.12.

456 75 21
                                    

.
.
.

ترَاكمت المشاعر بداخلي، لكنها اختفت ولم تفيض.

*************

لم يتحطم جسدي بيّد أن المكان لا يزالُ بارداً جداً، مظلمٌ كالليلِ ومخيف، أحاولُ العثور على طريقٍ يُخرجُني من هنا.

أركض وأركض وأركض، السوادُ لا يختفِي، والبردُ لا يزول، هذا مُرعب، كم من الوقت ستبقى الوحدة تلفُنِي؟ كم من الوقت سأبقى لا أذرفُ الدموع؟

فتحتُ عيناي، غرفةٌ بيضاء مظلمة بسبب انسدال الستائر، لهذا أشعر بالبرد، بسبب الأبيضِ، إنها المشفَى.

جلستُ على السرير امتدّت يدي لهاتفي القابع أمامي، أنظر للتاريخ والساعة، لأجد بأن يومين قد مَروا، وقد فاتتنِي ذكرى وفاة والداي.

أنا متعبٌ مني، متعبٌ من تصرفاتي، متعبٌ من جسدي، أنا أُخيّب ظنّ نفسي وهذا مُقيت.

كانت الساعة الرابعة عصراً لذا قررت الخروجَ من المشفى والذهابَ لوالدايّ، بمفردي، لعلي أبكي حينَ أرى قبريّهما، لعلّي أذرفُ الدموع حينَ تفصلُنا مسافة صغيرة، لعلّي أتخلّص من ذنبي الذي يخنُقنِي.

ملابس المشفى لا تساعد على الدفء لكن هذا لا يفرقُ كثيراً، فقد اعتدتُ البرد، لذا هذا لا يؤثر علي.

مشيتُ لمسافةٍ طويلة لكني لستُ مُتعباً، لستُ بارداً، لستُ خائفاً، أنا فقط حزينٌ مما وصلتُ إليه، لذا ستسعدُني فكرة التخلُص منه، أو فكرة عدم تواجدي على هذهِ الأرض.

اقفُ أمام قبريّهما، أتأمل التاريخ طويلاً، إنه نفس يوم مولدي، يبدو أن هذا إحدى أسباب كُره ساي لي.

أشعر بدماء تِلك الليلة، إنها ناعمة تُبلل وجهي، أُغمض عيناي وأتحدّث بداخلي :

"أمي، هل تُصلك كلماتي الآن؟ هل ترَي كيفَ تحوَلت الحياةُ بعدَ رحيلكم؟ هل تري كيفَ أصبحت؟ هل تعلمينَ كيفَ أشعر؟
صدري يؤلمني كثيراً أمي، أشعر بأنفاسي باردة لكن صدري يحترق، أنا لا أبكي رحيلَكم أمي، لا أستطيعُ هذا، لا أستطيعُ التخلُصَ من ذنبي.
هل هناك طريقة للخلاصِ منه؟ آلمتني عينّا ساي يا أمي، نظراتُه جعلتنِي أرفُض الحياةَ ليومين، أرفُضها ولديّ أران، آلمني ما فعلتُه به، أنا متألمٌ من نفسي كثيراً جداً."

أُمسك صدري، أجثو على رُكبتاي، الدماءُ المبللة على وجهي مرة أخرى، صرختُ محاولاً الخلاص لكني لا أستطيع، أهمس مجدداً :

"أخبِرني أبي، أرجوكَ أمسك بيدي وأخرِجني من هذا الطريق الأسود، إنهُ مؤلم، كلمة مؤلم لا تصفهُ جيداً، أنا حقاً أُفضل التمزُق لأشلاء على هذا الألم، ما العمل أبي؟ ارجوكَ اجبني."

بِلَا أَلوَانْ. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن