بَعْدَ الْمَطَرِ

3.5K 186 178
                                    
















لم يكن أحدٌ ليعتبر اليوم السابعُ من حُزيران من العام ٢٠٠٥ كسائر الأيام، فالأحداثُ الخارجة عن المألوف التي وقعت فيه، جعلته محفوراً في ذاكرة كل من كان شاهداً عليها و بقيت موضوعاً شيقاً للحديث حتى بعد إنقضاء فترة طويلة.

تحديداً بين طُلاب تلك المدرسة المتوسطة حيثُ بدأ كلُ شيء.






-----------------





الحِصةُ الرابعة، حين يبدأ الطُلاب بالتململ من الدرس ويتسللُ النعاسُ المُصاحِب لإنتصاف النهار إليهم. كان يوماً جميلاً بحق، فقد طغت زُرقة شديدةٌ على سماءه التي تناثرت فيها غيومٌ نقية تتهادى كيفهما شاءت لها الرياح، لا تُشبه ابداً الغيوم الماطرة الرمادية التي إحتلت السماء بالأمس.  تقلبُ مزاج الطقس على هذا النحو هو أمرٌ معتادٌ مع بداية موسم الأمطار، مُعلناً بذلك عن إقتراب الصيف، و العطلةُ التي طال إنتظارها.

استمرت المُعلّمة في شرح الدرس بمثابرة، على الرغم من قلة عدد الُطلاب المنصتين لما تقول، بينما إنشغل البقية في الأحاديث الجانبية، و النوم، و إختلاس النظر خارج النوافذ أو بقراءة القصص المُصورة التي يُمنع تصفحها خلال الحصص.

فجأة عَم الصمتُ غرفة الصف، حين فُتح البابُ بعنف ليُطل منه شابٌ طويل القامة، ولج للداخل دون إكتراث للأعين التي حملقتْ فيه بذهول، ترك جميعُ الطلاب ما يشغلهم ليحدقوا به بتساؤل، و سُمعت همهمات خافتة و شهقاتٍ مرعوبة حين تعرف على هويته بعضٌ منهم.

أما المعلمة فكان لديها كُلُّ الحق في أن تُصاب بالذعر منه، فالفتى الذي إقتحم حصتها دون استئذان، تُحيطُ به هالة مُرعبة، و يوحي مظهره بأنه أحدُ الفتية الجانحين الذين تمنت أن لا تصادف أحدهم طيلة عُمْرها المهني، و لكن تلك الأمنية سُحقت وهي ترمقُه و قد عُقد لسانها، يتبخترُ نحو طاولة الأساتِذة و يُجيلُ نظرة كَسلى ناحية التلاميذ.

عيناهُ الناعستين تحملان وعيداً صامتاً لمن يتجرأ على النظر إليهما مباشرة، رأسه حليقُ الجانبين مع كومة شقراء تحتلُ قمة رأسه مُسَرَحةً على شكل ضفيرة طويلة تمتدُ لكتفيه، تنزلُ منها خُصلة متمردة لتَنساب على وجهه العابس، و يظهرُ وشمٌ مُلفتٌ على جانب صدغه الأيسر ممتداً بخطوطٍ مُتشابكة من الحِبر  ليصل خلف عنقه، و إن لم تكن تلك المواصفات كافية لتدق جميع نواقيس الخطر، فقد زاد عليها مظهرُ الحَلَق المعدني المتدلي من إحدى أذنيه، ليُتم الصورة المُفزعة التي رسخت في عقل المعلمة و التلاميذ المُحدقين به.

تعالت الهمهمات و الهمسات، حتى أضحى تميزُ ما يقال واضحاً، بالأخص اصواتُ التلاميذ الذكور.


'أليس هذا هو ريوغوجي كين!؟'

'بلى إنه...إنه هو! دُراكين!'

سَمَاءٌ بِلَوْنِ الصَّيْفحيث تعيش القصص. اكتشف الآن