Untitled Part 16

7 1 0
                                    


                                                                                                    سُؤدة

"صباحُ الخير سُؤدة." قالَت رُؤية لمَّا فتحت سُؤدة لها الباب. الفتاةُ كما اعتادَت عليها سُؤدة جميلة وأنيقة. ارتدَت اليومَ قمِيصاً أزرقاً تحت سُترة سوداء وسراويل رمادية، وفوقَ رأسِها وضَعت خِماراً أسوداً.

"صباحُ الخير رُؤية." استقبَلتها سُؤدة. "جدتي لم تستيقظ بعد، لقد حضَّرتُ فطُورها، إنَّه جاهِزٌ على المِنضدة." أعلمَتها سُؤدة قبل أن ترحَل. "لا تقلقي، اذهبي واترُكي الأمر لي." قالت رُؤية، مُبتسِمةً.

الجوُّ كان جميلاً اليوم، الهواء باردٌ ومُسالم. "صباحُ الخير أبي." صبَّحت سُؤدة على والِدِها بابتسامةٍ لمَّا صعدت إلى السَّيارة. ابتسامةٌ يستحقُّها ويحتاجُها. "صباحُ الخير أيَّتُها الجميلة. كيف حالُ جدَّتك؟"

"على حالِها." أجابت سُؤدة "تتحدَّثُ كثيراً عن الماضي، وتنصحُ كثيراً. تُعيد النَّصيحة عشر مرَّاتٍ في اليوم. أحياناً تطلُبُ منِّي أن أقرأ لها، وأنا أستمتِعُ بذلك."

"ماذا عن واجِباتِك؟ تطبُخين وتُنظِّفين وتغسلِينها؟ هل تُساعِدينها على النُّهوض وعلى الاستلقاء وعلى الجُلوس؟" سألَها والِدُها ثُمَّ شغَّل مُحرِّك السَّيَّارة وانطلَق. "نعم، الأمرُ مُرهِقٌ ولكن على الأقل الآن أصبحتٌ ذُو فائِدة لأحدٍ مَّا." سُؤدة تعلمُ من نَّظرتِه أنَّهُ يرى الإرهاق على محياها. الجَّيد أنَّه يظُنُّ أن السببَ هو الاعتناء بوالِدته فقط، والحقيقةُ أنَّ حالَتها تزدادُ سُوءاً.

"هل تعرِفين أحداً باسم إبراهيم؟" سأَلها والِدُها فجأةً ومِن دُون مُقدِّماتٍ. إبراهيم!؟ خُضَّت سُؤدة من سُؤالِه. "إبراهيم البراكيني، هل هذا اسمٌ مَّألُوف؟" أعاد والِدُها السُّؤال.

"أظُنُّ أنَّه زميلٌ لِّي في الكُلية." مع والِدها سُؤدة تعلمُ أنَّ الحقيقةَ هي الجَواب الصَّائب دائِماً. "لماذا تسأل؟" فُضولها يكادُ يقتُلها. أكثر ما تخشاهُ هو أن يكُون إبراهيم قد رمى رِسالةً أُخرى وأن يكُون أباها قد وجَدها.

"مرَّ عليَّ بالأمس في المُستشفى." قال الزُّبير. هذا مسارٌ لَّم تتوقَّعه سُؤدة، مسارٌ مطمئنٌ في بدايته. تعابِيرُ والِدِها كانت طبيعيةً، يبدُوا بأنَّ ما فعلتهُ سُؤدة كان الشيءَ الصَّحيح. لطالَما تجاهَلت سُؤدة الذُّكور، مُحاولَاتِهم في التَّقرُّبِ مِنها ومُعاكَستِها، ولكن في بعضِ الأحيان كانوا كالقِطط بسبعِ أرواحٍ، كُلَّما تجاهلتهم سُؤدة أكثر كُلَّما ضايَقُوها أكثر. هذِه المرَّة اتَّخذت خُطوةً للأمام، لم تتجاهَل إبراهيم بل قطَعت حبلَ آمالِه وأخبرتهُ أنَّ الطَّريقَ الوحِدَ لتكُون له هو بأَن يطرُقَ بابها، وأنَّ أي طريقة أُخرى لن تنجح ويبدُوا أنَّ فِعلها نجَح رُغمَ أنَّها لم تتوقَّع ولو للحظةٍ بأن يأتي فِعلاً ويطرُق بابها.

أطرق بابيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن