مَا قَبْل الْعَاصِفَة

1.1K 106 234
                                    













من النادر أن يستيقظ في وقتٍ مُبكرٍ خلال عُطل نهاية الإسبوع، لذلك كان لا يزالُ يُغالبُ شعوره بالنُعاس حين فتح ستائر غُرفته ليُفاجىء بأن السماء لا تزالُ مُعتمة، و قد تجمعّت فيها غيومٌ داكنة لتحجب بزوغ فجر ذلك اليوم.

حتى بعد مِضي قُرابة الأسبوع على عودته للماضي، لم يهتدي 'تاكيمِتشي' بعدُ لطريقة تُمكنه من معرفة هوية الشخص الذي تسبب في إصابة سورا، و لم تُجدي محاولاتهُ لجعلها تُفضي له بأي أمرٍ من شأنه أن يكون دليلاً يستندُ إليه في سَعيه لتغيير ما يعرفُ أنهُ على وشك الحدوث.

أخذ يجوبُ شوارع شيبويا الغافية على غير هُدَى، الهواء الصباحي حَمل لسعة برودة طفيفة حين لامس وجنتيه، لكن الدفىء بدأ بالإنتشار -لحُسن الحظ- مع إرتفاع الشمس.

التفكيرُ بأن مصير العديد من الأشخاص يعتمدُ على نجاح مُهمته، قد أضاف ثِقلاً للمسؤولية المنوطة به، لتتحول لهواجِس تُطاردهُ في أحلامه، و تُنقض عليه راحته. أوقف خطواته أمام أحد المتاجِر، تأمل إنعكاس ملامِحه المُنهكة على الواجِهة الزجاجية، ثم ضرب وجنتيه بِخفة براحتّي يديه المبسوطتين، ليُذكر نَفْسَهُ بأن الإستسلام و التراخي أمران غيرُ مُتاحين له، و بأن عليه المِضي قُدماً و التفكير بطرقٌ أخرى في سبيل الحصول على المعلومات.


-----------------


يجتمعُ فِتيةُ تومان غالباً حين يتمُ إستدعاؤهم من قِبل قادةِ الفرق، و يكون ذلك إما للإعلان عن مُشاجرة سيخوضونها، أو لإطلاعِهم على قرار جديد، و لكن جرت العادةُ على أن يتسكعوا معاً بغرض التسلية في مكانٍ إتخذوه مقراً لموقِعه المُلائم، كَوْنُه مُنعزلاً عن قلب المدينة، مما يوفر لهم قَدراً من الخصوصية، و هو ذلك المستودع المهجور ذي المِساحة الشاسعة، الذي بقي مَنسياً لسنوات حتى إستولوا عليه ليُصبح مِلكاً لـ'تومان'.

لم تَكُن المرة الأولى التي يزور فيها تاكيمِتشي ذلك المستودع، قادتهُ رِحْلتهُ الصباحية إلى المكان الذي جاء إليه يوماً برفقة زعيم تومان و نائبه، فقد قَرر الإستفسار مِنهما مُباشرة عن 'سورا' لكونِهما الأقرب إليها، و تماماً كما كان يأمل، رُكِنت العديدُ من الدراجات النارية في الساحة الأمامية للمُستودع، مما يؤكد أن أعضاء تومان يستغلون يوم العُطلة للقاء بعضهم البعض.

و على الرغم مِن أنه ليس جُزءاً مِن عِصابتهم، إلا أنهُ يستطيعُ الولوج لمقرهم دون مُسائلة لكونه مُقرباً من مايكي إلى حدٍ ما، شّق طريقهُ إلى الداخل، مُجيلاً بصرهُ ليستطلع ما حوله، باحِثاً عن الوجوه المألوفة بين جَمعٍ من الفِتيان اليافِعين الذين إنهمكوا في الأحاديث، و ترددت أصداء ضِحكاتهم الصاخبة في أرجاء المُستودع، تجلسُ كُل زُمرة منهم في رُكن، مُتخذين من الصناديق الخشبية الضخمة التي تملأ المكان مقاعد لهم، و قد كان الضوء يَدْخُل بقدرٍ وفير من خِلال فتحات المراوح التي توقفت عن العَمَل حين هُجِّر المكان.

سَمَاءٌ بِلَوْنِ الصَّيْفحيث تعيش القصص. اكتشف الآن