#الجوكر_والاسطورة4....(#صراع_الشياطين..)....
#باقي_الفصل_التاسع_والثلاثون...
على غير عادة منه تلقى ضربة أصابت عينيه بلكمةٍ جعلت أنفه ينزف بشدةٍ، أشار له "رحيم" بالنهوضٍ مجدداً فمازالت المعركة باقية بعد، نهض على أقدامه وهو يحاول مراراً صد هجماته القاسية تجاه جسده، بالماضي كانت قواهم متساوية فلم يكن من السهل أن يتغلب أي منهما على الأخر أم الآن فجسده الهزيل يعيق تحركاته، تحمل على ذاته وهو ينهض من جديد فأتاه صوت "رحيم" الساخر:
_اقف على رجليك..
نهض وهو يئن من شدة الآلآم المفرطة التي تهاجم جسده الهزيل، فحاول بكل قوة امتلكها تسديد أي ضربة لوجهه ولكن يديه كانت تهتز وكأنه فاقد الوعي لأثر الخمور، ربما في وقت سابق كان يصمد لساعاتٍ طويلة ولكنه الآن لم يحتمل سوى بضعة دقائق...
**************
ألقى بجسده على الفراش والبرودة تنخر عظامه بقسوةٍ، الهاتف من أمامه ينير بصورةٍ ابنته تارة وبصورة معشوقة القلب والروح مرة أخرى، يغلق عينيه بعجزٍ ورغبة منه على الإحتمال، ساعات فأيام تتوالى وحاله يزداد سوءاً حتى أصبح بداخله عزيمة أقوى بالمحاربةٍ، أسبوعاً كاملاً قضاه بممارسةٍ الرياضة العنيفة وأسبوعاً أخر قضاه بقطع أغصان الشجر العملاق، تارة يتراوح فترة بترها ما بين يومين ويوم حتى أصبحت فتراتها ساعات معدودة...
بفأسه القوي منحها ضربة الخلاص لتستقر بجسدها الثقيل أرضاً، ابتسامة مشرقة تشق الطريق على وجه الجوكر الذي استعاد جزء كبير من صحته المهدورة، ومن خلفه وعلى مسافة قريبة منه، وقف بشرفة الكوخ يراقبه بنظراتٍ يترقصها الفرح حينما شعر بأن خططته قد جنت ثمارها، فوضع كوب القهوة من يديه ثم هبط ليقترب منه مشيراً له بابتسامة ماكرة:
_أيه رأيك نتدرب..
وقف في مقابله وهو يحاول التقاط انفاسه بانتظامٍ بعد مجهوده المفرط في قطع الشجرة المغروسة بالارضٍ بقوةٍ، رفع "رحيم" يديه مستهدفاً وجهه فمنعه بلائحة يديه من الوصول إليه، ثم انحنى بساقه ليجعله طريح الأرض، ثم لف يديه حول عنقه وهو يهمس له بغضبٍ:
_متحاولش تستغل الحالة اللي كنت فيها تاني لانك هتندم..
ابتسم "رحيم" بعدم تصديق، ثم قال بمكرٍ:
_أهلاً برجوعك يا شريك..
دفعه بعيداً عنه وهو يستقيم بوقفته، فتركه وتحرك تجاه ساق الشجرة الذي يفترش الأرض، فجلس فوقه وهو يتأمل الفراغ من حوله، جلس لجواره وهو يتفحص وجه الصلب فباغته بسؤالٍ يحمل الدهشة بين طياته:
_شايفك مش مبسوط انك رجعت أحسن من الأول!..
اجابه بنبرةٍ حزينة:
_وهفرح ليه وأنا برجوعي هيكون في ألف سؤال كله لوم وعتاب؟!..
علم ما يقصده بكلماته، فكيف سيحتمل الإجابة على زوجته حينما تسأله أين كان حينما احتاجت لوجوده لجوارها في وقت هكذا، التزم الصمت قليلاً ثم قال بهدوءٍ:
_العتاب أفضل ألف مرة من الفراق والوحدة يا "مراد"،حنين أكيد هتفهم ده..
هز رأسه بهدوءٍ، فأخرج رحيم من جيب جاكيته السلسال الصغير ليقدمه اليه قائلاً ببسمةٍ خبيثة:.
_ولازم تكون جاهز لمقابلتها هي كمان ولا أيه؟..
التقط منه السلسال حينما شعر بأنه يستحق ان يحمله الآن، ابتسامة صغيرة مرسومة على طرفي شفتيه وهو يتأمله عن ظهر قلب، يود لو أغلق عينيه ثم يفتحهما ليجد ذاته أمامها...
*************
بالحديقة..
كانت تطلع لشجن وهي تقص عليها بعض المواقف الطريفة لتجبرها على التفاعل معها، ولكنها فشلت في الانسجام معها، وكأن وجهها تطبع على قالب الحزن المميت، ترأه بكل ثانية يقترب منها وحينما تبحث عنه لا ترأه، صعدت"حنين" لغرفتها بخطواتٍ متعثرة، فألقت بنظراتها الخاطفة تجاه ابنتها التي عادت منذ أيام قليلة من الحضانة، كانت تظن بأنها ستمنحها سعادتها المفقودة ولكن مازال قلبها يملأه الظلام..
اقتربت من فراشها وهي تمرر يدها على رأسها الصغيرة، فقالت بدموعٍ شقت طريق وجهها:
_عارفة اني مقصرة معاكي بس قلبي مش قادر يحس بيكي وهو موجوع علشانه..
وعادت لفراشها ودموعها تشاركها كالرفيقة التي تزيح عنها، يدها التقطت صورته الموضوعه على الكومود وقربتها من قلبها لتحتصنها بقوةٍ، عينيها مغلقة برغبة اللقاء وكأنه فانوس سحري يطالبها برغباتها، عينيها اعتاد الدمع على زيارتها، الحزن أصبح لا يليق سوى بها، وعلى غير عادة كانت تجلس بعيداً عن فراشها الذي باتت حبيسته، الضوء الخافت أنار لها ظل ضخم لشخصٍ يقف من خلفها، ابتلعت "حنين" ريقها بتوترٍ وهي تحارب أفكارها المخطئة منذ عودتها للقصر وبالأخص للجناح، فأغلقت عينيها الهزيلة بقوة وهي تردد بأنفاسٍ خافتة:
_مش صحيح، أنت مش موجود..
_"حنين"!..
صوته الرجولي حطم سقف الخيال الذي ينسجه عقلها، يا ليتها كانت تتوهم، هو من يقف خلفها، نهضت عن مقعدها بخطواتٍ متعسرة فجسدها مازال ضعيف لكونها ترفض الأدوية والمسكنات، رأته بوضوحٍ يقف من أمامها بوقفته المنتصبة الشامخة، دمعاتها انسدلت بقهرٍ وهي تقترب منه، كادت بالسقوط أكثر من مرة حتى وقفت قبالته، أمامه بالتحديد لا يفصلهما خيال ولا واقع ولكن عليها اجتياز ما يعتريها من غضبٍ مهلك تجاه رحيلها وتركه لها تعاني!...
نظرات مطولة وحديث ثائر، فجرته برفع قبضة يدها بقوةٍ وهي تضرب صدره بكلتا يديها، مرة تلو الأخرى وهي تسأله بدمعات تقص معاناة مؤلمة:
_ليه عملت فيا كده ليه؟..
حاول تقيد حركاتها، ولكنها كانت تدفعه بعيداً، جسدها الهزيل اجتازه طاقة غريبة لم تمتلكها يوماً فصبت ما بها من كل لحظة اشتاقت لرؤياه، تحكم بجسدها جيداً وهو يردد بصوتٍ جعل جسدها يستكين:
_هسمعك وهعتذر ألف مرة بس إهدي..
وقربها اليه وهو يضم رأسها اليه قائلاً بألمٍ:
_وحشتيني..
تمسكت به بأصابعها المرتجفة وهي تبكي بقهرٍ جعله يضمها برفقٍ اليه حتى شعر بسكون حركتها فابعدها عنه وهو يناديها بخوفٍ:
_"حنين"!..
فقدت الوعي بين يديه وتركت قلبه يلتاع قليلاً عليها مثلما اختبرت اسوء ما يشعر به العاشق الذي يئن للقاء بيد القدر....
#الجوكر_والاسطورة4.نلتقي غداً بإذن الله في اهم فصول الجزء الرابع الفصل الاربعون في الساعة الحادية عشر مساءٍ، وواجب التنويه لحضراتكم ان السلسلة هتكون ثلاث ايام بالاسبوع
السبت..
الثلاثاء..
الخميس..
الساعة الحادية عشر مساءاً، ولو حدث تأخير ممكن الوقت يتأخر قليلاً للساعة ١...
دمتم في سعادة من الرحمن💙...
آية محمد رفعت..
******_______********
أنت تقرأ
الجوكر و الأسطورة ..٤ صراع الشياطين.. للكاتبة أية محمد ملكة الإبداع
Romantizmجميع الحقوق محفوظة للكاتبة ممنوع النقل والاقتباس الجزء الرابع من الجوكر و الأسطورة حينما نلجأ للصمت فهذا يعني إن بداخلنا صراعٍ عظيم بين المسامحة ومنح الغفران لمن يحمل الجزء الأكبر من تركة القلب وثروة المشاعر الهائمة بمن وقع الأختيار عليها لتكن أمير...