الفصل الخامس

2.2K 105 1
                                    

وما النسيان سوى قلب صفحة من كتاب العمر!

قد يبدو الأمر سهلًا

لكن ما دمت لا تستطيع اقتلاعها ستظل تعثر عليها بين كل فصل من فصول حياتك.

أُخبر ذات يوم أن الوقت ينسي الألم ويطفئ الانتقام!

أُخبر أنه بلسم الغضب، خانق الكراهية!

فلماذا حتى الآن لا يشعر بتأثير الوقت عليه؟

تصارعت الأفكار في رأس إلياس عندما وصل برفقة خديجة إلى مشارف القصر الذهبي، وجد حشد كبير من الرعية والجنود في استقباله، دخلت الخيول من البوابة العملاقة لتتوقف بعدها وهبط منها بزيه الأخضر الملكي وعمامة تحمل نفس اللون يتوسطها حجر ماسي على شكل حبة اللوز، يتأمل القصر الذي لا يدخله إلا في هذا الوقت من العام بعد أن كان يقيم فيه.

مزينًا ببزخ بستائر ملونة معلقة بين الشرفة والأخرى، وأشرطة الورود ملقاة على الممر الذي يقف في آخره أخيه نيار بزيه الأزرق وعمامته من نفس اللون.

طالت نظراتهم لبعضهما تحمل جميع المعاني من كبرياء، غرور، غموض، عتاب، غضب، اشتياق وأخيرًا حب.

رأى والده يقف على يمينه بزيه الأبيض المعتاد، بجواره والدته والتي لا يشعر نحوها بأي نوع من المشاعر غير أنها مجرد الملكة.

نظراتها.. وقفتها وملامحها لم تتغير، مازالت على جمودها وغرورها الذي سيقتلها بيوم من الأيام.

جذب انتباهه فتاة بجوارها جميلة الملامح بخصلات شقراء وزي ملكي باللون البنفسجي الهادئ وتاجها الماسي، لكنه لم يستطع أن يحدد هويتها فهي المرة الأولى التي يراها لكنه خمن أنها خطيبة أخيه.

التفت ليجد خديجة وقفت بجانبه بعدما ترجلت من قُبتها، ليتقدما نحو والده الذي ابتسم بحنان بعد أن لبى دعوته.

يعلم كم أن الأمر شاق عليه لكنه يعلم أن له مكانة في قلبه.

اقترب منه وانحنى يقبل ظاهر كفه، فشد تقي الدين على كتفه بفخر ورضا، ليلتفت إلى أخيه ومد الاثنان يدهما في نفس الوقت يشد كل منهما على يد الآخر، كابحين رغبة أن يضما بعضهما باشتياق، لكن العينين عكستا ما في القلوب، والنظرات عبّرت عما يجيش في الصدر من مشاعر وشوق.

لكن نيار قال بجمود قاطعًا هذا الصمت :

- "المملكة نالها الشرف بحضورك جلالة الملك"

هز إلياس رأسه يجيبه بنبرة جامدة لكن الآخر التقط الاهتزاز الطفيف بها :

- " شكراً لك جلالتك"

التفت إلى والدته مقتربًا منها والتي ظنت أنه سيرتمي بأحضانها بمجرد رؤيته لها لكنه اكتفى بانحناءة بسيطة لا تُرى :

- "مرحبًا أيتها الملكة"

جملته بمثابة صفعة مفاجأة على وجنتها!

سارية في البلاط الملكي للكاتبه هدير مجديحيث تعيش القصص. اكتشف الآن