Untitled Part 17

7 1 0
                                    


                                                                                               مهيبة

"ماذا نقُول الان؟" سأَلته مُهيبة. "الحمدُ لله." أجاب الطِّفلُ الأسمر ابن السَّنتين. أًصلعُ الرَّأسِ، أدعجٌ، ودائري الوجهِ. ضخمُ العِظام واسِعُ الكفَّين. حجمُه لا يُوافِقُ سِنَّه.

"إبراهيم، هيا لنغسِل أيدينا." نادت مُهيبة ابنها. "حاضر." أقبل عليها راكِضاً.

بدأت مُهيبة تعتادُ على المدينة الجديدة، والبيتِ الجديد مع الوقت. في مدينة العربِ سكَنت مُهيبة في بيت أبيض من طابقين، البياض غلَّف المنزِل من الدَّاخِل والخارج، النَّوافذ كانت كبيرةً فكانَ البيتُ يشبعُ من أشعَّة الشَّمس. الغُرف لا بأس بِها، شرِحةٌ ليست بضيِّقة ولا كبيرة. مُهيبة عاشَت في غُرفةٍ في الطَّابقِ العُلوي مع ابنِها إبراهيم. بينما أصرَّت أريام على أن تبقى في الطَّابق السُّفلي لتكُون قريبةً من رُقية طوال الوقت.

وُجودُ أريام أرَاح الجميع، وخُصوصاً مُهيبة. أحياناً تشكُر مُهيبة ربها لأنَّها لم ترفُض عرضَ أيامٍ في العيشِ معها بعدَ موتِ خاطِر. الان هي من تطبُخ وهي من تُنظِّف، وقد ساعَدت مُهيبة كثيراً في الاعتناء بإبراهيم طوال السَّنتين التي عاشها الطِّفلُ الصَّغير. رُقية أيضاً نَّالت نصيبها من نَّشاط أريام.

في السَّنتين الماضيتين استقرَّت الأمور نِسبياً في البِلاد، أو على الأقل هذا ما جعلُوا الأُمور تبدوا عليه. الاستِقرارُ أغاظ مُهيبة وأغاظ كُلَّ مواطنٍ، وبالطَّبعِ فهُم ليسوا ذلِك النَّوع من النَّاس الذي يكتُم غيظه أو يُخرجُه في كلماتٍ، بل هُم شعبٌ لا يفقهُ غير لُغة الأفعال.

بعد أن أنجَبت مُهيبة إبراهيم، وعادَت إلى حجمِها الطَّبيعي عادَت إلى زميلتِها، وكانت عِندما تذهبُ تأتمِنُ أريام ورُقية على ابنِها، وهي لا تعلمُ إن كانت ستعُود أم لا. .

لم يتوقَّفنَ لا هُنَّ ولا إخوانُهن من الرِّجال في الدِّفاع ولا في الاعتِراض، وكما لم يترُكهم جُنود الأعداء يهنئون فقد لُوقوا من رجال ونِساء البِلاد بالمِثل. سرقُوا من الأعداء أسلحة وأحياناً سرقُوا المُؤن، وقتلُوا جُنودَهُم أثناءَ اليل.

أكثرُ ما كرِهَتهُ مُهيبةٌ في الوضعِ الحالي ليس بأنَّ بِلادَهُم تُسلبُ مِنهم بكُل وقاحةٍ، بل بأنَّ هذا يحصُل على الملإ، ولا أحد حرفياً فَتح فمهُ بكلمةٍ واحدة. اليَهُود سيَّرُوا الأمور كما يُريدُون. اعتدوا على النَّاس بعُدوانية وقتلُوا واغتصّبُوا وسرَقُوا ونَهبُوا، ويجعلُون الأمرَ يبدُوا بِالعكس. مُهيبة لا تَرى المنطِق مِمَّا يفعلُونه، من تزوير الأحداث، فالجميع يعلمُ من الظَّالمُ والمظلُوم، كُلُّ ما في الأمر أن الرِّجال وبنات الرِّجال انقَرَضوا. .

أطرق بابيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن