تقدم الضابط إيهاب إلى الطاولة و جلس خلفها على كرسيه مخاطباً مرتضى:
ـ جيبلنه المتهم.
استقام مرتضى واقفاً:
ـ أمرك سيدي.
ثم سارع بمغادرة الغرفة و منعتُ نفسي من اللحاق به.. فلا أريد البقاء بمفردي مع الضابط.. لا بد أنه يبحث عن الفرصة لمعاقبتي.. جفلتُ حين خاطبني:
ـ مهمتنه الأولى شخص شاكين بيه مشارك بعملية تفجير، اني راح أتكفل باستجوابه و انتي تركزين بكشف الحقائق و اذا كان صادق أو لا.
لم أنظر إليه حين أجبته بتلبّك:
ـ ماشي، بس ضروري يباوعلي وقت الاستجواب.
فُتح الباب و ظهر رجل بقامة متوسطة لكن ضخامته جعلتني أتصلب في مجلسي.. كان معصب العينين بقطعة قماش ولا يظهر من وجهه إلا جزء من أنفه العريض و شاربه الكثيف.. يبدو أنني لستُ الوحيدة التي تجده مخيفاً.. إذ أن مرتضى الذي كان يقوده من ذراعه بدا مرتبكاً رغم أن المتهم كان مكبل الأيدي.. رطبتُ شفتَي و أنا أراقب المتهم يُقاد إلى المقعد المقابل لمقعدي و حين جلس تمالكتُ نفسي لئلا أقفز من مكاني و أختبئ خلف الضابط..
ـ شيل عن عيونه.
لبّى مرتضى طلب الضابط و رفع العصبة عن عينَي المتهم فلم أستطع منع نفسي من إخفاض عينَي خشيةً من ملاقات عينيه.. لا أظنني أريد رؤية ما تخبئه تلك العينين.. لكن الضابط قال بحزم:
ـ ركزي بمهمتج.
امتعضتُ و تمنيتُ لو أنني سمحتُ للكلب بأكلي.. ثم رفعتُ عينَي بحذر و لاقيتُ عينين ضيقتين جعلت رعشة خفية تسري على طول عمودي الفقري.. ثم رأيتُ ما دار في رأس صاحبهما.. رأيته ينقضّ عليّ و يسحبني من الكرسي ليعصر رقبتي بذراعه مهدداً بقتلي إن اقترب أحد منه.. اتسعت عيناي بفزع فسألني الضابط:
ـ اكو شي؟
أبعدتُ عينَي سريعاً عن المجرم و قلتُ للضابط برعب:
ـ يريد يقتلني.
عقد جبينه باستغراب فنهضتُ سريعاً و درتُ حول الطاولة لأقف خلف كرسيه و أتلعثمُ موضحة:
ـ دا يفكر يستخدمني حتى يهرب.
نظر إلى المتهم و واجه الآخر نظرته دون إظهار أي تعبير.. ثم التفت الضابط إلى الخلف ليخاطبني قائلاً:
ـ ميكدر يسويلج شي، كعدي و معليج بأفكاره.
هززتُ رأسي بالرفض:
ـ خليني منا أسوي المطلوب مني.
ـ مو بعيد عليج؟
هززتُ رأسي بالنفي.. فلم يعارض و بدأ بسؤاله الأول للمتهم:
ـ بوقت التفجير وين جنت؟ باوع للآنسة و جاوب.
لكنه رفض النظر إليّ و قال للضابط: