مدينة داسك DUSK هي واحدة من أقدم مدن ونترفيل التي نجت من الحرب الطاحنة للألفية السابقة، مع ثلاث مدن مشابهة لها شكلت سابقاً ما عرف بالمقاطعة الملكية للألبيون القديمة (المقاطعة التي تحوي العاصمة حيث يعيش الملك ويحكم) وهذه المدينة من القلة التي بقيت محافظة على بعض الانقاض المشيرة لتواجدها.
حاولت الحكومة سابقاً تحديد ما تبقى منها كمعلم أو موقع سياحي عندما اكتشف فريق أكاديمي مكلف بالبحث عن الآثار في المنطقة تلك الانقاض، لكن كللت تلك المحاولات بالفشل فاستبان ذلك الوقت أن هناك من اشترى الموقع بالكامل من الحكومة على هيئة أرض زراعية بشكل مثير للجدل دفع الفريق البحثي الطموح للانتفاض مطالباً ببقايا داسك لصالح وزارة السياحة والآثار كي يتمكنو لاحقاً من الحصول على إذن نظيف في متابعة استكشافها، فقوبلوا بصمت عجيب من كل جهاز الدولة المعني بهذه الحيثيات، كأن المدينة لم تكتشف ولم تكن موجودة أصلاً.
مشتبهين بفساد إداري وحضور الأياد السوداء ممتدة في بطن الحكومة سعى الفريق البحثي لبعثة غير شرعية إلى عمق داسك حيث وصولوا للساحة التي تطل عليها محطة قطار تيمبلهوف وهناك لقوا حتفهم..... فبعد خمسة أيام أرسلت لجنة ترصد لاستعادة جثث العلماء والمستكشفين من أرض الساحة وكانت كل الحالات ميتة بطلق ناري واضح في منتصف الجبهة بغض النظر عن زاوية الاختراق، بعد ذلك لم يجرؤ أحد على الاقتراب من المدينة بل تحاشى الناس حتى المحليين منهم الاقتراب منها ووسمت على أنها مدينة أشباح ومنطقة منكوبة.
الآن بعد أكثر من عقد من الزمان على أيجادها يحاول هيروتوشي وأنغريد بصبحة العميل رقم أربعة المرور عبر الساحة إلى محطة تيمبلهوف لكن.... بطريقة مختلفة، "استرخ متأكداً سيدي العميل، أن الحدود محمية جيداً" قال هيرو بينما هم يقتربون من الساحة مواجهين بناء المحطة على بعد 200 متر منهم في الشرق تماماً "لا راحة لي هنا يا بروفيسور، أنا لا أزال أرتدي زي الوكالة فهل تظن أنهم سيرحبون بي بأذرع مفتوحة وقبلات الأشتياق؟ " رد الرقم أربعة وهو يتفحص محيطه بحذر ثعلب لكن العالم لم يكلف خاطره بالرد حتى، فلما وصلوا استدار العالم حول الساحة دون أن يدخلها متجهاً نحو الشمال وتبعته إنغريد بمسافة قريبة حتى وصلا إلى ما يشبه القنطرة المنهارة قريباً من أحد أبواب الأبنية المقوّضة والذي كان مطلاً على الساحة، تدلى من منتصف سقف هذه القنطرة جرس ذهبي معلق بخيط أحمر غليظ أمسك هيرو بالخيط وسحبه ليرن الجرس الكلاسيكي كإعلان عن وصولهم، فساد الصمت لبضع ثوان قبل أن يفتح الباب المجاور وتخرج منه إمرأة تعتمر عباءة مقلنسة تخفي كل هيئتها، بيدها اليمنى حملت شمعة أنارت بها وجه هيرو "سيد هيروتوشي!....في داسك؟... لما قررت المجيئ إلى هنا في هذا الوقت من السنة؟" "أطلب اللجوء فقط.... أنا ملاحق من طرف الوكالة ولم أتمكن بعد من التواصل مع...." "مع الغاباتي؟... سيدي الكريم نحن لا شغل لنا بمشاكلكم الشخصية، طلبنا حامل المصباح لا حطاب من الشمال... إن كنت تريد ملتجئاً فالتتجه إلى البيت الآمن شمال الغابة... لأن بقاءك في داسك سيجعل الوكالة أصغر مشاكلك الآن!" انهت السيدة الغامضة كلامها وهي تتفحص على نور لهب شمعتها الذي يكافح ليبقى مشتعلاً في مواجهة نسيم الليل القوي مرافقي العالِم فتوقفت عند إنغريد قليلاً ثم ألقت نظرة فاحصة على العميل" إذا اتجهنا شمالاً سنقترب أكثر من حدود المشاكل، أرجو أن تأخذي ذلك بعين الاعتبار..." قال هيرو محاولاً إقناع سيدة البوابة الغامضة عندما قاطعه صوت عيار ناري تردد صداه في الساحة الفارغة قادماً من المحطة تلاه ثاني وثالث، "لا تقلق إنها مجرد خنازير برية، كثرت زيارتها في هذه الأسابيع الماضية بسبب نمو بعض الفواكه التي تأكلها في الانقاض القريبة....