تساقطت بتلات الورود قتيلة على طريق أصم
مُعلنة انتحار السعادة وإراقة دمائها على جوانبه.
الأوراق مترامية على مرمى البصر، متغيرة اللون
باهتة الأحرف.
تتوه سطورها بين الألم والوحشة.
ورفعت الشمس ثوبها الباذخ عن ساقيها مهرولة نحو مخدعها تاركة الساحة لسيد الظلام.
فجلس فوق عرشه مطلقًا سهام الليل تلتهم بياض الطبيعة.
مرسلًا إشارته للقمر والنجوم بالاختفاء خلف السحب.
لا تدرين أتعزّي ذاتك على موت سعادتك وتبكي كالثكلى؟
أم تنكرين الرحيل والفراق وتُمنين نفسك أنكِ بالسعادة حبلى؟
واقفة أمام شرفتها تراقب قطرات المطر التي اشتدت وضوء البرق ينعكس في عينيها التي ترفعها ناظرة إلى السماء الهائجة.
تتناثر القطرات في الأرجاء بهدوء ورقة وكأنها تهمس في أذنيها بصوت خافت :
- "تفاءلي ما زالت الحياة مستمرة والأمل موجود"
أغمضت عينيها تشعر برذاذ الماء على وجهها بفعل الرياح المصاحبة لهذا الجو العاصف، تتنفس بعمق فانتشرت رائحة الأرض المطعمة بالطين بداخلها تشعرها بالانتعاش الطفيف، لم تشعر بوالدها الذي دلف إلى جناحها يجول بنظره باحثًا عنها ليجدها واقفة بتلك الطريقة.
ابتسم بحنان متأملًا وقفتها ورأسها تسنده على الحائط فاقترب منها وحط بيده على كتفيها بحنان.. تعرفت على لمسته فاسترخى جسدها والتفتت تضع رأسها على كتفه تحيط خصره بذراعيها، فضمها أكثر بداخل أحضانه وكفه تمسح على رأسها ، استمع لهمسها الذي خرج خافتًا :
- "أنا أعشق الشتاء يا أبي.. أعشق المطر لشعوري أنه يعرف بما يعتمر به صدرنا من هموم وآلام، لتهبط قطراته برقة على أمل إزالته أو تخفيفه، أعشقه بكل تفاصيله أبي"
قبّل رأسها ورفع نظره إلى السماء وقلبه يحدثها بأمل ورجاء :
- "اسقط يا مطر واغسل جراحها وبدّد الأحزان والأوجاع..
اسقط يا مطر قبل أن يجتاحها الجفاف والشتات"
ثم أخذها وجلسا على حافة الفراش.. ساد الصمت للحظات قبل أن تهمس مغمضة عينيها واضعة رأسها على صدره :
- "أبي أنا لم أقصر في حق مارية صحيح؟!"
ربت على رأسها بحنو وقبلها على جبهتها مجيبًا كي يرتاح قلبها من نار الندم المشتعلة به :
- "سارية لا يوجد رادع أمام قضاء الله، أنتِ تعلمين أن لكل أجل كتاب.. اختفاؤها وكل ما حدث ترتيب من الله"
أنت تقرأ
سارية في البلاط الملكي للكاتبه هدير مجدي
Romansaكل الحقوق محفوظه للكاتبه هدير مجدي إلى الّذين يجيدون السّباحة فوق السّطور والغرق بين الكلمات والإبصار في الأعماق. إلى الّذين تحفلُ السّعادة بعيشهم. إلى الّذين يسبّبون الموتَ والحياة بموتهم. وإلى أولئك الّذين لم يحظوا بحكايات قبلَ النّوم يوما... أعتذ...