الفصل الحادي عشر

1.2K 67 21
                                    

فزّت جدتي من مكانها و كنتُ سأفعل المثل لو كنتُ بحالٍ أفضل.. لكني اكتفيتُ بالنظر إلى والدة الضابط بصدمة.. ثم رأيتُ في عينيها أنها كانت تقف خلف الباب و تستمع إلى حديثنا لتعرف حقيقة ما جرى.. فكشفت حقيقة أفظع!.. تقدمت و هي تصرخ بصدمة:

ـ جبرتوا ابني على الزواج؟!

قالت جدتي في محاولة لتهدئتها:

ـ اعصابج بنتي، خلينه نحجي بهداوة.

ـ يا هداوة و انتو مخلين ابني لعبة بين ايديكم؟!

دخلت في تلك اللحظة نسمة و هي تتساءل بفزع:

ـ شكو ليش تصيحون؟!

التفتت والدتها إليها و هتفت بغضبٍ مخيف:

ـ تعالي شوفي هاللي تكولين عليها طيبة و حبابه! طلع ابليس ما يلحكها بسوالفها! تدرين بيها جابره أخوج يتزوجها و زواجهم مو حقيقي؟!

نظرت نسمة إليّ بصدمة.. فلم أستطع سوى إخفاض عينَي و قد بدأت الدموع تتجمع فيهما.. لستُ في حالٍ يسمح بمواجهة موقفٍ كهذا الآن.. مالي أخرج من مصيبة و أقع في أخرى و كأنني مغناطيس مصائب؟.. تكفلت جدتي بالحديث بدلاً عني و قالت:

ـ بنيتي رنيم مالها دخل باللي صار و ما جبرت إيهاب على شي، خلوا الولد يجي و هو يحجيلكم الموضوع. 

كان ذلك الجواب الأمثل.. فلو تحدثت جدتي عن الحقائق بنفسها قد تزيد الأمور سوءاً.. ربما الضابط لا ينوي توضيح كل الحقائق لأهله بسبب حساسيتها..
لكن والدته لم تقتنع بكلام جدتي و أصرّت قائلة:

ـ تلكيكم مهدديه بشو شنو و تنتظروه يجي يغطيلكم عمايلكم بجم حجايه! أصلا كلبي جان حاسسني ان الموضوع مو طبيعي و ان أكو لعبة بالسالفة، بس ما عبالي يطلع ابني المسكين مجبور عليج!

قالت نسمة بعد أن تحررت من صدمتها:

ـ على كيفج ماما شنو هالحجي، خل نسمع منهم و نفهم، ما معقولة يكون مجبور ما شفتيه بالعرس شلون حاضنها و ما تشوفيه كل يوم شلون يداريها و هسه من اجه  شلون خايف عليها؟ مستحيل يكون مجبور عليها.

ـ دسكتي انتي الثانية! المهدديه كلشي يسوي لو تلكيهن مسوياتله سحر هالمسيكين!

قالت جدتي بحدة:

ـ بنيتي تعبانة و تحتاج ترتاح مو تسمع هالكلام، يجي ابنج و عاتبيه و سوي الترديه، بس بعيد عن رنيم.

كانت والدة الضابط ستعترض و تواصل تحقيقها في الأمر لكن رؤيتها لوجهي الباكي و آثار رقبتي جعلها تؤجل الموضوع إكراهاً و تخرج من الغرفة وهي تتمتم بينها و بين نفسها:

ـ بسيطة..




(إيهاب)

دخلتُ إلى مكتب الضابط كاظم و الشرر يتطاير من عينَي.. تبعني مرتضى و همام بصمت بعد أن رأيا  بأنه ليس الوقت المناسب لتهدئتي.. كان الضابط يتحدث في الهاتف فانتظرته وأنا أحدق به جاعلاً إياه يتعجل بإنهاء الاتصال و يوليني كامل اهتمامه ببعض الارتباك:

قارئة العيونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن