الميتا سرد وحدود الواقع والخيال

18 4 2
                                    

أكيد عدى على كل واحد فينا وقت فكر إنه ممكن يكون شخصية متخيلة وحياته كلها خيال بيكتبه شخص موجود في بعد آخر من الواقع، وإن الواقع بتاعنا ده مش واقع أصلاً وإنما جزء من قصة الناس اللي في الواقع الحقيقي قاعدين يقرأوها أو يتفرجوا عليها.

فكرة زي دي وغيرها من الأفكار اللي بتعمل على كسر الحاجز بين الواقع والخيال كانت من أهم مميزات حركة ما بعد الحداثة Postmodernism في الفكر والفن والأدب خاصًة. النهاردة مش هنتكلم عن ما بعد الحداثة ولكن هنتكلم عن الفكرة دي تحديدًا أو ما يسمى بال Metafiction.

ال Metafiction (الميتا سرد أو السرد الما ورائي) هو نوع من السرد قائم على إدراك السرد لطبيعته السردية. يعني إيه؟ يعني بتبقى قصة كل حاجة فيها بتلفت انتباه القارىء إنها قصة. ممكن حد يقول إيه العبط ده طيب ما القارىء عارف أن أي قصة بيقرأها مش حقيقة. كلام مظبوط بس الموضوع مش بالبساطة دي..

المفروض إن أي قصة في الدنيا بتبقى قائمة على فكرة ال make-believe أو التظاهر بالواقعية. ودي ملهاش علاقة بطبيعة القصة نفسها سواء كانت بتصور عالم واقعي أو عالم أسطوري مثلاً، لأن القصة في الحالتين بتحاول تقنع القارىء بوجود عالمها علشان يندمج معاها ويتأثر بيها. يعني القصة بتحاول تحبس القارىء في حدود العالم بتاعها طول فترة القراءة وتفصله عن الواقع علشان تخلق تجربة مؤثرة على العقل والمشاعر. وأول ما القصة بتخلص، القارىء بيخرج من حالة الmake-believe دي وبيدرك حدود العالم المتخيل وبيفصله تمامًا عن عالمه الواقعي.

اللي بيحصل في ال metafiction بقى أن القصة بتكسر الحاجز الرابع (لو تخيلنا إن القصة المعتادة بتحبس القارىء في عالم محاط بأربع حيطان) وبتخلي القارىء على وعي دائم بأن اللي بيقرأه ده عالم متخيل. ومش بس كده، دي كمان بتشركه في عملية السرد نفسها وبتحول دوره من قارىء سلبي لقارىء إيجابي. في القصص الmetafictional بنلاقي مثلاً أن الشخصيات مدركة إنها مجرد شخصيات في قصة وتلاقيهم بيجادلوا مع الكاتب دورهم في السرد، أو هنلاقيهم مدركين لوجود القارىء وبيكلموه بشكل مباشر وممكن يشتكوله من الكاتب كمان، أو هنلاقي أن الكاتب بيعقب على الأحداث وبيتدخل فيها، أو هنلاقي قصة جوه قصة.

 في القصص الmetafictional بنلاقي مثلاً أن الشخصيات مدركة إنها مجرد شخصيات في قصة وتلاقيهم بيجادلوا مع الكاتب دورهم في السرد، أو هنلاقيهم مدركين لوجود القارىء وبيكلموه بشكل مباشر وممكن يشتكوله من الكاتب كمان، أو هنلاقي أن الكاتب بيعقب على الأحداث و...

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

الشىء المشترك في كل الأساليب دي أنها بتمنع القارىء من الاندماج في عالم القصة المتخيل والتصديق ولو لوهلة إنه عالم حقيقي وده بيخليه يفكر بشكل دائم في علاقة السرد المعقدة بالواقع وإن العالم المتخيل متداخل مع العالم الواقعي بشكل يستحيل الفصل بينهم وده بالظبط الغرض من ال metafiction.. الهدف هو تغيير العلاقة المعتادة بين الخيال والواقع. المفروض إن الواقع بيحتوي الخيال وبالتالي بيحتل درجة أعلى من الوعي والاهتمام. في ال metafiction بقى الواقع والخيال على درجة واحدة من الإدراك والاتنين بيستخدموا نفس الأساليب وبيتداخلوا وبيدخلوا في علاقة جدلية، وده كان من أهم سمات ما بعد الحداثة: تغيير نظرتنا للواقع على إنه شيء ثابت غير متغير ومحاولة التعامل معاه على إنه بناء أو سرد متغير، زيه زي أي حدوتة.

الأزمة الوجودية في الفترة المسائيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن