فضفضاء

61 9 34
                                    

أشعرُ بالبرد الآن

كما لو أنّني أقيمُ في ليلةٍ بيضاءَ وجافّة في بلاد الثّلج

عارٍ تماماً من أيّ ثيابٍ تَقيني بأسَ الرّعشة

ولا أخفيك بأنّني كلّما حاولتُ الإقتراب من مصدرِ دفئٍ أذوب وأحترق،

فكيفَ لرجلِ ثلجٍ مثلي أن يُفاوضَ الشّمس دون أن يتبخّر

لطالما أدّعيتُ الثّبات

ها أنا الآن أعلنُ انكساري

وهشاشتي الّتي أشبعتها بمساحيقِ العزيمة

باتت واضحةً جدّاً

والسّؤال الّلذي أطرحهُ دوماً على نفسي

لماذا عليّ أن أختبئ وأستعرّ من يأسي

الستُ بشر،الا يكفي عبَثَ القدر،ألا يكفي!

وبالرّغم من أنّ موقفي هذا لا يوحي الّا بالضّعف

إلّا أنّني أؤكّدُ لك أيّها العزيز بأنّني لستُ هنا لإستقطاب الشفقة

فما عند الله خيرٌ وأبقى

الأجدرُ بها نفسك

وصدّق بأنّني بذلتُ قصارى جهدي حتى لا أبدوا تقليديّاً لك

وحتّى إن بدوتُ كذلك فأنا على يقينٍ بأنّ أمثالي كانوا حقيقيّين جدّاً

وبإعتباري مدعوٌّ لحفلةِ تأديبٍ قرّرتُ أن أتقيّئ كبت السّنين على القائمين

فكرةً واحدة كانت كفيلة بأن تُطفئ في نفسي2002 سراجاً لأبدوا مُنطفئاً لهذا الحد

وكان صداها صاخبٌ ومرعبٌ جدّاً

لدرجةِ أنّه أرغمني على الإنصات المُزمن

أمّا عن ماهيةَ الفكرة فأحتفظُ هنا بحقّ الكبت

ليس تشكيكاً بقُدرتك الإستعابيّة

ولا إنكاراً لطفرتكَ الأخلاقيّة

ولكنّك ببساطة لست أنا

وسرّي لا يعنيك إطلاقاً

أنت لن تُدرك عمق الألم المُرصّع بالثرثرة

ولا ألومك فلم تُصب بالحساسيّة المشفّرة

ولو تأمّلت البؤسآء

لوجدتّ متاهةً سوداء

في العيون يحتضرون وفي القلوب المقبرة

وللشياطين القيادة

بين إرتباكٍ وعادة

مُلّاك خزآئن الشّك

بين الحقيقةِ والوهم

بينَ التباهي والنّدم

كجهاز إستشعار الوجود ومحطّة إطلاق العدم حرفيّاً

فما غايتي جمعُ القوافي

بكلّ الأحوال هم لن يخبروك

أو بالأحرى لن يتعمّدوا إخبارك
يلجؤون أحياناً لمُزاحٍ ممزوج بمُعاناةٍ خفيفة الظلّ كثيفةُ المعنى

ربّما لم تنتبه أنّهم كانوا يتأوّهون من الدّاخل

ولم تتحسّس ضيقهم بشساعةِ كلّ المداخل

أو ربّما إنتبهت ولكنّك لم تكترث بطبيعتك

فلهؤلاء الأولويّةَ في العناق

ولستُ أنا المعنيُّ في هذا أيّها الشّهمُ الكريم

أكتفي بِعناقِ روحي لأُخضِعَ كلّ الشّياطين

 شياطيني

متى ماشئتُ أطردها متى ماشئتُ تأتيني

فأرشُدها لتقتُلني وأخدمها لتُحييني

ولا تؤنّن أناك لتُملِئ فراغك بما تبقّى لديهم من إيمان

فربّما تكون الشّعلةَ وتترقّى برُتبة شرف الإنسانيّة

وربّما نفخةُ إغتيالٍ لتُجرّد من أدنى رُتب الخلائق

ولضميرك حريّة الإختيار

فإختر ماشئت

أمّا عنّي فنجمي ساطعٌ في ملكوتِ السّماء

في حين أنّك تراني هنا أتعس التّعساء

وما إن غدوتُ في حُلُمي لأرقى الأماكن والكائنات

أحلّقُ وأحلّقُ فرحاً

فيخترقَ بنفسجي هالةً ذهبيّةً معطاءة

وأبني بأفكاري صرحاً

برتابةٍ فنيّة وهدافةٍ بنّاءة
وفي لحظةِ ضُعفٍ أخفِقُ مرّتين

وتسقطُ روحي بحرارةِ نيزكٍ مُستاء

فأخترقُ الأرض بِهِضابها وأنصهرُ في جهنّم

وأرشقُ شظايا خيبتي على قُضبان الواقع

وينهارُ صرحي جرّاء شهُبِ الشّتاتِ والإنطواء

أخضعني القدر بجدّيّته وظننتهُ يُداعبني

لطالما أغراني الموت بعروضٍ تُساعدني

بينما كنتُ أنتظرُ عرضاً واحداً من الحياة

لأعدُل عن إنصياعي خلفه بأفكارٍ تُراودني

حتّى عزلتي الّتي قدّستُها وأعطيتُها الحيّز الأكبر من وقتيَ الفارغ

هاهي الأن تنبُذني بعد أن سرقتني من عمق الّلحظة

أقسمُ لكم بأظافري المقذوفةِ في شتّى أنحاء القبر
أنّني مافضّلتُ نضارةَ الزّيف يوماً على شحابةِ هذا الفكر

يكفي أنّه حقيقيٌّ في واقع كلّ مافيه يدفعكَ للإرتياب

أنا فقط منوّم في عالم اليقظة الدنيويّة

لأكتشِف بعلّتي وبكلّ سخافتي الرّوحيّة

انّ الموت ليس حكراً على الأموات

فإنّا لله وإنّا اليه راجعون

إنّا لله وإنّا اليــه راجعون

باحٍثًا عٍن مخـرٍجٍحيث تعيش القصص. اكتشف الآن