مَــعاً

1.3K 104 510
                                    












في واحدٍ من أكثر الأحياء صخباً في شيبويا، حيثٌ تنتشِر صالات المُراهنة و المتاجر التي تعمل على مدار اليوم، يقعُ المبنى التجاري الذي يُقيم فيه منذُ الصِّغَر، حيثُ إعتاد تقديم المساعدة في أعمال الصِيانة و الترتيب مُقَابِل السكن في إحدى الغُرف دون إيجار.

كانت غُرفة دُراكين تُطل على الزُقاق الخَلفي للمبنى، صغيرة المِساحة و لكنهُ أتقن الإستفادة من كُل شِبرٍ فيها، يشغَل سريرهُ حيزاً بالقُرب من النافذة، و يمتلكُ مِكتبة متواضعة و جِهاز تلفاز وضعا في الجانب المُقابل لغُرفة الإستحمام المُرفقة. كان يستغِل المَساحة الأرضية البسيطة بين السرير و الجدار للقيام بالتدريبات الرياضية، فهو شَغوفٌ بالتمرينات التي تُركِّز على بِنَاء اللياقة و العضلات، و قد إنهمك في تلك اللحظة بتدريبه اليوميّ، و ساهمت النغمات الصاخَبة الصادرة عن جِهاز تشغيل الموسيقى في شَحذ حماسته لبذل المزيد من الجهد.

إنتقع القميصُ الذي يرتديه بالعرق بينما أخذ يواصل بمُثابرة تمرين رفع الجزء العلوي من جسده ليصل إلى رُكبتيه المثنيتن، ثم نهض ليجلس و ظهرهُ مستندٌ إلى حافة السرير لإستراحة قصيرة. إلتقط قارورة الماء ليروي ظمأه، و وقعت عيناهُ على الجِدار أمامه، أخذ يرمقُ مجموعة الصور التي علقها هناك، نَقل بصرهُ بين صورٍ جمعتهُ بمايكي حين كانا في السَنَة الأولى من المرحلة المتوسطة و توجدُ صورة لهُ مع إيـما و أخرى مع ميتسويا و بقية أعضاء تومان، فقد إعتاد أن يُعلّق صور أصدقائه و من يهتمُ لأمْرهم على جِدار غُرفته. رمش حين وصل أخيراً إلى الصورة التي أُضيفت حديثاً إلى مجموعته، كانت صورة لـ'سورا' ترتدي زِيّ قائد تومان و ترفعُ يدها بِثقة لتُشكل علامه النصر و قد إرتسمت إبتسامة واسعة على ثَغرها. أرسل لهُ مايكي هذه الصورة و قبل أن يُدرك وجد أنهُ قد قام بِطباعتها و تعليقها على الجِدار.

إمتدت يدهُ لتحكِ الجزء الخلفي من رقبته، شعر بالدفىء يتدفقُ إلى وجنتيه حين تذكر الحديث الذي دار بينهُ و بين مايكي في صباح اليوم السابق.


-------------------


-مايكي، لقد وصلنا.

خاطب الفتى الغافي الذي يحملهُ على ظهره، فصدر عنه صوتٌ تذمر قبل أن يفرك عينه و يُتمتم بصوتٍ ناعس:

-لم يصل أحدٌ بعد، هل جئنا مُبكراً؟

-يبدو ذلك.

كانا في المستودع الذي يتخذهُ أعضاء تومان مكاناً للتسكع، سار مايكي نحو أحد الصناديق ليتخذها مقعداً بعد أن أنزله على الأرض، و جَلس هو إلى جانبه. رأى عينيه ترمشان ببطئ  قبل أن يميل ناحيته و يستند إلى ذراعه. مرت لحظة صمت لا يتخللها سوى صوتٌ تنفس مايكي الهادىء، و رُبما لأنه إعتقد أنه مستغرقٌ في النوم، طرح عليه التساؤل الذي كان يشغل تفكيرهُ لبعض الوقت بصوتٍ خافت:

سَمَاءٌ بِلَوْنِ الصَّيْفحيث تعيش القصص. اكتشف الآن