مسيرة الأرواح الحلقة الثالثة

52 17 10
                                    

. ( الجزء الثالث)
"�مسيرة الأرواح في عالم البرزخ
�الحلقة الثالثة�...
حل أوان الغربة ...�انتابني السرور لكثرة الذين جاؤوا لمواراة جثماني الثرى ٬ وشعرت بالمتعة لحضورهم وتلاوتهم للقرآن� والصلوات على النبي وآله ٬ ثم أخذ الحاضرون بالانصراف شيئاً فشيئاً ولم يبقَ منهم إلا نفر يقدرون بعدد�الأصابع ٬ ولكن لم يمض من الوقت إلا القليل حتى تركوني وحيداً - وهذا مالم أصدقه - ربما لا تتصورون� ما جرى علي في تلك اللحظات ٬ فلم أكن أتوقع منهم هذا الجفاء ٬ أولادي ٬ بناتي ٬ زوجتي وكذلك أصدقائي�المقربين الذين لم أبخل عليهم بالمودة ٬ لكنهم سرعان ما انصرفوا وتركوني وحيداً! وددت لو أصرخ فيهم :�أين تذهبون ؟ ابقوا معي ٬ لا تتركوني وحيداً ... في تلك الأثناء سمعت منادياً ينادي في الناس : توالدوا�للموت ٬ واجمعوا للفناء وابنوا للخراب ٬ ولكن للأسف فقد كانوا في وادٍ آخر محرومين من الاستماع لهذا�النداء ٬ ولما عرفت أن الناس قد خرجوا من المقبرة ناديتهم : اذهبوا ٬ ولكن اعلموا بأنكم ستنزلون التراب� يوماً صدقتم أم لم تصدقوا ٬ شئتم أم أبيتم ٬ اعلموا أنّ الله لا يؤخر الأجل .�بعد كل ذلك الصراخ والعويل رجعت إلى نفسي فوجدت أن كل ما بقي لي هو قبر مظلم موحش مهول يثير�الغموم ٬ فاستحوذت علي الرهبة ٬ أخذت أفكر مع نفسي : وكأنهم قد قذفوا في فؤادي كل ما في أفئدة أهل� الأرض من غموم وكل مافي الدنيا من قلق ٬ وإنه غم ورعب لو نزل على بدن الإنسان لأهلكه ٬ ونتيجة لذلك�الضغط النفسي بكيت وسالت دموعي ساعات وساعات .�أخذت أتذكر أعمالي فأدركت قلة بضاعتي ٬ فتمنيت لو عدت مع الذين كانوا قد اجتمعوا على قبري ٬ كي�أقضي عمري بالعبادة وإحياء الليل والأعمال الصالحة وأنفق ما كنت جمعته خلال السنوات الأخيرة من�عمري على الفقراء ٬ ليتني ... ليتني .� وأنا غارق في بحر أفكاري ارتفع صوت من يسار القبر : إنك تتمنى العودة عبثاً ٬ أغلقت صحيفة حياتك !� فرعبت ُ لذلك الصوت في تلك الظلمة وكأن أحداً قد دخل القبر ٬ فسألته بصوت مهزوز : من أنت ؟�فأجاب :�أنا رومان من ملائكة االله (تعالى) .�قلت : لعلك عرفت مايدور في ذهني !�قال : نعم .�قلت : أقسم لو تركتني أعود إلى ذلك العالم لن أعصي االله أبداً وأعمل على كسب رضاه . اليوم حيث انصرف� عني كل من أعرفهم بل وحتى أفراد أسرتي وتركوني ٬ أدركت غدر الدنيا ٬ فاطمئن إذا رجعت إلى الدنيا لن�أغفل لحظة واحدة عن طاعة خالقي وعبادته !�قال : إنها كلمة أنت قائلها ٬ لكن اعلم أن الواقع غير ما تتمناه فلا بد أن تمكث في البرزخ من الآن وحتى�قيام الساعة .�بعد ذلك باشر بإحصاء أعمالي الصالحة والطالحة تلك الأعمال التي ارتكبتها طيلة حياتي وسجلها الكرام�الكاتبين .�عجباً لها من صحيفة تضم حتى أصغر أعمالي صالحها وقبيحها ٬ وفي تلك اللحظات شاهدت أعمالي أمام�عيني .� كنت أفكر بثقل أعمالي وخفتها فبادر( رومان ) إلى تعليق صحيفة أعمالي في رقبتي بحيث شعرت وكأن جبال�الدنيا كلها علقت في عنقي .� ولما أردت أن أسأله عن السبب في ذلك ٬ قال : كل إنسان يطوق بأعماله .�قلت : وإلى متى يجب أن أتحمل ثقل هذا الطوق ؟�قال : لا تقلق ٬ بعد ذهابي سيأتي منكر ونكير للمساءلة ثم تزول هذه المشكلة عنك .�قال رومان ذلك وانصرف . (( يتبع إن شاء الله تعالى ))��مشاركة للمنشور ليصل لغيرك وتكون قد شاركتنا الأجر والثواب. أفلح من صلى علئ محمد وال محمد اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين

عالم البرزخ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن