الفصل الثالث :: مشاكل عند عتبة الباب.

105 16 21
                                    

بعد يومين .....
قبيل طلوع شمس يوم غائم كان أليكس يشد أخر براغي المساعد المحمول، فقد أنتهى من بناءه والآن بقي تثبيت برنامج تشغيله والذكاء الصناعي فوقه، لكن التعب تمكن منه فقذف نفسه إلى الفراش ليستريح، وكانت سالي لا تزال نائمة بسلام وعمق، أغمض عينيه وراح يصارع الأفكار التي تتوارد على ذهنه، هذه كانت لعنة من نوع ما؛ فهو لا يستطيع كبه عقله عن حساب كل شيء مخافة فقدان شيء، كل الاحتمالات والأحداث تتقاطع فمؤخراً تم تأمين المال وقد استثمره مع عدة شركات واستديوهات صغيرة ستعيد أضعاف المبلغ الذي استعاره من جيمس في حدود الشهر، ولم يدم ذلك الصراع كثيراً فلا أرضية لهذه الأفكرا لتقف عليها، ذلك لأن أليكس كان مجهداً لدرجة أنه لم يلحظ ما الجديد مع سالي.
.....
"لا أنتم لا تحلمون، أو على الأرجح لم تعودو تحلمون الآن، إنه الأربعاء بالفعل! أيها الكسولون، الشمس طلعت العصافير تزقزق والناس تتكلم، تتكلم، تتكلم لذا أنهضو من الفراش واستعدوا ليوم رائع، لا تغترو بغيوم أيلول فهي لن ترمي قطرة ماء.... أو.... هذا ما قالته وكالة الأرصاد... " هتف المذيع توماس بالامبو من الراديو، بينما فتح أليكس عينيه الواهنتين وكانت سالي أول ما رآه حيث كانت تتدرب على نسج الشباك بكمية أكبر من الخيوط، وما لفت نظره كان حجمها الذي تتضاعف وشعرها الأسود منقطع النظير الذي وصل خصرها إلا قليلاً" يا ويلي أنتي فتنة في الأرض، هل جمالك نتيجة تجربة مخبرية أيضاً؟!..... فليرحمنا الرب قليلاً!..... سأشتري الأسبرين على كل حال" قال أليكس بينما ينهض، فاستدارت نحوه سالي وابتسمت بطيبة ثم اقتربت منه "أنت تكبرين بسرعة يا عزيزتي، سنأخذ ذلك بعين الاعتبار لاحقاً، لكن الآن تعالي أغسل لك شعرك، ونسرحه جيداً" تابع أليكس وهو يحملها إلى المغسلة، كانت سالي مذعورة من المياه منذ غسل لها أليكس يديها لكن وعيها أقنعها أن لا خطر في شخص هذا الشاب واليوم هي تكتفي بالارتجاف الخفيف، ما قشر قلب أليكساندر وجعله يستعجل الغسيل.
بعد ذلك وضعها على الكرسي أمام الطاولة وجفف شعرها الناعم بمنشفة، كانت ردة فعلها مماثلة لتلك التي تكون عند التربيت على رأسها، وبعد أنا تمشى المشط في شعرها مرتين أو ثلاث ربطه أليكس على شكل عقدتين توأمتين وكانت تبدو ظريفة بكل معنى الكلمة خصوصاً وهي متفاجئة من تغير شكلها على المرآة، "بدلاً من شلال أسود منسدل حصلنا على نافورة في منتهى اللطافة.... اللولي المثالية، إن سألتني رأي" قال في نفسه وهو يهز رأسه بشعور بالرضا عن النفس، كما زاد من قوة المشهد أنها كانت ترتدي أحد قمصان أليكس والتي كانت أكبر منها فيديها لا تصل الأكمام وطول القميص جعله كالثوب بالنسبة لها، المشهد الذي جعله لا يقاوم التربيت لها على رأسها الذي صار أكبر من راحة يده" إن شعرك ناعم فعلاً يا عزيزتي أهو أحد خيوطك الحريرية... ؟" سأل أليكس، "ش... شعر؟" قالت سالي ليسحب الشاب يده كأن كهرباء مسته "ألا زلت أحلم.." قال وهو يحدد نظره بأجفانه مشككاً "كان علي التحقق فهذا يحدث بوتيرة لا بأس بها هذه الأيام" تابع وهو يدقق في عيني سالي (الرئيسيتين) ولكن الأخيرة وثبت وحطت في حضنه" شعر! .... شعر!" كانت تهتف بمرح،" أنت فعلاً رائعة، سندردش كثيراً أنا وأنت" قال ثم قبّلها من رأسها وقام يعد الفطور.
كان الصباح شبه روتيني، أنتهيا من الفطور و رتبا الغرفة، لبس أليكساندر ثيابه ثم سحب بطاقة جديدة من درج مكتبه، دسها في جيب السترة وتحقق من المساعد المحمول المتصل بالابتوب الذي أنتهى من تثبيت نظام التشغيل وبدأ بتحميل برنامج ذكاء صناعي مبسط على شريحة المساعد أعطاه أليكس اسم (سكالكا).... كان ينتظر أنتهاء العملية فراح يتابع سالي التي كانت قد أبدت أهتماماً بمكعب روبيك على الطاولة لديه منذ مدة لأنها بدأت تميز الألوان على أن العناكب ضعيفة النظر رغم أمتلاكها لكل تلك العيون لكن سالي نصف عنكبوتية إن صح التعبير، فمن يدري ما قد يأتي من هذه الكائنات التي تحدت الألها أثينا يوماً.
نقر لها أليكس على المكعب فأعطته أياه، حركه عدة مرات حتى اصطفت الألوان على الوجوه الستة ثم أعاده لها لتتفحصه، وكانت الصغيرة كمن نزلت عليها صاعقة.... بدت كسيدة كهف ترى النار لأول مرة، "ما هذه الشعوذة" قال لسان حالها بينما ضحك أليكس حتى الشبع وأعاد تشكيل المكعب عشوائياً فمرره لها وراحت تقلبه بيديها الصغيرتين، مع ذلك كانت فكرة حقيقة سالي ستشل تفكير الشاب عن يومه الجامعي ناهيك عن العميل بالحلة السوداء وزياراته لبيت التلة، حتى قاطع ذلك صوت طرق الباب فأرتدى أليكساندر المساعد على يده ثم فتح لصديقه مارك المنتظر حتى يفرغ أليكس من الحديث مع نفسه كي يتمشيا للكلية، استأذن أليكس منه ودخل ليحضر وحدة التخزين الغامضة التي جلبها من بيت التلة واستدار نحو سالي التي أختبأت مع المكعب "سالي! كما نقول دائماً لا تخرجي بنفسك يا عزيزتي ولا تدعي أحداً يراك.... اتفقنا" همس أليكس لصديقته الأركانية فردت بهز الرأس و خرج أليكس مغلقاً الباب وراءه .
بعد ساعة من ذلك في مكتب السيد شارلستون وصل كشف الحسابات الأسبوعي إلي يده، طالعه بتركيز رجل الأعمال المعهود فيه، وتجمد للحظة قبل أن يتلقف سماعة الهاتف ويتصل بأبنه، "هل لي أن أعرف ما الذي أنفقت عليه 500 ألف استرلينية قبل يومين يا فتى؟إنه.....إنه تحويل خارجي حتى.... أنت في ورطة كبيرة أيها للشاب" قال الأب بغضب واضح، "ما الذي تتحدث عنه يا أبي لم أصرف في تلك الليلة أكثر من ألف استرلينية في سهرة مع رفاقي من الكلية" رد جيمس بكل هدوء، وكان السيد شارلستون يعلم أن لابنه الكثير من الرذائل لكن الكذب ليس إحداها، كما أن التباعد الغريب في وقت التحويل يدفعه للارتياب من عملية سرقة واضحة، فأقفل الخط وضغط زر الهاتف الداخلي لسكرتيرته" ساشا اتصلي بالشرطة من فضلك! " قال بسرعة وهو يفتح دفتر بطاقات ويخرج بطاقة أعمال لرجل كان قد خدمه سابقاً وهو يعمل الآن في قسم متخصص بمكافحة الجرائم الإلكترونية، قلبها بين أصابعه وهو يهمس " لديك الشجاعة لتسرق مني، سأود مقابلتك يا من تكون" ورما البطاقة على الطاولة.
بالعودة للجامعة كان أليكس متجهاً نحو الكافتيريا ليشتري حليب الصويا له ولمارك الذي سيوافيه بعد قليل، وخلال هذا الوقت شغل المساعد ليختبره "P.A.D SCALA systems online" ظهرت العبارة على الشاشة وبها نشطت وظائف سكالا كاملتاً، شرعت تلقائياً بمحاولة الوصول لشبكة الكافتيرياً وأختراقها، كان عملها سلسلاً كفاية لأختراق شبكات مدنية ذات تشفير WPA/WPA2 "ماذا عن الشبكات الأكثر تعقيداً؟" فكر أليكس، "سكالا عدلي برنامج الدوام ليوم الخميس لقسم الهندسة، أدفعي كل المحاضرات إلى الفترات الأولى" قال أليكس متمنياً أن يكون برنامج التعرف على الصوت عاملاً بصورة صحيحة، "تم اختراق حاضنة تقانة المعلومات الأم للجامعة...... يجري تطبيق التعديلات الموصوفة.... " جاء الصوت من السماعة الصغيرة التي ألحقها أليكس، وتنفس بذلك الصعداء بعد هذا الاختبار الناجح، تفقد ساعته وكانت تخبره أن مارك قد تأخر لذا نهض أليكس وترك له علبة الحليب في خزانته عندما أصدر المساعد صوت مفاجئ  "تم تطبيق التعديلات ينتهي الدوام يوم الخميس في التوقيت 12:35  PM ".
انطلق بعدها أليكساندر ليتسوق خارج أسوار الجامعة وبينما هو يسير أخرج البطاقة وتفقدها " ينظر للفكرة من أكثر من وجهة"، تغيرت جراء ذلك معالم وجهه لإنزعاج خفيف فحول مساره إلى متجر الإلكترونيات، هناك أشترى ثلاث كاميرات مراقبة رخيصة وبعدها عاد لمساره في التبضع لمستلزمات العشاء، وبينما هو متجه لمكتبة الزاوية في شارع هارتلي انتبه لوجود دورية شرطة عند مقهى الإنترنت الذي زاره منذ يومين مكونة من مفتش وثلاث عناصر فتوقف لمشاهدة خفيفة، كان المفتش يسأل المالك أن يطلعه على تسجيلات كاميرات المراقبة في المقهى والمالك يهز رأسه بالإيجاب، دخلت الدورية مع المالك لتكمل تحرياتها وما كان من أليكس إلا أن يقول للمساعد "سكالا أحصري شبكة المقهى اللاسلكية وأخترقيها"، ثم أنتظر عشر ثوان حتى سمت صوت المساعد "تم الاختراق مقهى شارع هارتلي لخدمات الإنترنت، جار عزل الأجهزة المتصلة..." "ممتاز، الآن حددي جهاز تسجيل الفيديو(DVR) وأحذفي كل ما هو على قرصه الصلب" قال أليكس متعجلاً، وانتظر دقيقة كاملة ليسمع رد المساعد" تم حذف 2 ملف فيديو المساحة المتوفرة على القرص الصلب 3/3 TB"، وبذلك ارتاح أليكس شاكراً نجوم حظه على هذه الصدفة، وأكمل طريقه نحو المكتبة، كيف أنه لم يتوقع هذا.
كان نادماً لأنه نسي أمر كاميرات المراقبة لكن الندم غطي عليه بفكرة أن أحد تمكن من تقفي أثره حتى مقهى الأنترنت، و على تلك الحالة وصل المكتبة فسلم على ناتاشا التي كانت تضع جرائد اليوم في العارضة المخصصة لها،استدارت نحوه وردت له التحية بابتسامة "ما هو طلبك لليوم يا أليكس؟ هل هي رواية أخرى؟" سألته بلطف، "لا يا ناتالي،في الحقيقة  أبحث عن كتب في الفنون النسوية.... الخياطة على وجه أدق" قال أليكس، فتعجبت ناتاشا واربتاً ثغرها الصغير ليس لفترة تطويلة قبل أن تبدأ بالتنقل بين الرفوف وتننقي أفضل ما لديها، ومعها سرح أليكساندر في تفكيره "هل عليّ تموين المزيد من الطعام والتغيب لفترة؟ لا أدري..... سأركب الكاميرات وأعود لبيت التلة صبيحة اليوم الغد" فكر الشاب وهو يسحب ورقة من على الطاولة ويكتب رقم هاتف عليها، عندما عادت ناتاشا ومعها كتابين له أحدهمل عن الأنماط الغربية وللأخر عن الشرقية أشتراهما ودفع الورقة ناحيتها "ناتالي!