هويل و احلامنا الاصطناعية

25 4 1
                                    

المقال ده ممتع جدًا.. هو طويل بس أسلوب الكاتب -باحث في علم الأعصاب - شيق وعرضه لفكرته بسيط وبينتقل بين المواضيع بسلاسة.

 باختصار، الفكرة اللي بيعرضها هويل هي أسباب استهلاكنا المتزايد للأحلام الصناعية (الميديا) وعلاقة ده بضرورة الفصل بين الفن والتسلية.

https://thebaffler.com/salvos/enter-the-supersensorium-hoel

*اللي حابب يقرأ المقال بنفسه مايكملش قراءة*


 الجميل أن إريك هويل مش بيبدأ المقال على طول بالتفرقة بين التسلية والفن وإنما بيشرح أسباب انجذابنا كجنس بشري لاستهلاك الخيال والقصص، ودي حاجة ماظهرتش مع تطورنا الحضاري ولا حاجة وإنما موجودة منذ ظهورنا على الأرض في صورة الأحلام.

وهنا هويل بيحدف على أنطولوجية الأحلام شوية وبيقول إن من ناحية علمية عصبية الفرق بين واقعنا وأحلامنا مش كبير للدرجة دي لأن نشاط المخ واحنا بنحلم بيبقى نفس نشاط مخنا واحنا صاحيين، الفرق بس أننا واحنا نايمين حواسنا بتبقى مفصول عنها الفيشة..


فبالنسبة لمخنا الواقع ده هو حلم\خيال آخر بس مرتبط بحواسنا فبنقدر نعيش فيه بصورة أكبر.

 المهم هويل بيرجع يقول إن ده برضه مابيفسرش ليه بنحلم، أو ليه مخنا محتاج ينخرط في الخيال ده حتى والحواس نايمة..

وبيكلمنا عن تجربة الفئران اتحرمت فيها من الدخول لمرحلة الـ REM في النوم (ودي اللي بنحلم فيها) لفترة طويلة والنتيجة كانت أن الفئران هزلت وضعفت وفي النهاية ماتت.. بس علشان ماكنتش بتحلم!

ومن هنا هويل بيستنتج أن احتياجنا للحلم مش مجرد احتياج ثانوي أو نفسي (بينشط الذاكرة وبينظم المشاعر والكلام ده) وإنما احتياج فسيولوجي صميم مرتبط باستمراريتنا. هويل بيقول إن الهدف الأساسي من إنتاجنا واستهلاكنا للأحلام هو تجنب الـ overfitting اللي بدوره ممكن يؤدي لفنائنا.والـ overfitting هي ظاهرة هويل مستلفها من علم البرمجة وبتحصل لما بنصمم نموذج والنموذج ده بيتقبل البيانات والمدخلات اللي احنا مدينهاله بشكل مثالي لدرجة إنه مابيتقبلش أي تغيير مستقبلي بسيط والتغيير ده ممكن يؤدي لانهيار النموذج كله..


هويل بيقول إن احنا لو اكتفينا بالواقع وخبراته المحدودة اللي بيقدمها لنا هنبقى عاملين زي الـ overfitted module وفي النهاية هننهار، فالأحلام بتساعدنا نوسع من خبراتنا الشعورية وبتدخل لنا بيانات (تجارب) ممكنة وغير ممكنة علشان تخلي نظامنا الداخلي أكثر مرونة وبالتالي أكثر استمرارية.جميل أوي، بس إيه علاقة ده بالقصص واستهلاكنا للميديا بكل صورها؟ هويل بيقول إن مع تطورنا قدرنا نعمل أحلام صناعية بجانب أحلامنا الطبيعية، أحلام نقدر نتحكم فيها ونستهلكها بمزاجنا..

 الأحلام الصناعية دي هي القصص والأفلام والألعاب وغيرهم.

مش بس كده، هويل شايف أن الفلسفة والأديان والأنظمة الإجتماعية والإقتصادية وغيرهم نوع آخر من الأحلام الصناعية كلنا مشتركين فيه، زي ألعاب الواقع الإفتراضي كده.ولحد دلوقتي، على كلام هويل، دي مش حاجة وحشة. المشكلة أننا بقينا ننتج الأحلام الصناعية (الخيال الصناعي) دي بشكل أكبر من احتياجنا وبالتالي بنعرض نفسنا لخطر الانغماس الكامل فيها وهنعوّد حواسنا على الاستقبال فقط فا هنتحول لاشعوريًا لمجموعة من الزومبيز بلا إرادة.هويل مابيقولش يالا نبطل نعمل خيال صناعي علشان ده كلام عبيط وغير منطقي وعمره ماهيحصل، ولكن الحل اللي هو شايفه إننا لازم نحط الخيال الصناعي ده في درجات ونفرق بين الفن والتسلية..أو الخيال اللي بيوسع مداركي وخبراتي الشعورية والخيال اللي مابيعملش حاجة غير إنه يقدم صور مكررة ومبتذلة من الواقع ومن نفسه (وهنا ممكن نرجع لموضوع سابق عن بودريار وكلامه عن خطورة الـ simulacra).


هويل مدرك أن كلامه ده ممكن يبان نخبوي وغير متقبل لجميع صور الفن، بس اللي عايز يوصل له هويل أن التفرقة دي مش لازم تكون بمعايير معممة. يعني كل واحد يحط الخط الفاصل بين الفن والتسلية مكان ما هو عايزه..

 المهم أنه يبقى مدرك الفرق بين الاتنين بالنسبة له.

العمل الفني هو اللي يقدر يقدم لي خبرات وتجارب شعورية جديدة مش هقدر اختبرها في الواقع، هو اللي بيوسع من الفضاء الشعوري والنفسي الخاص بيا علشان يمنعني من إني أتفرم من الواقع ومحدوديته. العمل الفني نادر وبيشقلب كياني.. وعلشان كده لما بتكعبل فيه جزء مني بيتغير بشكل جذري.. زي السحر.


وفي النهاية هويل بيسيبنا مع الكلمتين اللطاف دول :)

وفي النهاية هويل بيسيبنا مع الكلمتين اللطاف دول :)

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
الأزمة الوجودية في الفترة المسائيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن