(رنيم)
رغم الظلام نظرتُ إليه بدهشة.. وكأنني قد أستطيع رؤية عينيه لو فتحتُ عينَي أكثر.. لكني لم أستطع تمييزها في الظلام.. ولم أعرف ما جال في رأسه.. لكن كلماته بدت صادقة.. أيعقل أنني السبب بتسارع خفقاته بهذا الشكل؟.. هل يعني هذا بأنه..؟.. باضطرابٍ و شيء من الخوف أبعدتُ ذراعي عن خصره و تراجعتُ إلى الوراء لأترك مسافة صغيرة بيننا.. فأبعد ذراعه بهدوءٍ عن ظهري و قال:
ـ ليروح بالج بعيد.. مستحيل أسوي شي بدون رضاج..
قلتُ بحذر:
ـ كول والله؟
شعرتُ بابتسامته وهو يجيب:
ـ والله..
ارتخى جسدي جزئياً.. و عدتُ إليه أدفن وجهي في صدره.. ليس بسبب الفيلم.. بل لأن الراحة بين ذراعيه لا يمكن مقاومتها.. أخذ يمسح بيده على ظهري برفقٍ زاد من ارتخائي و اطمئناني.. نمتُ تلك الليلة على صوت نبضه الذي لم يعد إلى طبيعته حتى دخولي إلى عالم المنام..
*****
بعد مرورنا بالتفتيش قال الضابط إيهاب أثناء صعودنا إلى مكتبه:
ـ راح أحاول أكمل المهمة من وكت حتى ما تضطرين تظلين طول اليوم وي معين، بس هم أرجع و أوصيج، اذا اجت صور ما تتحمليها وقفي ولا تضغطين على نفسج.
أومأت برأسي بقلق.. أشعر برغبة بالبكاء لمجرد فكرة أن أبقى بمفردي مع المجرمين و الضابط معين.. فكرة غياب الضابط إيهاب تجعلني أرغب بالأختباء في جيب سترته لأبقى معه طوال الوقت..
قبل بلوغنا المكتب صادفنا الضابط معين و معه موظف آخر في سن الأربعين تبدو مهمته كمهمة همام و مرتضى.. ألقى الرجال التحية على بعضهم ثم نظر الضابط معين إليّ و قال:ـ يالله نباشر بالشغل؟
تدخّل الضابط إيهاب و قال:
ـ ياريت تخلي ببالك انها بعدها جديدة على شغلنه و ممكن الصور التشوفهن يكونن أكثر من قدرة تحملها، اذا شفتها تأثرت زايد انطيها استراحة.
لاحظتُ انزعاج طفيف على معالم الضابط معين، لكنه قال:
ـ ان شاء الله ما نضطر لهالشي، ليظل بالك و ركز بالمهمة.
التفت الضابط إيهاب إليّ و رأيتُ في عينيه قلقه و عدم رغبته بتركي.. و لكي أخفف عنه أرغمتُ نفسي على رسم ابتسامة صغيرة و قول:
ـ ولا يهمك، تعودت، بس اوعدني تشتريلي ازبري بعد الدوام.
لم يقاوم ابتسامته التي زينت وجهه الوسيم:
ـ من عيوني.
تنحنح الضابط معين و بدأ يسير مع مساعده فتبعتهما بقلة حيلة و عيناي لا تفارقان عينا الضابط إيهاب التي أخبرتني أن أنتبه جيداً لنفسي.. دخلتُ إلى مكتب الضابط معين و بقيتُ واقفة أمام طاولته فسألني باستغراب و هو يجلس خلفها: