الثلاثة مجتمعين خارج بيت التلة يتبادلون الأحاديث، مارك جونبير وكريستين الذين أنتهوا من ترتيب البيت وهم الآن بانتظار أليكس وسوليداد كي تكتمل مجموعتهم أخذهم الكلام ولم ينتبهوا لوصول الثنائي عند الساعة السابعة والنصف حاملين بعض الهدايا "هيه! لما بدأتم الأحتفال بدوننا؟" هتف أليكس فتحولت الأنظار كلها ناحيته، وكانت الحصة الأكبر الدهشة لجون بيير طبعاً الذي أخذ غدراً بمشهد سوليداد التي تمشي إلى جانب أليكساندر، لم ينتبه فوراً لجزئها العنكبوتي بسبب الثوب اللذي كان يغطي الكثير ووجها الذي وشحه الخمار المنقوش كان يشع ببياض بشرتها مع القليل من إحمر الشفاه.
على أن المرحلة الأولى من الأندهاش لم تدم طويلاً حتى يدرك المهندس ماهية سوليداد "فالترحمني السماء، إذاً لهذا كنت تريد تلك التعديلات......." قال المهندس بأنفاس مسلوبة "وهناك من ينكر وجود الله بعد رؤية هذا الجمال؟" تابع مشيراً لنفسه ولأليكس، ورغم أن الكلام قد أدخل بعض السرور لقلب الأركانية لكنها ألتزمت الصمت وحيت المهندس باحترام جعله عاجز عن النطق مجبرتاً أيها على العودة لخانة التأمل فقط" ألا تخف علينا بنظر يا سيدي الكريم؟، أخشى أن لا يبقى منها شيء وأنت تأكلها بعيونك هكذا" قاطع أليكس صفو أفكار جون بيير "آه، أعتذر..... يا رجل كنت أحس بشيء غريب منذ ألتقيتك في منزلي وعلى موجبه تحركت لتلبية طلبك، لكن هذا كثير علي حتى.... وأرجوا أن تعذر نظراتي فأنا لا أقوى على حال عندما أرى الجمال أمام، مهندس وإنت تعلم لعنة المقام الذي أنا فيه" دافع بذلك جون بيير عن نفسه وهو يسترق النظر إلى وجه سوليداد المحمر من تحت الخمار، هنا تدخل مارك دافعاً نفسه بين أليكس وسوليداد ممسكاً بكلا يديهما" بأعتبار نظرات صديقي من باب المجاملة يمكنني أن أريك تحفته التي عملها من أجلك أنت وصديقتك العنكبوتية... " قال وهو يسحبهما إلى باب البيت "من أجلنا يا مارك، من أجلنا كلنا" صحح أليكس لمارك الذي توقف متجمداُ في موقعه "عفواً؟" سأل بشك بينما ابتسم كل من مارك وسوليداد" هذا البيت لنا كلنا، أنت وكريستين مرحب بكما معي، الطابق الثاني الغرفة الثانية" تابع أليكس الشرح وهو يطالع وجه كريستين المتفاجئ بابتسامة خفيفة.
في ذات الوقت كانت شاحنة الأثاث المخطوفة من قبل هيرو وإنغريد تجد طريقها عبر شوارع العاصمة متجهة إلى الجامعة وقد بلغ السيل الذبا لدى الوكالة فتحركت وحدتهم الرابع على هيئة سيارات شرطة عادية تابعة لقسم شرطة العاصمة، مدعومة بطائرة إخرى دون طيار لتحديد موقع الشاحنة فقط والتأكد من عدم فقدانها مرة أخرى، بالطبع كان العملاء يعملون بجد كي يمسكو بالعالم والأركانية دون لفت النظر "هؤلاء الملاعين مثابرون إن لم يكونو شيء ما!" تمتم هيرو وهو يتفقد سيارتي الشرطة في أثره بالمرآة بينما يحاول بشراسة منع إحداها من تخطيه أو محاذاته، فهو يدري أن الوكالة تدري أن عليهم إخضاعه هو دون كشف إنغريد للعامة وخيارهم سيكون في محاصرته، أما إنغريد فكانت تسترق السمع عبر باب الشاحنة الخلفي لتعرف مكان السيارات خلفهما بالضبط حتى تمكنت من تقدير ضربتها غزلت شبكة صغيرة عادية وشقت باب الشاحنة قليلاً ثم قذفتها من مغزلها نحو زجاج سيارة الشرطة من جهة السائق معيقتاً أياه عن الرؤية ومربكتاً بذلك قيادته، لكن الآخير لم يستسلم وأخرج رأسه من النافذة ليتابع المطاردة بينما خرجه شريكه من نافذة الراكب بمسدس من عيار 9 مم وأخذ يطلق بثبات على الشق لكي يحجر إنغريد التي غزلت مرة إخرى شبكة متفجرة وحاولت إطلاقها على الإطار لتفجيره، ولم يكن لها ما أرادت حيث إرتدت تلك الطلقة عن الدولاب من سرعة دورانه فعادت وأغلقت الباب "يا إلاهي.... لم يبقى لدي الكثير من النترات، أشعر بالدوخة من ذلك ولن أحسن التسديد في المرة القادمة" كانت تفكر بذلك " لكن..... إن لم أبعدهم هيرو سـ..... هيرو سيقتلونه... بسببي..." راحت بتلك الأفكار تهيم عندما تمكنت إحدى السيارات من مجاورة الشاحنة فأطلق العميل فيها من جهة الراكب إحدى الرصاصات على المرآة الجانبية كي يضلل هيروتوشي ثم قفز من النافذة ليتمسك بأطار الشاحنة ويتحرك متعلقاً إلى مقعد السائق، عندها سمعت إنغريد صوت إصتدام جسد العميل بجدار الشاحنة واستجمعت إرادتها لتغزل شبكتها الأخيرة هذا اليوم، فتحت عنها الباب بوضوح مما فاجأ الملاحقين وشتت تركيزهم إليها فسددت بوهن ورمت شبكتها إلى جانب إطار السيارة المجاورة وفجرته هذه المرة بنجاح متسببة في إصتدام السيارتين وشلهما عن المطاردة كلياً، أما العميل الذي إنتقل للشاحنة ووصل إلى باب السائق فأشهر مسدسه وسدد داخل الكبينة ليجدها فارغة وقبل أن يتمكن من معالجة ما يراه فتح هيرو الذي كان قد أستلقى فوق جسد السائق المخدر الباب وركله بقدمه فقذف العميل إلى الشارعقبل أن يطلق النار ثم عاد وأغلقه متابعاً القيادة "يا ويلي كم يصعب على المرء الذهاب في نزه في السيارة بصحبة سدته في هذه المدينة..... كان علي أستقلال القطار" قال هيرو هازاً رأسه وهو يطالع في بناء الجامعة المركزي يرحب به في الأفق.
“يا صاحب السعادة!! " قال مارك مرتدياً لباس المتملق قاصداً" هل لي أن أصحب السيد إلى الصالة لأحتساء الشاي؟" تابع بلهجة إنكليزية مصطنعة "مارك عد إلى رشدك يا رجل، كم هو صعب ذلك الظرف الذي كنت تمر به في المهجع حتى تتحول إلى هذا الشكل بسبب غرفة خارجه؟! " قال أليكساندر بتحفظ" سولي تشعر بالغثيان.." علق سوليداد وهي تغطي فمها وعليه تقدم الشباب إلى الصالة حيث تم إعادة تأهيلها "على أني أملك إلف سؤال وأريد قضاء إجابتها بصحبة السيدة العنكبوتية هنا لكنني أجد نفسي مضطراً للأختلاء بالسيد بلياكوف لتصفية الأمور" قال جون بيير متقدماً من أليكس وأومأ هذا الأخير رأسه بالإيجاب متنحياً عن الآخرين بصحبة المهندس إلى غرفة السيجار، "تعالي معي يا سولي سنعد بعض الشاي بالقرفة لليلة" همست كريستين لسوليداد ممسكة بيدها لتصحبها للمطبخ وبقي مارك في الصالة كساعي البريد في صحراء الغربة الواسعة يتأمل أثاث المكان كأنه أطلال مدينته الضائعة، "بهذه التصليحات والتعديلات تكون مهمتي قد تمت، لم أمس القبو قدر المستطاع بناء على طلبك لكني لم أستطع منع نفسي من التسآؤل، خصوصاً بعد كل ما تقاطعت معه أثناء العمل من غرف وصناديق سرية مخفية ضمن البيت وجدرانه، عدا عن مختلف أنواع التصفيح والعزل التي لمستها في جدران بعض الغرف...... ما هذا المكان بالضبط يا أليكس؟ " سأل المهندس بينما يحول أليكساندر أتعابه إلى حساب جون بيير البنكي من خلال المساعد على يده" لا أحبذ أخبارك إن لم يتطلب الأمر يا جون، فهناك جماعة مزعجة تلاحق صديقتي هنا بسبب ماهيتها الفريدة، وهم يشكلون مشكلة مزعجة على من يعلمون بأمرهم، كمثال صاحبة البيت السابقة" أجاب وهو يتخذ إحدى الأرائك مجلساً "أتعلم، قد يبدو لك الأمر مجنوناً وسريعاً لكني أفتقرت إلى تلك الإثارة في حياتي منذ طال العمل بي كمعماري، ناهيك عن محاولتي في تعويض ذلك بالكتابة..... لو سمح خاطرك بذلك أريد فعلاً معرفة ما يجري هنا، إرجوا أن لا تحسبني في دائرتك الخارجية بعد أن تطلعني" أصر المهندس على طلبه ففكر أليكساندر قليلاً ثم أخبر بالقصة من بدايتها......" فعلاً سيصعب على المرء تصديق هذه الحكاية لولا رؤيتي لسيدتك الفاتنة تلك، تبدو كقصة خيال علمي إن سألتني الرأي" عقب حون بيير" هذا التعليق متوقع......لست متأكداً من سبب حبي لتلك الفتاة لكني أتحرك منذ أدركت بناء على الحدس، ولن أسمح لكيان كان أن يمسها بسوء طالما أستطيع" قال " فقط أشخاص مثلنا سيكون لديهم ردة الفعل هذه عند رؤية أركانية.... أعني أي شخص طبيعي سيقع في حبها وهي نصف آدمية؟ " تنهد المهندس بتلك الكلمات كأنه يحسد إليكس ويغسل قلبه عما كان يعتريه" لكننا لسنا طبيعين..... أليس كذلك يا سيد سيباستيان؟ " تابع أليكس راداً ظهرها للخلف محدقاً في سقف الغرفة" لا أعرف معنى تلك الكلمة" إجاب جون بيير متخذاً نفس وضعية شريكه............. وعندها ندهت كريستين للشباب كي يجتمعوا في الصالة فيستمتعوا بالأمسية وبمناسبة حصولهم على بيت جديد خاص بهم، لم يدم الأمر طويلاً على كل حال حيث جذب أليكس سوليداد من كتفها وهمس لها "سولي، تعالي معي..... هناك من يود لقائك" فالتفتت الأركانية بدهشة إلى إليكس الذي أستأذن من أصدقاءه وذهب بصديقته إلى القبو.
علت ملامح التعجب والدهشة محيا سوليداد عندما رأت جدار القبو ينفتح ويظهر من خلاله النفق المؤدي إلى المختبر، كانت الخادمات الآليات مصطفات لترحب بالسيدة الجديدة وكان ذلك كفيلاً بإدخالها في عالم القصص التي كانت تقرأه عندما كانت صغيرة – ولو أن هذا كان منذ شهرين تقريباً – وعند دخولهما قلن بصوت نقي "مساء الخير سيدة بلياكوف، رجائاً نادنا إن أحتجت شيءً!" هذا أربك سوليداد قليلاً لكنها عادت لرشدها عندما أمسك أليكس يدها وأشار للخادمات بالانصراف " تعالي معي في جولة صغيرة يا عزيزتي" قال أليكس مشيراً إلى المختبر ومستهدفاً الجهاز الأسود الكبير بالتحديد حيث انتهت عنده جولتهما" ألا تريدين لقاء والدك يا سوليداد؟ " سأل أليكس صديقته مفاجأً أياها "والد سولي؟!......لكن أليس أليكس هو والد سولي؟!" بادلته السؤال فذابت معالم الشاب من فرط خيبة الأمل، لكنه استجمع شتات نفسه وعاد ليقول "لا يا عزيزتي، حدث أن دفعني حدسي والفضول إلى آتي إلى هنا بحثاً عنك، على إنني لم إكن مدركاً فقط كم سأكون محظوظاً في تلك الليلة، هذا الجهاز الكبير هنا يدعى بالسيريبروسفير وهو قادر على نسخ الشبكة العصبية لأي شخص يتصل فيه، ويقوم بتسجيلها تماماً كشريط الفيديو يا عزيزتي سوليداد، الفرق هو أنه قادر على محاكاة عقل ذلك الشخص كصورة طبق الأصل مما سيسمح لكل من يتصل بذلك التسجيل بسؤال العقل المخزن فيه أي سؤال وذلك الجهاز سيجيب كأنه هو الشخص ذاته..." فسر أليكس لسوليداد التي أمالت رأسها قليلاً كمن يحاول استيعاب كل تلك المعلومات" باختصار...... هذا الجهاز قادر على نسخ وقراءة وعي إي شخص...... سيظهر كأنه حي يرزق وفي حالتنا هذه أنت تعلمين من ينتظرك أليس كذلك... " أردف أليكساندر، عندها استوعبت سوليداد الفكرة وملإها الحماس لمقابلة إبيها فأقتربت من أليكسانر أكثر وهي تنتظره بفارغ الصبر أن يعمل ذلك السحر الذي قاله، فاستجاب الشاب لرغبتها بسرور وفعل برنامج الجهاز على اللوحة المرفقة به، أدخل وحدة التخزين التي صحبته كل تلك المدة منذ أكتشافه للمختبر، أستجاب الجهاز::
أنت تقرأ
الركن الرابع
Science Fictionالرواية تحكي قصة الشاب أليكساندر بلياكوف (19 عاماً) الملقب بالناسك والذي يجره الفضول ليغوص في عمق مختبرات ومنشآت سرية تابعة لوكالة غامضة تعنى بتصنيع السلاح البيولوجي، ولكن ذلك لن يكون أعتى مشاكله حيث يقع في حب أركانية (فتاة عنكبوت) ويحاول تحريرها من...