البارت الرابع والعشرون : " كتابات متفرقة.."

8 2 0
                                    


دفتر آخر ... سنة جديدة وهكذا ... وصلت لدفتر كتبت أحداثه بتاريخ ٧ مارس ... شهر المأساة ... أو هذا ما سمته تلك الفتاة ... وكان آخر دفتر لم أقرأه...

" كل شيء كان بخير كل شيء ... ولكن ... لم يكن كذلك بالنسبه لوالدتي ... لم تكن بخير ... تسعل دماً ... تشعر بالإرهاق ... تمرض سريعاً ... وفقدت من وزنها الكثير ... فقدان شهيتها للطعام ... تواجه صعوبة بالتنفس ... قليلاً ما تبتسم ... لم تكن بخير ... "

وأنهت تلك الصفحة بتلك النقاط

" لم يكن مرضها ... كما أعتقدت ... لم يكن شيئاً يسهل التفاؤل معه .. ولم أكن كذلك قط ... تستمر بالكذب وهي تبتسم كأنها بخير ... ووالدي يجاريها بذلك ... اختلست النظر إلى تقرير المستشفى الطبي .. ولم أكن بخير بعدها ... تغيبت عن المدرسة ... ولم أكن أشعر بأنها ستنجو ... ورأيت أبي في تلك الليلة ... لوحدة في المطبخ ... يبكي بحرقة .."

صفحة جديدة ...

" أتى والدي منذ برهة وأخبرني ... بأن أمي قد أصيبت بمرض قاتل ... سرطان الرئة ... تعابيره وهو يقول ذلك ... جعلتني أشعر بفقدان الأمل ... "

صفحة جديدة ...

" أصابني الأرق ... صحتي النفسية في تدهور ... أنني أكتب هذه الجمل وأنا أبكي ... لم يعد يرق لي الطعام ... لا طعم له ... والدتي لم تعد تعود للمنزل ... لازمة سرير المرضى ... أبي كذلك ... أصبح من مدمني الخمور ..."

" لوحدي ... أنا لوحدي الآن .. لم يعد أحد بالمنزل ... صوت الهاتف وهو يرن ويصدر ذلك الصدى بين الجدران ... هدوء قاتل يحيط بي ... مقرف "

بعد شهر من الكتابة السابقة كتبت :

" لم أعد آكل جيداً ... شعيرية بكأس ... البطاطس المقلي ... بالكاد آكل شيءً في يومي ... لم آكل شيء منذ صباح الأمس ... لا أشعر بجوع حقاً ولكن ... هذا لا ينطبق على ما يشعر به جسدي .. شعري بدأ بالتساقط تدريجياً ... لقد بكيت على كثرة تساقطه بالفعل .."

" كل صديقاتي .. عبارة عن إزعاج .. إنني أتجاهل كوني أموت يومياً...
- أأنت بخير؟
- أنا متواجدة؟
- أرجوك فالتبتسمي لا تحزني
وكأنني أستطيع قول ما أشعر به ... قبل فترة قالت لي صديقتي ...
كيف كان يومك اليوم؟ أرجوا بأنه أفضل؟
وأرسلت لها .. نعم كان سيئاً قبل أن أستيقظ واستيقظت وأصبح أسوء ..
وقمت بحظرها بعدها .."

توقفت عن الكتابة...
تقدمت بالصفحات لعلي أعلم ما الذي حصل
ووجدتها كتبت بخط عريض باللون الأحمر

" لقد ماتت بالفعل "

وتوقفت عن الكتابة ولم تكتب التاريخ حتى في الصفحة الأخيرة...
لم تكن كتاباتها مرتبة ... لم تكن متقاربه ...
ولا أعلم كم مر على كتابتها لذلك...
أغلقت الدفتر واستمررت بالتفكير ... ما الذي حصل؟ وهذه الفتاة؟ الأم؟ الأب؟ ... امتلأ عقلي بالأفكار ...

قاطعني صوت رنين جرس المنزل ...
وسمعت ويلسون يردف بصوت شبه عالي :
- قادم قادم!
وبعد دقائق سمعته يغلق الباب ويناديني..
- قادمة!
خرجت من غرفتي وإذا به يرفع الكيس الذي كان يمسكه ويغمز لي :
- لنحتفل بالبيتزا

... أريد سؤاله عن الدفتر ... حقاً أريد أن أعلم ما الذي حصل ...
جلست على طاولة العشاء بصمت حاذق...

- ألديك سؤال عن ما يتواجد في الغرفة؟ ... لم تقومي بسؤال .. أغراض من هذه؟
فوجئت بسؤاله ولم أعقب بشيء ...
- أي سؤال مهما كان هيا...
ألقيت بنظرة لأتأكد
- لا بأس أمبر...
لم أعقب سريعاً..
- لمن كانت ... المذكرات الموجودة في منضدة السرير ؟
- لأبنتي الراحلة..
ولم يكن ينظر إلي ..
أغلقت دائرة الحديث التي لم تبدأ بصمت ...
- كانت تحب فاكهة الفراولة ... أعتقد بأنها كتبت ذلك ... وتحب اقتناء الملصقات الصغيرة ... ألوان جديدة كل سنة أيضاً ... مميزة في شخصيتها ... كوالدتها تماماً ... تحب تجربة أشياء جديدة ... تعشق فصل الشتاء ... كانت دائماً ما تخبرني بأنني مختلف عن الآباء الآخرين ...

" واستمر بالتحدث عنها ..."

وتنهد تنهيدة طويلة وصمت بعد ذلك ... لم تكن تعابير الاستياء تعلو ملامحه ... بل كانت ابتسامة صغيرة تعلو شفتيه ...

خلوت بعد ذلك للنوم ...
من المحزن كون ... نهاية هذه المذكرات السعيدة .. بهذة الطريقة... أو أقصد هذه العائلة

الساعة الآن ٧ صباحاً .... وهنالك زوار في غرفة المعيشة ... ما الذي أتى بهم الآن؟! أنهم مزعجون

اختلست الاستماع لغرفة متواجدة في الرواق....
- ويلسون لقد أخبرتك بالفعل ! فالتدعها
- أنا المسؤول هنا ... سأدعها تذهب معي
- ولكن والدتني لن توافق ستطردها حالاً!
- أخي فالتهدأ .. ويلسون أنت تفهم ماذا أقصد أنها بالفعل تكره ذلك !
- وأنا لم أرى ردت فعلها للآن لذا سأجرب
- ويلسون ستسافر كل هذه المسافه للتجربة فقط؟!
- نعم يستحق التجربة
- ويلسون!
وسمعت صوت خطوات قادم نحو الباب
اجفلت وهربت سريعاً لغرفتي...

وفور اغلاقي لباب غرفتي سمعت ويلسون يقول لهم :
- فالترحلا رجاءً أنا حر بما أفعله
- أقسم بأنني سأخبرها بذلك وستتصل بك وسترى!
وسمعت صوت الباب الخارجي يُفتح ويقفل بقوة...

من هؤلاء؟ ... وما الذي يريدونه؟

قمت بالخروج من غرفتي وكأن شيئاً لم يكن ... ألقى بنظرة علي ... ثم أشاح بناظره عني وأردف :
- سأقوم بإعداد الفطور الآن..


يتبع .. =)

مِطْرَقَةْ اَلْقَدَرْحيث تعيش القصص. اكتشف الآن