البارت الرابع عشر

5.9K 320 11
                                    


قدري:
لما كُتب لي فيكَ فارقًا، يحرق روحي ويهشم أضلُعي
قدري:
لما أمسيت مُظلم ومؤلم راغب بهلاكي، أي حياةٍ
قد أحياها دونها من سميت نبض القلب ورفيقة الروح
من تنير عتمة قلبي بابتسامة ثغرها، تلبدت الغيوم في سمائي واهتاجت عواصف تطيح بثباتي، حينما فارقتني
من انتُسب لها عنفوان غرامي..
ـــــــــــــــــــــــــــــ

كان جسور ممدًا على الفراش عاري الصدر، يحتضن وسادتها الممتلئة بعبق رائحتها المميزة بانتشاء، فمازال رغم تلك الأيام عبيرها ملتصق بها، شرد بقدر كُتب له المعاناة،  فقد أصيب بعشقٍ أسود يدمي روحه آنين، يعشق آنثى بيقين أنه لن يملك قلبها بين يديه يومًا، مهلكة هي له في كل حين، فقربها مؤلم وبعدها مؤلم،  فقد قتلته بأحدي الكلمات وأحيته بأخرى، كان غارق بنشوة عبقها وذكرى كلماتها حتى استمع لرنين جرس الباب،  زفر منتفض من على الفراش متوعدًا لعدي فقد أخبره أنه بخير وفقد يحتاج إلى الراحة، توجه حيث باب المنزل،  إلى ان وصل وجذب مقبض الباب قائلًا بحنق:-
  - يا بني آدم يا ثقيل مش قولتلك انا ـــــــــــ.
  قطع جملته متفاجئًا بياسمينا أمامه تتفحصه بذعر انجلى على محياها، شهقت ما أن رأت جرح جبينه..
رفعت أناملها تتحسس جرحه، والعبرات تنساب من مقلتيها حزنًا قائلة بلوم لذاتها:-
  - أنا السبب!.

  كان منصدم حقًا من وجودها إلى أن تحسست بأناملها جرحه ورأي دموع الوجل تهبط من عين الحياة خاصتها، أفاق حينها من صدمته، رفع انامله يزيل تلك العبرات، ثم ضمها نحوه بقوة وعنفوان، ضمها وكأنه سيدخلها بين أضلعه حيث قلبه ويغلق عليها، حتى يتأكد أنها لن تتركه، انصت لتلك الشهقة المكبوتة بعنقه، همس بأذنيها قائلًا؛-
  - هشششش أنا بخير يا قلب جسور
  ثم شرع  بسحب ذرات الهواء المعقبة بعبيرها، وهو يستشعر دفئ جسدها بين يديه مغمض عينه بقوة، كل شيء يهون أمام قربها، نجمته العالية، وشمس سماءه، وقمر ليله
تلك التي يصعب الوصول أليها..

ظلا لحظات هكذا حتى استكانت بين يديه،  تنهد بقوة وهو يبعدها عنه دون ان يعتقها، يتطلع بملامح محياها بوله، وابتسامه ترسم محياه ابتهاج لرؤيتها الآن،  وهتف قائلًا بنبرته الماجنة رافعًا أحدى حاجبيه لأعلى:-
  - الاميرة النارية بذات نفسها هنا، شرفتِ بيتك المتواضع..
هتفت قائلة بنبرة شجن:-
  - أسفه يا جسور على اللي حصل، صدقني ما كنت أقصد.
اومئ لها متفهمًا يرسم ابتسامه عاشقة على محياه وأردف قائلًا:-
  - ولو كنتِ تقصدي فكرك كنت هسمع منك وأبعد، لا كنت هجيبك غصب عنك واخطفك، انتِ مراتي، قدري وانا قدرك
يا نارية.
قطبت حاجبيه على ذاك اللقب قائلة:-
  - نارية!، ليه بتقولي كده ومش بتناديني بأسمى
  أتسعت ابتسامته وهتف قائلًا بنبرة عابثه:-
  - نارية دي صفه جاية من النار اللي بتحرق كل اللي يقرب منها ، ودا تعبير مجازي عن احساسي بيكِ وبقربك..

  أشاحت وجهها بخجل من كلماته، فماتزال تشعر بغرابة الأمر أنه زوجها، فكم غريب ان تستيقظ صباحًا وتدرك أن الكثير تغير بحياتك دون علمك، فقدت أب وحصلت على حبيب وزوج، حقًا كان وجوده وحبه داعم لها بعد استيقاظها وادراك حالتها وصدمة فقدانها لوالدها، وكل تلك المشاعر التي رأتها بينهما في تلك الفيديوهات والصور، جعلت قلبها يهدر دقاته، لأداركها انه بات يخصها ويكن العشق لها، لتداري حرجها بمزاحها قائلة:-
  - واضح انك كويس وانا خفت عليك وجيت على الفاضي.

  رفع حاجبه قائلًا بتهكم:-
  - والله!، بدل ما تتبسطي وتقربي تبوسي وتحتضني فيا وتقولي الحمد لله انك بخير يا حبيبي، ربنا يخليك ليا، وما يحرمني من وجودك، بتقري عليا وندمانة انك جيتِ يا مدام.
ابتسمت بخجل قائلة:-
  - ألف سلامه عليك طبعًا، والحمد لله انك بخير، كويس إني اطمنت عليك، عن آذنك لازم أمشى..
كادت ان تبتعد لتجده يضغط على خصرها مانعًا أياها قائلًا بحده طفيفة:-
  - عن أذنك ولازم أمشي، علي فكرة انا جوزك والله ودا بيتك..
بنبرة تهكم أردفت قائلة:-
  - والله!، جوزي وبيتي اللي حضرتك موقفني على بابه من اول ما جيت وكأني ضيفه تقيله عوزها تمشي، على العموم ما تقلقش أنا اصلًا همشى على طوال..
انتبه هو لذلك ورفع أنامله يمسد خصلاته بحرج، لكنه هتف قائلًا بنبرة ماكره:-
  - مش يمكن فى حد جوا مش عايزك تشوفيه، يعني شاب وسيم زيي مراته بعيدة عنه من فتره ومن كام ساعه قالت له انها مش عايزه، لازم وقتها نفسيته تتأزم ويلجأ للمنكرات ويقرر يثأر لكرامته ورجولته وفي لحظة انهيار يضعف ويغلط ..
طالعته بصدمه ما أن تفوه بتلك الكلمات وعينها ترمقه نظرات متفحصه، لتنتبه انه عاري الصدر، بخصلات مشعثه
شعرت بنيران الغضب والغيرة تتأجج بداخلها لوهلة، وقد محت أي شعور بالخجل لرؤيته هكذا، لكنها أدركت انه يعبث معها، فلو هناك أحد بالداخل لما قال هذا مطلقًا
لكن ماضيه يجعل الشك يراودها..
كبح هو ابتسامه تكاد ترتسم على شفتيه وهو يرى صدمة حديثه وتلك النظرة التي ارتسمت على وجهها، فتابع قائلًا بمغزى:-
  - تحبي ألبس وأوصلك يا بيبي ولا أطلب من عدي!.
  حسنًا الآن تمكن الشك منها فهو يحثها على الذهاب. لذا هتفت قائلة بينما تزيحه لتدلف الى الداخل:-
  - لا أنا قررت أبقي معاك شوية واطمن عليك، انت كنت عامل حادثه ومتعور يا حرام، على القليل اعملك أي حاجه هو مش أنا مراتك ودا بيتي بردك..
  نبض قلبه بسعادة فقد نجح الآن في استدراجها لتبقى، لكنه اردف قائلًا بتهكم:-
- وسيادة الرائد اكيد ما سمحلك تيجي كده عندي،  وأكيد انتِ جاية من غير ما يعرف، اعتقد لازم تروحي يا بيبي عشان اخوكي ما يزعل منك..
لما تشعر بأنه يصر على ذهابها الآن، هل حقًا معه أحد بالداخل أما أنه يسخر منها الآن..
لذا أردفت قائلة:-
  - أبيه في الشغل، ومش هيرجع إلا بليل..
قالت هذا وهي تجول بعينيها المكان،  أغلق الباب وتقدم نحوها بانتصار قائلًا بينما يضمها أليه من الخلف:-
  - معنى كده أنك هتبقي معايا لحد بليل.
  تهدجت أنفاسها شاعره بالتوتر قائلة وهي تبتعد عنه:-
  - أكيد انت تعبان وعاوز ترتاح، الافضل تدخل أوضتك ترتاح شويه وانا هحاول اعملك شوربة سخنة.
  ابتسم عليها بمكر وأعاد الاقتراب منها يضمها أليه مجددًا قائلًا:-
  - لا لا انا تمام مش عايز ادخل الأوضه أنا هنا كويس..
  هنا وتضاعفت شكوكها وتطاير الشر من عينيها قائلة:-
  - انت مش عايز تدخل الاوضه ليه!..
تظاهر بالبراءة واستطرد قائلًا:-
  - أنا لا أبدًا، عايزة ندخل جوا اتفضلي، البيت بيتك و الاوضه أوضتك، بس أنا مش عايزك تقولي اني بستغل وجودك واني قليل الأدب ودماغي شمال.
  اردفت قائلة بنبرة مؤكده:-
  - لأ مش هقول اتفضل معايا جوا عشان ترتاح.
   هاهو انتصر عليها تلك القصيرة النارية التي وقع إليها وجعلها تفعل كل شيء بأراداتها، لذا استطرد قائلًا:-
  - تمام اتفضلي..
  تحدث وهو يدلف الى الداخل بابتسامة انتصار..

ولجوا إلى الغرفة، تلفتت حولها يمينًا ويسارًا لم تجد احد، تقدمت اتجاه المرحاض تتفحصه، وكان أيضًا خالي، تتبعها قائلًا:-
  - بتدوري على حاجه يا بيبي!.
زفرت بالارتياح واستدارت قائلة:-
  - لا أبدًا
  لتصدم بقربه منها الى هذا الحد، و ذراعيه التي ارتفعت تحاوط خصرها  وهو يهمس قائلًا:-
  - وحشتيني اوي اوي يا ياسمينا..
تضاعف وجيبها وتهدجت انفاسها من قربه، خاصةٍ عندما انحنى يلثم وجنتيها وأنفها برقه، هتفت قائلة بهمس خجل:-
  - جسور، لوسمحت أبعد ..
  بنبرة عاشقة وهو يتابع اجتياحه لمشاعرها و هتف قائلًا بهمس:-
  - انا جوزك يا ياسمينا وحبيبك، عايزك تقوليها..
  خفضت وجهها بحرج، وقلبها يتضاعف وجيبه وتلك الرجفه تجتاح جسدها، استمعت له يكرر طلبه منها أن تقولها مجددًا:ـ
فقالتها بهمس خجل:-
  - انت جوزي وحبيبي يا جسور.
ابتسم بعشق ونبض قلبه بقوه، و انحنى يحملها بين يديه قائلًا:-
  - وانتِ وحشتي جوزك حبيبك أوي أوي يا نارية قلبي ..
وكان هذا اخر ما قاله قبل ان يغرق معها في بحور العشق...
****
بعد مرور الوقت وقفت سيارته أمام منزلها، التفتت له تقبل وجنتيه مودعه، منعها من الترجل وبنظرة شجن أردف قائلًا:-
  - هنفضل كده لأمتي يا ياسمينا.
   بنبرة مشتتة اردفت قائلة:-
  - مش عارفه،  بس مش هقدر ازعل أبيه ولا أزعلك وابعد عنك، مش هقدر اختار بينكم!.
  أغمض عينهُ قائلًا، والوجل يتسلل أليه:-
  - النهارده ما اخترتِ يا ياسمينا بس بعدين ممكن تختاري، اليوم كنت معاكِ وحسيتِ بيا، خايف بكره عدم وجودي ينسيكِ، خايف أنه يمحي أي أثر ليا وتنسيني..
  قال ما قاله وكأنه يدرك ما سوف يحدث في مستقبله المظلم، لكنها رفعت يديها تحاوط وجهه قائلة:-
  - مش هيعمل كده، غير إني متأكدة انك مش هتسمح بدا هتفكرني بيك وبوجودك وحبك دايمًا، لأنك قدري..
ارتسمت البسمة على شفتيه طربًا لما قالته، متأكد من صحته هو لن يسمح لها بالابتعاد عنه مطلقًا، لذا جذب كفيها يلثمهما برقه قائلًا:-
- فعلًا انتِ قدري ..
انهي حديثه وسمح لها بالذهاب وانطلق عائدًا بسيارته إلى شقتهما...
**"
بعد مرور شهر وعدة أيام كانوا على وضعهما كان فيها خالد يبحث حول الأمر وما من دليل يظهر يبرأ جسور، كما ان شريف كان كالأفعى يبث سمه بداخل رأسه عنه، بينما كان جسور يحرص على مهاتفة ياسمينًا دومًا واخبارها كم يعشقها بعدما يرسل لها العديد من الفيديوهات التي تجمعها سويًا خوفًا من أن يكون خالد أخفى وجوده عنها،  واحيانًا كان يصر على مقابلتها ويخبرها أنه ينتظرها بالأسفل،  وعليها المجيء وإلا ولج واخذها عنوة،  فتذعن له وتتسلل لرؤيته حينها يبث مشاعره الهوجاء لها، ليؤكد عشقه وملكيته لها،  كان الأمر رغم أنه مسلًا هذا التسلل ولحظات المراهقة،  إلا أنه اشتاق حقًا لبقائها معه، النوم بجانبها والاستيقاظ على رؤية محياها المليح ومشاكستها له، فالوقت يمر ببطيء دونها وسماع صوتها لا يكفيه، هو يرغب بها قربة، بعبق أنفاسها، وملمس جلدها، وابتسامة ثغرها المدوية عندما تشاكسه وأيضًا اشتاق لمقالبها، لذا يجاهد هو الآخر في بحثه لأيجاد هذا الخائن الذي تسبب بكل ما حدث فهو يدين بأيجاد المتسبب بقتل اللواء الذي أفداه بروحه...

بدأت ياسمينا تشعر بأعياء يصيبها كل صباح، تشعر برغبة بالتقيؤ وبعض الدوار ولكن ما ان ينتهي اليوم تنسى ليعود أليها فالصباح فترجح أنه برد بالمعدة وربما تناولت شيء اتعبها ولا تدرك ان بذرة عشقهما تنموا برحمها، حتى ذات صباح كانت تطالع هاتفها والتقويم الزمني الذي تستخدمه لتذكيرها بتواريخ هامه تحددها بذاتها  يوميًا تقريبًا هكذا فهمت، لتتفاجأ بموعدين، اولًا ان عيد زواجها من جسور غدًا وأيضًا تأخر  موعد دورتها الشهرية لما يزيد عن عشرة أيام ولم تنتبه، أغمضت عينيها تسحب أنفاسها وتلك الخاطرة تلوح برأسها بتساؤل هل هي تحمل طفلًا برحمها الأن، تسارع نبضها مع تلك الفكرة وشعرت بالضياع لا تعلم ماذا تفعل لتتأكد،  اسرعت بالبحث على حاسوبها واكتشفت ان عليها جلب اختبار للحمل،  بحثت عن رقم اقرب صيدليه وهاتفتها تطالب به،  بعد مرور الوقت جاءها الاختبار
وخضعت له..

وها هي بالمرحاض تقف امام المرأة تنتظر النتيجة التي علمت ان ظهور خطين يعني أيجابيتها،  توسعت عينيها وانفرجت شفتيها وخفق وجيبها بقوه وهي تراهما أمامها،  انها حامل، هي تحمل طفلًا صغيرًا برحمها، ستكون أم وهي اكتشفت اليوم خبر زواجها، يا ألهي ما الذي يجب ان تشعر به الآن، اعتراها التخبط كيف ستكون أم بحالتها هذه، ظلت لدقائق او ربما ساعة تطلع به بصدمه، حتى تسلل الشعور بالفرح لقلبها وطغي على مشاعر الوجل والتخبط التي تشعر بهما، ووضعته وتحسست بأناملها معدتها قائلة:-
  - أنا سعيدة جدًا بوجودك رغم خوفي، وبشكر باباك انه منحك ليا، عارفه ان هكون أم مختلفه ليك، أم تنساك يوميًا وتتفاجئ بوجودك، لكن انا بوعدك ان هحبك أوي، كمان هيكون عندك أب يجنن، أب حب مامتك رغم وضعها الصحي ومنحها حاجات كتير كان من الطبيعي انها تنحرم منها في وضعها دا ومن أهمها أنت يا روح مامي، عشان كده أنت هتكون مفاجأة بابي وهديته بكره بعيد جوازنا، اللي مش قادره اصدق ان مر عليه سنتين.
