الحلقة التاسعة.

5.6K 241 19
                                    

[ الحلقة التاسعِة]_عطر الروُح

__
"هيهات لتلك السنين التي ضاعت بين حُلم وغفوة".

أصبحت كالتمثال مُحنطة، تنظُر إليه برَهبة، قد أبرَح سيد ضربًا شديدًا حتى سالت الدِماء من أنفهُ ورأسهُ، أستطاع زياد ومُؤيد الذيّ جاء مهرولاً ليحلق سيد من بطش جاسر ..
أستدار جاسر إليها بغلٍ والدم في عروقهُ تجمد، أمسك بذراعيها وجرها جَرًا عنيفًا خلفهُ كأنه الجزار يجُر ذبيحتهُ! كانت تتأمل وتكتم خوفًا منهُ، لم تقصد أن يحدث ذلك، لم تقصد بأن تجعلهُ يقول ذلك!
رماها بالفراشَ ثُم دنا منها قائلاً:
- أفهم إيه يامدام من اللي حصل ده!
تابـع بِـصُـراخ:
- جايبة راجِل غريب في البيت في غيابي!
حاوُلت أن تنطق ولكن لم تستطيع، شعرت بخيبة أمل من نظراتهُ التي تلاحقها، وكأنها شيء مُقرف يشعر بالتقيؤ منهُ، لم تستطع ألا تبكي، أبتعد عنها يحُاول كتم غضبهُ الكاسِر
ليقترب فجأةً منها يحذرها بشراسة:
- بحذرك يا نُوارة لو لقيته او عرفت أنك قابلتهِ .. مش هرحمك!

وكاد أن يخرُج من الغرفة لولا صوتهـا المُنكسر نطق:
- كنت بحبهُ زمان، كنت بحلم أبقى عروسة وأتزَف ليهِ، بس الحلم أضحى سراب والدُنيا دَّوارة وبتغير.
قال ببرود:
- ليه بتقوليلي الكلام ده دلوقتي؟!
- مش لسبب، بس علشان تعرف أن اللي بقت زوجتك عاشت وجع السنين، بحلم بحياة غير اللي عيشتها بين حيطات كلها شقوق وحشرات، آه إحنا فقرا بس أحلامنا بسيطة .. مش يوم وليلة هنتغير.
أغمض عينيهِ يحاول أن يكتم غيظهُ، بماذا يفهم من كلماتها الآن، لا شيءِ سُوى أنها لاتستطيع نسيان ذلك الأحمق!
رأت قبضة يديهِ تعنف البابَ، لتقُول خاتمة تلك المحادثة:
_ أنا نسيتهُ بس وجَع الماضي مابيتنسيش يا جاسر.

نبرة تحمل ألآلم العُمر، أغلق الباب بِعنف خلفهُ جعلها تنتفض في زُعر وريبة منهُ، تخافـهُ، نعم! ولكِنها لاتريد الهرب منهُ، أرتمت بالفراش تبكي لساعاتٍ عديدة لم تحصاها، ولكِن صُوت دق الباب.. جعلها تفتح عينيها في إرهاق لتدلفُ كارمچـومانة  وليان .. التي تنظُر بحُزن وشفقة إلى مظهر نُوارَّة.
جلست كارما بالمقعد المُقابل ل نوارة أما ليان فجاورتها في الفراش، تنهدت كارما كثيرًا لاتعلم كيف تبدأ حديثها وعن اي حديث ستنطُق!
قالت نُوّارة بعد أن مسحت دِموعها في ألم:
_ تعرفوا أنكم في نعمة!، زمان لما كنت صغيرة وأشوف حاجة وأتمسك بيها، أبويا كان يسكت ويبُصلي ويقول: بصي على اللي في أيدك مش في أيد غيرك. .. بس أنا معرفتش، سيد ده كنت بحبهُ وكنت بدعي رينا أنهُ يجمعنا بيت واحد، ونزلت أشتغل بعد موت أبويا علشان جهازي يكمل ونتجُوز، بس لأ، الناس كلامها سّم، اللي يقوُل أيه اللي يرجعها لنصاص الليالي لو مش وراها حاجة لأسمح الله مثلاً .. واللي يقول لتكون بتشتغل في شغل مش ولا بُد.. بس هُما كلفوا نفسهم يسألوني! يسألوني ليه بشتغل في مطعم بيعملوني كأني مش منهم ولازيهم، مرتب أقل منهم، ومعاملة وحشة بس لأني مش شبهم .. تعرفي ( وجهت حديثها إلى كارما وصوت النحيب يكاد يطغى على نبرتها): أنا كنت بنام من غير أكل علشان أوفر لنفسي وأمني نفسي وأقول بكرة تتهني يا نُوَّارة وتنسي الشقا كُله معاهَ .. بس هو كمان راح .. موقفش جمبي، ولاحماني، ولاحتى رضاني بكلمة .. خطب علطُول بنت تانية، وأنا ..

عِطَر الرُوح✅ {١#سلسلة وصية}حيث تعيش القصص. اكتشف الآن