مشهد الخامس

70 4 0
                                    

دون ان تشعر بقدميها وجدت نفسها تتجه اليه .. ترتمي داخل حضنه ، تختبئ من هذا العالم تعتقد انه الملاذ الوحيد الامن لديها ! لا تعلم بما يخبئ لها .. لو علمت كم من الحقد والخبث لديه تجاهها لما كانت سترمي نفسها اليه هكذا ..
تعجب كل من اخيها الذي يصغرها بعامين ورويد الذي جمد جسده وهو يراها بهذا المنظر وهذا الانهيار !!!
شعر بالشلل للحظات.. لحظات فقط حاول ان يستوعب ما يحصل إمامه!
خطيبته عائدة في هذا الوقت المتأخر من الليل مع ابن خالها وبهذا المنظر !!
اصبحت الشكوك والسيناريوهات كثيرة لكنه حاول ان يفهم الاول ما الذي يجري وبعدها سيتصرف .
رفع نظره الى اثير بغضب وشك وهو يهتف :
- مالذي حدث ومن فعل ذلك ؟!
توتر الاخر لا يعلم مالذي يجب ان ينطق به .. لم يجب اكتفى بالصمت وهو يتطلع الى نوسين !!
ليهتف مروان بقلق :
- تكلم يا اثير .. ما الذي حدث لأختي ؟
-لا اعلم انا وجدتها هكذا وطلبت مني إن آتي بها الى المنزل .. ورفضت البوح بأي شيء .
انهى اثير كلامه وهو يتطلع الى نوسين التي تختبئ داخل حضن رويد.. لا ينكر انه يشعر بالغيرة الشديدة .. نوسين حبيبته هو ليس لرويد كان من المفترض ان يكون هو مكان هذا الرويد الذي لم يشعر يوماً بالراحة والامان تجاهه..
لكنه فضل الكلام بهذه الطريقة وانكاره لمعرفة السبب الحقيقي لوضع نوسين ، لا ينكر انها في وضع صعب كيف ستشرح لرويد ما حصل معها واخيها الذي هو الاخر ينتظر تفسير منطقي لما يجري .
- نوسين انت الآن بأمان اخبريني مالذي حصل معك ؟!
كان صوت رويد وهو يمسح على ظهرها بهدوء يعطيها بعض الامان ليفهم ما جرى معها !
ابتعدت قليلاً عنه وهي تشعر انها اكتسبت القليل من الطاقة :
- اجلس في الصالة وانتظرني لبعض الوقت ، ثم اشاحت بوجهها ناحية اثير لتشكره مرة اخرى تحت انظار خطيبها واخيها اللذان ينظران الى بعضهما البعض دون فهم ما يجري باستنكار وغضب ، وهي وتدعوه الى الداخل برفقة اخيها .
***************
عند دخولها الى المنزل شعرت بيد اخيها تنغرس داخل كتفها بقوة وهو يديرها نحوه ويهتف بغضب :
- اخبريني الان ما الذي حصل معك يا نوسين ؟
تطلعت اليه بتعب وحزن وهي تتمتم:
- أمك من فعل بي ذلك ولا تطلب الكثير من التفسيرات لاني مرهقة يا اخي .
اجابها بأستنكار وهو يعقد حاجبيه :
- امي ..؟! ما الذي تهذين به هل انت مدركة لما تتفوهين به ؟!
ردت بغضب وهي تشعر ان كل ذرة تحمل لديها من هذه العائلة انتهت :
- اجل امك .. دعني الان اغادر لأستحم واجلس مع رويد واشرح له ، لا اعلم من الاساس ماذا اشرح !!
انهت كلامها بضياع وتعب وهي تشعر بعجز حقيقي بما ستفعله مع رويد هي بموقف صعب كيف لها ان تخبره ان والدتها كانت تنوي اذيته !! هل سيصدقها من الاساس !
ابعدت تلك الفكرة عنها وهي تعاود النظر الى اخيها الذي مازال يقف امامها غير مستوعب ما يحصل .. زفرت بضيق وهي تحاول ان تجد كلام اسهل عليه وعلى عمره  تحاول ان تشرح له ما حصل او الهروب من الجواب ان صح التعبير :
- صدقني يا مروان لا افضل ان تعرف الحقيقة سيكون هذا افضل لك يا اخي يكفي انني علمت فليسامحها الله على افعالها .
لم يفهم ما تقول وما تتفوه به لكنه سيعلم ما حصل معها ، وهي من ستخبره .. ربت على كتفيها بحنان لحالها تبدو منهكة ونوسين حبيبة قلبه مع فارق العمر الذي بينهما لكنه دائماً يشعرها انه سند لها ولم يخذلها يوماً فهو الصبي الوحيد المدلل بين ثلاث بنات لكن هذا الدلال لا ينسيه واجبه ناحية اخواته دائماً يشعر بحس المسؤولية العالية لديه ناحيتهن ، ربت بتفهم عليها وهو يقول :
- سنتكلم في وقت لاحق انا سأخذ اثير الى غرفتي وانت لا تتأخري وتطيلي الجلوس مع رويد فالوقت تأخر كثيراً .
أومأت له بهدوء وهي تنسحب من المكان قبل ان تخبره :
- هذا جيد اذا اسأل اثير قد يعلم ما حصل لي ويشرح لك مالم استطيع البوح به ، انا متأكدة انه يعلم الكثير عن والدتي وعائلتها .
*************
بعد اخذها حمام ساخن يهدئ ولو القليل من أعصابها فلديها الان مواجهة صعبة مع رويد لا تعلم كيف تتحدث معه وما الذي تخبره اياه ، ارتدت بيجامة مناسبة للبيت ورفعت شعرها الغجري بعشوائية لتضع فوقه وشاح وتذهب الى الصالة التي يجلس بها رويد على اعصابه ، يحاول فهم ما يجري معها يشعر انه غبي وتم الضحك عليه وان نوسين لديها شيء كبير تخفيه عنه لكن ما هو لا يعلم لكن ليس لوقت طويل سيعلم سواء هي اخبرته ام هو يكتشف ذلك بنفسه ويتمنى ان تخبره هي لان الحساب سيكون مضاعفا حينها..
دخلت الى الصالة وجدته يجلس والغضب واضح على معالمه ، الصالة مليئة بسحابات دخان السجائر يبدو انه شرب كمية كبيرة في تلك الدقائق ومازال ينفث عن غضبه بها مازال هنالك سيجارة بين انامله ويحاول ان يلهي نفسه بالهاتف الذي بيده الاخرى .. شعر بوجودها دون ان يرفع عينيه عن الهاتف قال بسخط :
- ستبقين كثيراً واقفة بالقرب من الباب ؟!
انهى كلامه وهو يغلق الهاتف ويوجه انظاره نحوها .
تقدمت عدة خطوات لتجلس مقابله على الارض دون ان تنظر اليه تبث نفسها بعض الامان والقوة لمعرفة كيف تتحدث معه ..
- والان ماذا تنتظرين تكلمي انا استمع اليك منذ قليل لم اتكلم بسبب وجود اثير واخيك الان هيا تفضلي بالحديث ؟
ابتلعت ريقها وهي تحاول ان ترتب الجمل التي ستقولها لكن الصمت طال لا تعلم كيف ستقول ان والدتها من فعلت ذلك ! ان والدتها تعمل بالشعوذة والسحر الكلام موجع لها لا تستطيع ... لم يستطع ان يتحمل اكثر من ذلك وهي تجلس صامتة بهذا الشكل .. رعبها وتوترها وسكوتها بهذا الشكل يخبره ان هنالك الكثير .. يوجد مصيبة وكبيرة ايضاً لا تستطيع البوح بها ،
عاد سؤاله مرة اخرى وهو يرمقها بنظرات حادة هاتفاً ببرود محذرا اياها بعدم الكذب وان لصبره حدود :
- تكلمي .. صبري اوشك على النفاذ هيا انا استمع اليك .....
تكلمت اخيراً بنبرة حزينة وغصة :
- في الصباح امي اخبرتني اننا يجب ان نذهب الى عائلتها واخذ بركات الزفاف من جدتي ، لكن الموضوع كان ليس كذلك !
انعقد مابين حاجبيه مردداً بعبوس وشك :
- اذن ... ماذا هو الموضوع ؟!
اكملت كلامها وهي توضح لهُ عباراتها :
- لا اعلم كيف سأخبرك يا رويد لكن اقسم لك اني لا اعلم بذلك انا تفاجأت ورفضت حاولن اجباري لقد كانوا اكثر مني ولم استطع ان افعل اي شيء في بادئ الامر لكن استطعت بعد ذلك النجاة منهن .
بتوجس وترقب كان يستمع اليها يحاول ان يفهم ما تقوله ليحثها على تكملة الحديث :
- اكملي يا نوسين ما الذي حاولوا ان يفعلوه بك وما هو اخبريني دون خوف ؟
اصبحت دموعها تنزل كشلالات على وجنتيها وهي تقول بصوت يقطع نياط القلب حتى انه شعر بالشفقة تجاهها :
- تفاجأت بوالدتي تدخلني على عجوز تريد ان تفعل لي اشياء غريبة وهي تسكن وسط المقابر ولديها مساعدات لكنهن قبيحات الشكل .
قاطعها رويد وهو يمسك معصم يدها بغضب وافكار كثيرة تتزاحم برأسه وتسيطر عليه بشكل شيطاني ليهتف بصوت منخفض :
- تكلمي ماذا فعلن بكِ ؟
- يدي .. ارجوك انك تؤلمني يا رويد ..
كانت تقول تلك الكلمات وهي تشعر انها ستنهار في اي لحظة بسببه او انه قد يدفنها وهي على قيد الحياة .
ترك يدها بغضب وهو يقول :
- اكملي دون المماطلة نوسين هل تفهمين ؟
هزت رأسها وهي تكمل ما حصل معها دون ان تخفي عنه اي شيء .....