، أريدك أن تطلعيني إذا زار الرجل ذو الحلة السوداء بيت التلة مجدداً على هذا الرقم، كل التفاصيل هذه المرة يا ناتالي، اتفقنا؟" قال ألكس "هل أشتريت هاتف محمول أخيراً يا آل؟" سألت ناتالي بسرور طائش، فأشار إلى المساعد على يده اليسرى "ستحول المكالمة إلى هذا الجهاز تلقائياً" قال وهو يهم بالرحيل"آه لما لا تشتري هاتف عادياً مثل أي شاب؟، أنت في الجامعة أتدري...."ثم هدأت وراح صوتها، متضرجة الوجه بالأحمرار أكملت" حسناً هذا ما يجعلك مميزاً على كل حال، أليس كذلك؟" هز أليكس رأسه وهو يقهقه فاتحاً باب المكتبة" إلى لقاء قريب يا ناتالي، بانتظار مكالمتك" وخرج بينما تمارس ناتاشا دور العذراء الواقعة في الحب، تخطى أليكس الزاوية بقليل ليطالع ببيت التلة، ثم يعود أدراجه متجهاً إلى الجامعة ، أما في المكتبة فبعد خروج أليكساندر بدقيقتين دخلت شابة تبدو في السادسة عشرة من عمرها، شقراء الشعر متوسطة الطول ملامح الهدوء تعلو محياها، اتجهت نحو طاولة الاستقبال ونقرت الطاولة لتنبه ناتاشا....
وبعد ساعة من وصوله انتهى أليكساندر من تركيب كميرات المراقبة وسحب خط من علبة الهاتف الملحقة بالمهجع - التي كانت مقفلة بقفل جوزة فقط للسخرية - كي يستخدمه في الاتصال لاسيما بالأنترنت وظل عليه الآن وصلها إلى الابتوب في غرفته، طرق الباب ودخل هامساً "سالي، لقد عدت يا عزيزتي، إين أنت؟" ،إلا أن سالي لم ترد فطالع في الغرفة بحثاً عنها وقد وجدها غافية في صندوق كرتوني قديم ومعها مجلة هزلية مصورة جلبها مارك معه في إحدى زياراته، لم يضع أليكسندر الفرصة ففعل الكاميرا في مساعده المحمول ثم ألتقط عشرات الصور لها، وبعد ذلك انزل الكتب على الطاولة فانتبه إلى أن مكعب روبيك محلول والألوان متطابقة، "رغم عمرك الصغير تمكنت منه، حتى كلمة رائعة قليلة عليك يا فتاة" قال أليكس وهو يجلس إلى الكرسي... يخرج ثوب سالي الذي أقترب من إنهائه، لكي يطرز عليه بعض الرتوش والعقد ويزينه بالخرز الأحمر، حتى عندما أتم عمله تماماً نهض ووضعه في علبة ثم رش معه بعض من روح زهرة الليلك، وأقفل العلبة ليخبأها في خزانته ويخرج سالي النائمة من الصندوق فيجلس إلى طاولته واضعاً أياها في حضنه.
كان يربت لها بينما يقرأ كتاب عن متلازمة سافانت، ولم يمر الكثير من الوقت حتى أفاقت سالي متمسكتاً بكم سترته، فتحت عيونها الصغيرة ورأت وجهه "أليكس... عاد؟" قالت سالي فانتبه لها الشاب وحضنها جيداً "نعم يا سالي لقد انتهينا اليوم.... هل مللت من الانتظار.... أنا أسف يا... "كان يقول لها وهو يداعب شعرها وتوقف عندما أدرك شيئاً، "سالي!.. كيف عرفت اسمي؟!! " هتف وهو يرفعها فارتبكت سالي قليلاً "سيدة كبيرة، لا تعرف أن سالي هنا تنادي أليكس... لكن سالي هي سالي ولا أحد سوى سالي في الغرفة كانت السيدة تبحث عن أليكس" ردت سالي بتقطع،" إذاً سمعت اسمي من ليزابيتا!" قال وهو يضعها على الطاولة "ليزابيتا؟ " سألت سالي مميلة رأسها "نعم إنها سيدة طيبة لكن لا تدعيها تراك"،هزت سالي رأسها بالإيجاب وقالت" سيدة كبييرة تدخل!...... سالي تختتبئ!"، أطرى عليها ثم سأل إذا ما كانت تشعر بالملل مجدداً فنزلت سالي وجرت المجلة قائلتاً" لا، سالي كانت تشاهد صور في كتاب و.... و سالي عملت مكعباً ملوناً... مثل مكعب أليكس" ردت سالي بصوت ظريف متقطع،" أحسنت صنعاً، أنت أروع فتاة على الأطلاق ولا يمكن لأحد مجاراتك! " قال لها بينما تسلقت سالي إلى الطاولة لتري أليكس المكعب وجهها الأبيض قد  أحمر بدرجات متفاوتة،" هل تريدين شيئاً محدداً كمكافأة يا عزيزتي؟ " سأل أليكساندر، فأخفضت سالي رأسها مشيرتاً للمجلة "تريدين أن أقرأ لك القصة؟ لك ذلك" قال وهو يحملها ويلتقط المجلة متجها نحو السرير.
القصة المصورة كانت عن بطل يعمل ضمن تجمع شركات محاط بمجموعة من الفاسدين الذين للمال والنفوذ عن طريق اختلاس أموال العاملين واستخدامها لتسلق مناصب في السلطة، البطل يتجسس عليهم ويقوم بإحباط خططهم متخفياً طالما استطاع إلى ذلك سبيل، ورغم عمله الدؤوب لإرضاء ضميره لم يلق مجهوده استحسان أحد بل كان منبوذاً لتميزه الوظيفي وقدراته التي قربته من الأشرار الذين يريد إسقاطهم، لكنه تابع دون ذرة شك بمبادئه.
أثناء إلقائه لاحظ أليكس كم هي سالي مأسورة بالقصة خصوصاً وهي تفهمها الآن مع الصور، "هل أعجبك البطل، إنه لا يملك قدرات خارقة رائعة لكنه ينقفذ الناس بدونها على أي حال" قال أليكس وهو يداعب شعرها، "سالي يمكن أن تصبح بطلة؟" قالت بحماسة، "نعم، لما لا لكن عليك أن تصبحي أقوى لكي تتمكني من الدفاع عن الضعفاء أولاً وإلا أصبحت أنت منهم" رد أليكس، "الناس سيكرهون سالي لأن سالي غريبة؟ سالي لا تشبه أليكس، لا تشبه السيدة الكبيرة" سألت وهي تنظر لنصفها العنكبوتي، "الناس ستكره المتميز عنها دائماً يا عزيزتي، لكن ذلك لا يجب أن يكون سبباً في منعنا عن القيام بما نراه صائباً" رد أليكس ورفع رأسه إلى السقف "إن وقع مكروه لأحد ما وكان بإمكانك منعه لكنك لم تفعلي فستكونين سبب هذا المكروه" تابع أليكس وهو يتمدد تخالجه رغبة قوية بأخذ قيلولة، لكنه كان بأنتظار أتصال ناتاشا فحول نظره لسالي سألاً أياها" هل تريدين تعلم القراءة يا صغيرة؟"، فأشتعلت الحماسة في عيونها الثمان وقالت" سالي.... تقرأ، مثل أليكس؟! "،نهض أليكس إلى الطاولة وهو يفكر أنها ستكون ليلة طويلة.
....
بعيداً في مكان أخر، يدخل العميل الذي كان في غرفة البروفيسور السجين سابقاً إلى غرفة مخصصة للاجتماعات فيسحب كرسياً ليجلس وينتظر متحققاً من ساعة يده بين الفينة والأخرى، فلا يطول إنتظاره وبعد دقيقتين يتبعه رجلان ببدلات سود ونظارة شمسية أحدهما أصلع الرأس والأخر لديه لحية متوسطة الطول، "ما الأمر يا سبعة.... ما سبب هذا الاجتماع؟" سأل ذو اللحية، "طلبت الاجتماع بكما يا سادة فيما يعنى بالرقم أربعة ومهمته" رد الجالس على الكرسي "ما به؟، هل من مستجدات حول مختبر الدكتورة سنكر؟"، "هذا بيت القصيد، مر الآن على الحادثة ثلاثة أشهر ولم نعتد التلكئ من الرقم أربعة كما هذا المستوى المتواضع في إنجاز المهام.." ،"ما الذي ترمي إليه يا سبعة؟" قاطعه الأصلع،"أرمي إلى أنه من غير المعقول عدم تأكيد خلو المختبر أو عدمه من الموضوع X-118 فإما أن الطرد دمر والعميل أربعة يبحث عن سراب أو... " سكت العميل رقم سبعة وأمال ذو اللحية رأسه كأنه يطالبه بالتكملة" أو؟ "،" أو أن السيد أربعة خائن!"، نظر الرجلان الواقفان لبعضهما وفكرا قليلاً ثم عادا للرقم سبعة الجالس" ماذا تقترح؟ " سأل الأصلع،" التأكد.... فالدكتور أبيكو لم يفصح بشيء، رغم أنه قد يغير رأيه عندما نلجئ لطرق أكثر سوقية في استخراج المعلومات، على أنني أخشى أن يكون الخلل في المنظومة الاستخباراتية للوكالة وليس الموارد والمعلومات التي نحوزها" قال الرقم سبعة، "واليكن، بناء على التقرير القادم للرقم أربعة سنحدد توجهنا من عملية التطهير لمواضيع الاختبار، يبدو أن ستيرن قد تسبب بأذى حقيقي سيودي بنا إلا التهلكة إن لم نتعامل مع النتائج كما ينبغي" قال ذو اللحية ثم خرج الرجلان من الغرفة وبقي الرقم سبعة ليدخن سجارة وهو يطالع في المدينة من النافذة الوحيدة في الغرفة، كانت كسيدة تلبس ثوب من تدرجات الأسود والأزرق الغامق مرصعاً بمصابيح المدينة كخرزات لامعات عليه،"هذا ثامن تقرير متشابه منذ خلصنا لموقع مختبر الدكتورة يطلب مهلة لاستمرار التحقيق والمجلس لم يشكك في الرقم أربعة بسبب تاريخه المتميز في خدمة الوكالة" فكر العميل "ولا يحق لعميل أن يتدخل في مهمة الأخر.... لكنه يماطل معطلاً بذلك عملي" أطفئ سيجارته وتحقق من الساعة مجدداً" قد يفكر المجلس أن X-111 هي الأخطر بين كل مواضيع التجارب الهاربة لكنهم لم يرو ملف X-118 الحصري في سجلات الدكتور شومكوف... أرتعب بمجرد التفكير بذلك فقط"، خرج وأغلق الباب وراءه.
كان أليكس ذلك الحين يتابع سالي وهي تقرأ، لم تفشل الأركانية الصغيرة في سلب لبه حتى الآن ولو مرّة بظرافتها خصيصاً وهي تكرر الكلمات التي يصعب عليها لفظها، لكن التعب تمكن منها فحملها بين يديه ورفعها لشبكتها لتنام بسلام، ثم خرج ليتلقى المكالمة من ناتاشا التي وردته قبل قليل لكنه تجاهلها لأنه لا يريد لسالي سماع شيء، كان صوت عاملة المكتبة يصل عبر السماعة الملحقة للمساعد على يد أليكس صافياً واضحاً "نعم يا أليكس لقد جاء اليوم أيضاً لكنه أطال البقاء هذه المرة، تقريباً نصف ساعة وعندما عاد كان يقود بسرعة كبيرة جداً" قالت ناتاشا، فشكرها أليكس وهم بقطع التصال لكن ناتاشا استوقفته "أليكس هناك شيء يجب أن أخبرك به...." قالت ثم صمتت لبرهة "ما الأمر يا ناتالي، قولي ولا تخافي" شجعها أليكس ولكن سالي ترددت أكثر قبل أن تنطق" كن حذراً يا أليكس أرجوك... " ثم أغلقت الخط تاركتاً أليكساندر في حيرة من أمره، فصوتها كان فيه توتر خائف إلا أنه لم يملك الوقت لكل هذا فتفقد وحدة التخزين في جيبه والساعة التي صارت العاشرة مساءً فنزل الدرج كالقط الحذر راجياً أن تكون ليزابيتا نائمة.
كانت المديرة توضب الأغراض على طاولتها استعداداً للنوم، وعندما فرغت استغل أليكساندر الشاب الفرصة للتسلل والخروج من المهجع للشارع الرئيسي والتوجه بعدها نحو بيت التلة، هناك تسلل أليكساندر للمرة الثانية فدخل مختبر السيدة يانوف لكي يبدأ اختراقه لحاسوبها الخارق وتحصيل أي معلومة عن سالي، ولج من الباب النصف مفتوح وتقدم ناحية الحاسب فأزال الهيكل العظمي عن الكرسي ونقله إلى جانب الباب ثم جلس وأوصل المساعد خاصته إلى أحد منافذ الحاسب، بادئاً بهذا عملية فك تشفير كلمة المرور التي ستحتاج إلى أكثر من نصف ساعة كي ينتهي نظام سكالا من ملاحقتها، لذا استخدم أليكساندر الكرسي ليتجول في المختبر جولة عرفته على السيدة يانوف أكثر.
كان أول ما أكتشفه هو أن اسمها ليس يانوف وإنما أيفون سينكر وهي باحثة حائزة على أربع شهادات دكتوراه كلها في ميدان الوراثة والنبات وقد حصلت على أخر هذه الشهادات الأكادمية في عمر 21 سنة ذلك ما دفع منظمة تدعى وكالة D.B.A للتطوير البيولوجي لتجنيدها للعمل على سلاح ما، ولكن الدكتورة سينكر عملت لفترة قصير هناك قبل تحولها لمختبرها الخارجي في بيتها والذي يتبع للوكالة، لذلك عين عليها عميل خاص لمراقبتها ملم بكلمات المرور لمختبرها وخزنتها وغيرها من البروتوكولات الآلية، بعدها قررت السيدة الانسحاب فأنضمت سراً لتجمع رمزت له ب(ر. ر) مناهض لأفكار الوكالة وفوجئت بأحد زملائها الذي كانت تعمل معه في المختبر X9 ضمن الوكالة (د. أبيكو) فتخوض معه علاقة رومانسية لا تكلل بالنجاح على أن التجمع الذي أنضمت له قرر الهجوم على الوكالة ولذلك حجزت نفسها في مختبرها وهي تعلم أن الدكتور شومكوف – أحد أفراد التجمع - سيرسل لها سجلاته إضافة إلى موضوع الأختبار خاصته لأنها المعقل الخارجي الوحيد المتبقي التابع للمناهضين المعادين للوكالة فخبأت السجلات في خزنتها الخاصة في الطابق الثاني وتركت الكبسولة في المختبر المغلق، حصل أليكساندر على هذه المعلومات من مذكراتها فعلام يبدو أن أخر ما قامت به هو تدوين لحظاتها الأخيرة قبل الانتحار، حيث أن مذكراتها متروكة على أحدى الطاولات في الجناح الأيسر.
وبينما هو منسجم في فهم الأحداث وربطها قطع صوت المساعد سلسلة أفكاره، "نظام سكالا أحادي الاتجاه = نتيجة الأختراق : أيجابية = المصافحة : محققة = الوقت المنقضي 29:05:4" ثم أظهرت الشاشة الكريستالية الرسالة:

(Password  "h.e.r.o" granted )

استخدمها أليكس على الحاسب ليتمكن من الدخول لسطح المكتب ثم أدخل وحدة التخزين في منفذها المخصص فنفذ لكل سجلات البروفيسور شومكوف،و ما سيرآه أليكساندر سيحفر في ذهنه لليوم الذي سيموت فيه.
على أن أول ما وقعت عينيه عليه هو بادئة السجل المعنونة" إليك يا من ستعتني بها" ولا يحتوي إلا على سطر واحد هو حرفياً:

Para ella la única y bella soledad

رفع أليكساندر بلياكوف رأسه نحو سقف المختبر وقرتي عينيه تكاد تنفجران من شدة التوسع "سوليداد.... آه يا لي من أحمق، هذه أنتي لقد كنت دائما تعطين تلك الهالة ولم انتبه، أي قارئ لاهوتي أنا؟ سوليداد..." فكر أليكس، وظل على هذه الحال لدقيقة ثم استعاد وعيه وعاد للسجلات لكي يتابع تنقيبه عن المعلومات....
وقبل قليل من هذه الأحداث، في حجرته كان العالم السجين يدندن أغنية العنكبوت وصنبور المياه وحيداً في الظلام بين عشرات الكتب التي ملأت الحجرة، كانت قد نمت له لحية فشلت في أخفاء أبتسامته من ضوء القمر الخافت الذي بالكاد يصل الغرفة، وسكت فجأة لوهلة ثم همس لنفسه في ذلك الظلام "أنتظري بصبر يا غاليتي إنها مسألة وقت لا أكثر، أنا قادم"، رد رأسه المائل إلى الخلف فوصل شيء من النور لقميصه لينير خرطوشة تحوي سائل أحمر قرمزي...

Written By Max Suager p1. ch3

الركن الرابعحيث تعيش القصص. اكتشف الآن