السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....
إن شاء الله تعالى بدءاً من اليوم ننشر كتاب مسيرة الأرواح في عالم البرزخ ،
شكل حلقات ، مع دعائي للجميع بحسن العاقبة .
�الحلقة الأولى :�
... الاحتضار ...� منذ أيام عمّ الألم جسدي وأخذ يؤذيني .... وبدأت علامات الموت تدنو مني وحلّت بي حالة الاحتضار .�أداروا برجليّ نحو القبلة ٬ وأحاط بي زوجتي وأبنائي وأقربائي وبعض أصدقائي ٬ ومنهم من ترقرقت دموع� عينيه ٬ أغمضتُ عينيّ بهدوء وغرقتُ في بحر أفكاري ٬ وأخذتُ أفكر مع نفسي ٬ بمَ قضيتُ عمري ٬ ومن�أين لملمت أموالي رغم قلتها ، وأين أنفقتها ؟�لقد كان التفكير بذلك يؤلمني كثيراً ٬ ومن شدة القلق فتحت عيوني .��((الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا ))�في تلك الأثناء إنتبهت إلى وجود شبح طويل القامة يرتدي ثياباً بيضاء قد نشب يديه على أطراف أصابع قدميّ وأخذ يتجه نحو الأعلى من جسدي ٬ ولم أكن أشعر بالألم عندما كان عند قدميّ لكن الألم أخذ يزداد كلما إرتفع نحو الأعلى وكأن الألم بأجمعه أخذ يتحرك إلى الأعلى من جسدي ٬ حتى وصلت يده إلى حلقومي ٬�حينها أصبح جسدي بلا شعور ٬ بيد أن رأسي أصبح ثقيلاً بحيث كنت أشعر بأنه سينفجر من شدة الضغط ٬ أو أن عينيّ ستخرجان من حدقتيهما .� تقدم عمي الشيخ العجوز نحوي وقد امتلأت عيناه بالدموع وقال لي : ياولدي اقرأ الشهادتين ٬ أنا أقرأها ، وأنت رددها معي : أشهد أن لا إله إلا االله وأشهد أن محمداً رسول االله وأن علياً ولي االله ....�لقد كنت أراه وأسمع صوته ٬ فتحركت شفتاي ببطء ٬ وما أن أردت التلفظ بالشهادتين حتى أحاطت بي أشباح سوداء وألحّوا عليّ أن لا أنطق بالشهادتين . لقد كنت سمعت بأن الشياطين تحاول سلب إيمان المرء عند موته ٬ لكنني لم أكن أتصور أبداً إنهم يفلحون في صدي .�ومرة أخرى أدنى عمي وجهه مني وتلفظ بالشهادتين ٬ ولما أردت تحريك لساني تحرك الشياطين مرة أخرى؛ ولكن عن طريق التهديد في هذه المرة .�لقد كانت لحظات عجيبة ٬ فمن ناحية كان الذي يرتدي ثياباً بيضاء يمارس أعمالاً مدهشة . ومن جهة ثانية ٬�كنت أواجه إصرار عمي على النطق بالشهادتين ٬ وثالثة محاولات الأشباح الخبيثة في سلب إيماني في آخر لحظات حياتي .�ثقل لساني وكأن شفتي قد خيطت مع بعضها ٬ لقد اعتراني العجز ٬ وكنت أريد الخلاص من هذا الوضع المؤلم ولكن كيف ؟ وعن أي طريق ؟ وبواسطة من ؟ في غضون ذلك التجاذب ظهرت من بعيد أنوار ساطعة�فقام ذلك الرجل ذو الثياب البيضاء إجلالاً لها ، و ولّت تلك الوجوه القبيحة هاربة ٬ ورغم عدم معرفتي في تلك اللحظات لتلك الأنوار الطاهرة الفريدة لكنني عرفت فيما بعد أنهم الأئمة الأطهار (ع) ، قد حضروني في اللحظات الحساسة وببركة وجودهم أشرق وجهي وانفتح لساني فحركت شفتيّ ونطقت بالشهادتين هنا امتدت�يد ذلك الرجل ذي الثياب البيضاء لتمسح على وجهي ٬ وشعرت بالاطمئنان بعد أن كنت أعاني شدة الألم والاضطراب .�لقد أصبحت وكأنني ألقيت الآلام والعذاب بأجمعه على كاهل أهل الدنيا لأنني شعرت بالاستقرار وكأنني لم أرَ حرية واستقراراً كالذي عشته في ذلك اليوم فقد انفتح لساني وانشرح عقلي . كنت أرى الجميع وأسمع أحاديثهم . هنا وقعت عيناي على ذلك الرجل ذي الثياب البيضاء فسألته : من أنت ؟ وماذا تريد مني ؟ فإنني�أعرف كل الذين حولي إلا أنت ٬ فقال : كان عليك أن تعرفني ٬ أنا ملك الموت ٬ فاضطربت لسماع اسمه واهتز كياني ٬ فوقفت أمامه أتخضع وقلت : السلام عليك يا ملك ربي فلطالما سمعت باسمك ومع ذلك لم أستطع معرفتك حين الموت ٬ هل تريد الإذن مني كي تقبض روحي ؟�فأجاب ملك المو ت مبتسماً : إنني لا أحتاج إلى إذنٍ من أي أحد لأنتزع روحه من جسده ٬ وإذا ما تأملت جيداً سترى انك قد ودعت الحياة الفانية ٬ أنظر إلى جسدك قد بقي بين أهل الأرض ٬ فنظرت إلى الأسفل فاستحوذت عليّ الدهشة والحيرة ٬ إذ أن جسدي مطروح على الأرض بلا حراك بين أقربائي ومعارفي ٬ فيما كانت زوجتي وأبنائي وكثير من الأقارب يحومون من حولي وهم يبكون وترتفع صرخاتهم إلى عنان السماء� وأخذ آخرون بالشكوى والتساؤل : لقد تعجل عليه الموت ٬ لماذا ؟�أخذت أفكر مع نفسي : لِمَ ينوح هؤلاء ؟ ومن أجل من ؟ أردت دعوتهم لالتزام الهدوء ٬ وهل يكون ذلك ؟� .... صرخت فيهم : أيها الأعزاء التزموا الهدوء ٬ أما تريدون راحتي واستقراري ؟ فلماذا هذا التفجع� والحزن ؟� بعد الألم المضني أصبحت الآن في كامل الراحة والسعادة .�إنني أخاطبكم أما تسمعون ؟ لِمَ هذا البكاء ؟ ممّ عويلكم وبكاؤكم ؟ نوروا الدار بالدعاء وذكر الحق تعالى .�استمر عويل واستغاثة الحاضرين ٬ يعلو ويعلو ٬ هنا سمعت صوت ملك الموت يقول : ما الذي دهى هؤلاء ؟� مم ّصراخهم وعويلهم ؟ ولِمَ هذه الشكوى والتفجع ؟ لِمَ هذا البكاء واللطم على الرؤوس ؟ أقسم باالله إنني لم أرتكب ظلماً بحقه ٬ فلقد نفذ رزقه في هذه الدنيا ٬ ولو كنتم مكاني لقبضتم روحي بأمر من االله ٬ اعلموا أن دوركم سيأتي يوماً ما ٬ وسأتردد على هذه الدار حتى لا أدع أحداً فيها ٬ إن عبادتي وطاعتي لله هي أن أقطع� كل يوم وليلة أيدي الكثيرين عن هذه الدنيا . الناس مستمرون بعملهم لا يسمعون هذه الإنذارات . تمنيت لو كنت سمعت هذه الإنذارات ولو مرة واحدة في الحياة الدنيا كي تكون عبرة لي ... لكن واحسرتاه ثم واحسرتاه !!�لفوني بقطعة قماش وبعد ساعة حملوني إلى المغتسل ٬ إنه مكان معروف لدي فطالما جئت هنا لغسل أمواتنا ٬ وهنا لفت انتباهي المغسل حيث كان يقلبني كيف شاء ودون عناء ٬ ونظراً لعنايتي بجسمي فقد صرخت بالمغسل : تمهل قليلاً ! ارفق بي ! فقبل لحظات خرجت الروح من هذه العروق فأضعفتها وأعجزتها ... لكنه� واصل عمله دون أدنى عناية بمطالبي المتكررة .�انتهى الغسل ٬ ثم لفوني بذلك الكفن الذي كنت قد اشتريته بنفسي ... لقد كنت أفكر آنذاك بأن شراء الكفن إنما هو عمل روتيني ٬ ولكن ما أسرع أن لف جسدي بالبياض . حقاً إن الدنيا دار جواز .� وعند سماعي لنداء الصلاة .. الصلاة .. الصلاة .. دخلني نوع من الطمأنينة . (( يتبع إن شاء الله تعالى ))�� تابعنا بالصلاة على محمد وآل محمد