ليت الأمر ينتهي هنا . كين لاينجل وهو يضحك متقصدا إغاظتها :" أن كان هذا فقط ماتعلمته في غيابك فالافضل لك العودة للمنزل والاكتفاء بتسريح شعرك ..".
منزعجة من كلامه تبعد شعرها عن وجهها بهدوء بنبرة مغرورة مليئة بالتحدي :" سأريك الآن ما تعلمته أثناء لهوك أيها الولد".
تشتعل كلتا يديها امامها بلهب ازرق قوي يتسبب بأحتراق أكمامها ، تختفي لتظهر فجأة أمامه تركله بقوة ليسقط على الأرض متفاجأ مما يرى ، تجثو على صدره تخفي لهب إحدى يديها فهي لاتريد أن تحرقه تمسك برقبته ، بعناد تقول وهي تقرب يدها الأخرى مشتعلة من وجهه :" اخبرتك اني من سيفوز هذه المرة ".
هو بهدوء ساخر :" حسنا ! فقط لاتغضبي .. قد تحرقي كامل قميصك يا صغيرة ، سيكون الأمر محرجا لك أمام الرجال ".
مرتبكة وهي تنظر حولها :" اي رج...".
لترى مجموعة من الجنود بأفواه مفتوحة مرتعبين من القوة التي يملكها الاخوان كازوهيرا ، كنتا وهو يفكر كم هو محظوظ لوجوده قرب كين ليراه يبدع في كل شيء فهو متأكد أنه حتى الآن لم يرى قوة كين الكاملة ، ريدن واقف هناك لا يفكر سوى بشيء واحد فقط .. فكرة صغيرة ضئيلة مثلها ، نعم يفكر كم أنه يريدها ، يريدها بشدة . ذلك الشعر المبعثر بسواده المخيف ، البنطال المتسخ قليلا كملابس الأطفال ، القميص الفضفاض ، الاكمام المحترقة حتى كتفها لتكشف عن بشرة شاحبة طرية شفافة ، تلك الرقبة ذات العظام البارزة ، اكتافها النحيلة كأنها تكشف عن سقم مؤلم لصاحبها ، نظراتها المرتبكة .. يريد كل شيء أنه يريدها لنفسه فقط ، لكن لما هي تجثو على صدره سأقتله ، سحقا ، حتى أنه ليس أخاها الحقيقي ، لما هي قريبة جدا منه هذا ليس عدلا ! صدري يكاد ينفجر سأصاب بسكتة قلبية .
تنهض أينجل تشعر بالاحراج ، يعرف كين أن أخته لاتحب أن يحدق بها الآخرين يضع سترته على أكتافها يزيل بعض الشوائب العالقة بشعرها المنثور ثم بصوت عالي متوجها بالكلام لجنوده :" إلى مواقعكم أو تعاقبون حالا ".
يتحرك الجنود بسرعة ، ينتبه كين لوجود شخص جوار كنتا يقترب منهما فاتحا ذراعيه مشرق الوجه وهو يقول :" مرحبا بعودتك صديقي ".
تلحق به أينجل .. لقد تعرفت على صديق اخيها
اينجل وهي تمد يدها ناحيته :" سعدت بلقائك ثانية سيد آشيما ".
بفم مفتوح يمد يده ناحيتها لكن ليس ليصافحها ، لم يكن منتبها لحديث كين أو لمن حوله كان يفكر بأنها حقا هنا ؟ ياللقدر ! يريد لمسها .. يريد وضع يده على رأسها ولمس شعرها يريد رقبتها المتعرقة بسبب القتال ، قميصها الابيض الواسع غير المرتب ، كان يشعر بما شعر به ريدن اول مرة التقى بها .
يمد يده ناحيتها لكن يده لاتصل لشعرها ثمة شيء يعيقه ، يد ريدن تمسكه من معصمه بقوة :" سيد آشيما ! ... ستزيل اوساخ شعرها بنفسها لاداعي لارهاق نفسك لقد عدت لتوك ".
اينجل وهي تتراجع للخلف تمسح على شعرها :" شكراً لك ، سأفعل هذا بنفسي ".
ينتبه كين لما حدث توا وكذلك فعل كنتا ، يتدارك كين الموقف قبل أن يخرج عن السيطرة :" كنتا اتجه مع آشيما لمكتبي لنتحدث هناك ، سيد ريدن عليك الذهاب لتناول الإفطار سأخذ اينجل للمسكن ثم أعود للمكتب لدي أمر اناقشه مع كنتا وآشيما ، حسنا ! ".
يجلس الاثنان يتناولان الافطار بعد الاستحمام ..
بفضول يسألها :" هل ريدن هكذا دائماً ؟".
تعلم مايقصد بكلامه ترد وهي تطرد الاحراج تتصنع اللامبالاة :" هذا ما يبدو ... يذكرني بأحدهم ".
كين مبتسما :" أنه شخص جيد ".
هزت رأسها موافقة وهي تكمل تناول طعامها :" سأخرج لرؤية مارو ".
كين وهو ينهض :" نعم ، سأذهب للمكتب ". يربت على شعرها تدفع يده بغضب فهي لم تعد صغيرة .
تخرج بعده بوقت قصير ترى ريدن متجها للمشفى أيضا ، دخلا غرفة مارو معا ليجداه مستيقظا ، لم يستطع الاثنان اخفاء سعادتهما لرؤيته بخير .
ريدن للكابتن :" رجل قوي فبعد كل شيء انت الكابتن مارو ".
اينجل بفرح :" نعم انت محق ريدن ، كابتن كيف تشعر ! انت بخير؟ هل نستدعي الطبيب ؟".
مارو :"اسمعا أيها الولدان ، ليس الطبيب ما أحتاج هيه عزيزتي بل ... ناوليني سترتي ".
اعطته اينجل السترة ليخرج منها حبيبته المعدنية :" أن احضرتما لي بعض الشراب سأكون بأتم حال ، أعدكما ".
تنظر لريدن الذي يأخذ العلبة المعدنية ويخرج ليعيد تعبئتها .
مارو لاينجل بعد خروج ريدن :" ستغادرين ، اليس كذلك !".
اينجل بصوت خافت يتسلل له بعض الحزن عارفا شعور صاحبته :" نعم كابتن ".
مارو :" هل أخبرت كين؟".
اينجل :" لا لم افعل ، لم اجد الوقت المناسب لذلك ".
مارو وهو يتنهد بهدوء :" ولن تفعلي ".
اينجل بأستغراب :" كابتن ! كيف تعرف عائلتي ! كيف التقيت بنا انا وريدن ! حتى انك تعرف كين ...".
مارو :" ستعرفين متى كان الوقت مناسباً اعدك ، فقط ركزي على جزئك من المهمة واتركي البقية لأصحابها حسنا ! ".
لم ترد فقد عرفت أن الوقت لم يحن بعد لتعرف الجزء المتعلق بمارو .
يدخل ريدن ليناول العلبة لمارو الذي يبتسم لرؤيتها يأخذها يفتحها بعجل يضعها بين شفتيه كأنه يقبلها بشغف على شفتيها مرتين وثلاث ليعود يخبأها خوفا عليها .
يغادر الاثنان ، أينجل لريدن وهما يسيران في ممر المشفى :" هيه ريدن اريد التحدث اليك في أمر مهم ".
ريدن بعجل :" حسنا! متى تريدن ذلك ؟".
اينجل :" الليلة ".
ريدن :" سأنتظرك أمام مساكن الضباط بعد العشاء مباشرة؟".
هزت رأسها ب نعم دون كلام ، رافقها حتى مسكن كين راقبها حتى دخلت وأغلقت الباب فهو لم يعد يشعر بالراحة لخروجها منذ الصباح .
اتجه نحو حانة كان كين قد رتبها لجنوده عندما يكونوا خارج العمل .
يشرب كأسا واحدة ويضع الأخرى أمامه ، يرغب بشربها وشرب اخرى وأخرى لكنه يكتفي بالوحيدة التي لاتزيل ألمه ولا تنسيه همه ، يحدق بالثانية طمعا بالاستحواذ عليها فهو أناني التفكير عندما يتعلق الأمر بما يشتهي ، يرى شخصا يدخل متجها نحوه ، لايعلم لما و متى كره هذا الشخص ! لكنه الان متأكد تماماً أنه يكرهه لدرجة تجعله عاجز عن اخفاء ذلك أو التظاهر بعكسه ، فهو ليس سلميا ولا دبلوماسيا بل محارب شرس ينوي الدفاع عما يظن أنه يملك ليس حتى يموت أو ينتصر بل حتى يفوز فقط ، فقد وضع أمامه هدف واحد الفوز بلا أما و أو .
يقترب عدوه من النضد يشير للساقي أن يعطيه كأسا واحدة يشربها وهو ينظر لريدن بغضب كأنه ينظر لقاتل والديه أو أشد ..
كنتا وهو يدخل خلفه :" هيه آشيما ! ليس وقت الشرب الان لديك عمل حرك مؤخرتك ، هيا اسرع أو ستتسبب بغلق الحانة ، سأخبر كين انك تشرب أثناء الواجب لاتظن اني لن افعل ".
يسير آشيما نحو الباب ليخرج لكنه يتوقف يسحب سلاحه .. رصاصة واحدة ، رصاصة صغيرة هي كل ما يتطلب .. رصاصة بلا قيمة ستخلصني من ألم النظر ورؤيته في كل مكان يتجه نظري إليه .
يقف ريدن منتصبا فهو يعلم أنه المعني بهذا الوقوف المفاجىء .
كنتا وهو يضع يده على يد آشيما الممسكة بالسلاح صوته خافت لكن غاضب مغتاظ لرؤية كل هذا الضعف كل هذه الانانية :" أهدا آشيما ، تمالك نفسك انزل يدك حالا ايها الجندي هيه انظر لي لنخرج هيا ".
لكن آشيما لايفعل مايطلب منه بل بهدوء بارد يبعد يد كنتا عنه وهو يرد :" سأنهي الأمر هنا لن اتحمل خسارة أخرى لقد خسرت في القرية1 والان حصلت على فرصتي الثانية ، منحني القدر فرصة أخرى ( يبتسم بجنون )
من كان ليظن !! هذا الكون بلا حدود ولكنها هنا على ماليفا !!! من بين جميع الكواكب ماليفا !! ، لن اخسرها لن اسمح لشخص آخر أن يكون عائقا أمامي ".
يضع كنتا يده على سلاحه :" لاتجبرني على هذا آشيما ، عد لرشدك ، هل تخبرني أن هوشي مات لأجل هذا سحقا لك انت لاتستحق ".
يرى آشيما ذلك الصبي الفتي الذي أبعده عن حتفه المؤكد يومها ، ينقذه من ملاك الموت ليسقط هو فريسة له ، هل كانت تلك مقايضة عادلة بحق هوشي بحق آشيما أم أنه مجرد دين يجب أن يرد يوما ما .
يهدأ يرخي يده يعيد سلاحه يخرج بسرعة ليتنفس بعمق محاولا السيطرة على انفعاله .
يعود ريدن ليجلس أمام صديقته تلك الكأس الثانية التي تفهمه ، يضعها في فمه راغبا مرغما ثم يخرج ... لكن الى اين ريسا ليست هنا لتبكي على حاله ويوشيرو بعيد لن يستطيع توجيهه ولايوكي قريب ليشعر بألمه فقد تركهم جميعا ليسعى خلف حلم قلب بدأ يشك في تحققه فالاستحالة الان تضع قلبه في صندوق مقفل . يكاد الليل يحل على قاعدة الحلفاء اينجل في المسكن تتجول تطرد المغريات عنها ، تفكر في طيفها الذي لم يفارقها يوما معها في كل خطوة في كل لحظة ينتظرها بلا موعد .
تجلس على الأرض لتتأمل وتفكر لكن عقلها يرفض ، تستلقي على الأرض منزعجة مما يحدث لها الان ، لم تعتقد يوما أنها ستفعل ذلك أن تكون ضعيفة هكذا أمام رغباتها وأنها ربما قد تفكر ...
كين وهو يدخل :" هل انت ميتة؟".
اينجل بتجهم :" ليت ".
يستلقي بجانبها على الأرض :" مابك ؟ انت بخير !!".
ترد بقوة :" نعم أنا بخير ، اتعلم ؟! أنا كذلك حقا ، لقد اعتقدت قبل ثلاثة أعوام اني لن اكون كذلك ، اني لن أستطيع العيش بدونك .. كنت أوهم نفسي انك الهواء الذي لا استطيع العيش دونه لكن ليس بعد الان ، انا الآن حرة لقد تحررت من حاجتي اليك كما عليك أن تفعل ، انت تعلم أني لم اعد صغيرتك لم اعد احتاج مساعدتك كما لم يعد عليك تقديمها بعد الان أنا الآن فعلا حرة ..".
تكف عن الكلام لأنها تختنق تنهض يجلس وهو يمسك بيدها بقوة ليوقفها ..
كين مبتسما بحزن واضح :"هذا مؤلم ... انا سعيد لاجلك صغيرتي لكن الأمر مؤلم ".
تمسك يده القابضة على معصمها مسببة ليدها ألم عذب :"اعلم ذلك ، ستعتاد الأمر ".
يسحب يده بهدوء يلجم دموعا حائرة على عتبة عينيه ، دموع رجولته لاتسمح لها بالنزول فتبقى هناك بين العقل والقلب ، يشعر أن الهواء ثقيل وان المكان الذي كان يسكنه لثلاث أعوام اصبح فجأة ضيقا جدا عليه .
علمت هي أنه عندما ناداها بالصغيرة اخبرها ضمنا أن الأمر لم يتغير من ناحيته كما حدث من ناحيتها هي . تسرع بالخروج نحو مهبط الطائرات تتجه تحاول ايقاف دموعها المتمردة التي ترفض الإستماع لها ، تسمع صوتا ممازحا قادما من ركن مظلم :" هيه ! اعلم أن المشاكل بين الإخوة تحدث لكن كان هذا سريعا أعني لم تلتقيا سوى ليومين ، عائلتك تحتاج لعلاج فعلا ".
وهي تضحك :"لاتقل هذا ، انت آخر من يتحدث عن العائلة الطبيعية ضخم احمق ".
يرد مشاكسا :" سارقة ضئيلة ".