" المشهد ٢٨.."
" عودة.."
مساء يوم جديد..
وقفت تختار له قميص يليق به.. فوقف خلفها يتطلع إليها بابتسامة عيناه الجذابة.. شعرت به فابتسمت وأخذت قميص أبيض والتفتت إليه قائلة :
-ده هيبقى حلو عليك
آسرها بوضع يديه على الخزانة وهمس بجدية :
-ما تشوفي واحد تاني
رفعت عينيها إليه ببطء وقالت بابتسامة خجولة :
-هتتأخر
-طالما معاكِ يبقى أجمل وأفضل تأخير حصل في حياتي
نظرت إلى كلا يديه التي تحاصرها.. فاقترب منها وهم أن يأخذ قبلة يروي بها قلبة لكنها أسرعت برفع القميص كي يحجز بينهما وقالت بهدوء :
-اللبس وانا هستنى بره
أحاط خصرها بذراعه وأخذ القميص من يدها قائلاً بجدية :
-ولا القميص ولا ايه حاجة في الدنيا تقدر تمنعني عنك..
لم ينتظر ردها واختطف قبلة عميقه لتجد نفسها تبادله.. ابتعد عنها بعد لحظات وهمس بالقرب من آذنها :
-تعالي كل يوم اختاري لبسي
اتسعت ابتسامتها الخجولة فتراجع خطوة للخلف وأعطى لها القميص لتأخذه.. فالتفت إليها كي تساعده في ارتداءه ووقفت أمامه وبدأت تغلق ازراره.. وضع كفيه على خصرها وطبع قبلة على جانب رأسها فرفعت عينيها إليه للحظة لتعود بالنظر إلى ما تفعله.. عقب انتهائها مسحت على القميص من عند الصدر ثم أخذت معطف يليق به.. في حين وضع الأخير القميص داخل سرواله وخرج وهو يغلق ازرار معصمي يديه ووقف أمام المرآة يمشط شعره..
وقفت خلفه وساعدته في ارتداء المعطف ثم احتضنته من الخلف قائلة :
-خد بالك من نفسك ومتتأخرش هستناك نتعشى مع بعض
التفت إليها ليطبع قبلة طويلة على جبينها ثم قبلها على أنفها برقه وقال بحسم :
-العرض اللي بعده لازم تيجي معايا
وضعت كفيها على كتفيه وقالت بتأكيد :
-أكيد بإذن الله.. ومبروك نجاح العرض مقدمًا
-الله يبارك لي فيكٍ يا روحي
ثم طبع عدة قبلات على وجنتها بالقرب من شفتيها ثم اختطفهما في قبلة طويلة استمرت للحظات ليست قليلة.. بعد دقائق استعد للذهاب وهبطا إلى الطابق السفلي ماسكًا بكفها.. نظرت رنا إليهما فتساءلت بفضول :
-أنتوا رايحين فين؟!
-انا اللي خارج.. مش عايزة حاجة؟
-سلامتك يا حبيبي
أومأ بخفة ثم ودع كلًا من آسيا وأشرقت ثم اتجه صوب الباب برفقة ندى.. انتبهت إلى شعر أشرقت المبلل فقالت :
-أشرقت حبيبتي ليه سايبه شعرك كده؟
-ندى قالتلي هتسرحه بعد ما بابي يمشي
أومأت بتفهم وبعد لحظات دخلت ندى مغلقة الباب خلفها وتقدمت نحو المقعد المجاور للأريكة لتجلس عليه فقالت رنا بحنق :
-ندى شعر أشرقت لازم يتسرح بعد الاستحمام على طول
بينما جلست أشرقت بين قدمي ندى بعد أن أعطت لها أدوات تمشيط الشعر.. فبدأت تمشط لها شعرها قائلة :
-أنشغلت مع رحيم بس مش اكتر
-مش هياخد من وقتك كتير.. وبعدين شعرها أكرت يعني محتاج اهتمام
رمقتها بنظرة غضب طويلة وقالت من بين أسنانها :
-على فكرة اسمه شعر مجعد.. وبعدين شعر أشرقت جميل جدًا
-قولي الحقيقة يا ندى.. يومين وهبقى أخدها معايا الكوافير اعملها بروتين
اتسعت عينيها في دهشة في حين نظرت أشرقت إلى عمتها وقالت بحنق :
-زي اللي مامي عملاه لشعرها.. اصل مامي كارته برضه
-بنت أنتِ قليلة الادب
قالت رنا كلماتها بحده بالغة وهمت أن تقوم بضربها لكن منعتها ندى بالقبض على معصمها قائلة :
-أشرقت ما تقصدش حاجة
-لاء تقصد وعيب أوي اللي قالته على مامتها.. ولا أنتِ بقى اللى كرهتيها في امها
-أبدًا انا عمري ما جبت سيرة مامتهم
اندفعت الصغيرة بحنق طفولي :
-لاء ندى مش قالتلي حاجة.. انا بقول الحقيقة
-شايفة البنت بتبجح فيا ازاي.. طبعًا ماهي تربية بيبي سيتر
جحظت عيني ندى في دهشة.. فكلماتها لطخت وجهها بالإهانة التي تحملتها لعدم حدوث مشاجرة بينهم أمام الأطفال.. في حين نظرت أشرقت إلى ندى بحزن ويبدو بأنها فهمت كلمات عمتها الجارحة جيدًا.. لهذا احتضنت ندى بشدة فبادلتها بالعناق..
بعد أن قذفت كلماتها بكل وقاحة نهضت عن الاريكة وصعدت إلى الطابق العلوي.. طبعت قبلة على جانب رأسها ثم بدأت في تمشيط شعرها ورفعته كهيئة ذيل حصان وقالت بهدوء :
-يلا أطلعي خلصي الواجب والمذاكرة
قبلتها أشرقت على وجنتها وودعت اختها بقبلة مثلها ثم صعدت إلى الطابق العلوي.. استندت بوجنتها على قبضة يدها تطلع إلى الفراغ في حزن وكلمات رنا تتردد في ذهنها كعدة رصاصات تخترق بدنها.. صدح صوت الهاتف بصوت رسالة عبر تطبيق " واتس اب.." فأخرجته من جيب سروالها وفحصت الرسالة لترى صورة رحيم.. قام بالتقاطها بنفسه كي يرسلها إليها..
ابتسمت وأرسلت له رسالة تتغزل به فأرسل لها " قلب أحمر.." احتضنت الهاتف تطلع إلى الأمام لتجد نفسها تسامح كل من يجرحها طالما هي كسبت عشق ذلك الرجل لها.. تتحمل كل شيء حتى الآهات الداخلية التي تؤلمها من أجل رجل جعلها تعشق نفسها لكونه يعشقها..
فاقت من شرودها عندما وقفت آسيا أمامها فابتسمت إليها ومسحت على شعرها الناعم برفق.. ثم حملتها وصعدت إلى الطابق العلوي من ثم دلفت إلى غرفة ريان كي تطمئن عليه.. تركت طفلتها تعبث بسيارة ريان الصغيرة وجلست إلى جوار ريان متسائلة :
-يا ترى رحيم الصغير بيلعب من امتى
أوقف اللعب ونظر إليها نظرة ثقيلة قائلًا :
-من ست سنين
تأملته في دهشة لكن سرعان ما ابتسمت وقبضت على وجنته بخفة قائلة :
-مش قصدي من كام سنه أقصد دلوقت
ابتسم أخيرًا فتعجبت من تلك الابتسامة التي لم تظهر إلا في المناسبات بينما هو تحدث بهدوء :
-من ربع ساعة.. بعد ما خلصت مذاكرة
-طيب هو أنا ممكن أتدخل في حياتك الشخصية شوية..
قطب جبينه ناظرًا إليها في تعجب ثم أومأ بالموافقة فعقدت قدميها تتنهد بعمق وتساءلت بالهمس :
-مش بتحب المدرسة ليه؟!
أخذ يهمهم وهو يفكر ثم أجاب بجدية :
-مش بحب أرد على السؤال ده.. وطالما السؤال ده له علاقة بحياتي الشخصية يبقى ياريت ماندخلش في حياتي الشخصية تاني أبدًا
لم تتعجب من كلماته وطريقة حديثه لكونها اعتادت على هذا.. لكنها شعرت بأن ثمة شيء غريب فتساءلت في توجس :
-أنا زعلتك في حاجة؟
رفع عيناه إليها يتأملها للحظات ثم رد عليها بسؤال :
-أنتِ ممكن تبطلي تحبيني؟
-لاء طبعًا.. مين قالك كده؟
أطرق راسه بحزن واضح قائلًا :
-عمتو.. قالتلي انك بتحبي آسيا اكتر مني وقالتلي روح أقعد مع ماما عشان بتحبك..
رفع رأسه إليها ثانية متابعًا بنبرة بكاء :
-أنا بحب بابي ومش عايز أروح لماما
حركت رأسها في كلا الاتجاهين بأسف.. والآن علمت لِمَ هو متقلب المزاج في تلك الفترة وليس بغير عادته.. اقتربت منه أكثر وضمته إليها بحنان وقبلته على راسه ثم قالت كي تطمئن قلبه :
-أنا بحبك جدًا ومستحيل أكرهك.. ومتقلقش أنت هتفضل مع بابا على طول
بعد مدة من الزمن..
وضعت طفلتها داخل الفراش الخاص بها بعد أن تأكدت بأنها غطت في نوم عميق.. ثم خرجت إلى الشرفة الملحقة بالغرفة تستنشق بعض نسمات الهواء الباردة.. بعد وقت ليس بقليل مسحت على ذراعيها لكونها شعرت بالبرد.. بينما وقف رحيم خلفها وفاجئها باحتضانها من الخلف.. لتخرج شهقة من بين شفتيها ثم ابتسمت..
قبلها برقه شديدة على وجنتها وهمس بنبرة حب ثقيلة :
-بحبك.. وأنا هناك وروحي وعقلي معاكِ هنا
وضعت يديها على يديه التي تحيط خصرها وقالت بنبرة اشتياق واضحة :
-وأنت وحشتني أوي
دفن أنفه بين خصل شعرها يستنشق عطرها الأنثوي مغمض العينين كي يشعر وكأنه في عالم آخر وهمس ببحة صوته الرجولية :
-سبحان من جعلك جميلة ناعمة خاصة بي أنا
-فخورة بنفسي لأنني ملكك
أدارها إليه وطبع قبلة طويلة حانية على جبينها فأغمضت عينيها وتنهدت بعمق قائلة بكلمات تخرج من بين أوردة قلبها :
-بدعي دايمًا ربنا يخليك ليا وتفضل جنبي دايمًا.. لأني بعشق صوتك وادمنت وجودك.. وكل ما بشوفك بنسى كل حزني
احتضن وجنتيها براحتي يديه رافعًا رأسها إليه قليلًا يتفرس ملامحها بنظرات من العشق قائلًا :
-عندما استمع إلى كلمة بحبك من بين شفتاكِ أشعر بدوران السعادة.. بل وقلبي ينبض بنبضات مريبة كأنه يود أن يخرج من بين ضلوعي كي يحتضنك بنفسه..
اقترب منها منحني برأسه قليلًا ليطبق شفتيه على شفتيها لم يكتفي بتلك القبلة السطحية بل تعمق أكثر عندما بادلته.. رفعت يدها وضعتها على لحيته بينما هو ابتعد عنها قليلًا متسائلًا :
-مالك؟
-عيبه في حقك لما تسألني السؤال ده وأنا معاك.. وابقى أنانيه جدًا لو قولت ان فيه حاجة مزعلاني وأنا معاك
أومأ بتفهم بعد أن ابتسمت عيناه ثم احتضنها بشدة مرتكزًا بذقنه على شعرها.. أحاطت خصره بذراعيها دافنه وجهها في صدره.. مكتفيه بذلك العناق القوي تاركة العالم للجميع
صباح يوم الجمعة..
عند موعد الصلاة ذهب رحيم برفقة ابنه إلى المسجد.. بينما ساعدت ندى أشرقت في ارتداء ثياب خاصة بالنادي.. لقضاء يوم العطلة في النادي كعادتهم.. أما رنا فدلفت إلى المطبخ وأخذت كوب وضعت داخله القليل من العصير المانجا.. ثم خرجت لترى ندى تهبط الدرج برفقة البنات فتساءلت بفضول :
-رايحين فين؟
كادت أن تجيب عليها لكن سبقتها أشرقت التي تهبط الدرج بمرح :
-رايحين النادي
ابتسمت الأخيرة وأكملت حديث أشرقت :
-يوم الجمعة بنروح النادي نقضي اليوم هناك.. حضرتك تحبي تيجي معانا
-لاء شكرًا
ثم تركتهم وجلست على الاريكة فانتظرت الأخيرة لدقائق حتى صدح صوت الهاتف معلنًا عن اتصال من رحيم.. أجابت عليه وهي تتجه نحو الباب وعند خروجها رأته في انتظارها داخل السيارة.. فابتسم هامسًا :
-بحبك
اتسعت ابتسامتها ثم أنهت المكالمة ووضعت طفلتها على المقعد المخصص للأطفال في المقعد الخلفي إلى جوار أخواتها.. ثم جلست هي على المقعد الأمامي وقالت :
-أدخل أعزم على رنا تيجي معانا
نظر إليها للحظات يتنهد بنفاذ صبر لكونه يعلم المشاكل التي تخلقها شقيقته مع ندى وأولاده.. ومع ذلك ترجل ودلف إلى الداخل كي يعزم عليها بالذهاب معهما إلى النادي لكنها رفضت فقال باهتمام :
-طيب تحبي أطلب لك غدا ايه
-لاء لاء مابحبش اكل بره.. أنا هعمل اكل
اتجه نحو الباب متسائلًا في تعجب :
-من امتى وأنتِ مابتحبيش اكل بره
-من فترة صغيره
قام بفتح الباب وخرج بعد أن ودعها ثم استقل السيارة وغادر إلى وجهته..
عند وصوله صف السيارة داخل الجراج الخاص بالسيارات.. من ثم دلفوا جميعًا إلى الداخل وجلسوا حول المائدة.. جاء النادل فطلب الأطفال الطعام المفضل وهم رحيم أن يطلب الطعام استأذنت منه أن تطلب هي.. فابتسم مشيرًا لها أن تطلب الطعام المفضل لديهم..
ثم أجلست طفلتها على المقعد المخصص للأطفال.. ثم استأذنت للذهاب إلى المرحاض طالبة أشرقت أن تأتي معها لكنها لا تريد فذهبت هي.. انتظرت أشرقت للحظات ثم رفعت عينيها إلى والدها بحزن قائلة :
-بابي هو ليه آسيا وريان شعرهم حلو؟
نظر ريان إلى شقيقته باهتمام بينما حملق رحيم بها في دهشة متسائلًا :
-ليه السؤال الغريب ده؟!
-أصل عمتو قالتلي ان شعري أكرت يعني وحش
مسك بيدها الصغيرة وتحدث بهدوء على عكس الفوضى التي داخله :
-شعرك جميل وطويل يا حبيبي.. ماتسمعيش كلام عمتو
-حاضر.. بس هي كمان بتزعل ندى كتير وقالت عليا اني تربية بيبي سيتر
انتبه إلى ندى التي تقترب منهما فقال ومازال مثبتًا نظرة عليها :
-لما نروح نتكلم في الموضوع ده.. احنا جايين هنا علشان تنبسطوا
أومأت بالموافقة بينما جلست ندى على المقعد الخاص بها.. وبعد دقائق ليست قليلة جاء النادل ليضع أمامهم أطباق الطعام.. عقب انتهاء الطعام ركضت أشرقت للعب في حين حاول رحيم مع ابنه أن يذهب مع شقيقته لكنه رفض واكتفى بالجلوس أمام حمام السباحة..
-أنا نفسي أفهم ريان
قالت كلماتها في حيرة واضحة فقال مبتسمًا :
-غامض زي أبوه
لتنظر إليه مبتسمة قائلة :
-ودي حاجة بحبها فيك.. شخصيتك وغموضك
رفع كفها إلى حيث شفتيه كي يطبع على راحتها قبلة رقيقة.. ثم وضع كفيها بين يديه وتساءل في حيرة :
-ليه لما حد يزعلك مش بتقولي لي؟!
-مش لما يبقى حد يزعلني
-وحياة رحيم ما فيه حد بيزعلك؟!
تساءل بمكر فتأملت عيناه للحظات من الصمت تفكر في إجابة مقنعة حتى وجدتها وقالت بجدية :
-وأنا اشغل تفكيرك ليه؟.. يعني أقصد الموضوع مش مستاهل إني أقولك وازعلك
قطب جبينه يتطلع إليها بتذمر واضح وقال بجدية :
-لازم تحكيلي على كل حاجة يا ندى.. لازم يا روحي تفضفي معايا ماتشليش حزنك لوحدك ابدًا
وضعت يدها على يده الممسكة بيدها الأخرى وقالت مبتسمة بنبرة جادة :
-متقلقش أنا أول ما بشوفك بفرح.. وكأني لم أحزن يومًا ما
رفع حاجبيه قائلًا بمداعبه :
-يا جمال الفصحى من بين شفتاكِ..
ثم طبع عدة قبلات على ظهر يدها الممسكة بيده ثم رفع عيناه إليها قائلا بحسم :
-لكن برضو ضروري لو حصل اي حاجة تقولي عليها
-حاضر
بعد قضاء اليوم في النادي ذهب إلى " هايبر" ودلف الجميع إلى الداخل لشراء بعض طلبات المنزل.. طلبت أشرقت أن تذهب إلى قسم الألعاب فقالت ندى وهي تضع بعض الأغراض داخل العربة :
-رحيم خدهم وروح لحد ما اخلص
-ماشي.. يلا اتفضلوا قدامي
مسكت بيد شقيقها وتحركا أمام والدهم الذي يحمل طفلته.. بينما بدأت ندى تضع كل شيء تحتاج إليه داخل العربة.. بعد لحظات جاء شاب يبدو عليه في بداية الثلاثينات ووقف أمامها يتطلع إليها بابتسامة باردة قائلًا :
-أزيك يا ندى؟
نظرت إليه بلهفة لكن سرعان ما تحولت نظراتها إلى الدهشة متسائلة :
-تميم؟.. أنت رجعت أمتى؟
-من أسبوع وللأسف لقيت بيت عمي بقى ملجأ
- انا عملته ملجأ لأولاد يتيمه واهي حاجة على روح باب الله يرحمة
ابتسم ساخرًا وقال بذات السخرية :
-طبعًا لازم تقولي كده.. ما هو علشان روحه كانت نتنة
ندى بحنق شديد :
-لو سمحت يا تميم مفيش داعي للكلام ده دلوقت
-ماشي يا بنت عمي.. بس أنا بقى ليا حق في بيت عمي ومصنع الازاز كمان
-حق؟!.. حق إيه؟!
تساءلت في دهشة عالية فابتسم بخفة وأخرج ورقة من جيب سرواله مد يده بها إليها قائلًا :
-كتبتلك رقمي هنا.. على فكرة أنا براقبك من يوم ما جيت ودي كانت الفرصة الوحيدة اللي اقدر أكلمك فيها
هبطت بمقلتيها إلى الورقة للحظات ثم أخذتها بعنف وضعتها داخل حقيبة يدها.. فأعطى لها التحية بيده وقال بابتسامة باردة :
-في انتظار مكالمتك
ثم تركها وغادر.. فالتفتت لتنظر إليه عاقده بين حاجبيها بحنق شديد.. ثم مسحت على شعرها من الأمام للخلف وأكملت رحلة التسوق.. لكن بالها منشغل بحديث ابن عمها لدرجة كبيرة.. عقب انتهائها تقابلت مع رحيم وبعد أن دفع حساب المشتريات خرجوا واستقلوا السيارة معًا..
التفتت برأسها إلى الأطفال لترى ريان نعس على كتف شقيقته التي تعبث بالهاتف الخاص بها المخصص بالألعاب.. ثم نظرت إلى الأمام في صمت.. ولقائها مع ابن عمها خاطفًا عقلها بالكامل.. كأنه عاد إلى الوطن من أجل أن يقلب حياتها فقط..
عند وصوله دخل من البوابة الرئيسية وصف السيارة أمام باب المنزل.. ثم نظر إلى حبيبته الشاردة قاطبًا جبينه متسائلًا باهتمام :
-مالك يا حبيبي؟!
فاقت من شرودها لتدير رأسها ناحيته مبتسمة حتى لا يشعر بشيء وقالت بصوت منخفض :
-بخير.. لكن عندي صداع خفيف كده
قبلها على رأسها بحنان وقال بهدوء :
-سلامتك يا حبيبي
ثم ترجل من السيارة وفتح الباب الخلفي ليحمل ريان على ذراعه ودلف إلى الداخل.. بينما وقفت الاخيرة امام الباب ومدت يدها إلى أشرقت قائلة :
-ممكن التلفون وكفاية كده علشان عيونا الحلوين دول
رمقتها بنظرة طويلة وأعطت لها الهاتف ويبدو عليها التذمر الطفولي.. أغلقت الهاتف لتضعه داخل حقيبة يدها ثم ساعدتها على النزول من السيارة وقبلتها على وجنتها بحنان وقالت :
-تصبحي على خير
قبلتها الأخيرة على وجنتها وقالت مبتسمة :
-وأنتِ بخير
ثم ركضت إلى الداخل فأغلقت باب السيارة واتجهت صوب الباب الثاني.. فتحت إياه وحملت طفلتها النائمة برفق لكن خرج رحيم وأخذها من بين يديها فوضعت ندى الغطاء على رأسها قبل ان يدخل.. ثم حملت حقائب المشتريات من حقيبة السيارة وأغلقت إياها قبل أن تدخل..
لحقت به لكنها اتجهت صوب المطبخ وعند دخولها.. وقفت تنظر حولها في دهشة لكونها ترى شيء من الفوضى.. الكثير من الأطباق الغير نظيفة وايضًا الأكواب وباب الثلاجة مفتوح والكثير من المياه على الأرض.. وضعت الحقائب أعلى المنضدة واستمعت إلى صوت ضحكات عالية في الخارج.. فأسرعت بالوقوف أمام الباب لترى رنا برفقة بعض أصدقائها توصلهم إلى الباب وتودعهم..
هبط رحيم الدرج ينظر إليهما في دهشة ثم اتجه نحو ندى الغير منتبه له بالمرة.. وقف إلى جوارها وهم أن يتحدث لكن أغلقت رنا الباب متسائلة :
-ليه التأخير ده كله؟
تلاشى سؤالها كأنه لم يستمع إليها وتساءل بحنق :
-أنا سمحتلك تجيبي حد هنا؟!
وقفت أمامه وقالت ببساطة :
-لاء.. هو مش بيتك يبقى بيتي ولا إيه؟
-ده مش بيتي ولا بيتك ده بيت ندى
جحظت عينيها في دهشة بينما التفتت ندى إليه بلهفة قائلة :
-رحيم ماتقولش كده.. وخلاص بلاش نتكلم بليل
-لاء لحظة.. يعني ايه بيت ندى؟
-يعني الفيلا دي كتبتها باسم ندى
أجاب بثقة عالية مثبتًا عيناه الحاده إليها في حين زمت ندى شفتيها بحزن لكونها كانت لا تود أن يعلم أحد.. حدقت رنا إليه في صدمة كبيرة وكأن اعتراف شقيقها كصخرة كبيرة سقطت فوق رأسها.. تركهم ودلف إلى المطبخ من أجل الحصول على الماء.. لكنه اندهش عندما رأى المكان بشع..
-رنا
نداها بصوت عال اهتز الحائط من قوته.. دخلت على الفور ولحقت ندى بها لتقف خلف زوجها والذي يحقق مع شقيقته عن ما تسبب في تلك الفوضى.. قالت بحده عالية :
-انا عملت غدا وعزمت أصحابي يتغدوا معايا وكمان عملت لهم عصير وقدمت لهم الجاتو والشوكولاتات اللي كانت في التلاجة
-من الذوق والأدب تستأذني من صاحبة البيت الأول.. لكن ماشي هعديها..
ثم أشار حوله متسائلاً بعنف :
-ليه مانضفتيش المطبخ بعد ما خلصتِ؟!
عقدت ذراعيها أمام صدرها تطلع إلى ندى بغل واضح رافعة أحد حاجبيها بوقاحة قائلة :
-وأنضف ليه؟!.. انا مش صاحبة البيت.. صاحبة البيت اللي تنضف
نجحت في أن تستفز شقيقها أيضًا ليندفع في وجهها بحده بالغة جعلت من بدنها ينتفض رعبًا :
-المكان لو ماتنضفش قبل ما تنامي يبقى ملكيش مكان هنا
جحظت عينيها وتراجعت خطوة للخلف في حين وقفت ندى إلى جواره ممسكة بيده قائلة :
-رحيم أرجوك بلاش عصبـ..
قطع حبل كلماتها بحده أكثر :
-أطلعي فوق يا ندى..
ثم قبض على معصم شقيقته التي أوصلته لتلك المرحلة واندفع بأمر :
-حالا تنفذي اللي بقولك عليه
حاولت سحب مرفقها من قبضته القوية لكنها فشلت وهي تقول بتذمر :
-شكلك كده نسيت إني أختك الكبيرة ولازم تحترمني
-ما تبطلوا بقى تعلقوا اخطائكم على شماعة أنا الكبير وأنا الكبيرة.. الكبير لما يخطأ لازم يتعلم
ابتلعت ندى لعابها وقالت محاولة تهدئته :
-خلاص يا رحيم الولاد نايمين
أدار رأسه ناحيتها يتطلع إليها بعنف قائلًا :
-قولتلك اطلعي فوق
أومأت بالنفي عدة مرات فقبض على معصمها متجهًا بها إلى الباب وأخرجها ثم أغلق الباب وأوصده جيدًا.. ثم عاد إلى شقيقته وقف في مواجهتها فقالت بحده :
-مش معقول تيجي على أختك علشان مراتك
-لو مراتي بتعاملك نفس المعاملة دي هعمل معاها نفس اللي بعمله واكتر.. وأنتِ لازم تحترمي صاحبة البيت زي ما هي بتحترمك
جزت أسنانها واخذت تحك جبينها بعنف.. بينما هو اتجه إلى الثلاجة وأخذ قارورة مياه وعاد إلى الباب يرميها بنظرات حادة متوعدة.. انتبهت لتلك النظرات لكن سرعان ما أشاحت بوجهها بعيدًا..
فتح الباب فانتفض بدن التي مازالت واقفة.. نظر إليها بوجه محتقن ثم اتجه صوب الدرج ماسكًا بكفها لكنها توقفت قائلة :
-أنا هستنى شوية أحط الخضار والفاكهة في التلاجة
التفت برأسه إليها قاطبًا جبينه فهو يعلم بأنها تود أن تعتذر من رنا عن ما بدر منه لكنه لن يسمح لها بذلك وتحدث بأمر :
-بكرا اعملي اللي أنتِ عايزاه
ثم تابع السير فسارت معه مضطرة وهي تشعر بالحزن الشديد بفضل المشاجرة التي حدثت بينه وبين شقيقته.. دلفا إلى الغرفة معًا ووقف يتناول بعض الماء ثم ترك القارورة أعلى المنضدة الصغيرة المجاورة للفراش.. ودخل غرفة الثياب ليأخذ ما يحتاج إليه من ثم خرج ليدخل المرحاض كي يأخذ حمامًا دافئًا..
جلست ندى على حافة الفراش تمسح على شعر طفلتها النائمة برفق.. وجدت نفسها تتذكر ابن عمها فأخرجت الورقة من حقيبة يدها تتأمل رقم الهاتف الخاص به.. ثم مطت شفتيها بحزن ورفعت مقلتيها للأعلى تنادي ربها
** يتبع
رايكم يهمني جدااااا ❤️❤️❤️😽🎀..
وطبعا اللي مش هيقول رأيه هغزة 🔪🔪😹😈😈☠️🔪🔪🔪😈😹..
دومتم بخير ❤️❤️..