يتم أصطيادها بغرض الحماية وبهدف توفير الطعام لكن السبب الرئيسي هو احتمال استخدامها للوصول إلى المحطة لتحصيل المعلومات أو إحداث أذية ما، لذا هي تقتل عند أقترابها من دائرة ميل أو أكثر قليلاً من الساحة" طمأنت السيدة زوار المدينة ثم تنهدت" تعالوا أدخلوا.... قد لا تقدرون على دخول المحطة لكن ذلك لا يعني أنكم لا تستطيعون النوم في أنقاض المدينة" تمتمت بينما تدخل وليتبعها هيرو مع إنغريد" هل احتسب أنا مع المسموح لهم بالدخول أيتها السيدة الغامضة؟" سأل الرقم أربعة كنوع من المزاح فقط عندما وصله صوت الراديو الواهن من داخل البناء المنهار بأغنية (City of lights) لـ(TAPE FIVE) تماماً عند المقطع الذي يقول فيه (هذه المدينة ليست مكاني) " أنت مرحب بك أيها العميل، لو يكن مسموحاً لك بالدخول لرميتَ برصاصة في جمجمتك قبل أن تتمكن من رؤية لون أحجار الساحة حتى، تفضل! " أجابت السيدة وأدخلت الاجئين ثم أغلقت الباب خلفهم، ليعود الصمت القاتل إلى أنقاض المدينة.
بالرجوع لمهجع الجامعة كانت السهرة انتهت والأسرّة وضعت، فبينما نامت سوليداد إلى جانب أليكس في غرفتهما راح مارك مع كريستين في السقيفة المقابلة، على أمل أن ينعموا ببعض الراحة قبل الحدث الافتتاحي مع الوكالة، لكن كما ظن الناسك مسبقاً فما كتب لهم النوم حتى الخامسة فجراً..... حتى قبل أن يظهر خيط الضوء الأول أصدر الحاسوب على طاولة أليكساندر صفيراً منخفض أيقظه من نومه، و دون أن ينبه أو يزعج سوليداد تمكن من التحرر من يديها والنزول عن السرير ليرتدي المساعد على يده، لاحظ حينها أن سكالا قد بدأت بالفعل بالاتصال مع مارك في الغرفة المجاورة، ارتدى الشاب سترته وبنطاله ثم فتح الباب بهدوء لصديقه وتسلل هذا الأخير متحرياً إحداث أقل ضجة ممكنة لكي لا يوقظ النائمة الناعمة،"ماذا لدينا؟" همس لاكوت "بطريقة ما هناك من تجاوز دفاعات البيت و هو أو هي يحاولون الآن اختراق المختبر" رد أليكس مكملاً تزرير السترة "كيف علمت بذلك إن لم يكن هناك إتصال لاسلكي؟" "نظام الحماية عندي يعمل كطبقات كالبصل، حتى لو كان هناك ما يكفي لمنع البشر من الوصول عميقاً داخل المنزل سآخذ بالاعتبار أحتمال أن هناك من سيستطيع اختراق كل ذلك مهما بدى الأمر صعباً، لذلك حافظت على خط سلكي خارجي يصل حتى علبة الهاتف في مطلع شارع هارتلي، هناك زرعت دارة مخصصة لتقيم حالة إنذار معينة ثم إرسالها عبر الهاتف إلى رقم مديرة المهجع – السيدة ليزابيتا – فيستقبلها الحاسب ويعلمني..... ، بما أننا صاحيان في الخامسة فجراً سأترك لمخيلتك إكمال تحليل الموقف المتبقي.. " هز مارك رأسه كأنه يحاول عدم تقبل الكلام إلا أنه لم يملك الوقت للتفكير بعمق فلبس ثيابه ونزل مع أليكس إلى القبو حيث يوجد منفد إلى الصرف الصحي.
أنت تقرأ
الركن الرابع
Ficção Científicaالرواية تحكي قصة الشاب أليكساندر بلياكوف (19 عاماً) الملقب بالناسك والذي يجره الفضول ليغوص في عمق مختبرات ومنشآت سرية تابعة لوكالة غامضة تعنى بتصنيع السلاح البيولوجي، ولكن ذلك لن يكون أعتى مشاكله حيث يقع في حب أركانية (فتاة عنكبوت) ويحاول تحريرها من...