● اللعب بالرمال

73 17 33
                                    


الروايات، الأفلام، المسلسلات والبرامج التلفزيونية، الألعاب، المانغا، الأنيميشن، وثقافة البوب كلّها تُعتبر المولّدات الرئيسية، ال Canon للكتابات الاشتقاقية.

إنها بمثابة رمال في حديقة للعب الأطفال، والطفل هو الخيال الحر، له أن يشكّل منها عوالم ثم يهدمها، أن يبني ويفصل ويدمج كما يحلو له.

ويوجد بضعة طرق هي الأكثر استخداماً في الاشتقاق، سأذكر منها :

1 ● بيئة جاهزة: هذا الاشتقاق يأخذ عالم (غالباً خيالي) بكل مكوناته وقوانينه وتفاصيله ويضيف أحداث أو شخصيات أو يمدّ ويُسهب بجزء معين منه.

مثلاً: قصة أو رواية تحكي عن والد (هاري بوتر) ومشاكساته في (هوغورتس) عندما كان طالباً في سنته الأخيرة، أو ربما .. قصة حبه ل(ليلي) كساحرين قبل أن تصير زوجته.

في هذا المثال، والده ووالدته شخصيات من الرواية و العالم الذي يعيشان به هو ذات عالم الرواية.

2● عالم موازي : هذا الاشتقاق يأخذ شخصيات عمل ما، بذات نوع العلاقات التي تجمعهم ويضعهم في عالم آخر موازي (غالباً بحبكة مُشابهة) ولنرى ما سيحدث؟

يمكن أن يفرض هذا العالم الجديد مشاكل مختلفة، أو المشاكل ذاتها تأخذ انطباع جديد في البيئة الجديدة ويمكن أن يقتصر التغيير على التفاصيل والنكهة.

مثلاً : ماذا لو كانت شخصيات هاري بوتر طلاب مدرسة ثانوية في العصر الحديث؟ أو بدل من كونه ساحراً، كانت شخصية هاري بوتر مصاص دماء؟

مثال 2 : ماذا لو أن (كونان إيدوجاوا) عاش في عصر الساموراي؟ أي أدوات سيستخدمها في التحقيق؟ وما نوع الجرائم التي سيحقق بشأنها؟ كيف ستمضي علاقته مع (ران)؟

3● تقاطع العوالم: هذا الاشتقاق يأخذ الشخصيات من عالمين (عملين) مختلفين ويضعهم في بيئة واحدة لتجربة التفاعل الحاصل بينهما، لأن المرء حقاً يتساءل : من الأقوى، (لوفي) أم (ناروتو)؟

اممم .. برأي، (غوكو) من (دراغون بول) هو الأقوى ! كيف نتأكد؟ لنضع الثلاثة معاً في مواجهة.

وألا يمكن ل(فرودو) من رواية (سيد الخواتم) أن يكون ذا نفع ل(هاري بوتر) في مغامرة ما؟

هذا بالضبط ما يفعله تقاطع العوالم.

4● شخصية شهيرة: هذا الاشتقاق يأخذ شكلين.

حيث أن المؤلف إما :

▪︎ يأخذ اسم الشخصية فقط وشكلها. أي لا يأخذ البناء الكامل للشخصية، سواء حقيقية أو خيالية، بل يُكسبها تركيبة جديدة بالكامل لا تشبهها. عادةً يستمد الإلهام من صورة، مشهد، إعلان، موقف أو حالة تلعبها الشخصية.

وهذا النوع من الأخذ عن الأشخاص يتعرّض لكثير من الانتقاد والمعارضة ويُتهم باستغال شهرة الاسم. وكما في بعض الحالات (سآتي على ذكرها لاحقاً) قد يُسيء المؤلف، عن قصد أو غير قصد، لاسم الشخصية الأصل إذا ما ركّب عليها طباع سيئة لا تنتمي لها في الحقيقة.

أو..

▪︎ يحتفظ المؤلف بالتركيبة الأصلية، أو وجهة نظره بها، فيوظف كل ما يعرفه عن الشخصية من خِصال ومواهب وأفكار في سياق جديد. أي لا يأخذ الشكل والاسم وحسب بل يلحقها بكل تبعات وتفاصيل الشخصية كأسلوبها في الحديث وعاداتها  ومواقفها وما تحب وتكره.

ثم يوظف هذه التفاصيل في حبكة عمل اشتقاقي مُظهراً الشخصية بصورة وانطباع مماثل للأصل.

أو على الأقل يحاول الوصول لذلك ومحاكاته.

وهو النوع الأجود والأقوى والأنضج والأقرب للأدب المُعترف به، لأنه أقرب للإلهام من الاشتقاق، بالأخص عند الأخذ عن شخص حقيقي بدل الشخصيات الروائية.

باعتبار أن أخذ طبيعة شخصية  حقيقية أو روائية (أخلاقها وأيدولوجية تفكيرها) هو إلهام لا اشتقاق.

مثال من ذلك، إن أيّاً من الشخصيات الكثيرة التي ظهرت في السيناريوهات مأخوذة عن شخصية (شارلوك هولمز) بطبيعة تفكيره التي تضع العقل قبل العواطف، لم يتم تصنيفها "أخذ" بل إلهام.

■ إذاً يمكن أن يصل العمل الاشتقاقي إلى مستوى عالي؟

نعم وفي حالة الأخذ عن الأعمال الروائية 》كلما كان العمل الاشتقاقي أكثر كمالاً وحرفية زادت خطورته على العمل الأصلي.

ويا مرحباً بالمشاكل !

في الحقيقة يقرأ الكثيرون بغير وعي، ويقرأ عدد أكبر بإندماج تام مع النص لذا يمكن أن يختلط الأمر على بعض القراء فلا يميّز الواحد منهم التفاصيل والأحداث التي أضافها مؤلف العمل المُشتقّ عن التفاصيل والأحداث الموجودة في العمل الأصلي، أو بين تصرفات الشخصية الأصلية والشخصية المُشتقّة.

وهذا يشكل تهديداً على العمل الأصل.

يزيد نفوذ هذا الخطر عندما يكون العمل الأصلي قيد النشر، أو يُنشر على أجزاء. والفان-فيكشن التابع له يُكتب مباشرةً بعد كل عملية نشر.

هنا .. إذا نُشر العمل الاشتقاقي اعتماداً على الأجزاء السابقة له (من العمل الأصلي) وتشابه مع الأجزاء اللاحقة له (من العمل الأصلي) كيف نجزم أن مؤلف (العمل الأصلي) لم يطّلع على العمل الاشتقاقي ويأخذ أو يستلهم منه؟

مثلاً : عندما بدأت  شركة الإنتاج (Bighit) بنشر سلسلة (أجمل لحظات العمر) المتمثلة بفيديوهات موسيقية لفرقة (BTS). كتب محبوا ومعجبوا الفرقة عدداً لا يُحصى من أعمال الفانفيكشن إضافة إلى رسوم وفيديوهات كلها تحمل حبكات ممكنة، متممة وبديلة للسلسلة. وما أصدرته الشركة من فيديوهات لاحقاً كان يحمل شبه كبير لما كتبه المعجبون. في حالة كهذه، كيف نجزم أن الشركة لم تأخذ أفكارها من الأعمال التحويلية؟..  التشابه يُثير الشكوك.

هل نستطيع تصديق أن مؤلف العمل المُشتق تنبأ تنبؤ عشوائي وتحقق تنبؤه؟ ماذا لو أن التشابه محض صدفة فعلاً لكن مؤلف العمل المشتق ادّعى العكس؟ واتهم مؤلف الأصل بالسرقة؟

مع تقاطعات من هذا النوع يشكّل الفان-فيكشن خطراً من نوع آخر، خطر إفقاد مؤلف العمل الأصلي حقوقه وعمله.

وسبق أن حصل هذا بالفعل، إليكم إحدى الحوادث.

STR || أصول الفانفيكشن - الأدب الاشتقاقيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن