رغم طول المسافة إلى المطعم إلا أنه لم يترك يدي طوال الطريق.. فبقيَ نبضبي مضطرباً طوال الوقت و أنا أفكر بحَيرة عن عواقب هذا التطور.. فالأمر لم يعد تمثيل فقط.. أوقف السيارة أمام المطعم الذي اقترحته و ترك يدي أخيراً فشعرتُ بفراغ موحش.. لكني قبضتُ كفي و خرجتُ من السيارة برفقته.. انتظرتُ حتى جلسنا عند طاولة و طلب لنا الوجبات ثم قلتُ بحذر:
ـ شلون عرفت بمكانّه؟
حاول إخفاء ضيقه وهو قيول:
ـ من همام.
ـ و هو الحجالك عن نوع المهمة؟
أومأ برأسه و هو يخفض عينيه و كأنه لا يريدني أن أرى حجم الغضب الذي يتملكه بمجرد ذكري للموضوع.. فعملتُ على تغيير الموضوع لأحسن من مزاجه:
ـ ممكن نمر للسوك بعد الدوام؟
رفع عينيه باستغراب:
ـ شنسوي؟
ـ اشتري ملابس، خو ما أظل كل يوم البس من ملابسك.
أشاح بعينيه سريعاً و تمتم:
ـ مو مشكلة، نمر.
ـ و.. احتاج أشوف بيبي.
ـ مو كلتي ما توصلين لبيت خالج؟
ـ اي.. نتفق وياها و نطلع شو وين.
ـ بيها مجال نخليها لباجر؟
رأيتُ في عينيه قلقه بشأن والدته.. فقد يزداد انزعاجها مني إن تسببتُ بتأخرنا.. تنهدتُ باستسلام.. إذن لأكتفي بمحادثتها عبر الهاتف اليوم.. تناولنا طعامنا ببعض العجلة بسبب تأخرنا على العمل ثم عدنا إلى المكتب لنواصل التحقيقات.. لكن الضابط كاظم لم يكن ليترك تلك الحادثة تمرّ مرور الكرام.. حين وصلنا إلى المكتب كان مرتضى و همام بانتظارنا.. تحدث همام و قال:
ـ الضابط كاظم طالبكم بالمكتب.
نظرتُ إلى الضابط إيهاب بقلق.. لكنه لم ينظر إليّ.. بل أومأ برأسه بجمود وطلب مني أن آتي معه.. توجهنا برفقة همام إلى مكتب الضابط كاظم و اكتشفنا وجود الضابط معين هناك.. لا إرادياً اقتربتُ من الضابط إيهاب أخفي جزءاً مني خلفه.. ما زالت تعابير الضابط حادة و غاضبة.. أما معين فتعابيره قاسية في كل حالاته.. ابتدأ الضابط كاظك حديثه بجفاء:
ـ قرار جديد، منا و رايح رنيم تشتغل وي معين.
اتسعت عيناي بفزع.. هل سينتقم من الضابط إيهاب بهذه الطريقة الدنيئة؟.. لأن السلطة بيده داخل المقر ولا سبيل للاعتراض؟.. كم هو بغيض.. قال الضابط إيهاب و هو يحاول السيطرة على غضبه بشدّ قبضتيه:
ـ ليش؟ شفت أكو تقصير بشغلنه؟
ـ اي، دا تتعاطف وياها زيادة و ما تخليها تشتغل بشكل مكثف.
ـ اذا هاي المشكلة فنحلها.
ـ لا الأفضل تشتغل وي معين.
تدخلتُ و قد بدأ غضب الضابط إيهاب ينتقل إليّ: