#إيليا_أمامي حلقه مميزه جداً اكملها فلا تفوتك
( كيف كان الاستقبال في وادي السلام )عندما وقع بصري على الأوضاع داخل وداي السلام بهت وتسمرت في مكاني وتملكتني الدهشة لرؤية تلك المناظر الجميلة التي لا يمكن تصديقها .
لم أدرِ كم قضيت وأنا على تلك الحال حتى شعرت أن هناك من يهز كتفي ٬ فتحت عينيّ فإذا بي أشاهد وجه ( حسن ) الباسم ٬ فأحسست بالراحة لرؤيته مرة ثانية إلى جانبي فاحتضنته ٬ وفي تلك الأثناء همس ( حسن ) في أذني : لقد جاء بعض المؤمنين لاستقبالك ٬ تأملت قليلا وإذا بزمرة من المؤمنين وقفوا أمامي مبتسمين ٬
تركت ( حسن ) وتوجهت نحوهم بهدوء ٬ ولما وصلت عندهم رحبوا بي جميعاً ٬ وبدور ي سلمت عليهم واحتضنتهم واحداً واحداً .
ثم سألني أحد المؤمنين عن أخيه ٬ فقلت له : إنه لم يزل يزرع في مزرعة الدنيا ٬ وسألني آخر عن أحد الأشخاص فأجبته : لقد رحل عن الدنيا قبل مجيئي إلى البرزخ بسنوات فأطرق السائل برأسه وقال : أعانه الله ٬ فسألته بعجب : ماالذي حصل ؟
قال : إنه لم يأت إلى هنا لحد الآن ، عند ذاك فهمت أنه مازال ممتحناً في وسط الطريق أو استقر في وادي العذاب . ثم تقدم أحد المؤمنين نحوي مستفسراً عن أحد الطواغيت في الدنيا فأجبته : للأسف إنه لم يزل حياً ويواصل طغيانه ٬ فقال لي : لا تأسف إذ أن الله لا يمد الكافرين والظالمين خيراً لأنفسهم بل ليرتكبوا المزيد من الخطايا فينالهم العذاب الأليم في الآخرة .
انتهى حفل الاستقبال بعد أن آنست بهم ولم أشأ تفرقهم عني ، وقد شعر ( حسن ) بما يدور في داخلي فقال لي : لا تقلق فإنك ستلتقي بهم وبسائر المؤمنين الذين يلتقون ببعضهم البعض بين فترة وأخرى ٬ ومدة كل لقاء تتبع درجة الملاقي والملاقى ٬ ثم سحبني من يدي وقال : هيا بنا فقد أعددت لك مستقرك .
ونحن نسير كنت أشاهد أهل وادي السلام زرافات زرافات جاؤوا للقاء بعضهم البعض وقد تحلقوا حلقات حلقات فيتحادثون فيما بينهم تغمرهم الفرحة والسعادة والابتسامة تعلو وجوههم .
... كوثر البرزخ ...
ثم وصلنا نهراً جميلاً وعجيباً لم أرَ مثله طيلة حياتي ٬ بل لم أكن أتصور حتى في عالم الخيال ٬ ففي جانب منه ماء زلال وفي الجانب الآخر يجري لبنُ سائغُ أكثر بياضاً من الصقيع ٬ والأعجب من ذلك هو جريان شراب بينهما يشبه في حمرته الياقوت قلَّ نظيره بالجمال ونظرت إلى بداية النهر و نهايته فلم أجد له بداية أو نهاية.
ووقعت عيناي على أشجار ورياض على جانبي النهر كانت مناظرها من الدهشة بحيث أنني لم أرَ مثلها ولم تخطر على بالي حتى في عالم الرؤيا. تعلّقت عيناي بالنهر فسألت عن منبعه ٬ فأجابني ( حسن ): أنه نهر الكوثر الذي ورد الحديث عن منابعه في القرآن الكريم وهو يجري على امتداد وادي السلام ٬ كلما عبر من منطقة يتميز بطعم خاص ٬ فقلت : ولماذا؟ قال : كلما تسامت منزلة المؤمن ازداد مستقره روعة وبذلك يزداد نهر الكوثر جمالا . ثم حلَّق ببصره إلى آخر النهر فقال : عندما يمر النهر من وادي الشهداء فانه يصبح جميلاً و لطيفاً بحيث تقصر الأبصار عن النظر إليه ٬ سألته متعجباً : إذا كان الأمر كذلك فكيف يكون عبوره عند الأئمة
عليهم السلام؟ أدار ( حسن ) ببصره نحوي وقال : ماذا تقول ؟ انهم في غنىً عن هذا النهر ٬ فكل ما في هذا النهر من لذةٍ وحلاوةٍ ورقّةٍ إنما هو ببركة الأئمة والأنبياء عليهم السلام ٬ سكت هنيئة ثم واصل كلامه ٬ هناك تقع منابع النهر ونحن الآن نقف على بقعة صغيرة منه . بعد قليل قال ( حسن ): أتريد أن تشرب منه؟ وحيث إن ذلك لم يخطر ببالي بسبب انشغالي بجمال المنظر ، قلت بكل سرور : بالطبع بالطبع ٬ ولم أكن بالمرة منتبهاً إلى إمكانية الشراب من هذا النهر.
فابتسم ( حسن ) وقال : إذن هيا بنا إلى مستقرك فهناك الكوثر أكثر عذوبة.
أخذنا نسير على ضفة النهر بحيوية ونشاط بالغين ٬ وقد شدّني جمال الكوثر عن المناظر المحيطة به ٬ وكلما تقدمنا أكثر ازداد جمالاً وروعة، وفي كل آنٍ تزداد عندي اللهفة لارتشاف جرعة من النهر حتى بلغنا منطقة توقفتٌ عن الحركة فجأة وتوجهت نحو ( حسن ) وقلت له : لن أتقدم خطوة واحدةَ إن لم أشرب من هذا النهر! فردَّ عليَّ قائلا : أنت الآن في دار السلام الخاص بك وبإمكانك الارتشاف ما شئت هنيئاً مريئاً ٬ فأخذت أفكر في كيفية تناولي منه فأشار ( حسن ) إلى أعلى شجرةٍ وقال : أطلب من تلك الحورية التي تجلس على الغصن لترويك ٬ نظرت إلى الأعلى فشاهدت حورية غاية في الجمال وقد أمسكت بكأسٍ رائعٍ في يدها ٬ وقد
أجَلْتٌ بنظري إلى الأشجار وجدتٌ فوق كل شجرةٍ حوريةً تحاول خطف فؤادي بدلالها وغزلها ٬ وبإشارة خاطفة ملأت إحداهنّ ذلك الكأس الظريف بماء الكوثر وقّدمته لي وهي تبدي دلالاً واحتراماً وأدباً ٬ وما إن ارتشفتٌ جرعة منه حتى أصابني السٌكر فلم أعد أشعر بوجود أدنى ألمٍ ووجعٍ في بدني من رحلتي تلك.
(( يتبع إن شاء الله تعالى )) تابعنا بصلاة على محمد وآل محمد
اللهم صل علئ محمد وال محمد