البارت الخامس
دُقت الطبول فقد حانت لحظة الهجوم
آن آوان قلبي أن يثور، معلن بدأ حربه
الدؤوب، لا تخاذل لا تقاعس، ومشاعره جنود ستهاجم جحافل عقلك البالي، عشقي بقلبي راسخ، عازم على تطويع قلبك وآسر روحك وتقيدك بأغلال عشقه الغائر...
ــــــــــــــــــــــــــــــ
وها هو هنا بالسيارة ينتظر رؤياها والحديث معها، عليه أدرك ماهية أسباب رفضها له، ما إذا كانت تشعر بشيء ما اتجاهه!، نعم هي تشعر وإلا لما أتت للمشفى لرؤيته!، حتى وإن لم تكن تشعر سوف يعمل على هذا!، هي ستكون له!، سوف يلحق بها بكل مكان ويجعل عشقه يتسرب الى داخلها حتى اعماقها، فهو لن يستطع العيش بدونها ناريته، هي من تمكنت من هدم حصونه وتغلغلت بأعماقه، تلك التي ما أن رآه حتى أدرك انها مزيج من النار والحياة، وها هو يحترق بنارها، ساعيًا للحياة بوصالها...
رابط سيارته قرابة الساعة، حتى وجد نور تتوقف بسيارتها امام منزلها بانتظارها، ما هي إلا دقائق، رأها تطُل من بوابة المنزل، أسرع بالترجل والتوجه نحوها ، توقف أمامها فجأة يمنعها من المتابعه، تلجمت موضعها من الصدمة لرؤيته امامها، ما أن رأته حتى عرفته، أنه هو ذاك الشاب الذي كسر قلب رفيقتها، لكن لما هو الآن أمامها يعترض طريقها، أفاقت من صدمتها محاولة تخطيه لكنه منعها قائلًا:-
- ياسمينا إحنا لازم نتكلم
قطبت حجبيها بعدم استيعاب قائلة:-
- حضرتك انا معرفكش واكيد مفيش بنا كلام، لو سمحت ممكن تعديني..
تجهم وجهه من حديثها، ظنًا منه أنها تحاول أن تتجاهله
هتف قائلًا بنبرة صوت غليظ:-
- ياسمينا بلاش أسلوب التجاهل دا معايا، عايز أعرف أسباب رفضك ليا، واذا ما بتحبيني ليه جيتِ المشفى مع خالد تزوريني!، وما تنكريش عدي شافكم..
ظهر التوتر جلّ على ملامحها وهي لا تستعب حديثه قائلة بتهدج تحول لصياح بخوف وذعر:-
- مشفى ايه وعدي مين!، أنا أنا معرفكش، أنت عايز مني إيه، أبعد عني!، انا مش زي البنات دي، أنت اكيد عاوز تستغل حالتي وتوهمني أننا أعرفك، وتتسلى بيا زي لين..
هنا وطالعها جسور بعدم استيعاب، شاعرًا بغضب جمَ من حديثها قائلًا بتعجب:-
- استغلك!، وحالتك، ومين لين دي!، ياسمينا أنا بحبك، أنا عاوز اتجوزك، عاوز خطوبتنا يكون حقيقه وأجيب منك ولاد ونعيش بسعادة..
قال هذا وهو يجذب يديها يريها خاتمه، لكنه هتف قائلًا بألم ما أن لم يراه موضعهُ:-
-- فين خاتم خطوبتنا يا ياسمينا؟.
كانت نور قد صدمت ما أن رأته يتحدث معها، وانتابها القلق، حيث أن ياسمينا الآن لا تتذكر أي شيء عما حدث بينهما، فقد تخلت عن مذكراتها وحتى خاتم خطبته، لذا هاتفت عدي تطلب منه المجيء أمام منزل ياسمينا من أجل جسور، وترجلت من السيارة متوجها نحوهم..
ما أن اقتربت منهم حتى بدأت تُهدئ من ياسمينا التي ينتابها الذعر من حديثه وتحاول جذب يديها منهُ، بعدما داهمتها رجفة ما أن لمسها لا تدرك ماهيتها، لكنها جعلت الذعر ينتابها، خاصةٍ مع تعالي نبضات خافقها، والتهدج بأنفاسها، وهي تلهث قائلة باضطراب مصاحب لنوبة صداع قوية تداهمها:-
-نور، دا هو الشاب اللي حكيتلك عنه اللي كان سبب بكاء لين، أنا أعرفه، هو دا اللي كان في الصور وقدام الجامعة.
استمعت لها نور مومئه برأسها، ثم ألتفت لجسور و هتفت قائلة برجاء وهي تطالعه:-
- جسور لوسمحت امشي دلوقت..
صاح جسور قائلًا بعدم استيعاب وغضب:-
- مش همشي يا نور، أنا عايز أفهم ليه ترفضني!، ومين لين دي!، وليه شايفه إني بتسلي بيها!.
تحدثت نور بتوتر جلّ:-
- ارجوك يا جسور مش وقته، أنت مش فاهم حاجة
صاح قائلًا بنبرة خشنة:-
- وأنا عايز أفهم يا نور، انا بحبها مش بتسلي، لازم تفهم دا..
كانت ياسمينا بدأت تشعر بالضعف ينتابها وعيناها تغيم ونوبة صداع قويه تداهمها، الارض تميد من أسفلها حتى أغشي عليها فاقدة للوعي أمامهم، انتاب جسور الذعر وهو ينحني يحملها بين يديه، يهتف باسمها بنبرة متألمة، ما أن لم يجد استجابة منها حتى توجه بها حيث سيارته يضعها بالخلف ونور تلحق به، وتجلس بجانبها..
قاد سيارته حيث مشفى عائلته القريب ، وهالة من الذهول وعدم الاستيعاب تحاوطه، راود نور حيناها اتصال من عدي ما ان أجابت هاتفه بأسمة حتى صاح جسور قائلًا:-
- قوليله اننا في الطريق للمشفى بتاعنا.
وصل صوته لعدي، فأنتابه القلق فهتف متسألًا عبر الاثير:-
- في أيه يا نور!.
اجابته قائلة:-
- ياسمينا أغمى عليها، تعالى بسرعة
واغلقت الهاتف والعبرات تنساب من مقلتيها قلقًا على صديقتها.....
في خلال دقائق كان قد وصل بها إلى المشفى، وترجل يحملها بين يديه إلى الداخل، لم يعتقها ولم يعطيها لأحد، بل ظل حاملًا أياها، ضاممًا حسدها لصدره بقلق يجيش بداخله، حتى غرفة الطوارئ
يصيح بطلب مجيء طبيب فورًا، اندفعت الممرضات والاطباء يتوافدون من حوله فهم يدركون هويته، ونور تلحق به حتى ادخلها الغرفة وبدأ الطبيب بفحصها
متسألًا عما حدث لها؟.
هتف جسور قائلًا بنبرة وجل وعيناه عليها:-
- كنا بنتكلم وتوترت وفجأة أغمى عليها.
بينما نور ترددت لوهله في البوح عن سر حالتها الصحية، لكنها بالمشفى ويجب عليها أطلعهم على حالة صديقتها، لذا هتفت قائلة للطبيب:-
- ياسمينا من سنتين عملت حادثة وبسببها اتصبت بمرض نادر اسمه فقدان الذاكرة التقدمي ..
- انتاب الطبيب الدهشة ما أن استمع لأسم ذاك المرض النادر وكونه يرى الآن حالة مصابه به..
بينما كانت الصدمة تلجم جسور عما أستمع أليه ، لكنه لا يفهم هذا المرض ولم يسمع عنه مطلقًا، لذا هتف قائلًا بتسأل بنبرة متهدجه:-
- حادثه، وفقدان الذاكرة التقدمي، يعني أيه!.
أجاب الطبيب بعملية قائلًا:-
- دا مرض نادر بيكون نتيجة تأذي الدماغ خلال الحادثة وأثر على منطقة الحصين تحديدًا ويختلف بمدى تضرر الحصين، يعني ممكن تعاني من حالة فقدان ذاكرة كلي، تعيش بلا ماضي او مستقبل، او ممكن تفقد ذاكرة المستقبل بس وماضيها قبل الحادثة يكون هو المعلوم ليها، بمعنى أي ذكري بتعيشها بعد الحادث الدماغ مش يخزنها، وتنساها فورًا ودا كمان حسب التضرر، في حالة درسنا عنها انها بتفقد ذاكرتها خلال لحظات وفي غيرها خلال ساعة وفيه اللي يفقدوها أول ما يغيبوا عن وعيهم، بمعني ان مجرد ما بتنام بتنسي ذكريات اليوم دا وتفوق على ذكرى يوم الحادث.
ثم اضاف متسألًا لنور عن تحديد زمان فقدانها للذاكرة، هتفت قائلة:-
- بتفقدها كل يوم وتصحى على ذكريات يوم الحادث والخبير الأجنبي، نصح أننا وقتها نعرفها بحالتها وكل اللي نسته من خلال فيديوهات، وصور، وملاحظات هي بتكتبها بنفسها وبعض الانشطة لتنظيم ذاكرتها، النهاردة اللي حصل انها تفاجأت بيه قدامها وبيحكلها عن ذكريات هي نسياها تمامًا، فأغمى عليها..
اومئ الطبيب متفهم حالتها الآن وهو يتفحصها بفضول، بينما جسور كان يعاني من صدمة معرفته بمرضها، وحقيقة انها لا تتذكره أبدًا، اذا كانت تتعامل معه من خلال الملاحظات وحديثهم عنه، وأنها لا تشعر بأي مشاعر اتجاهه كما توهما، اذا لما جاءت للمشفى بذاك اليوم، ولما تلك الرجفه التي تنتابها ما أن يلامسها..
كان في حالة من الضياع، وعيناه لا تحيد عنها ناريته التي عشقها، تعاني من ذاك المرض، شعر بألم ينهش بروحه ويتسرب بين طيات قلبه حتى تأوه بقوة قهرًا مما يشعر به الآن...
في تلك اللحظة كان قد وصل عدي وتيبس موضعه ما أن استمع لشرح نور عن حالتها المصدمة للجميع...
**
كان انتهى الطبيب من فحصها وأعطاها مهدئ ما وخرج
بينما بقى ثلاثتهم بالغرفة والسأد هو الصمت السحيق بينهم
جسور جالس على المقعد المجاور لها، عيناه تطالعها بمزيج من المشاعر المبهمة لنور المجاورة لها على الطرف الاخر تراقبه، تتمنى لو تعلم ما يدور بداخله الآن من افكار ومشاعر اتجاهها، متسائلة هل سيكون ذاك الفارس الذي تنتظره صديقتها، من سوف يأخذ بيدها ويكون رفيق لها، متفهم حالتها ومتقبل لها...
وعدي المنزوي عند مدخل الغرفة يناظر جسور بحزن على حاله، فمن دق لها قلبه وعشقها، حتى لا تتذكره ولن تتذكره وتبادله المشاعر يومًا، غافل عن ان القلب لا ينسي من هدر له نبضه، ربما العقل فارغ من ذكراه، لكن القلب ممتلئ بالمشاعر له.....
مضى بعض الوقت عليهم، نور لم تخبر خالد أو والد ياسمينا بما حدث، تجنبًا لأي خلاف جديد مع جسور، فهما يظنونهما
الآن بالنادي كما اخبرته نور سابقًا، لحظات وأردف جسور قائلًا بعد ما كان شاردًا:-
- هي مين لين دي إللي ياسمينا بتقول عليها؟ وازاي ما عرفت اللي بنا على عكس العادة!، كانت بتعرفني وتعرف كل اللي حصل بنا..
تنهدت نور قائلة:-
- لأن ياسمينا بعد مرضك بسببها، قررت انها تبعدك عنها وتبعد نفسها عن انها تفتكرك، فعطتني المذاكرات اللي كاتبه فيها عنك وطلبت مني أخبيها عندها وماقولش ليها عنها أبدًا وكمان قلعت خاتم الخطوبة عشان مفيش اي حاجه تحرك فضولها عنك، ولين دي صديقة لينا في الجامعة، اللي فهمته انك كنت على علاقه بيها وسبتها وان ياسمينا شافت صورك معاها وشافتك مرة قدام الجامعة قبل الحادثة بيوم او اتنين تقريبًا وانت بتاخدها من هناك مرة، دي كل ذكريات ياسمينا عنك، ولأنها كانت قبل الحادثة، ففكرها عادي...
اومئ له متفهمًا، بينما يغوص في أعماق ذاكرته محاولًا. تذكر من لين تلك التي يتحدثا عنها؛ حتى تذكرها تلك الشقراء الرعناء، والتي جاهدت للفت انتابه، وأعلمها انه يتسلى لا مجال للعشق بقلبه، إلا أنها حاولت استمالته وتعشمت المزيد، فأصر على تركها حتى لا تتعلق به أكثر ويؤلمها، لم يدرك حينها ان ناريته كانت بالأنحاء ولم ينتبه لها، كيف لم يفعل!، ياليته انتبه لها وتقرب منها وعرفها قبل ذاك الحادث وصنع معها الكثير من الذكريات التي تجعلها تدرك هويته وعشقه لها، لكن هكذا هو القدر لا يتوقعه احد، فهو غارق بعشق من لا تعشقه، بل والذكرى الوحيدة بعقلها عنه هي انه فتى عابث يتسلى بالفتيات وقد يفعل بها المثل، تلك الحمقاء لا تعلم بزوابع عشقها بقلبه...
تململت ياسمينا بالفراش، ترفرف بأهدابها، تتأوه بصوت خافت، جذب انتابهم لها، انتفض جسور من على المقعد المجاور لها والتصق بالفراش يجذب يديها بين كفيه قائلًا بهمس ونبرة عشق:-
- حبيبتي ياسمينا انت كويسه!.
جاهدت لفتح جفونها، لحظات وباتت الرؤية واضحة امامها، لتنتفض ما ان تراه أمامها هو ذاك الشاب ذاته، ترك كفها وأنأث يديه عنها، رافعًا أياها لأعلى ما ان لاحظ تشنجها وعيناها المنفرجة بدهشه تطالعه وهتف قائلًا بنبرة حانية:-
- حبيبتي أهدي، أنا مقدر حالتك وأنك مش فاكرني، بس انا خطيبك وبحبك يا ياسمينا، وما كنتش اعرف حالتك وانك بتبعدي عني للسبب دا، عشان كده كنت قدام بيتك حابب افهم ليه بتبعديني وانا متأكد ان في مشاعر بقلبك اتجاهي ودلوقت عرفت السبب..
استمعت إليه بارتياب رغم ذلك تسرب أنين صوته بين طياتها حتى وصل لشغاف قلبها، الذي اهدر دقاته بعنفوان يرسل لها رسالة واضحه أنه يعشقه، تزامنًا مع التفاتها لنور التي اومئت لها مؤيده حديثه لها، خفق قلبها بقوة وهي تنفي برأسها قائلة:-
- بس أنت ولين..
قاطعها قائلًا:-
- مفيش انا ولين، دا كان من سنتين، حتى اني ما كنتش فاكرها اصلًا، يا حبيبتي كانت مجرد تسليه، ما تجاوزت معها الحدود، رغم اني متأكد انه كان غلط وعقابي تكون دي الذكرة الوحيدة بعقلك عني، بس صدقيني انا ما خدعتها، بالعكس انا بعدت عنها عشان ما اجرحها وكنت واضح معها بالبداية، لكن انا عرضت عليكِ الجواز، طلبت تكوني إم ولادي يا ياسمينا، انا بحبك مش بتسلي بيكِ...
ارتسمت بسمة سعادة على محياه نور من حديث جسور ل صديقتها، وشعرت بالسعادة تغمرها، تتمنى أن يكون ما وصل لها من مغزى حديثه صحيحًا وأنه لن يتخلى عن عشق ياسمينا رغم علمه بمرضها، على عكس ياسمينا التي تطالعه بنظرة مندهشة وشفاه منفرجه وقلب يضرب بعظام صدرها بقوة وهي تتهدج قائلة:-
- يعني انت خطيبي!.
اومئ لها مؤكدًا بابتسامه قائلًا:-.
- خطيبك وقريب هكون جوزك كمان
تخضبت وجنتيها بحمرة الخجل من حديثه، ثم رفعت
كفها تطالع اناملها الفارغة بتساؤل، هتف قائلًا:-
- معلش انتِ استغبيتِ وقلعتيها يا روحي وتخليتي عن
ذكرياتي وكنتِ عايزة تبعدي بدل ما تفهميني حالتك
وتسيبي الاختيار ليا، بس معلشي احنا نلبسها من أول وجديد بظروف احسن من اللي فاتت..
عبست بوجها قائلة:-
- مين دي اللي استغابت !.
لوى ثغره قائلًا بتهكم:-
- يعني كل اللي لفت أنتباهك الكلمة دي وبالنسبة لروحي والكلام اللي بعديها إيه هوااا ما سمعتهوش ولا المشاعر عندك متأثره في اللحظة دي يا بيبي...
بطفولية ازداد عبوسها، فهى رغم سنون عمرها الواحد وعشرون إلا أنها تعد طفله بالتاسعة عشر من عمرها، هكذا هي ستظل مهما بلغت من العمر، وهتفت بحدة طفيفة قائلة:-
- انت كمان قصدك أني باردة ومش بحس!.
مسح جسور على وجه بغيظ منها، وقهقه كلًا من عدي ونور المستمتعة بما يحدث الآن، هتف جسور قائلًا:-
- انا هسكت أفضل.
نهضت نور من جانبها، عازمة على تركهما قليلًا، قائلة:-
- هاخد عدي واروح الكافيتريا نجيب حاجه نشربها.
انتبهت لنظرات ياسمينا الوجلة، والقلقة هتفت قائلة:-
- جسور بيكون خطيبك يا ياسمينا وبيحبك ما تقلقيش.
اومئت لها متفهمه وغادرت نور الغرفه برفقة عدي..
ساد الصمت المرتبك لوهلة بينهما، حاول جسور قطعه قائلًا:-
-عندي فضول اعرف كاتبه بمذكراتك إيه عني.
اجابته قائل بذات الفضول:-
- وأنا كمان بصراحة، عايزه أعرف كاتبه إيه!.
أردف جسور قائلًا بغرور وزهو مصطنع:-
- اكيد كاتبه كلام جامد عني وعن وسامتي وكده.
بمشاغبة وحنق طفولي أردفت قائلة:-
- مش اكيد طبعًا دا انا عندي فضول أعرف مشاعري
من ناحيتك اية!، وأيه اللي عجبني فيك أصلًا!.
اتسعت اعين جسور بدهشه قائلًا:-
- مش عارفه إيه اللي عجبك فيا اصلًا!، انا جسور الحديدي يتقالي كده!، انتِ يا بنتِ مش وخد بالك من وسامتي ولا أية!..
استطردت قائلة مستمتعة بمشاكسته قائلة:-
- مش وخدا بالي الصراحة غير إنك واحد مغرور أوي
ابتسم قائلًا وقد أدرك ما تفعله النارية قائلًا بينما يحرك حاجبيه بعبث قائلًا:-
- مغرور بس وسيم وأكيد دا رأيك كمان وتتحديني أشوف كاتبه أية بمذاكرتك عني..
ارتبكت تشيح وجهها عنه مدركه تمامًا اتفاقها معه على وسامته وبالطبع لن تدخل بذاك التحدي، فهي ما أن رأت صورته وعينيه الفيروزية مثلها مثل باقي الفتيات تنعتنا بجمالها ولو هي لم تبوح مثلهم، فماذا اذا بات خطيبها
ويحق لها التغزُل به، من المؤكد أنها كتبت ما لا ترغب بأن يراه..
صمتت للحظات وغصه ما اختلجت قلبها، استدارت له قائلة بنبرة شجن:-
- طبعًا أنت عرفت مرضي وأنه مالوش علاج ذي ما بابا قالي الصبح وواعي ان أنا كل يوم هصحى ناسياك وأنك. هتفكرني بيك كل يوم، هتقدر تتحمل دا!.
ابتسم لها قائلًا:-
- أنا مدرك تمامًا لحالتك يا ياسمينا!، الدكتور ونور شرحوا بالتفصيل عن وضعك وأطمني أنا أقدر أتحمل دا مادام هتكونِ جانبي يا نارية....
رددت كلمته الأخيرة باستفهام، قائلة:-
- نارية!.
اومئ لها قائلًا:-
- انتِ نارية، عشقك مزيج من النار والحياة، نار راغب أني احترق فيها وحياة بتمني أحياها بوصالك...
كلماته تربكها، تزعزع ثباتها، وتقتحم قلبها، تهدر نبضه، وتُرسم بسمة على ثغرها، لا تستعب كل هذا، مرضها وأعلان عشقه لها وتقبله لحالتها الصحية، تشعر بالاضطراب والوجل من حاضر ومستقبل مجهول لا ولن تعلمه...
