يقول ابن خلدون عن الفتح العربي الإسلامي:" ... قبائل من العرب موفورة العدد، عزيزة الأحياء. فنصروا الإيمان والملة، ووطدوا أكناف الخلافة، وفتحوا الأمصار والأقاليم، وغلبوا عليها الأمم والدول.
وقال عن لسانهم :" ثم أنّ العرب لم يزالوا موسومين بين الأمم بالبيان في الكلام والفصاحة في المنطق والذلاقة في اللسان، ولذلك سموا بهذا الاسم فإنه مشتق من الإبانة لقولهم:
أعرب الرجل عما في ضميره إذا أبان عنه. ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : والبيان سمتهم بين الأمم منذ كانوا. وانظر قصة كسرى لما طلب من خليفته على العرب النعمان بن المنذر أنّ يوفد عليه من كبرائهم وخطبائهم من رضي لذلك، فاختار منهم وفدا أوفده عليه، وكان من خبره واستغراب ما جاؤا به من البيان ما هو معروف."
وتابع ابن خلدون قوله:" لما استقلّت مُضر وفرسانها وأنصارها من اليمن بالدولة الإسلامية، فيمن تبع دينهم من إخوانهم ربيعة ومن وافقهم من الأحياء اليمنيّة، وغلبوا المِلَل والأمم على أمورهم ، وانتزعوا الأمصار من أيديهم ، وانقلبت أحوالهم من خشونة البداوة وسذاجة الخلافة إلى عزّ الملك وترف الحضارة، ففارقوا الحِلَل وافترقوا على الثغور البعيدة والأقطار البائنة عن ممالك الإسلام، فنزلوا بها حامية ومرابطين عُصَباً وفُرادى. وتناقل الملك من عنصر إلى عنصر ومن بيت إلى بيت،
واستفحل ملكهم في دولة بني أُميّة وبني العبّاس من بعدهم بالعراق، ثم دولة بني أُميّة الأخرى بالأندلس، وبلغوا من الترف والبذخ ما لم تبلغه دولة من دول العرب والعجم من قبلهم. فانقسموا في الدنيا ونبتت أجيالهم في ماء النعيم، واستأثروا مهاد الدِعَةِ واستطابوا خفض العيش،
وطال نومهم في ظلّ الغرف والسلم، حتى ألفوا الحضارة ونسوا عهد البادية وانفلتت من أيديهم المَلَكَةُ التي نالوا بها الملك، وغلبواالأمم من خشونة الدين، وبداوة الأخلاق، ومضاء المضرب."
والعرب مع ذلك أسرع الناس قبولا للحق والهدى لسلامة طباعهم من عوج الكلمات وبراءتها من ذميم الأخلاق".فى الدين والعلم والأخلاق مجدكم هذا البناء الذى يعلو ببانيهوكل من نطق الفصحى لكم رحمفوحدة العرب درع المجد يحميه مقدمة ابن خلدون_______________ صفية المدني
YOU ARE READING
التاريخ الاندلسي الاسلامي
Historical Fictionكتاب جامع يحمل بين طياته اهم احداث وشخصيات التاريخ الاندلسي