته تلك الأصفاد لأنهض أنا بدوري متقدمتاً له ، واضعاً الأصفاد على رسغي بكل هدوء متجاهلاً إرتجاف يداي الخفيف ...
ذهب في طريقة الخاص وقبل ذلك أمر بتسييري إلى غرفة الإستجواب ... وشعور الأمان ذاك قد اختفى بالفعل

وفي لحظات وجيزه وطأت قدماي أرض تلك الغرفة الكئيبة ... ، بدأت بتأملها لعلني أرى شيء جميلاً ولم أرى إلا تلك الجدران الداكنة القبيحة ، وتلك الأرضية شاحبة اللون...
وخلف تأملي سمعت صوت يقول :
- إن امتنعتِ عن الإجابة السريعة سيتوجب علينا استخدام أساليب أخرى...
"التفت لمعرفة مصدر هذا الصوت الأجش ، ولم يكن إلا شرطي يناهز عمره الستين ، وخلف ملامحة الباردة نظر إلى مكان بعيد في الغرفة واستمر ينظر إلى هناك ، انتقلت بؤبؤتاي تلقائياً لبؤرة ما ينظر إليه ...

قطرات دماء متواجدة على حائط و أرضية الغرفة ، أقشعر جسدي فجأةً ، لتنتقل مقلتاي إلى ذلك الرجل العجوز لمعرفة ما إن كان متفاجئ أم لا ، ... لم يكن كذلك أبداً بل كان ينظر إلى عيني بجدية قاصداً بأن هذا ما ينتظرني إن لم أجب بالشكل الصحيح ....

بعد استجواب طويل جداً أو أقصد خمس ساعات كاملة ، امتثل صداع رأسي بالعمل بعد ذلك ، لم يكن بسبب المدة الطويلة التي مكثتها هنا ولا الخوف بل كان بسبب أسألته اللعينة المعقدة ! ، وإن لم أجب جيداً سيتم سحقي حقاً ... ولم أنجوا للأسف من ذلك السحق كما تظنون فقد أصبت بكسر في ساعدي الأيسر وبعض الكدمات أيضاً ، رغم إجاباتي المقنعة للعقل البشري إلا إنها لم تكن كذلك بالنسبة لهذا الرجل المزاجي ، فالتحل اللعنة عليه كان يهمهم فقط إن لم ترق له إجابتي وفي المحاولة الثانية ينظر إلي نظرة قتل وفي الثالثة يرفع حاجبة قصد أمرهم بضربي فالتحل اللعنة عليه! فالتحل اللعنة!!!

بعد ذلك العذاب النفسي والجسدي أمر ذلك المزاجي اللعين بتقييدي وإدراجي تحت قائمة الإنتظار وقد سأله أحد الضباط عن إمكانية علاجي في هذا الوقت ولم يهتم حقاً فقد لوح بيده غير مبالي بيدي الكسورة حتى ، تم أخذي من قبل أحد الضباط إلى غرفة التمريض ... لمعالجة ما أحدثه ذلك الإستجواب اللعين وفي وقت قصير تم تغليف يدي بجبيرة قاسية كالصخر ...
أخبرني ذلك الضابط فور خروجنا من غرفة التمريض بأنه قد حان وقت عودتي إلى الزنزانة وقد شعرت حقاً بالسعادة العامرة فور سماعي لما قاله ، أعلم بأن هذا شيء غريب ولكن أنا في حاجة للراحة الآن !

دخلت للزنزانة ولم ألقي بتركيزي في أي شيء إلا السرير ... فقد هرولت إلى أحد الأسرة القريبة مني منبطحة عليه كجثة هامدة .. وقد أغلق علي الباب بعد ذلك ....

يتبع .. =)

مِطْرَقَةْ اَلْقَدَرْحيث تعيش القصص. اكتشف الآن