أدام النظر لشرودها، هتف قائلًا بنبرة مازحة:-
- وغير أن للمرض دا في إيجابيات
طالعته باستغراب متسائله عن مقصده، همس قائلًا:-
- ايوا طبعًا ليه إيجابيات، شوفي يا ستي يعني مثلًا لو تخنقنا وأنا زعلتك، هتقومِ من النوم مش فاكره أننا زعلنا اصلًا فمش هيكون في نكد في حياتنا خالص وغير كده الموضوع شيق بالنسبالي إني أختبر تأثيري عليكِ يوميًا وانا بوقعك بحبي من جديد...
قال هذا بغمزه عابثه، جعلت البسمة ترتسم على شفتيها من منطقه الغريب، والتي تدرك جيدًا أنه يتقصد المزاح معها واشغالها عما تفكر به وقد نجح في هذا، هي الآن لن تهتم ماذا سوف تخسر اذا تركت ذاتها له ولعشقه، لتكون أنانية وتحيا عدة لحظات من الحب والسعادة ...
******
كان كلًا من عدي ونور يسيرا برواق المشفى، متوجهين حيث الكافتيريا، اوقفها عدي قائلًا بنظرات مقتضبه:-
- ليه ما قولتي لي عن مرض ياسمينا!.
تنهدت نور قائلة:-
- لأن مرضها حساس وما ينفعش أحكي لأي حد عنه يا عدي..
تهجمت ملامحه وهو يعاتبها قائلًا:-
- أنا أي حد يا نور!.
تهدجت قائلة:-
- مش قصدي يا عدي، أنا ـــــــ
قطعها قائلًا بنبرة غاضبه متهكمه:-
- خلاص يا نور ما توضحيش انا خلاص فهمت مكانتي عندك..
التمعت مقلتيها بالدموع وهي تراه يسرع بخطواته مبتعدًا.
تيبست مكانها متألمة، هي لم تقصد هذا مطلقًا، أنتبه هو أنها لا تجاوره، ألتفت خلفه رأها موضعها تطالعه بنظرات متألمة وحدقتا يسكنها الدمع، تراجع للخلف حيث هي وقد ألمه رؤية عبراتها وهتف قائلًا بندم يعتريه:-
- نور انتِ بتعيطي!، اسف حبيبتي ما كان قصدي ازعلك.
اومئت قائلة بحشرجة:-
- انا مش قصدي انك اي حد، هو حالتها المرضية سر وأنا وعدت خالد أحافظ عليه، عشان مفيش حد يستغل حالتها..
اومئ لها متفهمًا، وكاد ان يرفع ذراعيه ليربت عليها والاخرى لأزاحه عبراتها، تراجعت للخلف تطالعه بنظرات رافضه، ابتسم بحرج قائلًا:-
- اسف مش قصدي يا حبيبتي، الظاهر أننا لازم نكتب الكتاب بأسرع وقت..
ثم أشار بيديه لها للتقدم، ابتسمت بخجل وتقدمت تجاوره حيث وجهتهم، ما أن وصلوا حتى جلب كأسين من العصير وجلسوا معًا قليلًا، تنهد عدي قائلًا:-
- تفتكري هينفع يكملوا!.
رفعت رأسها تطالعه بنظرات متأمله لعلها تفطن رأيه، لكن نظراته كانت جامدة وهتفت قائلة:-
- ليه لأ يا عدي!،اذا بيحبها هينجح في دا، عارفة ان الوضع صعب، لكن مش مستحيل، وهي ما لهاش ذنب في اللي حصل معاها عشان تنحرم من أنها تعيش تحب وترتبط زي أي بنت....
هتف قائلًا باضطراب:-
- مش عارف يا نور، بس حاسس أنه صعب أوي أنه حبيبته تنساه وتمحيه من ذاكرتها يوميًا وهو مطالب انه يفكرها بيه، صعب ومؤلم أن تكون ذاكرتها خاليه من اي احداث تجمعهم...
هتفت قائلًة بتسأل له:-
- لو فرضنا اننا تجوزنا يا عظي وتعرضت لحادثه وحالتي بقيت زي ياسمينا، هتسبني!، ولا هتكمل معايا!.
هتف قائلًا بدون تفكير:-
- بعيد الشر عنك يا نور، واجابه على سؤالك عمري ما هتخلى عنك، انا بحبك..
ارتسمت بسمه خجل على محياها وهي تهتف قائلًة:-
- نفس الشيء يا عدي، ليه ما فكرتش ان كان ممكن يتقابل مع ياسمينا وهي سليمه وتحصلها الحادثة وقتها ما كانش هيسيبها أكيد، وهيكمل معها أذا كان بيحبها، الحب هنا هو اللي بيقوي وبيمنح القدرة على الاحتمال، وهو اذا بيحبها هيتحمل عشان يكون قريب منها..
- ابتسم لها بحنان وقد اقنعه حديثها، وهتف قائلًا:-
- معاكِ حق الحب هو اللي بيحركنا، ويغيرنا، واذا فيه حب بين الشريكان كل شيء يهون، دا اللي تعلمته من عيلتنا....
بذات البسمة هتفت قائلة بينما تنهض:-
- أظن اننا اتاخرنا، ولازم نمشي قبل ما حد يقلق علينا ويحس بحاجة والوضع يتعقد، انت ما تعرفش خالد بيخاف على ياسمينا ويحاوطها ازاي، ودايمًا حاسس بالذنب انه ما قدر يحميها وقتها...
اومئ لها متفهمًا وهو ينهض يجاورها، ويعودا حيث الغرفة...
****
قهقهه جسور بشدة دون سبب، رمقته ياسمينا بعبوس وتسأل لتلك القهقهة دون سبب، فأجابها قائلًا:-
- اسف يا حبيبتي، بس بضحك عليا، تعرفي ان كنت غبي إذا فكرت للحظة ان قصة حبي ممكن تكون عاديه او طبيعية، لازم تكون مختلفة طبعًا زي باقي عيلتنا الجنونية
كانت تطالعه بعدم استيعاب، فأستطرد هو قائلًا:-
- ما هو انتِ معذورة يا حبيبتي لو سمعتي عن قصة
حور الشيطان اللي هما أبويا وأمي ولا قصة عشق اختي اللي قعدت شهور بعد جوازها تنادي جوزها بأبيه وهي حامل منه، كنتِ فهمتي أن قصة عشقنا أبسط من العقد في علاقتهم ، تعرفي ان سبب انتقالي للمقر هنا هو صلة القرابة اللي بيني انا وعدي، اللي استظرف واحد عارف عيلتنا وحكي عنها وبقينا تريقه الدفعة لحد ما تخرجنا..
رسمت ملامح الحيرة على محياها وهتفت قائلة بتسأل:-
- مالها صلة القرابة بينك وبين عدي هو مش اخوك!.
قهقهه قائلًا بنبرة مازحة :-
- بصي هو انا مش حابب اعرف حد تاني عنها، بس طالما هتنسيها يبقى هقولك، هو اخويا بالرضاعة انا وهو رضعنا من مرات عمي وبقينا اخوات لتيا بالرضاعة، بس صلة قرابتنا الحقيقة معقدة شوية، يعني انا خال عدي
ثم صمت لوهله و قال:-
وبنفس الوقت هو خالي..
عقدت حجبيها معًا بعدم فهم قائلة:-
- ازاي يعني مش فاهمه!.
ابتسم لها قائلًا:-
- والله وانا صغير قعدت فتره على ما استوعبت،
بصي يا ستي.....
واستمر بسرد قصة عشق والديه لها، وعي تستمع بنظرات اعين تتسع بدهشه مما تستمع أليه إلى انهى حديثه قائلًا:-
- شفتِ يا ياسمينا هانم العيلة اللي انتِ هتكونِ فرد منها، عيله عملت لي عقدة انا وعدي...
قهقهت هي بسعادة عليه قائلة:-
- حقيقي صعبه ومتشابكه، انا ضعت وتهت منك وانت بتحكي...
ارتسمت بسمة سعادة على وجه المليح، وهو يرى قهقهتها وسعادتها وهي تناظره، وبداخله عزم على عشقها ونيل قربها مهما كان صعب أو مستحيل وتوعد بتعويضها عما أصابها، سوف يجعل كل أيامها سعادة، فكل يوم تنساه يليه سيكون أفضل منه، لن يكل او يمل في رسم البسمة على محياها، وسوف يجعلها تقع في عشقه كل صباح حتى يشيب رأسهم ويروى لأحفاده عن قصص العشق العجيبة الذي توالت على قصر عائلة الحديدي.....
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنت تقرأ
كيف لقلبك انتمي... الجزء الرابع والاخير من سلسلة حور الشيطان عشق محرم
Romanceالجزء الرابع من سلسلة عشق محرم