3- السماء لا ترحم

961 56 48
                                    

رفع طبيب القاعدة الجوية عينيه، يتأمل الشاب الوسيم، الذي يقف أمامه ممشوق القوام، في زيه الرسمي الازرق، و أشار إلي المقعد المقابل لمكتبه، و هو يقول:

- إجلس أيها الرائد جونغكوك.

جلس جونغكوك بطريقة آلية، و انبعثت من عينيه نظرة ملؤها اللهفة و القلق، و هو يسأل الطبيب:

- ماذا وجدتم يا سيدي؟

تأمله الطبيب مرة اخري، علي نحو خُيل لـجونغكوك أنه يحمل بعض الإشفاق، ثم دفن عينيه في الأوراق، و التقارير المتراصة أمامه، و كأنه يفر من عيني جونغكوك، و قال في لهجة حاول أن يضفي عليها الجدية و الرصانة:

- الفحوص الطبية التي أجريناها، تؤكد أن أعصاب الكف قد أصيبت ببعض الأضرار جونغكوك.

ازدرد جونغكوك لعابه في صعوبة، و غمغم في قلق:

- و ماذا بعد؟

رفع الطبيب عينيه الي جونغكوك، ثم عادي يفر بهما مرة أخرى الي الأوراق، و هو يغمغم:

- ستحتاج إلى فترة طويلة من العلاج الطبيعي، مع بضع الأدوية، و...

قاطعه جونغكوك علي نحو لا يتفق مع فرق الرتب بينهما، قائلاً في لهفة:

- و ماذا عن العمل؟

انتقل قلقه الي الطبيب، الذي قال في خفوت:

- أعتقد أنك ستواصل عملك في القاعدة، و لكن...

بتر الطبيب جملته، علي نحو فجّر كل ينابيع القلق في نفس جونغكوك، الذي شحب وجهه و هو يسأله في صوت متحشرج:

- و لكن ماذا؟

ساد الصمت بينهما فترة، و كلاهما يحدق في عيني الآخر، ثم خفض الطبيب رأسه، و قال في اسف:

- لن يمكنك الطيران مرة أخري يا ولدي.

خُيل الي جونغكوك، أن الدماء كلها توقفت في عروقه..

خُيل إليه أن قلبه قد أنصت لحظة لهذا الخبر، الذي عليه كالصاعقة، ثم اندفع ينبض في قوة كانت تمزقه إرباً..

حدث طويلاً في وجه الطبيب، و كأنه لم يفهم عبارته..

غمغم في شحوب، جعل صوته خافتاً الي حد كبير:

- مطلقاً؟!

ترقرقت دمعة إشفاق في عيني الطبيب، و هو يقول:

- مطلقاً يا ولدي .. لم تعد يدك بقادرة علي الاستجابة السريعة، و لن يمكنك المناورة بطائرتك بعد الآن.

هال الطبيب ذلك الشحوب المذهل الذي أصاب جونغكوك..

ذلك الشحوب الذي أحال وجهه الي صفحة ناصعة البياض..

لم يصدق جونغكوك ما تسمعه أذناه..
لم يصدق أنه لن يمتطي طائرته مرة ثانية.

كان الطيران هو كل حياته..
حياته، آماله، أحلامه، و مستقبله..

A Bird Without Wings | JJKWhere stories live. Discover now