حين انتهاءها من الحديث انهارت في البكاء وهي تخبره :
- انا لست كذلك رويد .. اشعر اني احلم ولا اعلم متى اصحو من هذا الكابوس. لقد شعرت اني جثة هامدة ويسكبون علي المياه لم استطع ان اتحمل كل شيء مرعب كنت استمع الى صراخ غريب اشعر ان الارواح بجانبي وتحاوطني من كل جانب .. اشعر بالصدمة من والدتي ، انا لست مثلها يا رويد لا اريد ان تحبني بمثل تلك الطرق اريد محبة الله ان تنزرع داخلك لا اريد عشق الشيطان لا اريد ذلك رويد .. امي مثل عماتك .. هي لا تفرق عنهن بشيء كلهن من ذات العائلة .. ستتركني اليس كذلك ؟!
كانت تهذي تقول تلك الكلمات بوجع حقيقي وما مرت به ليس بالسهل .. شعر لاول مرة بالشفقة نحوها تبدو مختلفة عن تلك العائلة مختلفة حتى عن عائلته هل سيتنازل عن انتقامه لمجرد انه رأها بهذا الحال ؟! كيف سينتقم !!
ابعد تلك الفكرة من رأسه في هذه الساعة وهو يجذبها ألى حضنه ، يشعر بالشفقة نحوها بهذه اللحظات ، يعلم نساء عائلته كم يعشقن افعال الشياطين ويستخدمن السحر بكل شيء وهو حاول ان يحافظ عليها من هذا الشيء يوم خطبتهم لم يتقبل ان تتذوق تلك الكعكة لاعتقاده انها قد تحمل بعض الاعمال الشيطانية لكنه لم يتوقع ان والدتها أيضًا معهن على نفس الخط !
تكلم بهدوء وهو يربت على شعرها بعد ان ازال الوشاح منه :
- لا تقلقي انا هنا لا يستطيع احد ان يفعل لك اي شيء حتى لو كانت والدتك.. منذ الحظة التي ارتبط بها اسمك مع اسمي مستحيل ان افرط بك ، لا تقلقي .
***********************
- اياكِ والاقتراب مني هل فهمتِ ذلك ؟
اكمل رويد تهديدهُ الى امينة وهو يتطلع اليها بغضب وتوعد :
- انا لا اهدد يا ام مروان بل افعل وما فعلتيه مع نوسين لا يهمني لكن ما يهم في هذا الموضوع هو انا ... لا تتصوري اني احمق وساذج مثل زوجك ، فأنا اعلم بكل ما تفعلن سواء معي او مع غيري لذلك لا تتعبي نفسك .. انا محصن نفسي جيداً من افعالكن الشيطانية ... وكل ما تفعلينه ساعلم به وسيكون ذلك الوقت مؤذي بالنسبة لك لن ارحمك هل فهمتي ذلك ؟
ارتعد جسدها بخوف وهي تنظر الى زوج ابنتها الذي اتى منذ الصباح الباكر ليطلب رؤيتها وتفاجئت بهجومه الشرس وتحذيره لها بعدم الاقتراب منه .. ازدردت ريقها وهي تقول :
- لا افهم عن ماذا تتكلم يا رويد يبدو ان نوسين فهمت الموضوع بالشكل الخاطئ انا ارسلتها الى ... لم تكمل كلامها وهي تراه يقفز من مكانه بغضب ويقف امامها يتوعدها ويمنعها من تكملة الحديث وهو يهتف:
- اياكِ والكذب .. انا اعلم جيداً بطباعكن سواء كنتِ انت او عماتي لذلك ابتعدي عن طريقي لان انت وابنتك من سيتضرر هل تفهمين ذلك ..
هزت رأسها برعب وخوف بالموافقة ليلوي ثغره بأبتسامة جانبيه وهو يقول بإستخفاف :
- هذا جيد .. بالمناسبة مصاريف تكملة الزفاف ستكون على حسابكم انا لن ادفع اي شيء يكفي ما دفعته .
هربت الدماء من وجهها وهي تستمع الى ما يقول لتحاول ان تفهم منه وتتمنى ان يكون مجرد تهديد او يمزح لا اكثر :
- هل انت تمزح يا رويد ما دخل ذلك الموضوع بنقود الزفاف .. هذا واجبك انت من تتكفل بمصاريف الزفاف !
- انا تكفلت بمصاريف نوسين فقط اما ترتيب الحفل والاشياء الاخرى انتم تتحملون مصاريفها .. لن ادفع شيء اخر .
القى كلامه وهو يخرج من الصالة تاركا خلفه امينة بصدمة لا تصدق ما تسمعه كل ما خططت له انقلب ضدها مالذي ستفعله بتلك المصيبة .. زوجها لن يصمت ، لا احد يقبل هذا الشيء .. هم من يتحملون بقية تكاليف الزفاف !!!
اصبحت تشعر بخطر هذا الرويد وانها مخطئة.. يبدو ان حظ ابنتها متعثر ويجب ان تجد حل .. امسكت عاتفها لتطلب رقم زوجها حتى تخبره ماذا قال لها رويد وما يود فعله !
********************
النهاية ...
يتبع ..

احلام تحت ثياب الواقعحيث تعيش القصص. اكتشف الآن