ثم صمتت قليلًا تبتسم ببلاهة حتى اردفت قائله:-  ودلوقت لازم اسجل وجودك يا قلبي عشان ما انساه..
وخرجت تجذب مذاكرتها وبدأت تسرد صدمتها وفرحتها بخبر حملها وزواجها اليوم، ثم شرعت بتثبيته على هاتفها
ليذكرها به غدًا وبتاريخ زواجهما وتلك المفاجأة التي سوف تخبره بها..
**
كان جسور بتلك اللحظة في محل المجوهرات ينتظر تلك القلادة التي قد اوصى عليها سابقًا ليقدمها لها بذاك اليوم
فقد أوصى بقلادة تحمل صورة لهما بليلة زفافهم معًا وطبع عليها تاريخ زواجهما، لتذكرها دائمًا به  ...
***
في ذات اللحظة كان شريف قد سئم من محاولة قتله لجسور وقد التمعت فكره برأسه حينما علم من خالد حقيقة وضع ياسمينا الصحي ومرضها، فقد كان حينها خالد مدمر نفسيًا لموت والده، فذهب أليه شريف صباحًا يرسم دور الصديق الجيد، يحثه على العودة للعمل والذهاب معه، حينما وصل كان تزامنًا مع انهيار ياسمينا لاكتشاف موت والدها مرة اخرى، وقد تفاجأ بحالتها تلك وكأنها علمت الخبر لتوها وذاك الحديث المبهم التي تفوهت به عن وضعها وما يصيبها يوميًا، حتى بات واضحًا حينما أخبره خالد بما أصابها بذلك الحادث، وعن استيقاظها اليومي فاقدة لذكرياتها، هنا وشعر شريف بالسعادة وانه الآن يستطيع الفوز بها وأقناعها بسهولة بما يريد، لذا رسم خطته جيدًا وطلب من احدهم مراقبة المنزل ينتظر الفرصة المناسبة لتنفيذها، لكن طيلة الايام لم تخرج ياسمينا إلا مرات قليله وكانت تتسلل لتقابل جسور الذي ينتظرها خارجًا، وما أن كان يعلم بهذا حتى تتأجج نيران بقلبه غيرة، يتعهد بالخلاص منه والفوز القريب بها، وها هي الفرصة ستقدم له...
****
في اليوم التالي بعد روتين ياسمينا اليومي وصدمتها وتقبل للأمر كالمعتاد، آتتها تلك الرسالة التي ذكرتها بإحداث اليوم وصدمتها بذلك لبعض الوقت، إلى أن تداركته بسعادة ونهضت عازمه على تنفيذ ما توعدت به، فاليوم ستذهب الى بيت الجبل المذكور في مذكراتها  والتي قامت بأخذ عنوانه من حماتها حور التي تحفظ رقمها على الهاتف أيضًا وتقوم بالاتصال بها من حين لآخر تذكرها بها واليوم هي من فعلت واتصلت بها محرجة من أن تكون لا تتقبلها، لكنها تفاجئت بنبرتها الحانية والمرحبة، كما أنها أخبرتها انها ستطلب من هانية وعوض تجهيز البيت لأستقبلهم وتحضير الطعام لهما كم اخبرتها أنها سوف ترسل سائق يأخذها ألي هناك، لكنها رفضت شاكرة لها مبتسمه حينها بسعادة لعلمها بأن لديها حماة لطيفه مثلها،  ثم قامت بحفظه حتى لا تضيع،  ثم تركت رسالها لأخاها بغرفته تخبره بذهابها لرؤية جسور بما ان اليوم ذكرى زواجهما، عازمه على اخبار أخاها  بحملها ومحاولة اصلاح العلاقة بينهما والتي لا تعلم لما هي متوترة هكذا...
وللمرة الثانية قررت استخدام سيارتها والذهاب بها، وبالفعل خرجت من باب منزلها واخرجت السيارة من الجراج متوجهه للعنوان الموضع على"gbs" أمامها وقادتها إلى وجهتها، ولم تلاحظ تلك السيارة التي انطلقت خلفها وبداخلها رجلين احدهم استخدم هاتفه للاتصال على شريف يخبره بأمر خروجها وحدها قائلًا:-
  - ألو يا سيادة الباشا السنيورة اللي حضرتك طلبت منا مراقبتها، خرجت وتحركت لوحدها بعربيتها أهه.
كان شريف حينها بجانب خالد حينما صدح رنين هاتفه، نهض حينها فورًا معتذرًا للرد عليه مدركًا ان اتصالهما هام، خرج وأجاب عليه وما ان سمع ما تفوه به حتى اخبره قائلًا:-
  - تمام تتصرف وتقطع عليها الطريق وتجيبها على العنوان اللي اتفقنا عليه من غير ما حد يشوفك...
  اومئ له الرجل واغلق، عاد شريف الى الداخل حتى يبعد أي شك عنه وأنه بتلك اللحظة كان برفقة خالد...

استغل الرجل وجودهم بهذا الطريق الفارغ  وبدأ بمحاولة قطع السيارة على ياسمينا وقد فعلوها بكل بساطه لأنها غير متمرسة بالقيادة، كانت مرتعبة مذعورة حينها، فقد تفاجئت بتوقف السيارة امامها، ضغطت فرامل السيارة وأوقفتها بذعر حينها،  وبسرعه كانوا قد ترجلوا متوجهين نحو سيارتها،  حاولت قفل السيارة والاتصال بأحد لمساعدتها إلا انهم حطموا الزجاج وفتحوا باب السيارة واخرجوها عنوه، بعدما افقدوها الوعي بذاك المنديل المحتوي على المخدر، ثم أطفأوا هاتفها وقاموا بتخبأة السيارة وأخذوها حيث المكان الذي أخبرهم به شريف، بيت على اطراف المدينة..
***
تأفف جسور شاعرًا بالضيق وهو يستمع لتنبيه أغلاقها لهاتفها للمرة العاشرة للآن، محاولًا الوصول إليها وأخبارها بذكرى زواجهما ورغبته بلقائها وإعطائها تلك الهدية، يحارب شياطين عقله التي تشير  له ان خالد خلف هذا الأمر،  وأنه بدأ بجعلها تنساه وقد حظر رقمه او ربما قام بتغير رقمها،
ولج عدي أليه قائلًا:-
  - مالك يا بني مبوز كده ليه!، هي لسه ما رددت عليك!.
  اومئ له جسور زافرًا قائلًا:-
  - لا ما بترد وبفكر اروح دلوقت للرائد خالد وامسك فيه واقوله مراتي وهخدها، أنا زهقت من الوضع دا..
هتف عدي قائلًا:-
  - اهدى بس يا جسور، وأنا هكلم نور يمكن عارفه حاجه..
  اومئ له، بينما رفع عدي يهاتف نور التي اخبرته انها حدثتها صباحًا وأخبرتها بأنها تحضر مفاجأة ما لجسور مع والدته حور، ابتسم عدي وأغلق الخط وطالعه بابتسامه قائلًا:-
  - الظاهر النهارده يوم حظك ومراتك فاكره عيد جوزكم وبتحضر لك مفاجأة مع أمك،  دا اللي عرفته نور..
  ابتسم جسور بسعادة قائلًا:-
  - قول والله!.
قال هذا وهو يسرع بالتقاط هاتفه يطلب والدته التي ما أن أجابت عليه حتى هتف قائلًا:-
  - قري واعترفي يا حور بتجهزوا لأية انتِ وياسمينا..
  قهقهت حور قائلة:-
  - ولا بنخطط ولا حاجة!، هي بس حابه تعملك مفاجأة واكيد هتتصل بيك وتقولك هي عن مكانها أنا مليش فيه..
هتف قائلًا:-
  - حور يا قمر، انت أمي أنا، قوليلي هي فين دلوقت.
  - لا أكيد مش هقولك، استني مراتك تتصل بيك يا حضرة الضابط تكون جهزت نفسها..
ابتسم بسعادة قائلًا:-
- ماشي يا حور هستني
ثم اغلق هاتفه شاعرًا بقلبه يخفق بقوة لتذكرها حدث اليوم، ثم اعاد الهاتف الى موضعه وعاد إلى عمله،  ينتظر اتصالها له أحر من الجمر، لكن الوقت يمر ولم تهاتفه وهاتفها مايزال مغلق أصابه التوتر حقًا، فقد انهى دوام عمله، لا يعلم ماذا عليه ان يفعل، تسأل أن كانت ذهبت الى شقتهم وتنتظره هناك، لذا توجه الى هناك كي يتأكد..
فى هذا الوقت عاد خالد إلى المنزل، ولج غرفتها باحثًا عنها ما ان لم يجدها حتى شعر بالذعر،  استدعى الخادمة يسألها عنها،  اخبرته انها لم تراها منذ الصباح، شعر بالغضب يعتريه، وصك على نواجذه وهو يخرج هاتفه للاتصال بها، لكن ما من مجيب،  هبط الدرج،  يخرج مستقل سيارته حيث وجهته منزل جسور
**
وصل جسور للشقة وجدها فارغه ما من آثر لها فيها، هنا وشعر بالقلق يتسرب بين حناياه،  شعور كان يتجاهله طيلة اليوم، تنهد براحه ما ان استمع لرنين جرس المنزل،  معتقد أنها هي، أسرع بفتح الباب، صُدم برؤية خالد أمامه وهنا وقلبه داهمه الوجل وتهدجت نبضاته حينما أردف قائلًا:-
  - فين ياسمينا؟.
  تحدث قائلًا:-
  - معرفش مش هنا، وبتصل عليها تليفونها مقفول من الصبح...
  الذعر أختلج قلوبهما بتلك اللحظة كلًا منهما يطالع الأخر بنظرات وجل وخالد يهتف قائلًا:-
  - اذا مش معاك هي فين!، الدادة بتقول انها مش موجوده من الصبح!.
  أردف جسور قائلًا  بتهدج:-
  - معرفش ما شفتها انا كنت مسنتيها تكلمني  وجيت هنا فكرتها موجوده ما لقتهاش وكنت لسه هنزل اروح لها البيت..
  - تملك الذعر من قلب خالد وانجلى على ملامحه، لكن ثمة شك يراوده اتجاهه، لا يزال قائم، فهتف قائلًا قبل ان يستدير مغادرًا:ـ
  -  قسمًا بربي لو طلعت بتكدب او مخبيها عني او اختي تأذت ما هرحمك يا جسو، اختي اللي بقيت ليا ومش هسمح تتأذى...
  واستلقى المصعد هبوطًا لأسفل، تلجم جسور موضعه للحظه شاعرًا بانقباض بقلبه وولج  يجذب هاتفه هو الاخر، يلحق به هابطًا الدرج، توقف متذكر والدته، فأسرع بالاتصال بها قائلً ما ان اجابت:-
  - حور قوليلي مكان ياسمينا مختفيه وتليفونها مقفول..
  اردفت قائلة بقلق:-
  - كنت لسه هكلمك، عوض لسه مكلمني ان محدش فيكم وصل بيت الجبل زي ما اتفقنا، رغم ان ياسمينا كان لازم تكون هناك من بدري.
ازدرد ريقه بخوف قائلًا:-
  - تمام انا هروح اشوفها..
اغلق الخط وتابع هبوطه وصعد سيارته متوجه الى بيت الجبل، يبحث عن سيارتها بالطريق إلى ان وصل ولم يجدها، دق قلبه بعنفوان وهو يعاود الاتصال على خالد الذي اجاب عليه بأمل هو الاخر، ليهتف الاثنان بذات الوقت قائلين:-
  - لقتها!.
  بنبرة متهدجه اجاب كلًا منهما نافيًا، قال جسور له:-
-أنا جيلك.
واغلق الخط متوجه حيث منزلها،   بعد ان طلب من عدي جمع الرجال والبحث بالطريق وانطلق ينظر على جانبي الطريق مجددًا، ولا من أثر لها، حتى وصل الى المنزل، كان خالد يبحث هو الاخر عنها، اتصل بنور واخبرته انها لا تعلم سوا انها اخبرتها انها تُعد مفاجأة لجسور وستخبر الجميع عنها بعدها وأنها ذاهبه لتلتقي به، بقى حائر لا يعلم اين ذهبت فهي لا تعرف احد، لذا عاد إلى  المنزل بقلب منكسر،  عندما اخبره جسور بمجيئه،  لا يعلم لما ينتابه الشك نحوه..
تقابلا سويًا على اعتاب المنزل،  ترجلا من سيارتهم وجسور يهتف متسائلًا:-
- لقيتها.
