[ الحلقة السادسة عشر من رواية عطر الروح].
كانت لحظاتك في انتصاراتك بضع، والباقي إنهزامات قاسية"."
***
نظر جاسر بقلق إلى نوارة التي بكت بِشدة، أقترب منها ليجدها ترتمي في أحضانهُ ضاغطة بِقوة على الورقة بقسوة وعينيها تحرقانها، مسح على ظهرها بحنان يقول:
- كل حاجة بقت كُويسة يا نوارة، مفيش حاجة هترجعلك تاني.
نظرت لهُ قائِلة بألم:
-" بس أنا مش هقدر أنسى".
رسالتها . كانت مختلفة، يعلم بأنها لازالت تكره أيامها الماضيِة التي كانت كلها ذُل ومهانة، فرص ضائعة لم تستطع يومًا أن تنتشلها.
همس بأذنها:" كُل حاجة هتتغير".
**
في الصباح التالي، جاء السيد عبدالغفور بِبَعض صُور لحادثة زينة وأكرم، كان كلاً من جاسر ومؤيد في حيرة.. غمغم مؤيد بتساءُل:
-" ليه الصور دي يا أستاذ عبد الغفور؟".
نظَر بهدُوءِ إلى مؤيد ثُم إلى جاسر .. ووضع ورقة أمامهما، رفعها جاسر عاقدًا حاجبيهِ في دهشة وإستغراب.
-" تقصد بإيه بكل ده؟"
تابع:
-" عزيز يكون هو اللي قتل أكرم؟".
تحدث عبد الغفور بعد برهة من الصمت:
-" ده أحتمال وارد جداً يا جاسر، أولاً عزيز كان فاكر مش هيبقى فيه وصية، بس لما عرف اتكلم بأسلوب وحش معايا، وشوية كلام مفهمتش ليهِ قالوهُ، والورقة دي بتثبت إنهُ مسافرش قبل الحادثة وأن كل اللي عملهُ ده مسرحية علشان يغطي أن الحادثة مقصودة، والصورة التانية بتاعت العربية اللي الكاميرة لقطتها.. محدش يعرفت بتاعت مين علشان النمر مخلوعة ".
نظر مؤيد إلى جاسر بنظرة شفقة، والذي كان صامتًا بدورهُ وذلك ما أقلقهُ، تنهد جاسر بنظرة تحمل الحُزن قائِلاً بـ غصة:
-" يعني في الأخر أخويا ومراتهُ اتقتلوا على أيد ابن عمي!!! ده أكرم كان بيحبهُ، أزاي يعمل كده.. أزاي جالهُ قلب يقتل اللي كرمهُ في بيتهُ وكان بيعملهُ كل حاجة!".
ربتَّ مؤيد على ظهر جاسر قائِلاً:
-" نفوس الناس والجشع والأنانية بتعمل أكتر من كده.. محدش عايز الخير إلا ليهِ".
لم يستطع الصمود أكثر ورحل عن المكان، لينظر إليه مؤيد بشفقةٍ مقدرًا ما يعانيهِ، كان بالماضي يتحدث عن قسوة أكرم معهُ حتى يجعله يستحق المكانة بالرغم من أنهُ كان يحب عزيز ويعاملهُ أفضل منهُ بكثير .. وحين كان يتساءل، ينطق أكرم:
-" أنتَ متعرفش حاجة يا جاسر".
لم يكن يعرف بأنهُ كان حزينا على عزيز لأنهُ يومًا ما سيعرف بأن كل ماحلم أن يمتلكهُ لم يكن ملكهُ من الأساس، وأن أكرم فعل أكثر مما ينبغي.
أنت تقرأ
عِطَر الرُوح✅ {١#سلسلة وصية}
Romanceكيف لفتاة كانت تعيش حياتها بأكملها في حواري شعبية، أن تعيش مع طبقة المخملية! وُضعت بموقف يجعلها تغادر لتعيشّ مع خمسة أطفال، لتكُون لهم أمًا بدلًا من والدتهم المُتوفاة، فهّل ستستطيع التأقلم في ظِل العقبات .. أم ستأتي الرياح بما تشتهي السُفن. عــطــر...