أردف خالد بغضب قائلًا:-
- اللي عرفته ان اختي كان المفروض تكون معاك دلوقت وانت بتنكر وجودها..
اردف جسور قائلًا:-
  - بنكر وجودها لأنها مش معايا،  انا معرفش هي فين،  كان المفروض تكون ببيت الجبل،  لكنها مش هناك ما راحتش..
بألم يتسلل الى حناياه وخشيه على صغيرته الوحيدة المتبقية له أردف قائلًا:-
  - هدخل اشوف كاميرات المراقبة بتاعت الفيلا واطلب من شريف يشوف كاميرات الطريق لهناك...
انهى حديثه وولجوا سويًا الى الداخل،  يتطلعا بها،  لكن ما من آثر للسيارة،  فيبدو أنهم محترفين،  تجنبا الظهور مواضع الكاميرا،  فلم يري سوا خروج ياسمينا بالسيارة وأيضًا تفاجئ وهو يقوم بتفريغها انها كانت تتسلل لتقابل جسور الذي كان ينتظرها بالخارج،  ليطالعه حينها بأعين مظلمه متوعد بأيجاد شقيقته وأبعادها عنه،  فمنذ اقتحامه حياتهم وبدأت المشاكل، ثم قام بالاتصال على شريف يخبره باختفاء ياسمينا ويطلب منه تفريغ كاميرا المراقبة على الطريق المؤدي لبلدة جسور..
في ذلك الوقت كان شريف بالبيت الذي اخذوا ياسمينا به والذي كان قد حضره سابقًا، فقد أمر الشباب بتخديرها حتى الصباح، لتفيق فاقدة لذكرياتها كالعادة، وحينها تبدأ لعبته بأوهامها بما يريد،  كان يتطلع بها وهي غارقه بالنوم بعين غائمة من رغبته بها، 
قطعه رنين هاتفه،  جذبه من جيب بنطاله ليجد أنه خالد،  أجابه بنبرة هادئة، أجاد دوره جيدًا
متصنع التفاجئ بما أخبره به، ثم اغلق الخط يخبره أنه سيفعل ما أراد ويأتي اليه..

خرج الى الرجال وقام بسؤالهم عن هاتفها وأغراضها الشخصي التي طلب منهما احضرها سابقًا قائلًا:-
عملتوا اللي قولت لكم عليه قدرت تحطها بشنطة عربيته، اومئ له الرجل قائلًا:-
-كله تمام  يا باشا حطناها.
اومئ له قائلًا:- تمام، انا همشي دلوقت وانتم عينيكم عليه
انهى حديثه وغادر، ينفذ ما يريده خالد حتى يريه ما يريده أن يراه.
وصل الى مبنى الداخلية واستطاع اخراج المقاطع المصورة وجلبها الي خالد بمنزله كان هو وجسور كلًا منهما  يشعرا بالتوتر وبدأوا بالبحث عنها مفترقين بالمشفيات والاقسام عنها لكن لم يجدوها،  كان الوجل عليها يرجم روحهما،  بتسأل ما الذي أصابها، حتى هاتف شريف خالد وأخبره بحصوله على معلومات هامه، لذا عاد خالد إلى المنزل وجذب حاسوبه وبدأ بمشاهدة الفيديو، كان لسيارة ياسمينا تتبعها سيارة أخرى، لكنها لم تكن أي سيارة بل انها سيارة جسور!.
حقًا فقد أجاد لعبته بمهارة سيارة مشابها لسيارته بلوحة ارقام مزيفه مثيله لها، والرجل يحرص إلا يظهر وجه في الصورة، وبالطبع صدق خالد، صدق لأنه راغب بذلك، بتصديق ان جسور يفعلها فمنذ البداية لم يرق له، نسى أنه شرطي عندما تعلق الامر بشقيقته  ألغى عقله تمامًا ونسى مكره ومهنته.
لذا توعده بكل غضب وعنفوان على الانتقام منه، فقد يجد شقيقته أولًا، وسيبدأ  بمراقبته حتى يصل إليها وبالطبع تطوع شريف لتلك المهمة شاعرًا بلذة الانتصار القريب عليه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كيف لقلبك انتمي...  الجزء الرابع والاخير من سلسلة حور الشيطان عشق محرم حيث تعيش القصص. اكتشف الآن